
الحمد لله الذي علم بالقلم ’علم الانسان
مالم يعلم وصلى الله على حبيبه وعبده ونبيه محمد
أفضل من عُلم وعَلم ’ وعلى آله وأصحابه
المتأدبين بآدابه وسلم
لماذا نحيا ؟ ولماذا نموت؟
يتساءل بعض الناس عن سر الحياة على الارض ,ثم يقنعون انفسهم ـ نظريا ـ بما يسمعونه من اجوبة الفلاسفة والحكماء وعلماء الدين, وتستمر حياتهم على المنوال المعهود لديهم ,حتى يأتي يوم ليسألوا بجد :لماذا نعيش؟ وهل تستحق الحياة أن تعاش؟ ما معنى الحياة ؟
إن هذه التساؤلات الجدية تبرز عندما يفقد الانسان طعم الحياة وشعوره بقيمتها. ويحصل ذلك في حالات :
الأولى: عندما يصاب الانسان ببلاء كبير, كفقد ولده أو خسارة ماله أو إصابته بمرض يقعده في مثل هذه الحالات يشعر الانسان بأنه لا مبرر لوجوده وأنه صار عبئا على الحياة
الثانية: عندما يعيش فراغا نفسيا وروحيا فالبعض قد يرتوي ويشبع حاجته الجسدية ويحصل على الملذات الدنيوية, إلا أنه لا يشبع حاجته العاطفية والروحية , فنجد بعض الرجال أو النساء يشكون الفراغ العاطفي , حتى إذا وجدوا شيئا شعروا أنهم يعيشون من أجله , كما نجد أن البعض لم يتزوج فيشعر في داخله أنه لا ولد له , وبالتالي لا معنى لحياته وتعبه في جمع المال , حتى إذا تزوج ورزق بمولود شعر بطعم الحياة وقيمتها ,وبالإجمال فإن الإنسان لا يشعر بقيمة الحياة إذا ملأ الفراغ في حياته .
الثالثة :عندما تتحول الحياة إلى روتين يومي فإنها تفقد قيمتها, بخلاف ما إذا كان التجدد دائما فإن أكثر الأسئلة التي يطرحها الإنسان في كل يوم هي : ماذا سأفعل هذا اليوم؟ أو هذا المساء؟ وماذا سأفعل غدا؟ وهكذا فإن كانت الهداف كبيرة ومتجددة فإنه يشعر بتجدد الحياة , وإلا فإنها تفقد قيمتها .
الرابعة :عندما يشعر الانسان بجدية الموت ,فالبعض يقول : مهما كانت الحياة فإنه لا معنى لها ما دام أن نهيتها هو الموت الذي يجعلها هباء منثورا , مع العلم أن الموت هو الذي يجعل للحياة معنى ,وإلا فما معنى الحياة إلى ما لانهاية؟ أليست مللا وتعبا؟ ثم لو كانت حياة بلا موت فإن ذلك سيدعو إلى الكسل بأن يقول الانسان :سأفعل كذا وكذا بعد سنة أو عشرات السنين ما دام الوقت طويلا .
بخلاف ما لو شعر بمحدودية الحياة . . .
وقد قيل : نظر أحد الخلفاء إلى صورته في المرآة فقال : ما أحلى الدنيا لولا الموت ,فقالت له جاريته : إنما حليت الدنيا بالموت.
***
وفي الواقع فإن الإجابة على هذه التساؤلات تحدد للإنسان كيفية نظرته إلى الحياة ـ كنظرة تفاؤلية أو تشاؤمية ـ كما تجدد كيفية تعامله معها من خلال الأكل , والنوم , واللعب , وجمع المال , وتحديد العلاقات الاجتماعية ,إلى غير ذلك من المسائل الشخصية .
فهناك فئة من الناس لا تبالي بحياتها ,فتلهوا وتلعب وتأكل وتشرب ما لذ وطاب , فإذا قيل لهم عن خطورة ذلك , أجابوا :؛وما الفرق بين أن نعيش سبعين سنة أو مائة سنة ؟ وما قيمة هذه الحياة ؟ولعل موتنا أفضل من حياتنا . . . ؟ وهكذا تتحول حياتهم إلى ملل وفراغ ,وضياع , ويأس , وقد تؤدي بالبعض إلى الإدمان أو الانتحار .
عن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام ):
{خير من الحياة ما إذا فقدته بغضت الحياة , وشر من الموت ما إذا زل بك أحببت الموت }.
فهؤلاء لا يهتمون بحياتهم بل قد يضرون أنفسهم .
عن الإمام علي (عليه السلام ):
{يضر الناس أنفسهم في ثلاثة أشياء :الإفراط في الأكل اتكالا على الصحة ,وتكلف حمل ما لا يطاق اتكالا على القوة , والتفريط في العمل اتكالا على القدرة }
وهناك فئة قليلة تستشعر أهمية الحياة ,فنرى أن كل لحظة جديرة بالاستثمار والعمل والنجاح والكفاح . . .
وهؤلاء هم الذين أدركوا أهمية الحياة ومعناها وغايتها , وهم الذين يعيشون بفرح وأمل ,ومحبة , وسعادة . . .
ومن لطيف ما قيل {الحياة كصفقة تجارية , يمتدحها من يربحها ويذمها من يخسرها }
والحمد لله رب العالمين
تعليق