إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الموظف والإدارة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الموظف والإدارة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أما بعد:
    في علم الإدارة، تجد الكثير من التقدير والاحترام لكاتب شهير يحمل اسم*بيتر دراكر، ترك بصمته واضحة في هذا العلم، ويكفيه أنه بقي يلقي دروس العلم حتى بلغ 92 سنة من عمره. في إحدى مقالاته المنشورة، ناقش دراكر نقطة ذات أهمية في حياة كل فرد منا، خاصة الموظفين، حيث شرح أن الواقع قد تغير ولم يعد هناك شركات يعمل فيها المرء حياته كلها ويتقاعد فيها، وذكر أن المشاهدات دلت على أن المرء منا يبلغ قمة عطائه في الوظيفة عندما يبلغ 45 سنة، بعدها يتوقف منحنى العطاء عن الصعود، ويبقى في هبوط.

    سبب الهبوط ليس الكسل بل الملل والضجر، فمن يعمل في وظيفة واحدة لفترة طويلة يتوقف عن تعلم الجديد، فيتوقف عقله عن هزيمة التحديات، فتكون النتيجة شعورا بعدم الرضا والسخط، وعندها يحدث ما يسميه الإداريون:*التقاعد الذاتي، فالموظف يتوقف عن تطوير أدائه وتحسين نتائج أعماله رغم استمراره في الوظيفة. لعلاج هذه النهاية المبكرة، يقترح دراكر أن نجرب شيئا جديدا، أن نبدأ حياة جديدة، حياة ثانية.

    لكن قبلها يذكر أمثلة لبارعين في مجالهم استمروا في العمل ببراعة وإتقان وإبداع في مجال واحد حتى ماتوا، مثل الرساممونيه*ومن بعده*بيكاسو، كلاهما ظل يعمل ويرسم حتى بلغ الأول الثمانينات والثاني التسعينيات من عمره، وكانا يعملان الساعات الطوال رغم كبر سنهما. حتى دراكر نفسه ظل يعلم وينتج حتى منتصف تسعينات عمره، لكن حين تقرأ عن الوظائف التي عمل فيها، ستجد أنه استعد جيدا لهذه الظاهرة.

    على الجهة الأخرى، يضرب دراكر المثل بالعالمين الفيزيائيين*ماكس بلانك*و البرت اينشتين، كلاهما بلغا قمة عطائهما قبل الأربعين، ثم لم يأتيا بأي جديد ملموس بعد بلوغ سن الأربعين. ماكس بلانك قرر تغيير مسار حياته المهنية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وفي كل مرة كان بلانك يعمل على حفظ العلوم الألمانية ثم إحيائها بعد الحرب. آينشين؟ لم يأت بجديد ملموس بعد بلوغه الأربعين من عمره وتفرغ لكونه مشهورا.

    فماذا يفعل من يريد نصفا ثانيا من حياته؟ يمكنه أن يغير مجاله، ويذكر دراكر أن الأمريكيين يفعلون ذلك ويتركون مجال المنشآت التجارية إلى العمل في المستشفيات والجامعات والمنشآت غير الربحية. هناك آخرون يعودون لمقاعد الدراسة الجامعية في الأربعينات من عمرهم، ويتخرجون ويبدؤون من جديد العمل في مجال دراستهم الجديدة! أو يمكنهم أن يطوروا مهنة موازية، فالبعض الآخر ينضم – بجانب وظيفته الحالية – إلى منشأة غير ربحية يعمل فيها كمستشار أو خبير ليساعد هذه المنشأة على تحقيق أهدافها، أو يعمل في وظيفة جانبية لا تتعارض مع الأولى، غالبا في المجال الاستشاري قليل المتطلبات.

    أو يمكنهم بدء نشاط تجاري خاص بهم، وسبب ذلك هو بحثهم عن التحديات والمشاكل لحلها، فرغم أن الانسان كثير الشكوى من المشاكل التي تواجهه في حياته، لكن هذا الانسان نفسه، إذا حرمته من المشاكل في حياته غلبه المرض وسيطر عليه الملل.

    بشكل لطيف يقدم دراكر لنا النصيحة بألا نترك أنفسنا تحت سيطرة الروتين والرتابة والملل في حياتنا المهنية، حتى من لديه وفير المال، ينصحه بأن يجرب معترك العمل في المنشآت غير الربحية حيث الهدف ليس الربح. ثم يؤكد دراكر على أنه قابل في حياته الكثير ممن بدؤوا العمل في وظائف ومجالات جديدة تماما عليهم في منتصف الأربعينات والخمسينات من عمرهم، وحققوا فيها النجاحات.

    كذلك قابل دراكر الكثير من الموظفين الذين مروا بمواقف مؤلمة ومهينة، مثل المهندس الذى تخطى الأربعين من عمره وكذلك تخطته الترقية، أو الأستاذة الجامعية التي مر على آخر ترقية لها ما يزيد عن عشر سنين ولا يبدو أن انتظار مثلها سيفيد. هؤلاء حين يلاقون مثل هذه الإحباطات في عملهم، قد يجدون العزاء في المهنة الثانية، النصف الثاني من حياتهم، حيث يحققون النجاحات وينالون التقدير. لا شيء أسوأ على موظف من الذهاب إلى عمل يكرهه ويكره من فيه، ولا يلاقي فيه سوى عدم التقدير والتوبيخ.

    لا شيء يضر أي مجتمع مثل أفراد يشعرون بعدم الرغبة في العمل، فهذا سيؤدي حتما لعدم الرغبة في الحياة، أو الموت حيا. المجتمعات لا تتحسن أحوالها ولا تتطور أمورها ولا تنحل مشاكلها إلا بأفراد وقودهم الرغبة الشديدة في النجاح، لديهم مصادرهم للشعور بالرضا عن أنفسهم ولديهم انجازات تحققت بعد حل مشاكل الأمر الذي أخرج كل قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية.

    الشاهد هو لا تستسلم لوظيفة لا ترضيك، ولا عيب في بدء مهنة جديدة تماما مختلفة عن تلك الحالية إذا كانت لا تجعلك تخرج كل قدراتك وإبداعاتك. لا تكره المشاكل فبدونها لن تشعر بالسعادة، فالسعادة تأتي حين تحل المشاكل بشكل صحيح ونافع.

    أو كما قال الشاعر: لـمَ الأسْـرُ والـدنـيـا لـديَّ ؟
    والحمد لله أولا وأخيرا.

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنت سيد احمد على هذا الموضوع المفيد جدا
    ولكن سيدنا العزيز ان ترك الوضيفة الحالية والمباشرة في وضيفة اخرى ليس هو الحل الوحيد
    بل قد يكون الحل الامثل هو البقاء في نفس الوضيفة والعمل على تطويرها
    وذلك من خلال خبرته في هذا المجال
    وخير مثال على ذلك
    هو الكاتب

    تعليق

    يعمل...
    X