
حين يكون الحب ملء القلب ، ينضح على سلوكيات الإنسان ولا بد .. وأعلى الحب وأرقاه وأزكاه واحلاه : حب الله جل جلاله ..
والحب فيه ، وله .. كانت فتاة كالزهرة ، وتزوجت رجلاً رأت أنه قادر أن يجمع لها الدنيا بين يديها ...! وسارت حياتهما شوطاً ،
وأخذ الرجل يتكشف لها عما لا يسر ، وسقطت أقنعته اكثر فأكثر حين من الله عليها وعرفت طريق الهداية من خلال صويحبات لها ..
الرجل مسرف على نفسه للغاية ، مفرط في جنب الله ، غير مكترث لتعاليم دينه ، قد انجرف في مخالفات كثيرة ،
تعرضه لغضب الله وسخطه .. وضاقت عليها الدنيا بما رحبت ، ووقعت في حيرة من أمرها ، لا سيما بعد أن فشلت كل محاولاتها
معه ، ونصحها له ووعظها إياه ، وشجارها معه .. وأشار إليها بعض أهلها بضرورة مفارقته ، وطذلك أشارت إليها بعض
صويحباتها وتشددن في ذلك .
لكنها رفضت في إباء ، وقالت في نفسها : تزوجته طمعاً في الدنيا ، فلما عرفت طريق الهداية أهجره وأفارقه ؟ كلا...!
بل سأستعين بالله عز وجل عليه .. سأزيده حباً ، ورعاية ، وحناناً ، وسأعمد إلى تغيير أسلوبي معه ، سأجتهد أن أقدم له ألواناً وضروباً
من فن التعامل بما لم يشهده مني من قبل ، وفي الوقت نفسه سأجتهد - قدر استطاعتي - أن أطرق باب السماء بالدعاء بقوة
وبلا ملل .. سأقوي علاقتي بالله عز وجل بإقبال أكثر ، ودعاء متصل ، وضراعة دائمة ، وصلوات ليل ، وصدقات ، وغير ذلك
مما أتوسل به إلى الله سبحانه ليعينني على ما أريد الوصول إليه .. وٍسأتحمل سفاهته ، ولجاجته ، وما يمكن أن يفعله أو يقوله ، غير
أني سأريه سلوكاً يرضي الله عز وجل ... ومضت شهور قاحلة .. وسماء المرأة لا يبين فيها شروق ... ! غير أنها أصرت
أن تواصل الطريق حتى نهايته ، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .. تسير على خطين متوازيين : غيرت سياستها معه
واستعاضت عن نصحه المباشر بتسريب موضوعات مقروءة أو مسموعة لتصل إلى قلبه ، أو تشير إليه من طرف خفي إلى ما انتهى
إليه كثير من المعرضين عن الله ، ونحو هذا والخط الآخر : أن تزداد إقبالاً على الله بالنوافل والضراعة والبكاء والدموع
بين يدي الله .. قال الزوج بعد أن من الله عليه بالهداية ، وأنار الله بصيرته ، وأشرق قلبه : كان لزوجتي اليد الطولى في
هدايتي ، وإخراجي من ظلمات الغفلة والانحراف ، لقد صبرت علي وصابرت ، وتحملت ، واجتهدت معي اجتهاد طبيب
متخصص ، مع مريض مدنف يوشك أن يموت ، وهو يجاهد أن يمسك عليه الحياة !
لقد أظهرت ألواناً من الصبر وهي تحاول أن تأخذ بيدي شيئاً فشيئاً ، حتى كانت اللحظة التي تفتح فيها قلبي لنور الله جل جلاله ،
فانخلعت من كل ما كنت فيه ، طلباً لتحصيل مرضاة الله علي .. والحمد لله رب العالمين .. وجزى الله زوجتي عني خير الجزاء .
************

تعليق