يقول تعالى : ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ – طه 132 )) ويقول أيضا : ((وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه 131 )) فرزق الله عزوجل خير بمعنى أفضل ، وأبقى بمعنى أدوم ، رأيت على أحد القصور عبارة جميلة : ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) وقد ورد مصداق ذلك في القرآن الكريم : ((وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ – آل عمران 140 )) فلنبحث عن الرزق الذي يبقى عندنا إلى أبد الآبدين ، ما هو هذا الرزق ؟... الذي تاجرته في ليالي القدر ، ركعتين الصلاة بسبع التوحيد ... هل هذا فنى أم بقي في جدول أعمالك ،بقي .. و لا يمحى أبدا ، أما أنواع ما أكلته في الإفطار وغيره ذهب وولى ؟ المتع التي تمتعنا بها ماذا بقي منها ؟ ... المتع التي تمتعنا بها في حياتنا ما الذي بقي منه ... كلها خيال في خيال ... ذهب كله . البعض ذهب للاصطياف في الصيف أين الهواء المنعش ؟ في الصيف الآن يعيش في هذا الهواء القاتل ؟ صليت قبل قليل صلاة الظهر هذا يبقى لا يمحى . يوم القيامه في ذلك الموقف العصيب يُبعث الإنسان من قبره ، ويخرج معه شاب جميل ، ويقول أنا سأبقى معك ، وكلما مر هول من أهوال يوم القيامة يقول لا تقلق أنا سأقضي حاجتك ، عجبا !!...(( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيه . ِوَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ – عبس 34 / 36 )) يفر من زوجته ، ومن أخيه حتى لا يطالبه بشيء فيتوارى عنه ، من هو هذا الشاب في هذا اليوم العصيب ؟!... يسأله من أنت يقول له أتعلم من أنا ؟... أنا السرور الذي أدخلته إلى قلب أخيك المؤمن ، هذا عمل واحد ، سرور واحد، فكيف يإحياء صلاة الليل والحج والعمرة وإحياء ليالي القدر.... ؟... فلعله يسند بقبيلة من الأنصار والأعوان حينها ، وما هي في حقيقتها إلا أعماله التي عملها . (( وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه 131 )) لم يقل الله لنكرمهم لنسعدهم بل قال لنفتنهم ، الذي يبنى أكثر من حاجته لعله يطوق على رقبته يوم القيامه ، لعله يتمنى أن لم يكن من أصحاب العمارات ، وكان من الشاكرين على نعمة الكفاف . يوم القيامة (( خافضة رافعة – الواقعة 3 )) المترفون يتمنون لو كانوا من أفقر عباد الله ... بل يتمنى الكافر أن يكون ترابا (( وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً - النبأ 40 )) ولم تكن له هذه العاقبة ، ثم يقول سبحانه وتعالى : (( لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ –غافر 57 )) والذي (( خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا – لقمان 10)) غير قادر على أن يرزقك ، عندك دين ... اطلب من رب العالمين أن يقضي حلجتك ((وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ – الحجر 21 )) .
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
العمل الباقي
تقليص
X
-
بسم الله الرحمن الرحيملقد دعى الإسلام ذويه إلى الإكثار من أَعمال البِرّ ومتابعتِها ولا سيّما ما يتعدّى نفعهُ ويستمرّ إدراره على الإنسان حيًّا أو ميتاً كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيما رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلاَّ من ثلاثة: إلاَّ من صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له" والمراد بالصّدقة الجارية: كل مال جعل صاحبه في سبيل الله قبل الممات أو بعده بالإيصاء كعمارة المساجد وإجراء المياه وتسهيل الطرق وإعانة المحتاج وإماطة الأذى عن طريق المسلمين ونحو ذلك من الامور التي تعد من الصدقات الجارية.
الحمد لله العلم الخبير الذي لا يستحق ان يحمد احد سواه وأحمده سبحانه وأستعينه وأستهديه وأشهدُ أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ سيِّدنا ونبينا عبده ورسوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلم وأَصحابهالاخ المبدع الاستاذ محمد ستار العامري شكرا لكم على هذه المشاركات الثمينة ونتمنى لكم التوفيق وكذلك المزيد من كل ماهو جديد اللهم ىمين رب العالمين.
اما بعد اود ان اضيف بعض الكلمات الى ما تفوهتم به من الدررواقول:
واما العلم النافع: فهو كل ما استُمدّ من كتاب الله وسنّة رسوله واهل بيته من بعده والعمل به حقًّا والبذل للنّاس وفي هذا الحديث الشريف بيان عظم ثواب الوقف الجاري وبيان وعظم ثواب توريث العلم النافع بالتعليم والتأليف والنشر وعظيم ثواب السعي في طلب الولد الصالح بالتزوّج ابتداءً ثم بتوجيهه وتربيته إذا وُجِدَ توجيهاً وتربية إسلامييّن كما وأن الحديث يحثُّ على العمل الصالح بوجه عام والسعي في مواصلته واستمراره بعد الموت تضمنا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إلاَّ من ثلاثة" فإنها لا تنقطع بعد الموت وتبقى مستمرّة بعد موت صاحبها تدرّ عليه بالخير والأجر والدُّعاء له ممّن عرفه وممّن لم يعرفه وقد جاءت نُصوص أُخرى تدلُّ على أنَّ العمل الصالح في الحياة يخلد لصاحبه أجراً وذكراً حسناً بعد الممات حيث يقول تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ) [يّـس:12] والمراد بآثارهم فيما فسّره جماعة من العلماء من ابناء العامة : "ما خلّفوه بعدهم من أعمال صالحة تبقى جارية بعد مماتهم" وفي هذا المعنى يقول صلى الله عليه وآله وسلم : "من سنَّ سُنَّةً حسنة؛ فله أجرها وأجر من عَمِل بها إلى يوم القيامة، لا يَنْقُص ذلك من أجر العامل شيئاً"، ويقول فيما رواه البيهقي وابن ماجه بسند حسن: "إنَّ ممّا يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علّمه ونشره وولداً صالحاً تركه أو مصحفاً ورّثه أو مسجداً بناه أو بيتاً لابن السبيل بناه أو نهراً أجراه أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه بعد موته".
وبالتالي فلنتقي الله ونتقرب اليه بالْتماسِ وعمل ما يترك لك لنا ذكراً حسناً وآثاراً تُحمد، ولسانَ صدقٍ في الآخرين وايضا بكثرة الأعمال الخيرية التي تبقى ويظلّ أجرها جارياً بعد الممات علمية أو ماليّة فنِعْمَ الْعلم ونِعْمَ المال الذي يدرّ على صاحبه في الدُّنيا والآخرة بالأجر والثواب نِعم الْعلم والمال الذي يُذكر به صاحبه بخير ويدعو له لأجله من لا يعرفه بعد أن يودَع الثرى ويتخلّى عنه الأهل والأصدقاء بعد أن تتمزّق أوصاله وتبلى عظامه.
تعليق