بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
المحقق البحراني:
أنت خبير بأن التعبير عن المخالفة في الإمامة في جملة من هذه الأخبار بالانكار في بعض والجحود في بعض دلالة واضحة على كفر هؤلاء المخالفين من قبيل كفر الجحود والانكار الموجب لخروجهم عن جادة الاسلام بكليته واجراء حكم الكفر عليهم برمته وأن مخالفتهم في ذلك أنما وقع عنادا واستكبارا لقيام الأدلة عليهم في ذلك وسطوع البراهين فيما هنالك لديهم ، لأن الجحود والانكار إنما يطلقان في مقام المخالفة بعد ظهور البرهان كما صرح به علماء اللغة الذين إليهم المرجع في هذا الشأن
الأخبار المتقدمة كما عرفت قد صرحت بكون كفر هؤلاء إنما هو من حيث جحود الإمامة وانكارها لا أن ذلك استخفاف وتهاون مع اعتقاد ثبوتها وحقيتها كالصلاة ونحوها فإنه لا معنى له بالنسبة إلى الإمامة كما لا يخفى ، وحينئذ فليختر هذا القائل إما أن يقول بكون الترك هنا ترك جحود وانكار فيسقط البحث ويتم ما ادعيناه وإما أن يقول ترك استخفاف وتهاون فمع الاغماض عن كونه لا معنى له فالواجب عليه القول بايمان المخالفين لأن الترك كذلك لا يوجب الخروج عن الايمان كما عرفت ولا أراه يلتزمه
وأما ما يدل على نصبهم فمنه ما تقدم نقله في كلام شيخنا الشهيد الثاني من حديث عبد الله بن سنان ( 1 ) ونحوه أيضا ما رواه الصدوق في معاني الأخبار ( 2 ) بسند معتبر عن معلى بن خنيس قال : " سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرأون من أعدائنا " وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر مما استطرفه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي ( عليه السلام ) في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى ( 3 ) قال : " كتبت إليه أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما ؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب " . والمستفاد من هذه الأخبار أن مظهر النصب المترتب عليه الأحكام والدليل عليه إما تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة من حيث التشيع فكل من اتصف بذلك فهو ناصب تجري عليه أحكام النصب ، نعم يجب أن يستثنى من خبر تقديم الجبت والطاغوت المستضعف كما عرفت من الأخبار المتقدمة وغيرها أيضا فيختص الحكم بما عداه ، وعموم ذلك لجميع المخالفين بعد اخراج هذا الفرد مما لا يعتريه الريب والشك بالنظر إلى الأخبار المذكورة كما عليه أكثر أصحابنا المتقدمين الحاكمين بالكفر وكثير من متأخري المتأخرين كما قدمنا نقل كلام بعضهم
انما الخلاف في أن هؤلاء هل يدخلون تحت هذا العنوان أم لا ؟ فنحن ندعي دخولهم تحته وصدقه عليهم وهم يمنعون ذلك ، ودليلنا على ما ذكرنا الأخبار المذكورة الدالة على أن الأمر الذي يعرف به النصب ويوجب الحكم به على من اتصف به هو تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة ولا ريب في صدق ذلك على هؤلاء المخالفين ، وليس هنا خبر يدل على تفسير الناصب بأنه المبغض لأهل البيت ( عليهم السلام ) كما يدعونه بل الخبران المتقدمان صريحان في أنك لا تجد أحدا يقول ذلك .
وبالجملة فإنه لا دليل لهم ولا مستند أزيد من وقوعهم في ورطة القول باسلامهم فتكلفوا هذه التكلفات الشاردة والتأويلات الباردة ، على أنا قد حققنا في الشهاب الثاقب بالأخبار الكثيرة بغض المخالفين المقدمين للجبت والطاغوت غير المستضعفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) وإليه يشير كلام شيخنا الشهيد الثاني المتقدم نقله من الروض
أن المراد بالناصبي هنا مطلق من أنكر الإمامة كما ينادي به قوله " يمنع لطف الإمامة[1]
ينبغي أن يعلم أن جميع من خرج عن الفرقة الاثني عشرية من
أفراد الشيعة كالزيدية والواقفية والفطحية ونحوها فإن الظاهر أن حكمهم كحكم النواصب فيما ذكرنا لأن من أنكر واحدا منهم ( عليهم السلام ) كان كمن أنكر الجميع كما وردت به أخبارهم ، ومما ورد من الأخبار الدالة على ما ذكرنا ما رواه الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال بإسناده عن ابن أبي عمير عن من حدثه قال : " سألت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن هذه الآية " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " قال وردت في النصاب ، والزيدية والواقفية من النصاب "
أقول : هذا الخبر وأمثاله إنما خرج بناء على كفر المخالفين وأنه لا فرق بينهم وبين الخوارج كما هو مذهب متقدمي الأصحاب وبه استفاضت الأخبار كما قدمنا ذكره في كتاب الطهارة ، والحكم باسلام المخالفين إنما وقع في كلام جملة من المتأخرين غفلة عن التعمق في الأخبار والنظر فيها بعين الفكر والاعتبار[2]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
[1] ـ الحدائق الناضرة : ج5،ص171ـ178
[2] ـ الحدائق:ج11.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
المحقق البحراني:
أنت خبير بأن التعبير عن المخالفة في الإمامة في جملة من هذه الأخبار بالانكار في بعض والجحود في بعض دلالة واضحة على كفر هؤلاء المخالفين من قبيل كفر الجحود والانكار الموجب لخروجهم عن جادة الاسلام بكليته واجراء حكم الكفر عليهم برمته وأن مخالفتهم في ذلك أنما وقع عنادا واستكبارا لقيام الأدلة عليهم في ذلك وسطوع البراهين فيما هنالك لديهم ، لأن الجحود والانكار إنما يطلقان في مقام المخالفة بعد ظهور البرهان كما صرح به علماء اللغة الذين إليهم المرجع في هذا الشأن
الأخبار المتقدمة كما عرفت قد صرحت بكون كفر هؤلاء إنما هو من حيث جحود الإمامة وانكارها لا أن ذلك استخفاف وتهاون مع اعتقاد ثبوتها وحقيتها كالصلاة ونحوها فإنه لا معنى له بالنسبة إلى الإمامة كما لا يخفى ، وحينئذ فليختر هذا القائل إما أن يقول بكون الترك هنا ترك جحود وانكار فيسقط البحث ويتم ما ادعيناه وإما أن يقول ترك استخفاف وتهاون فمع الاغماض عن كونه لا معنى له فالواجب عليه القول بايمان المخالفين لأن الترك كذلك لا يوجب الخروج عن الايمان كما عرفت ولا أراه يلتزمه
وأما ما يدل على نصبهم فمنه ما تقدم نقله في كلام شيخنا الشهيد الثاني من حديث عبد الله بن سنان ( 1 ) ونحوه أيضا ما رواه الصدوق في معاني الأخبار ( 2 ) بسند معتبر عن معلى بن خنيس قال : " سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم أنكم تتولونا وتتبرأون من أعدائنا " وروى ابن إدريس في مستطرفات السرائر مما استطرفه من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم لمولانا أبي الحسن علي بن محمد الهادي ( عليه السلام ) في جملة مسائل محمد بن علي بن عيسى ( 3 ) قال : " كتبت إليه أسأله عن الناصب هل احتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاده بإمامتهما ؟ فرجع الجواب : من كان على هذا فهو ناصب " . والمستفاد من هذه الأخبار أن مظهر النصب المترتب عليه الأحكام والدليل عليه إما تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة من حيث التشيع فكل من اتصف بذلك فهو ناصب تجري عليه أحكام النصب ، نعم يجب أن يستثنى من خبر تقديم الجبت والطاغوت المستضعف كما عرفت من الأخبار المتقدمة وغيرها أيضا فيختص الحكم بما عداه ، وعموم ذلك لجميع المخالفين بعد اخراج هذا الفرد مما لا يعتريه الريب والشك بالنظر إلى الأخبار المذكورة كما عليه أكثر أصحابنا المتقدمين الحاكمين بالكفر وكثير من متأخري المتأخرين كما قدمنا نقل كلام بعضهم
انما الخلاف في أن هؤلاء هل يدخلون تحت هذا العنوان أم لا ؟ فنحن ندعي دخولهم تحته وصدقه عليهم وهم يمنعون ذلك ، ودليلنا على ما ذكرنا الأخبار المذكورة الدالة على أن الأمر الذي يعرف به النصب ويوجب الحكم به على من اتصف به هو تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة ولا ريب في صدق ذلك على هؤلاء المخالفين ، وليس هنا خبر يدل على تفسير الناصب بأنه المبغض لأهل البيت ( عليهم السلام ) كما يدعونه بل الخبران المتقدمان صريحان في أنك لا تجد أحدا يقول ذلك .
وبالجملة فإنه لا دليل لهم ولا مستند أزيد من وقوعهم في ورطة القول باسلامهم فتكلفوا هذه التكلفات الشاردة والتأويلات الباردة ، على أنا قد حققنا في الشهاب الثاقب بالأخبار الكثيرة بغض المخالفين المقدمين للجبت والطاغوت غير المستضعفين لأهل البيت ( عليهم السلام ) وإليه يشير كلام شيخنا الشهيد الثاني المتقدم نقله من الروض
أن المراد بالناصبي هنا مطلق من أنكر الإمامة كما ينادي به قوله " يمنع لطف الإمامة[1]
ينبغي أن يعلم أن جميع من خرج عن الفرقة الاثني عشرية من
أفراد الشيعة كالزيدية والواقفية والفطحية ونحوها فإن الظاهر أن حكمهم كحكم النواصب فيما ذكرنا لأن من أنكر واحدا منهم ( عليهم السلام ) كان كمن أنكر الجميع كما وردت به أخبارهم ، ومما ورد من الأخبار الدالة على ما ذكرنا ما رواه الثقة الجليل أبو عمرو الكشي في كتاب الرجال بإسناده عن ابن أبي عمير عن من حدثه قال : " سألت محمد بن علي الرضا (عليه السلام) عن هذه الآية " وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة " قال وردت في النصاب ، والزيدية والواقفية من النصاب "
أقول : هذا الخبر وأمثاله إنما خرج بناء على كفر المخالفين وأنه لا فرق بينهم وبين الخوارج كما هو مذهب متقدمي الأصحاب وبه استفاضت الأخبار كما قدمنا ذكره في كتاب الطهارة ، والحكم باسلام المخالفين إنما وقع في كلام جملة من المتأخرين غفلة عن التعمق في الأخبار والنظر فيها بعين الفكر والاعتبار[2]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
[1] ـ الحدائق الناضرة : ج5،ص171ـ178
[2] ـ الحدائق:ج11.
تعليق