بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل محمدالطيبين الطاهرين
هذا الكتاب ألّفه رجل السيف و القلم، التابعيّ الكبير الشيخ أبو صادق سليم بن قيس الهلالي قدّس اللّه روحه و لقد قام بتأليفه في عصر الإرهاب الفكريّ و العقيديّ الّذي اقيم في المجتمع الإسلامي بعد وفاة الرسول الأعظم صلّى اللّه عليه و آله و الذي منع الناس فيه من تدوين حديث نبيّهم و تاريخ دينهم و معارفهم الإسلاميّة الصحيحة، و اقيم عليها الحظر الشديد و المبالغة في الحساب و العقاب عليها، مضافا الى عمليّات التشويه و التحريف للحقائق التي ساعد عليها الفئة الحاكمة فكان أن قام ذلك الرجل المخلص الذي قضى عمره الشريف في سبيل دين اللّه في ساحات القتال و ميادين العلم و التأليف في ذلك العصر العصيب يجمع هذا الكتاب في فترة طويلة من الزمان بلغت ستّين عاما من عمره المبارك، قضاها بين الجمع و التمحيص و التأليف لكثير من الحقائق و الأسرار الّتي جرت على أهل البيت عليهم السلام بعد الرسول صلوات اللّه عليه و آله، و الّتي لولاه لكانت اليوم في مطاوي النسيان و في خزائن الدهر.الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل محمدالطيبين الطاهرين
و قلّ أن يسمح الزمان لأحد بمثل ما سمح لسليم من الظروف الّتي التقى فيها بأئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام و أصحابهم الأجلّاء أمثال سلمان و أبي ذر و المقداد و غيرهم فاستحصل الجواهر عن معادنها و قلّ أن يوجد رجال يغتنمون الفرص و يستثمرونها غاية الاستثمار في سبيل الأهداف النبيلة بحيث لا يدعون الفرص السانحة أن تمرّ عليهم بلا استفادة و بدون عطاء و قلّ كذلك أن يوجد من يفكّر حول هذه المواضيع العقائدية الهامّة مثل ما فكّر سليم بها و خلّد حقائقها و لم يدعها تفوته دون عمل.
فحقّا كان سليم بن قيس من أصحاب البصائر و التوفيقات الجليلة الّتى منحته الرؤية النافذة و الكاملة عمّا جرى في زمانه و مدى تأثير ذلك على الدين و مستقبله، الّذي صارفى التالي المحك الّذي جعل المسلمين في دائرة الامتحان حيث صار سببا لاختلافهم و افتراقهم إلى تيّارات و اتّجاهات مختلفة.
و قام هو بتسجيل كلّ ذلك بدقّة تليق بأهميّة الموضوع تحفّظا على الحقائق و انتصارا للحق و إعلاما و توعية للأجيال القادمة التي تتبصّر طريقها عبر ما تسمعه أو تقرؤه من الحقائق في صفحات الكتب.
و قلّ أن يوجد في المؤلّفات تأليف مثل كتاب سليم يقرّره عدد من أئمة أهل البيت عليهم السلام و تحتفظ به حملة الحديث و روّاد العلم، و يقدّر له الخلود ليبقى تراثا خالدا و سفرا حيّا ينبض بالوعي و البصيرة نحو أحداث الماضي و أثرها على المواقف و الاتّجاهات في الحياة الى اليوم و قد تمّ تأليف هذا الكتاب في ظروف استثنائيّة شاذّة انتهزها أعداء الإسلام لتشويه الدين الحنيف و التلاعب بالمبادى و المقدّسات الإسلامية و العبث بالتاريخ الإسلامي و قلب الحقائق عن أساسها تزييفا للأفكار و إضلالا للامّة جمعاء.
و هكذا يشكر اللّه كلّ سعى حسب ما سعى فيه صاحبه، فإذا كان سليم قد أفنى عمره بأجمعه في سبيل مواليه و أوقف نفسه خادما للّه و عاملا له في أرضه و لم يكن له أكثر ممّا بذله من نفسه و عرضه و ماله و عافيته، فقد خلّد اللّه اسمه و كتابه و استبقاه كأوّل كتاب صنّف في تاريخ الإسلام و قدّر في حكمه و قضائه أن يتحفّظ به رجال أمناء طيلة القرون و بذلك استحق سليم أن يكون له الفضل الكبير علينا و على الأجيال لما حفظ لنا من معالم ديننا و بصّرنا بحقائق أمرنا و خفايا دنيانا و اللّه تعالى و أولياؤه المعصومون هم الأعلم بأجره و جزائه و النعيم المقيم الّذي سيناله في الآخرة، لأنّه بحقّ أحيى ذكر آل محمّد عليهم السلام في الدنيا و نصرهم بقلمه و سيفه.
كما أنّ لأبان بن أبي عيّاش الناقل الوحيد لهذا الكتاب عن مؤلّفه حقّ عظيم علينا حيث كان هو الّذي حفظ لنا هذا التراث القيّم في ظروف عصيبة و نقل إلينا هذا النور الوضّاء بالحقيقة و الحق طيلة القرون.
فها نحن نأخذ في دراسة مستوعبة في جميع جوانب هذا الكتاب الّذي هو أول كتاب عاش أربعة عشر قرنا منذ تأليفه حتّى اليوم و خاض فيها المصاعب الكثيرة و الآلام و المعاناة حتّى وصل إلينا و ظلّت حقائقه مكتومة غير مبيّنة.
و سوف نبيّن في غضون الأبحاث مدى أهميّة هذا التأليف و كيفيّة التحفّظ به في ظروف عصيبة و مدى اهتمام العلماء بشأنه و ساير ما يرتبط بالكتاب و مؤلّفه، و بعد ذلك نخرج المتن المنقّح من كتاب سليم بمقابلته على أربع عشرة نسخة من مخطوطاته و بملاحظة تلك الدراسات و على أساسها.
و بما أنّ قيمة الكتاب تتطلّب منّا الإسهاب و بذل الجهود في تحقيقه أكثر من أيّ كتاب آخر فقد اجتهدنا في إخراجه بصورة تليق بعظمة الكتاب و مؤلّفه و ذلك بعد دراسة و إعداد طويلين ضمن البحوث الّتي تشكّل منها مقدّمة الكتاب.
ملامح عامّة
و لا بأس بذكر بعض الملامح و الخطوط العريضة حول هذه البحوث كي يكون القارئ العزيز على علم و إحاطة و لو مختصرة عن محتواها قبل الخوض فيها و هي متمثّلة في الخطوات التالية:
الأولى: عرض موجز عن تاريخ مصاحبتي للكتاب منذ بداية معرفتي له إلى هذه النهاية الّتي أنا عليها.و لا بأس بذكر بعض الملامح و الخطوط العريضة حول هذه البحوث كي يكون القارئ العزيز على علم و إحاطة و لو مختصرة عن محتواها قبل الخوض فيها و هي متمثّلة في الخطوات التالية:
الثانية: لمحة مختصرة عن حياة المؤلّف و تاريخ كتابه من بدو التأليف إلى يومنا هذا.
الثالثة: تفاصيل الدراسة حول الكتاب و المؤلّف و هي تتضمّن دراسات و بحوث عن حياة المؤلّف من جميع جوانبها من سنه ولادته و وفاته و أسفاره و حروبه و من التقى بهم ومن روى عنهم و من روى عنه ، كما وتحتوي على تحقيقات عن تاريخ تأليف الكتاب و منهج المؤلّف في تأليفه و أسناد الكتاب و مخطوطاته و كيفيّة وصولها إلينا و مدى تحفّظ علمائنا بها خلال قرون متطاولة.
و تتضمّن أيضا ذكر من روى عن هذا الكتاب و ما ورد من كلمات الأئمّة المعصومين عليهم السلام في تقرير الكتاب و ما ذكره الأعلام في جميع العصور متّصلا إلى زماننا هذا، و غير ذلك ممّا جاء في هذا البحث و في الأخير أستعرض منهجي في تحقيق الكتاب و كيفية إخراجه بهذه الصورة الّتي هو عليها بإذن اللّه تعالى و بعد ذلك ترى المتن المنقّح المحقّق للكتاب و يتلوه تخريج الأحاديث في فصل خاصّ ، و تقع الفهارس الفنيّة آخر الكتاب و كلّ هذه متمثّلة بين يديك في ثلاثة أجزاء:
الجزء الأوّل: يحوي مباحث المقدّمة بأجمعها.
الجزء الثاني: يتضمّن متن الكتاب المحقّق.
الجزء الثالث: يحتوي على التخريجات و الفهارس، و بضمنها الفهرس الموضوعيّ المفصّل.
والرجاء أن يكون عملي المتواضع هذا إحياء لتراثنا الحديثي و التاريخي و تخليداً لذكرى مؤلّفه العظيم و أن أكون قد قدّمت للأمّة الإسلاميّة أثراً نفيساً من ذخائر تراث أهل البيت عليهم السلام يلزم الباحثين في الحديث ويرجع إليه المهتمّين بالتأريخ، وأن يكون عملي القاصر هذا مقبولاً لدى موالينا المعصومين صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين.
و كتب محمّد باقر الأنصاري الزنجانيّ الخوئيني بقم المشرّفة في يوم عيد الغدير المبارك من سنة 1413 الهجرية .
دليل الكتاب:
[1] المقدّمة : تتضمّن ثلاثة مباحث:
* المبحث الأوّل: فكرة تحقيق الكتاب 15
* المبحث الثاني : لمحة عن حياة سليم وتاريخ كتابه 41
* المبحث الثالث: تفصيل البحث عن الكتاب و المؤلّف في فصول:
الفصل الاول: اسم الكتاب 75
الفصل الثاني: أوّليّة الكتاب في موضوعه 83
الفصل الثالث: اعتبار الكتاب و أحاديثه بتقرير أئمّة أهل البيت عليهم السلام 89
الفصل الرابع: كلمات علماء الشيعة في اعتبار الكتاب و أحاديثه 101
الفصل الخامس: العلماء يروون كتاب سليم و أحاديثه اعتماداً عليه 117
الفصل السادس: كتاب سليم عند غير الشيعة 149
الفصل السابع: دراسة في المناقشات التي وجّهت إلى الكتاب 155
الفصل الثامن: أسناد الكتاب 201
الفصل التاسع: ترجمة المؤلّف سليم بن قيس 255
الفصل العاشر: مخطوطات الكتاب 307
الفصل الحادي عشر: طبعات الكتاب و منتخبه و ترجمته بالفارسية والارديّة 409
الفصل الثاني عشر: النماذج المصوّرة 424
الفصل الثالث عشر: منهج تأليف الكتاب 523
الفصل الرابع عشر: منهج التحقيق 529
[2] متن الكتاب: في ثلاثة أجزاء: (1) كتاب سليم بن قيس الهلالي 554
(2) ما وجد من كتاب سليم في نسخة أخرى 875
(3) المستدرك من أحاديث سليم 931
[3] تخريج الأحاديث: يتضمّن ذكر الأسانيد الموجودة في المصادر التي جاء فيها روايات سليم نقلاً عن كتابه أو بالإسناد إليه نفسه أو بأسانيد اخرى 959
[4] الفهارس العامّة: تتضمن 12 فهرساً مستخرجة من المقدّمة والمتن والتخريجات 1031
الجزء الأول دراسة مستوعبة وتحقيق شامل حول الكتاب والمؤلّف
المقدّمة
وهي تتضمّن ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: فكرة تحقيق الكتاب.
المبحث الثاني: لمحة عن حياة سليم وتاريخ كتابه.
المبحث الثالث: تفصيل البحث عن الكتاب والمؤلّف.
لفت نظر:
المبحث الأوّل فكرة تحقيق الكتاب
* اثنتا عشرة سنة مع الكتاب.
* الدافع العقائديّ في تحقيق الكتاب.
* بداية التعرّف على الكتاب.
* تحقيق الكتاب فرض واجب.
* تحقيقات سابقة حول الكتاب.
* برنامج التحقيق في خمس مراحل.
اثنتا عشرة سنة مع الكتاب
هذا الكتاب الّذي بين يدي القارئ الكريم حصيلة عمل متواضع استمرّ منذ أكثر من اثنتا عشرة سنة كنت اواصل خطواتي فيها نحو تحقيقه و هو مجموعة انشأت على مبانٍ ودوافع اعتقاديّة ومناهج تحقيقيّة وتحصّلت بعد حصول مقدّمات ورفع موانع وكان جميعها مؤثّرة في إخراج الكتاب بهذا الشكل، ولا بأس بالإشارة إلى بعضها في عرض موجز.* اثنتا عشرة سنة مع الكتاب.
* الدافع العقائديّ في تحقيق الكتاب.
* بداية التعرّف على الكتاب.
* تحقيق الكتاب فرض واجب.
* تحقيقات سابقة حول الكتاب.
* برنامج التحقيق في خمس مراحل.
اثنتا عشرة سنة مع الكتاب
يتبع...
تعليق