الحلقة (3) من سورة البقرة أية 254
بسم الله الرحمن الر حيم
بسم الله الرحمن الر حيم
من قبل أن يأتي يوم لابيع فيه ولا خلة ولا شفعة والكافرون هم الظلمون سورة البقرة 254
________________
· هذا المقطع الثالث من الاية الشريفة يتحدث عن جانب مهم وقضية مهمة وهي السفر الا الاخرة
· ولاكن قبل أن ندخل في تفسير العلماء لهذه الاية المباركة نخوض قليلا في هذه الكلمة التي ذكرت في القرءان اكثر من مره وعلى معنيين فمرة ذكرت بيع ومره ذكرت بمعنى الشراء ولاكن ننضر اليها في هذه الاية ما المقصود بها
البيع لغة
البيع هو استبدال المتاع بالثمن والبيع نقيض الشراء والبيع أيضا الشراء لأنه تارة عقد على الاستبدال بالثمن وتارة على الاستبدال بالمتاع والبيع الصفقة على إيجاب البيع
والبيعة الصفقة على إيجاب الطاعة والبيعان البائع والمشتري .
وأما الخلة خالص المودة.
والخليل الخالص المودة من الخلة لتخلل الأسرار بينهما وقيل لأنه يمتنع من الشوب في المودة بالنقيصة والخليل أيضا المحتاج من الخلة والخل معروف لتخلله بحدته ولطفه فيما ينساب فيه والخل الرجل الخفيف الجسم والخل الطريق في الرمل وفي فلان خلة رائقة أي خصلة والخلة جفن السيف وقد ذكرنا معنى الشفاعة عند قوله ولا يقبل منها شفاعة.
لما قص الله سبحانه أخبار الأمم السابقة وثبت رسالة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) عقبه بالحث على الطاعة فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي صدقوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيما جاء به ﴿أنفقوا مما رزقناكم﴾ قيل أراد به الفرض كالزكاة ونحوها دون النفل لاقتران الوعيد به عن الحسن ولأن ظاهر الأمر يقتضي الإيجاب وقيل يدخل فيه النفل والفرض عن ابن جريج واختاره البلخي وهو الأقوى لأنه أعم ولأن الآية ليس
فيها وعيد على ترك النفقة وإنما فيها إخبار عن عظم أهوال يوم القيامة وشدائدها ﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ أي يوم القيامة ﴿لا بيع فيه﴾ أي لا تجارة ﴿ولا خلة﴾ ورد في تفسير القمي في تفسير هذه الاية المباركة انه قال ( أي صداقة) وورده في تفسير مجمع البيان في تفسيرها أي ولا صداقة لأنهم بالمعاصي يصيرون أعداء وقيل لأن شغله بنفسه يمنع من صداقة غيره وهذه كقوله الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴿ولا شفاعة﴾ أي لغير المؤمنين مطلقا فأما المؤمنون فقد يشفع بعضهم لبعض ويشفع لهم أنبياؤهم كما قال سبحانه ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ومن ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴿والكافرون هم الظالمون﴾ إنما ذم الله الكافر بالظلم وإن كان الكفر أعظم منه لأمرين
(أحدهما) الدلالة على أن الكافر ضر نفسه بالخلود في النار فقد ظلم نفسه
(والآخر) أنه لما نفي البيع في ذلك اليوم والخلة والشفاعة وأخبر أنه قد حرم الكافر هذه الأمور قال وليس ذلك بظلم منا بل الكافرون هم الظالمون لأنهم عملوا بأنفسهم ما استحقوا به حرمان هذه الأمور ووجه آخر في تخصيص الكافر بالظلم وهو إن ظلم الكافر هو غاية الظلم وليس يبلغ ظلم المؤمنين لأنفسهم وغيرهم مبلغ ظلم الكافرين ونظيره قول القائل فلان هو الفقيه في البلد وفلان هو الفاضل ويراد به تقدمه على غيره فيما أضيف إلي
ومن هنا يجب على الانسان أن يستعد الى يوم سفره ويوم رحيله هذا اليوم الذي يتبراء واحد من الاخر ويتبراء منك أقرب الناس لك كما وصف القرءان في هذه الاية وفي امثالها
قال الله تعالى { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ){ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ(
نسئل الله جميعآ أن يتثبل عملنا ويبيض وجوهنا أمام أهل البيت عليهم السلام
ولا يخزينا بذنوبنا أمام الخلائق بحق محمد واله الاطهار
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
اللهم عجل لوليك الفرج
______
المصادر
مجمع البيان
تفسير القمي
· هذا المقطع الثالث من الاية الشريفة يتحدث عن جانب مهم وقضية مهمة وهي السفر الا الاخرة
· ولاكن قبل أن ندخل في تفسير العلماء لهذه الاية المباركة نخوض قليلا في هذه الكلمة التي ذكرت في القرءان اكثر من مره وعلى معنيين فمرة ذكرت بيع ومره ذكرت بمعنى الشراء ولاكن ننضر اليها في هذه الاية ما المقصود بها
البيع لغة
البيع هو استبدال المتاع بالثمن والبيع نقيض الشراء والبيع أيضا الشراء لأنه تارة عقد على الاستبدال بالثمن وتارة على الاستبدال بالمتاع والبيع الصفقة على إيجاب البيع
والبيعة الصفقة على إيجاب الطاعة والبيعان البائع والمشتري .
وأما الخلة خالص المودة.
والخليل الخالص المودة من الخلة لتخلل الأسرار بينهما وقيل لأنه يمتنع من الشوب في المودة بالنقيصة والخليل أيضا المحتاج من الخلة والخل معروف لتخلله بحدته ولطفه فيما ينساب فيه والخل الرجل الخفيف الجسم والخل الطريق في الرمل وفي فلان خلة رائقة أي خصلة والخلة جفن السيف وقد ذكرنا معنى الشفاعة عند قوله ولا يقبل منها شفاعة.
لما قص الله سبحانه أخبار الأمم السابقة وثبت رسالة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) عقبه بالحث على الطاعة فقال ﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ أي صدقوا محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيما جاء به ﴿أنفقوا مما رزقناكم﴾ قيل أراد به الفرض كالزكاة ونحوها دون النفل لاقتران الوعيد به عن الحسن ولأن ظاهر الأمر يقتضي الإيجاب وقيل يدخل فيه النفل والفرض عن ابن جريج واختاره البلخي وهو الأقوى لأنه أعم ولأن الآية ليس
فيها وعيد على ترك النفقة وإنما فيها إخبار عن عظم أهوال يوم القيامة وشدائدها ﴿من قبل أن يأتي يوم﴾ أي يوم القيامة ﴿لا بيع فيه﴾ أي لا تجارة ﴿ولا خلة﴾ ورد في تفسير القمي في تفسير هذه الاية المباركة انه قال ( أي صداقة) وورده في تفسير مجمع البيان في تفسيرها أي ولا صداقة لأنهم بالمعاصي يصيرون أعداء وقيل لأن شغله بنفسه يمنع من صداقة غيره وهذه كقوله الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ﴿ولا شفاعة﴾ أي لغير المؤمنين مطلقا فأما المؤمنون فقد يشفع بعضهم لبعض ويشفع لهم أنبياؤهم كما قال سبحانه ولا يشفعون إلا لمن ارتضى ومن ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ﴿والكافرون هم الظالمون﴾ إنما ذم الله الكافر بالظلم وإن كان الكفر أعظم منه لأمرين
(أحدهما) الدلالة على أن الكافر ضر نفسه بالخلود في النار فقد ظلم نفسه
(والآخر) أنه لما نفي البيع في ذلك اليوم والخلة والشفاعة وأخبر أنه قد حرم الكافر هذه الأمور قال وليس ذلك بظلم منا بل الكافرون هم الظالمون لأنهم عملوا بأنفسهم ما استحقوا به حرمان هذه الأمور ووجه آخر في تخصيص الكافر بالظلم وهو إن ظلم الكافر هو غاية الظلم وليس يبلغ ظلم المؤمنين لأنفسهم وغيرهم مبلغ ظلم الكافرين ونظيره قول القائل فلان هو الفقيه في البلد وفلان هو الفاضل ويراد به تقدمه على غيره فيما أضيف إلي
ومن هنا يجب على الانسان أن يستعد الى يوم سفره ويوم رحيله هذا اليوم الذي يتبراء واحد من الاخر ويتبراء منك أقرب الناس لك كما وصف القرءان في هذه الاية وفي امثالها
قال الله تعالى { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلصَّآخَّةُ } * { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ } * { وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ } * { وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ } * { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } * { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ } * { ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ } * { وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ } * { تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ){ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَفَرَةُ ٱلْفَجَرَةُ(
نسئل الله جميعآ أن يتثبل عملنا ويبيض وجوهنا أمام أهل البيت عليهم السلام
ولا يخزينا بذنوبنا أمام الخلائق بحق محمد واله الاطهار
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد واله الطاهرين
اللهم عجل لوليك الفرج
______
المصادر
مجمع البيان
تفسير القمي
تعليق