تويت
.. زارني يوما قريبا لي .. وكان وجهه كئيباَ .. قد احزنه أمر ما .. بالرغم من ابتسامة تهللت شفتيه
وربما حاول أن يخفي بها ما يعتلج صدره من الهموم ..
بادر دون أن أسأله قائلاً بعد صمت طويل : لقد تأرقت كثيراً دون أن احسم هذا الأمر ..
فسألته : وأي أمر ؟ .. فأجابني : أمر يتعلق بابنتي الكبرى ..
فلقد ربيتها وأنشاتها ــ كما تعرفين ــ على أحسن وجه لتصبح فتاة صالحة
يحتذى بها وكانت حقا جديرة بحسن ظني والحمدلله ..
وهاهي الآن وبعد أن أكملت عشرين ربيعا تقدم لخطبتها شاب مؤمن
من منطقتنا حسن الآداب والسيرة دأب في صلاته وصيامه وطاعته لله ..
ومكادح في عمله من أجل لقمة العيش له ولابويه ..
حتى إنه يؤثر على نفسه من اجلهما ليحضى بطاعتهما ورضاهما ..
فسألته مستغربةَ : أين المشكلة إذن في ذلك ؟! فأجابني متحسرا :
المشكلة في فقره .. وعدم تمكنه من تقديم مايلزم لعروسه التي تقدم لخطبتها
.. كما تصرح بذلك أمها .. وتصر عليَّ بأن لا أوافق على هذه الخطبة
لأنه شاب وإن كان (مؤمناً) إلا أنه يفتقر (للمادة) التي أصبحت أساس كل شيء في زماننا هذا ..
ــ وإن تيسر لديه شيء منها ــ لكنه دون المستوى المطلوب لتأمين حياة ابنتي وتوفير سعادتها !
وها أنا كما ترينني حائر بين هذا وذي ..
فأجبته قائلة : أتؤمن ياعم بكتاب الله ؟ فأجابني والاستغراب يعلو وجهه :
نعم دون شك .. حتى إنني حين اقرأ القرآن أتمعن فى روحه ومعانيه دون لقلقة اللسان .
فابتهجت لقوله وبادرته قائلة : إذن أفلا تدبرت قوله تعالى :
( إن يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله والله واسع عليم) ،
وقوله تعالى : (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم)
فأجابني متأملاً : نعم قرأت ذلك يا أبنتي ... وهذا ما آلمني وأدخل الحزن في نفسي ..
إذ كيف أرفض مؤمنا يتقدم لابنتي بسبب فقره وحسب ... لآ لأمر آخر ،
فقلت له بعد أن أحسست إنه بدأ يقتنع بكلامي : وازيدك ياعم بذلك..
عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
(إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه ، إنكم ألا تفعلوا ذلك ، تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ..
فاطرق برأسه برهة .. ثم رفعه إلي وابتسامته تتهلل في شفتيه قائلاً :
ستسمعين خبرا سعيدا أن شاء الله .
دمتــــــــم بخيــــــــر
تعليق