بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين محمد واله الطاهرين
قال رسول الله صلى الله عليه واله :
(( إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك ))[1]
وقد ورد المقطع الأخير من الحديث بصياغات متعددة أخرى ، فقد جاء في بعض المصادر :
((ومن تخلف عنها زُخَّ به في النار ))
ورواه بعضهم بهذه الصياغة :
(( ومن تخلف عنها زُجَّ في النار ))
وفي البعض الآخر :
(( ومن تخلف عنها هلك ))
ولكن مضمون الحديث في الجميع واحد ،
لقد قام رسول الله صلى الله عليه واله بالاستفادة من التشبيهات والأمثال المختلفة لبيان منزلة اهل البيت عليهم السلام والإرشاد الى امامتهم ، كما شبه امير المؤمنين عليه السلام بالأنبياء السابقين وشبه اهل البيت بالنجوم وموارد اخرى من هذا القبيل ، وفي هذا الحديث يشبه رسول الله صلى الله عليه واله أهل البيت عليهم السلام بسفينة نوح ،
وعلى اساس ايات القران المجيد ، فإن الله تعلى عندما اراد ان ينزل العذاب على امة نوح ، أمره بأن يصنع السفينة ليركب فيها المؤمنون ، ثم صار الطوفان وغطى سطح الأرض بكاملها حتى المرتفعات ، فلم ينجُ الا المؤمنون وهلك من تخلف عن الركوب .
بالألتفات الى هذه القصة القرآنية ، يظهر بوضوح معنى حديث رسول الله صلى الله عليه واله ، فعلى اساس هذا الحديث يكون طوفان الفتنة قد عم كل العالم ولم ينج من الفتنة الّا من تمسك بأهل البيت عليهم السلام عملاً بوصية رسول الله صلى الله عليه واله ، فكما لم يكن لقوم نوح من ملجأ الّا السفينة فكذلك الامة الاسلامية لا ملجأ لها ولا مخلص الا التمسك بأهل البيت عليهم السلام ،
وهنا وجهان من الشبه بين سفينة نوح واهل البيت عليهم السلام :
أ – جاء في قصة سفينة نوح ، قوله تعالى :
((وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ ))
ثم يقول تعلى اشاراة الى ابن نوح :
(({وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ
مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ
أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ
مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ}
[هود: 41-47].
ب – وجه تشبيه اهل البيت بسفينة نوح حيث ورد التشبيه الصريح في هذه الآيات حيث لا منجي ولا مخلص لأمة نوح الا السفينة فحتى رابطة الأبوة والبنوة لا تغني شيئاً اذا تجردت عن الأيمان ، فكذلك الحال في امة رسول الله صلى الله عليه واله فلا منجى من الهلكة والشقاء والضلال إلّا بالأهداء الى سفينة اهل البيت عليهم السلام والركوب فيها للوصول الى ساحل النجاة.
اللهم بحق محمد وال محمد نجنا من الغرق والهلكة بالركوب في سفينة اهل البيت عليهم السلام
[1] - المعجم الصغير 1/139 كنز العمال 12/94
تعليق