بسم الله الرحمن الرحيم
مقام اصطفاء الصديقة فاطمة الزهراء(عليها السلام) من قبل الله
قبل التطرق الى هذا المقام علينا التطرق الى عدة مباحث تمهيديه لإثبات هذا المقام لدى الصديقة الطاهرة
أول هذه المباحث الممهدة هي (اصطلاح الاصطفاء) لما له من تماس خاصة بمبحثنا هذا.
الاصطفاء :معناه
لغة:
(صفا الماء صفوا من باب قعد وصفاء ممدودا : إذا خلص من الكدر .
وصفيته من القذر تصفية أزلته عنه وصفو الشيء خالصة وخياره.
ومحمد ( صلى الله عليه واله ) صفوة الله من خلقه
أي اصطفاه .أي ما انتخبه لنفسه
وصفوة المال بحركات الصاد : جيده ، فإذا نزعوا الهاء قالوا : صفو المال بالفتح لا غير.)
اصطلاحاً :
قد اختلف الكثير من المتكلمين والباحثين في المذاهب والأديان حول نبوات الأنبياء وإمامة الأوصياء والخلفاء من بعدهم .
فقد دار البحث على هذه المحاور (ألنبوه و الامامه وما بعدهم من الخلفاء) ولكن هناك محور لا نجد له كثير من البلورة والبريق ، وهذا المحور الذي يشمل ألنبوه والامامه بل هو اعم منهما قالباً الا انه ينفرد في موارد كثيرة ويشترك مع المحاور الثانية في حيثيات أخرى عديدة أهمها العصمة والحجية والعلم أللدني والمقامات الغيبية التكوينية .ان المحور الذي دلت عليه الكثير من الآيات والروايات هو (الاصطفاء) الذي ثبت لبعض النساء والرجال . والذي هو بدرجة العصمة والمزودة بالعلم أللدني ولكنه لم يوصف بالنبوة والامامه في حين انه وصف بالحجية والقدرة الربانية بالمعنى العام وقلد أوسمه وجمله من الصلاحيات الخطير هبها شاركت مقام ألنبوه والامامه .
ومن نماذج هذا المحور في القران الكريم هو الخضر وعزير وفاطمه هؤلاء من ذكرهم القران خاصة.
ومنهم ذكرهم القران بالعنوان العام كآباء النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم والإمام علي (عليه السلام) في قوله تعالى ((إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)) البقرة 124
وقوله تعالى ((وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)) الزخرف 28
وقوله تعالى ((هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ)) الحج 78
وكل هذه الايات تبين اصطفاء ذرية ابراهيم من اسماعيل الى ان بعث النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فصارت في اهل بيته .
فلا يخفى ان موقع هذا المحور وان لم يكن بمعنى النبوه والامامه الا انه يصل الى مراتب قد يبلغ البعض منها شأناً خطيراً جداً كما في قصة النبي موسى (عليه السلام ) وهو من اولي العزم حيث اتبع الخضر كما في قوله تعالى ((فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا * قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا))
الكهف65 و66
فان مقام الاصطفاء وان غاير النبوه والامامه فانه لا يقلل من اهميته وحساسيته البالغه في الدين ولا سيما ان النماذج تمثل هذا المقام هم منبع من منابع احكام الشريعه وقدوة منصوبه منه تعالى يجب التأسي بها كما ان نطقها يمثل عن رأي السماء فان ناطقيتها من السماء وان اختلفت موقعيتها عن النبوه والامامه مكا في قوله تعالى بشأن الخضر ((وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي)) الكهف 82
وكما في شأن مريم عليها السلام ((فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا * فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا *يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا *فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا )) مريم 26و29
وهناك كثير من الافراد نالوا هذا المقام واشار اليهم القران بآيات وسور عديدة ولكنهم ليسوا بأنبياء ولا ائمه ولكنهم حجج مصطفون على العباد وهم مبينون وحافظون لشرائع الانبياء نعم ملكن تطرق ألسنه الشريفة وكتب الحديث والسيرة جمله من احوالهم وشؤونهم .
وحينئذ يقع الحديث عن فاطمة عليها السلام بعد ما وردفيها من النصوص القرانيه والاحاديث الكثيره مباشرتا وضمنا .
وللحديث تتمه ...
وفقنا الله لاتمام هذا البحث في جزء اخر واظهار مقامات الزهراء السامية
تعليق