بسم اللہ الرحمن الرحیم
اللهم صل على محمد وال محمد
وعجل فرجهم وسهل مخرجهم يااااكريم ..

..إن الصحيفة السجادية التي تركها الإمام زين العابدين (عليه السلام) جاءت لتشكل مساحة منهجية رائدة وكبيرة ، بكبر القضية التي انتخب لها (عليه السلام) أولا ، وبحجم دوره (عليه السلام) في ريادة هذه القضية وتوجيهها وتعميقها في نفوس الناس ثانيا .
لقد استطاع الإمام السجاد (عليه السلام) في صحيفته مزج العاطفة بالوجدان .. والقول بالفعل ..
وحَمَلَ الجميع إلى الحقيقة الإلهية المتعالية بلا رتوش أو قوالب يتماهى معها أدعياء هذه الحقيقة
فسيغرقون ويُغرقون الناس معهم في مفاهيم غائمة لا مصاديق لها .. أو يغوصون في عبارات سائبة عائمة لاتستقر في قعر ولا تركن إلى حصن منيع .
إن ماتضمنته هذه الصحيفة من أدعية تعد تراثا رانيا لكل من يرغب في معرفة الله حق معرفته ..
إضافة إلى كونها دروس أخلاق وتهذيب ، سيبقى أهل الدنيا ينهلون من معينها العذب مادام هناك صراع بين قوى الخير وقوى الشر أو بين مثابات الهدى ومعسكرات الضلال .
لقد جسد الإمام (عليه السلام) في صحيفته الشخصية الإسلامية المثالية ، وضرب أبهى الأمثلة في الخلق الإسلامي الرفيع .
وتستشف وانت تقرأ هذه الصحيفة ، هذا المنهج بين ثنايا دعائه (عليه السلام) في مكارم الأخلاق ومرضى الأفعال ،
كما ونكتشف سِفْرا خالدا من التربية والتهذيب والتصدي والدعوة إلى الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة حدود الله واستحضار قيم الدين وتفعيل مضامينه وبث الروح في مواعظه وارشاداته ..
ولذلك لم يخطيء من وصف هذه الصحيفة بـ (زبور ال محمد) .
تدعو الصحيفة السجادية إلى التسامح والترفع ، وإلى التصدي للظالمين والثورة عليهم ، وتبين بشكل مؤكد مسؤولية الإنسان في الحياة الذي تلعبه في أحياء المجتمع والفرد ومن خلال معرفة مضامينها تتبين عمق القضايا التي تتناولها هذه الصحيفة ،
كما وان من يتذوق روح الشريعة الإسلامية الحقة ويبصر أبعادها يدرك أهداف هذه الصحيفة واغراضها .
تمثل الصحيفة التجرد التام من عالم المادة .. والانقطاع الكامل إلى الله تعالى والاعتصام به هو أثمن مافي الحياة
، ويتضح ذلك في قوله (عليه السلام) :
(اللّهمّ إنّي أَخْلَصْتُ بِأِنْقِطَاْعِيِ إِلَيْكَ .. وَأَقْبَلْتُ بِكُلّيِ عَلَيْكَ) ...
وهذا القول وغيره من أقوال الإمام (عليه السلام) يكشف لنا كمال معرفته بالله تعالى ، وعمق إيمانه به
ولم يكن ذلك ناشئا عن عاطفة أو تقليد .. وإنما كان ذلك قائما على العلم والعرفان .
دمتــــــــم بخيــــــــر
تعليق