
مريم الصناع
من كتاب البخلاء ,لابي عثمان الجاحظ جاء فيهِ*
فأقبل عليهم شيخٌ , فقال:
هل شعرتم بموت مريم الصناع ؟
فإنها كانت من ذوات الاقتصاد وصاحبة إصلاح . قالوا : فحدثها عن ابنتها. قال زوجتها
وهي بنت اثني عشر سنة ,فحلتها الذهب و الفضة ,وعظمت امرها في المروي و الوشي و القفز والخز , وعلقت المعصفر ,عين الختن , ورفعت من قدرها عند الاحماء . فقال لها زوجها ب:
((أنى لك هذا يا مريم)) قالت : (( هو من عند الله ))
قال:
دعي عنكِ الجملة و هاتي التفسير , والله ما كنت ذا مالً قديماً ولا ورثته حديثاً , و ما انت بخائنة في نفسكِ ولا في مالِ بعلك ,إلا ان تكوي قد وقعتِ على كنز . وكيف دار الامر ؟
فقد اسقطت عني مؤونةً , وكفيتني هذهِ النائبة . قالت: اعلم اني منذ يوم ولدتها إلى ان زوجتها , كنت ارفع دقيق كل عجينة حفنةً , وكنا كما قد علمت نخبز في كل يوم مرة , فإذا اجتمع من ذلك مكوك بعته .
قال زوجها : ثبت الله رأيكِ وارشدكِ , و لقد اسعد الله من كنت له سكناً , و باركَ لمن جعلت لهُ إلفاً . ولهذا و شبهه ورد القول المأثور : ((الذودُ إلى الذودِ إبل )) . وإني
لأ رجو أن يخرج ولدك على عرقك الصالح .
كان الجاحظ موسوعة علمية جمعت مزيجاً من الثقافة العربية الا سلامية مع ثقافات الامم الاخرى (الهند و اليونانية و الفارسية ) .وبرع بأدب الهزل و النوادر والنثر القصصي و المناظرات . في كتابهِ (البخلاء) يسرد احداث القصة بروحهِ المرحة و يضفي عليها طباعاً فريداً فكهاً يجعل هؤلاء (البخلاء ) اشخاصاً مستحبين , نعطف عليهم , ونضحك من تصرفاتهم , ولا نبخل عليهم بعطفنا
فتراه يمزج الجد بالهزل ويرسم ابطاله رسماً (كاريكاتورياً ) طرفياً . ينتقد سلوك هذهِ الفئة التي ألهت المال وجعلته غاية . فهو يعمد الى غاية تربوية اخلاقية , وهي إصلاح هؤلاء الناس وتعليمهم وهم يضحكون . ولعله يحث الناس على الكرم والسخاء . فأسلوبه تتوافر فيه المتعة الفنية واللذة الادب البخلاء )من الادب العلمي
تعليق