بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله عترته وجنده
المعاجز الوارده عن أهل بيت الرسالة كثيرة ولايمكن حصرها بمجلدات والملفت للنظر ان هذا المعاجز يرويها المخالفون قبل الموالفون لانها حقيقة كالشمس التي لا يحجبها غربال ومهما حاولوا بنو أمية وبنو العباس من طمس حقيقة ولاية آل محمد صلوات الله عليهم فلن يستطيعوا ان يخفوا أَمْراً الله عز وجل مبديه ولو كره الكافرون...ومن تلك المعاجز ما روي عن شقيق ابن إبراهيم البخلي حيث يقول :-
خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام سنة 149، فنزلنا القادسية (1) . قال شقيق : فنظرت إلى الناس في القباب والعماريات (2) والخيم والمضارب وكل إنسان منهم قد تزين على قدره، فقلت : اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين ، فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى فتي السن ، حسن الوجه ، شديد السمرة عليه سيماء العبادة وشواهدها ، وبين عينيه سجادة ، كأنها كوكب دري ، فأسرعت وراءه فلم ألحقه وغاب عن عيني فلم أره ، وارتحلنا حتى نزلنا " واقصة "(3) فنزلت ناحية من الحاج ، ونظرت فإذا صاحبي قائم يصلي على كثيب رمل ، وهو راكع وساجد وأعضاؤه تضطرب ، ودموعه تجري من خشية الله عزوجل . فقلت : هذا صاحبي لأمضين إليه ، ثم لاسألنه أن يجعلني في حل . فأقبلت نحوه فلما نظر إلي مقبلا قال لي : يا شقيق ، " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (4) . ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت : هذا رجل من الابدال وقد تكلم على سري مرتين ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم على سري ، ورحل الحاج وأنا معهم حتى نزلنا " زبالة " (5) فإذا أنا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يستسقي بها ماءا فانقطعت الركوة ووقعت في البئر . فقلت : " صاحبي والله " ! فرأيته قد رمق السماء بطرفه وهو يقول : " أنت ربي إذا ضمئت من الماء ، وقوتي إذا أردت الطعام ، إلهي وسيدي مالي سواها [ فلا تعدمنيها ] . قال شقيق : فو الله لقد رأيت البئر وقد قاض ماؤها حتى جرى على وجه الارض فمد يده فتناول الركوة وملاها ماء ، ثم توضأ وصلى ركعات . قال شقيق : ثم مد يده إلى كثيب رمل [ فجعل ] يقبض بيده من الرمل ويطرحه في الركوة ثم يحركها ويشرب ، فقلت في نفسي : أتراه قد تحول الرمل سويقا فدنوت منه ، فقلت له : أطعمني - رحمك الله - من فضل ما أنعم الله عليك. فنظر وقال لي : يا شقيق ، لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة وأياديه لدينا جميلة ، فأحسن ظنك بربك ، فانه لا يضيع من أحسن به ظنا . فأخذت الركوة من يده وشربت فإذا سويق وسكر، فو الله ما شربت شيئا قط الذ منه ولا أطيب رائحة ، فشبعت ورويت وأقمت أياما لاأشتهي طعاما ولا شرابا ، فدفعت إليه الركوة . ثم غاب عن عيني فلم أره حتى دخلت مكة ، واكملت حجي ، فإذا أنا بالفتى في هدأة من الليل ، وقد زهرت النجوم وهو إلى جانب بيت قبة الشراب راكعا ساجدا لا يريد مع الله سواه، تجعلت أرعاه وأنظر إليه وهو يصلي بخشوع وأنبن وبكاء ، ويرتل القرآن ترتيلا ، وكلما مرت آية فيها وعد ووعيد رددها على نفسه ودموعه تجري على خديه ، حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح ربه ويقدسه ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت سبعا وصلى في المقام ركعتين . ثم قام وخرج من باب المسجد ، فخرجت فرأيت له حاشية وموال ، وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت ، وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم ويسلمون عليه . فقلت لبعض الناس ، أحسبه من مواليه : من هذا الفتى ؟ فقال : هذا أبو إبراهيم - عالم آل محمد صلى الله عليه وآله - قلت : من أبو إبراهيم ؟ قال : موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها " فقال:
سل شقيق البلخى عنه وماعا * بن منه وما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا * شاحب اللون ناحل الجسم أسمر
ساترا وحده وليس له زاد * فما زلت دائما أتفكر
وتوهمت أنه يسأل الناس * ولم أدر أنه الحج الاكبر
ثم عاينته ونحن نزول * دون قيد على الكثيب الاحمر
يضع الرمل في الاناء ويشربه * فناديته وعقلي محير
اسقنى شربة فناولني منه * فعاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا ؟ * قيل : هذا الامام موسى بن جعفر
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
المعاني والمصادر
1) قرية قرب الكوفة من جهة البر بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا، وبينها وبين العذيب أربعة أميال، عندها كانت الوقعة العظمى بين المسلمين والفرس - (مراصد الاطلاع: 3 / 1054) .
(2) جمع عمارية. وهى كالساباط..
(3) واقصة: بكسر القاف والصاد المهملة. موضعان، منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة، وواقصة أيضا بأرض اليمامة، وقيل ماء لبنى كعب. (معجم البلدان: 5 / 354) .
(4) اقتباس من سورة طه: 82.
(5) زبالة: بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهى قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. (معجم البلدان: 3 / 129) .
(6) المصدر كتاب نوادر المعجزات لأبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الاملي /ص157،ص158،ص159
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى آله عترته وجنده
المعاجز الوارده عن أهل بيت الرسالة كثيرة ولايمكن حصرها بمجلدات والملفت للنظر ان هذا المعاجز يرويها المخالفون قبل الموالفون لانها حقيقة كالشمس التي لا يحجبها غربال ومهما حاولوا بنو أمية وبنو العباس من طمس حقيقة ولاية آل محمد صلوات الله عليهم فلن يستطيعوا ان يخفوا أَمْراً الله عز وجل مبديه ولو كره الكافرون...ومن تلك المعاجز ما روي عن شقيق ابن إبراهيم البخلي حيث يقول :-
خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام سنة 149، فنزلنا القادسية (1) . قال شقيق : فنظرت إلى الناس في القباب والعماريات (2) والخيم والمضارب وكل إنسان منهم قد تزين على قدره، فقلت : اللهم إنهم قد خرجوا إليك فلا تردهم خائبين ، فبينما أنا قائم وزمام راحلتي بيدي وأنا أطلب موضعا أنزل فيه منفردا عن الناس إذ نظرت إلى فتى فتي السن ، حسن الوجه ، شديد السمرة عليه سيماء العبادة وشواهدها ، وبين عينيه سجادة ، كأنها كوكب دري ، فأسرعت وراءه فلم ألحقه وغاب عن عيني فلم أره ، وارتحلنا حتى نزلنا " واقصة "(3) فنزلت ناحية من الحاج ، ونظرت فإذا صاحبي قائم يصلي على كثيب رمل ، وهو راكع وساجد وأعضاؤه تضطرب ، ودموعه تجري من خشية الله عزوجل . فقلت : هذا صاحبي لأمضين إليه ، ثم لاسألنه أن يجعلني في حل . فأقبلت نحوه فلما نظر إلي مقبلا قال لي : يا شقيق ، " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى " (4) . ثم غاب عن عيني فلم أره، فقلت : هذا رجل من الابدال وقد تكلم على سري مرتين ولو لم يكن عند الله فاضلا ما تكلم على سري ، ورحل الحاج وأنا معهم حتى نزلنا " زبالة " (5) فإذا أنا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يستسقي بها ماءا فانقطعت الركوة ووقعت في البئر . فقلت : " صاحبي والله " ! فرأيته قد رمق السماء بطرفه وهو يقول : " أنت ربي إذا ضمئت من الماء ، وقوتي إذا أردت الطعام ، إلهي وسيدي مالي سواها [ فلا تعدمنيها ] . قال شقيق : فو الله لقد رأيت البئر وقد قاض ماؤها حتى جرى على وجه الارض فمد يده فتناول الركوة وملاها ماء ، ثم توضأ وصلى ركعات . قال شقيق : ثم مد يده إلى كثيب رمل [ فجعل ] يقبض بيده من الرمل ويطرحه في الركوة ثم يحركها ويشرب ، فقلت في نفسي : أتراه قد تحول الرمل سويقا فدنوت منه ، فقلت له : أطعمني - رحمك الله - من فضل ما أنعم الله عليك. فنظر وقال لي : يا شقيق ، لم تزل نعمة الله علينا أهل البيت سابغة وأياديه لدينا جميلة ، فأحسن ظنك بربك ، فانه لا يضيع من أحسن به ظنا . فأخذت الركوة من يده وشربت فإذا سويق وسكر، فو الله ما شربت شيئا قط الذ منه ولا أطيب رائحة ، فشبعت ورويت وأقمت أياما لاأشتهي طعاما ولا شرابا ، فدفعت إليه الركوة . ثم غاب عن عيني فلم أره حتى دخلت مكة ، واكملت حجي ، فإذا أنا بالفتى في هدأة من الليل ، وقد زهرت النجوم وهو إلى جانب بيت قبة الشراب راكعا ساجدا لا يريد مع الله سواه، تجعلت أرعاه وأنظر إليه وهو يصلي بخشوع وأنبن وبكاء ، ويرتل القرآن ترتيلا ، وكلما مرت آية فيها وعد ووعيد رددها على نفسه ودموعه تجري على خديه ، حتى إذا دنا الفجر جلس في مصلاه يسبح ربه ويقدسه ثم قام فصلى الغداة وطاف بالبيت سبعا وصلى في المقام ركعتين . ثم قام وخرج من باب المسجد ، فخرجت فرأيت له حاشية وموال ، وإذا عليه لباس خلاف الذي شاهدت ، وإذا الناس من حوله يسألونه عن مسائلهم ويسلمون عليه . فقلت لبعض الناس ، أحسبه من مواليه : من هذا الفتى ؟ فقال : هذا أبو إبراهيم - عالم آل محمد صلى الله عليه وآله - قلت : من أبو إبراهيم ؟ قال : موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب .
ولقد نظم بعض المتقدمين واقعة شقيق معه في أبيات طويلة اقتصرت على ذكر بعضها " فقال:
سل شقيق البلخى عنه وماعا * بن منه وما الذي كان أبصر
قال لما حججت عاينت شخصا * شاحب اللون ناحل الجسم أسمر
ساترا وحده وليس له زاد * فما زلت دائما أتفكر
وتوهمت أنه يسأل الناس * ولم أدر أنه الحج الاكبر
ثم عاينته ونحن نزول * دون قيد على الكثيب الاحمر
يضع الرمل في الاناء ويشربه * فناديته وعقلي محير
اسقنى شربة فناولني منه * فعاينته سويقا وسكر
فسألت الحجيج من يك هذا ؟ * قيل : هذا الامام موسى بن جعفر
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
المعاني والمصادر
1) قرية قرب الكوفة من جهة البر بينها وبين الكوفة خمسة عشر فرسخا، وبينها وبين العذيب أربعة أميال، عندها كانت الوقعة العظمى بين المسلمين والفرس - (مراصد الاطلاع: 3 / 1054) .
(2) جمع عمارية. وهى كالساباط..
(3) واقصة: بكسر القاف والصاد المهملة. موضعان، منزل بطريق مكة بعد القرعاء نحو مكة وقبل العقبة، وواقصة أيضا بأرض اليمامة، وقيل ماء لبنى كعب. (معجم البلدان: 5 / 354) .
(4) اقتباس من سورة طه: 82.
(5) زبالة: بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهى قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. (معجم البلدان: 3 / 129) .
(6) المصدر كتاب نوادر المعجزات لأبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الاملي /ص157،ص158،ص159
تعليق