
ذكرنا في القسم الأول مشروعية تسبيح كل مافي هذا الكون يسبح الله تعالى بالقرآن الكريم وسنبين الدليل الثاني ماورد عن الراسخون في العلم وهم محمد وآل محمد حيث ورد في تفسير
قوله تعالى: (( .... وَإِن مِّن شَىْء إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً))
وجاءت الأخبار الصريحة لدلالة الشعور والحس لدى جميع المخلوقات وكيفية توحيها لله عز وجل وتنزيهه عن الشرك نذكر بعضها

تسبيح السماء والأرض :
قال تعالى : ((تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوتُ السَّبْعُ وَالاْرْضُ وَمَن فِيهِنَّ...)) الأسراء 44
جاء في البحار
بكاء السماء احمرارها من غير غيم وبكاء الارض زلازلها وتسبيح الشجر حركتها من غير ريح ، وتسبيح البحار زيادتها ونقصانها ، وتسبيح الشجر نموه ونشوؤه .وقيل أيضا : ظله يسبح الله .
فسكون الارض خدمتها وتسبيحها ، وصرير الماء وجريه تسبيحه وطاعته ، وقيام الاشجار والنباتات ونموها ، وجري الريح وأصواتها ، وهذه الابنية وسقوطها ، وتحريق النار ولهبها ، وأصوات الصواعق وإضاءة البروق وجلاجل الرعود وجري الطيور في الجو ونغماتها ، كلها طاعة لخالقها وسجدة وتسبيح وتنزيه له سبحانه .
كما جاء في تسبيح يوم الخميس
سبحانك لااله إلا أنت ، تسبح لك السموات بأقطارها والشمس في مجاريها والقمر في منازله والنجوم في مسيراتها والفلك في معارجه ،
سبحانك لاإله إلا أنت يسبح لك النهار بضوئه والليل بدجاه والنور بشعاعه والظلمة بغموضها ،
سبحانك لااله إلا أنت تسبح لك الرياح في مهبها والسحاب بأمطارها والبرق بأخطافه ،
سبحانك لاأله إلا أنت تسبح لك الأرض بأقواتها والجبال بأطوارها والأشجار بأوراقها والمراعي في منابتها ...

أما تسبيح الحيوانات فجاء في بعض مايقوله الحيوان
فعن إبن عباس قال شهدنا أمير المؤمنين عليه السلام فإذا نحن بعدة من العجم فسلموا عليه
فقالوا جئناك لنسألكَ عن ست خصال فإذا أنت أخبرتنا أمنا وصدقنا وإلا كذبنا وجحدنا ،
فقال أمير المؤمنين عليه السلام :
سلوا متفقهين ولاتسألوا متعنتين ؛
قالوا أخبرنا مايقول الفرس في صهيله والحمار في نهيقهه والدراج في صياحه والقنبرة في صفيرها والديك في نعيقه والضفدع في نقيقه ؟
فقال عليه السلام :إذا التقى الجمعان ومشى الرجال إلى الرجال بالسيوف يرفع الفرس رأسه فيقول سبحان الملك القدوس ،
ويقول الحمار في نهيقه : اللهم العن العشارين ،
ويقول الديك في نعيقه : بالأسحار أذكروا الله ياغافلين ؛
ويقول الضفدع في نقيقه : سبحان المعبود في لجج البحار ،
ويقول الدراج في صياحه : الرحمن على العرش أستوى ؛
والقنبرة في صفيرها : اللهم العن مبغضي آل محمد .
قالوا أمنا وصدقنا وماعلى وجه الأرض من هو أعلم منك .
فقال عليه السلام :ألا أزيكم ؟
قالوا بلى ياأمير المؤمنين ؛
فقال عليه السلام :إن للفرس في كل يوم ثلاث دعوات مستجابات يقول في أول النهار وسع على سيدي الرزق ، ويقول في وسط النهار اللهم أجعلني أحب إلى سيدي من أهله وماله ، ويقول أخر نهاره اللهم أرزق سيدي على ظهري الشهادة .

معنى صياح الطيور
عن أبي حمزة قال: كنا مع علي بن الحسين فمر بنا عصافير يصحن
فقال عليه السلام: أ تدرون ما تقول هذه العصافير؟
فقلنا: لا
فقال عليه السلام: أما إني ما أقول: إنا نعلم الغيب ولكني سمعت أبي
يقول: سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين يقول عليه السلام: إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها و سألته قوت يومها و إن هذه تسبح ربها و تسأل قوت يومها
عن السكوني عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
للدابة على صاحبها ستة حقوق: لا يحملها فوق طاقتها، و لا يتخذ ظهرها مجلسا يتحدث عليها، و يبدأ بعلفها إذا نزل، ولا يسمها في وجهها، ولايضربها فإنها تسبح، و يعرض عليها الماء إذا مر بها.
تسبيح الجمادات
عن ابن مسعود قال : كنا نجلس مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و نسمع الطعام يسبح و رسول الله يأكل،
تسبيح الحصى
أتى رسول الله صلى الله عليه وآله رجل يدعى مكرز العامري و سأله آية فدعا بتسع حصيات فسبحن في يده،
وفي حديث لأبي ذر: فوضعهن على الأرض فلم يسبحن و سكتن ثم عاد و أخذهن فسبحن.
الثياب
وعن عائشة قالت: دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فقال لي:يا عائشة اغسلي هذين البردين
فقلت: يا رسول الله بالأمس غسلتهما
فقال لي: أ ما علمت أن الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه.
تسبيح الجدران ( الحائط )
جاء في تفسير العياشي، عن أبي الصباح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
قلت له: قول الله: «و إن من شيء إلا يسبح بحمده»
قال عليه السلام:كل شيء يسبح بحمده، و إنا لنرى أن تنقض الجدر هو تسبيحها
عقوبة ترك التسبيح
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
ما من طير يصاد في بر أو بحر و لا شيء يصاد من الوحش إلا بتضييعه التسبيح.
عن أنس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
آجال البهائم كلها و خشاش الأرض و النمل و البراغيث و الجراد و الخيل و البغال و الدواب كلها و غير ذلك آجالها في التسبيح فإذا انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها، و ليس إلى ملك الموت منها شيء.
هل تسبيح المخلوقات يشبه تسبيحنا نحن بني البشر ؟
يجيبنا عن هذا السؤال العلامة الطباطبائي قدس سره في تفسيره الميزان
الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في تسبيح الأشياء على اختلاف أنواعها كثيرة جدا، و ربما اشتبه أمرها على بعضهم فزعم أن هذا التسبيح العام من قبيل الأصوات، و أن لعامة الأشياء لغة أو لغات ذات كلمات موضوعة لمعان نظير ما للإنسان مستعملة للكشف عما في الضمير غير أن حواسنا مصروفة عنها و هو كما ترى.
أي بمعنى يكون تسبيح هذه المخلوقات تسبيح فطري وسجود ذاتي عن تجل تجلى لهم فأحبوه فانبعثوا إلى الثناء عليه من غير تكليف بل اقتضاء ذاتي ، وهذه هي العبادة الذاتية التي أقامهم الله فيها بحكم الاستحقاق الذي يستحقه .
" والحاصل أن جميع المصنوعات والممكنات بصفاتها ولوازمها وآثارها دالة على صانعها وبارئها ومصورها وعلمه وحكمته شاهدة بتنزهه عن صفاتها المستلزمة للعجز والنقصان ، مطيعة لربها في ماخلقها له وأمر ها به من مصالح عالم الكون ، موجهة إلى ما خلقت له .
*************************
والحمد لله ربِّ العالمين
وصلى الله على محمد وآلِ محمد
سنبين في القسم الثالث
تسبيح الإنسان لله تعالى وفضل التسبيح
تعليق