بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
(إن لهذا الكلام وجهين)
*محمد بن أبي عبدالله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات(1) في كتابه؟ وأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبوجعفر (عليه السلام): إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول: هي هو أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وإن كنت تقول: هذه الصفات والاسماء لم تزل فإن " لم تزل " محتمل معنيين فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها، فنعم، وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شئ غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره(2) وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل.
والاسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، وإنما يختلف وتأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف ولا الله قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته، لان ما سوى الواحد متجزئ والله واحد لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له. فقولك. إن الله قديرخبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه وإذا أفنى الله الاشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالماً.
فقال الرجل: فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالاسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لانه لا يخفى عليه ما يدرك بالابصار، من لون أو شخص او غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة المعين، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشئ اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للفساد والحدب على نسلها(3)، وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف، وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر، ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الاوهام أن تحده وعلى الضمائر أن تكونه، عزوجل عن أدات خلقه وسمات بريته وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
*علي بن محمد، ومحمد بن الحسن، عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا، عن أبي هشام الجعفري قال: سألت أبا جعفر الثاني عليه السلام: ما معنى الواحد؟ فقال: إجماع الالسن عليه بالوحدانية كقوله تعالى: " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ".
*محمد بن يحيى، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الله عزوجل أكان يعلم الاشياء قبل أن خلق الاشياء وكونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عند ما كون؟ فوقع بخطه: لم يزل الله عالما بالاشياء قبل أن يخلق الاشياء كعلمه بالاشياء بعد ما خلق الاشياء.
*علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم قال فيحديث الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السلام): أنه قال له: أتقول: إنه سميع بصير؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي: إنه سميع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض لان الكل لنا [له] بعض ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك كله الا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى.الاصول من الكافي الجزء الاول.
***
(بيان وحدة الصفات)
إنّ الراسخين في الحكمة الإلهية أرجعو الصفات الثبوتية إلى وصف واحد والصفات السلبية إلى سلب واحد ، كما ارجعوا الصفات الاضافية إلى اضافة واحدة وليس هذا الارجاع أمراً اعتبارياً ذهنيّاً بل التعليل العقلي يشهد بذلك مثلاً إنّ سلب الامكان عنه تعالى مبدأ لسائر السلوب فأنّ الجوهرية والعرضية والحدوث والحلول كلّها من لوازم الامكان فسلبه يلازم سلب كلّ هذه الصفات السلبية ، كما أنّ جميعالصفات الثبوتية من العلم والقدرة والحياة يرجع إلى أصل واحد وهو وجوب الوجود والوجود المتأكّد وقد عرفت أنّ المحقّق الطوسي استنتج من توصيفه سبحانه بالغني ، والوجود ، جميع الصفات الكمالية ، كما أنّ جميع الصفات الإضافية كالخالقية والرازقية والعلية ترجع إلى إضافة واحدة وهي اضافة القيّوميّة ، فانّ كونه بحيث يقوم به غيره من وجود أو حيثية وجودية عبارة اُخرىٰ عن قيّوميّته ، فالخلق والرزق والحياة والعزّة والهداية حيثيّات وجوديّة وهي قائمة به مفاضة من عنده.
فاتّضح أنّه يمكن الجمع بين الكمالين : كمال البساطة وكمال اتّصاف الذات بواقع الصفات الكماليّة بشرط أن تقف على موضع الوحدة ، وانّ المدّعى ليس اتحادها مع الذات في اطار المفهوم بل المدّعى اتّحاد واقعية الذات مع واقعيّة هذه الصفات في الخارج ، وكم له من نظير في عالم الأعيان .مفاهيم القرآن - ج ٦ ص 52 .الشيخ جعفر السبحاني
***
كتاب (عقائد الإمامية) للشيخ المظفّر(رحمه الله): إنّ هناك تقسيمات مختلفة للصفات الإلهية، منها: أنّها منقسمة إلى: الثبوتية، والسلبية.
وهذه الصفات الثبوتية أيضاً تنقسم بدورها إلى قسمين: صفات حقيقية محضة, وصفات إضافية محضة.
أمّا الصفات الحقيقية المحضة، فهي مثل: الحياة، والعلم، والسمع، والبصر، والإدراك، ونحوها، وهي تمتاز بشيئين:
1- إنّها ثابتة له سبحانه سواء كان هناك شيء آخر، أم لا, فهو سبحانه حي سواء كان هناك موجود آخر أم لا, وهو عالم بنفسه وبغيره سواء كان هناك موجود آخر أم لا, وهو قادر بنفسه سواء كان هناك شيء آخر أم لا... وهكذا.
2- أن يتّصف بها ولا يتّصف بأضدادها, فلا يقال: هو يعلم بكذا ولا يعلم بكذا, أو: يسمع كذا ولا يسمع كذا, وهكذا.
أمّا الصفات الإضافية المحضة, فهي مثل: الخالقية، والرازقية، والراحمية، ونحوها, وهي تمتاز بشيئين أيضاً:
1- إنّها توجد بلحاظ وجود شيء آخر, فهو سبحانه يسمّى: خالقاً، عند خلقه للمخلوقات, ويسمّى: رازقاً، عند رزقه للمخلوقات، وهكذا.. فهي صفات تثبت له سبحانه بالإضافة إلى شيء آخر.
2- أنّه يتّصف بها سبحانه ويتّصف بأضدادها.. فيمكن أن يقال: أنّه سبحانه خلق كذا ولم يخلق كذا, ورزق هذا الشيء ولم يرزق ذاك، وهكذا.
وأمّا الصفات السلبية, والتي تسمّى بـ(صفات الجلال)، أي: يجلّ الله سبحانه ويترفّع أن يتّصف بها، لأنّ لازمها: إثبات النقص والفقر المنفيان عنه سبحانه، كالجسمية، والحركة، والسكون، والثقل، والخفّة، ونحوها.. والتي ترجع إلى سلب واحد، هو: سلب الإمكان عنه.
وفي معنى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية هو: رجوع صفة ثبوتية مثل العلم إلى صفة سلبية هي عدم الجهل, وصفة ثبوتية مثل القدرة إلى صفة سلبية هي عدم العجز.. وهلم جرّا. مع أنّ الصفات السلبية ترجع جميعها إلى سلب الإمكان عنه.
أو قل: سلب كلّ نقص عنه سبحانه وتعالى، مثل: سلب الجسمية، وسلب السكون، وسلب الحركة، وسلب الثقل، وسلب الخفّة.. وهكذا، وسلب الإمكان يرجع في الحقيقة إلى وجوب الوجود.
والمتعجَّب منه في قول الشيخ المظفّر هو: الصدوق(رحمه الله)؛ عندما قال في كتابه (الاعتقادات): ((كلّ ما وصفنا الله تعالى به من صفات ذاته، فإنّما نريد بكلّ صفة منها نفي ضدّها عنه تعالى)). الاعتقادات في دين الإمامية: 27 باب الاعتقاد في صفات الذات وصفات الأفعال.
*محمد بن يحيى، عن سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى، عن أيوب بن نوح أنه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الله عزوجل أكان يعلم الاشياء قبل أن خلق الاشياء وكونها أو لم يعلم ذلك حتى خلقها وأراد خلقها وتكوينها فعلم ما خلق عندما خلق وما كون عند ما كون؟ فوقع بخطه: لم يزل الله عالما بالاشياء قبل أن يخلق الاشياء كعلمه بالاشياء بعد ما خلق الاشياء.
*علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو، عن هشام بن الحكم قال فيحديث الزنديق الذي سأل أبا عبدالله (عليه السلام): أنه قال له: أتقول: إنه سميع بصير؟ فقال أبوعبدالله عليه السلام: هو سميع بصير سميع بغير جارحة وبصير بغير آلة بل يسمع بنفسه ويبصر بنفسه وليس قولي: إنه سميع بنفسه أنه شئ والنفس شئ آخر ولكني أردت عبارة عن نفسي إذ كنت مسؤولا وإفهاما لك إذ كنت سائلا فأقول يسمع بكله لا أن كله له بعض لان الكل لنا [له] بعض ولكن أردت إفهامك والتعبير عن نفسي وليس مرجعي في ذلك كله الا أنه السميع البصير العالم الخبير بلا اختلاف الذات ولا اختلاف معنى.الاصول من الكافي الجزء الاول.
***
(بيان وحدة الصفات)
إنّ الراسخين في الحكمة الإلهية أرجعو الصفات الثبوتية إلى وصف واحد والصفات السلبية إلى سلب واحد ، كما ارجعوا الصفات الاضافية إلى اضافة واحدة وليس هذا الارجاع أمراً اعتبارياً ذهنيّاً بل التعليل العقلي يشهد بذلك مثلاً إنّ سلب الامكان عنه تعالى مبدأ لسائر السلوب فأنّ الجوهرية والعرضية والحدوث والحلول كلّها من لوازم الامكان فسلبه يلازم سلب كلّ هذه الصفات السلبية ، كما أنّ جميعالصفات الثبوتية من العلم والقدرة والحياة يرجع إلى أصل واحد وهو وجوب الوجود والوجود المتأكّد وقد عرفت أنّ المحقّق الطوسي استنتج من توصيفه سبحانه بالغني ، والوجود ، جميع الصفات الكمالية ، كما أنّ جميع الصفات الإضافية كالخالقية والرازقية والعلية ترجع إلى إضافة واحدة وهي اضافة القيّوميّة ، فانّ كونه بحيث يقوم به غيره من وجود أو حيثية وجودية عبارة اُخرىٰ عن قيّوميّته ، فالخلق والرزق والحياة والعزّة والهداية حيثيّات وجوديّة وهي قائمة به مفاضة من عنده.
فاتّضح أنّه يمكن الجمع بين الكمالين : كمال البساطة وكمال اتّصاف الذات بواقع الصفات الكماليّة بشرط أن تقف على موضع الوحدة ، وانّ المدّعى ليس اتحادها مع الذات في اطار المفهوم بل المدّعى اتّحاد واقعية الذات مع واقعيّة هذه الصفات في الخارج ، وكم له من نظير في عالم الأعيان .مفاهيم القرآن - ج ٦ ص 52 .الشيخ جعفر السبحاني
***
كتاب (عقائد الإمامية) للشيخ المظفّر(رحمه الله): إنّ هناك تقسيمات مختلفة للصفات الإلهية، منها: أنّها منقسمة إلى: الثبوتية، والسلبية.
وهذه الصفات الثبوتية أيضاً تنقسم بدورها إلى قسمين: صفات حقيقية محضة, وصفات إضافية محضة.
أمّا الصفات الحقيقية المحضة، فهي مثل: الحياة، والعلم، والسمع، والبصر، والإدراك، ونحوها، وهي تمتاز بشيئين:
1- إنّها ثابتة له سبحانه سواء كان هناك شيء آخر، أم لا, فهو سبحانه حي سواء كان هناك موجود آخر أم لا, وهو عالم بنفسه وبغيره سواء كان هناك موجود آخر أم لا, وهو قادر بنفسه سواء كان هناك شيء آخر أم لا... وهكذا.
2- أن يتّصف بها ولا يتّصف بأضدادها, فلا يقال: هو يعلم بكذا ولا يعلم بكذا, أو: يسمع كذا ولا يسمع كذا, وهكذا.
أمّا الصفات الإضافية المحضة, فهي مثل: الخالقية، والرازقية، والراحمية، ونحوها, وهي تمتاز بشيئين أيضاً:
1- إنّها توجد بلحاظ وجود شيء آخر, فهو سبحانه يسمّى: خالقاً، عند خلقه للمخلوقات, ويسمّى: رازقاً، عند رزقه للمخلوقات، وهكذا.. فهي صفات تثبت له سبحانه بالإضافة إلى شيء آخر.
2- أنّه يتّصف بها سبحانه ويتّصف بأضدادها.. فيمكن أن يقال: أنّه سبحانه خلق كذا ولم يخلق كذا, ورزق هذا الشيء ولم يرزق ذاك، وهكذا.
وأمّا الصفات السلبية, والتي تسمّى بـ(صفات الجلال)، أي: يجلّ الله سبحانه ويترفّع أن يتّصف بها، لأنّ لازمها: إثبات النقص والفقر المنفيان عنه سبحانه، كالجسمية، والحركة، والسكون، والثقل، والخفّة، ونحوها.. والتي ترجع إلى سلب واحد، هو: سلب الإمكان عنه.
وفي معنى رجوع الصفات الثبوتية إلى الصفات السلبية هو: رجوع صفة ثبوتية مثل العلم إلى صفة سلبية هي عدم الجهل, وصفة ثبوتية مثل القدرة إلى صفة سلبية هي عدم العجز.. وهلم جرّا. مع أنّ الصفات السلبية ترجع جميعها إلى سلب الإمكان عنه.
أو قل: سلب كلّ نقص عنه سبحانه وتعالى، مثل: سلب الجسمية، وسلب السكون، وسلب الحركة، وسلب الثقل، وسلب الخفّة.. وهكذا، وسلب الإمكان يرجع في الحقيقة إلى وجوب الوجود.
والمتعجَّب منه في قول الشيخ المظفّر هو: الصدوق(رحمه الله)؛ عندما قال في كتابه (الاعتقادات): ((كلّ ما وصفنا الله تعالى به من صفات ذاته، فإنّما نريد بكلّ صفة منها نفي ضدّها عنه تعالى)). الاعتقادات في دين الإمامية: 27 باب الاعتقاد في صفات الذات وصفات الأفعال.
-------------------------------
(1) الظاهر أن المراد بالاسماء ما دل على الذات من غير ملاحظة صفة وبالصفات ما دل على الذات مع ملاحظة الاتصاف بصفة. (آت)(2) وهي ذكره بالضمير أي يذكر بها والمذكور بالذكر قديم والذكر حادث. (آت).[*]
(3) اي لعلمه بموضع النشوء منها من نشأ ينشأ بمعنى النماء والسفاد بكسر السين نزو الذكر على الانثى والحدب باهمال الحاء والدال وبالتحريك العطف والشفقة، وإقام بعضها بكسر الهمزة أي: كونه مقيما قواما قويا عليه قائما بأموره حافظا لاحواله. (في) [*]
تعليق