بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
ان الانسان الذي لم يتأدب يكون عالة على نفسه وعبئاً ثقيلاً على الاخرين الذين سوف ينالهم منه الضرر ،فالذي لايعرف الادب ولا التأدب قد يلقي بحجر في بئر فلا يستطيع العقلاء اخراجه من تلك البئر وبذلك يعم الجميع ضرر وخسارة
ان الاسلام يأمر الوالدين بضرورة تأديب الابناء تأديباً كلياً
فعلى الاب والام تعليم ابنائهم بشكل عملي بعد التعليم النظري
فالولد عندما يرى والديه يؤديان الصلوات مثلا ولايكذبان وماالى ذلك من الافعال الحميدة يبدا هو بالاقتداء بهما
فيجبـ عقلا وشرعا ًـ على الآباء والاُمّهات أن يبذلوا كلّ ما في وسعهم من أجل تربية أرواح أولادهم ، وتهذيب أخلاقهم ، وتصفية بواطنهم ، وتنوير قلوبهم ، وتعليمهم الآداب الفردية والاجتماعية ، وذلك منذ نعومة أظفارهم ، فإنّ العلم في الصغر كالنقش على الحجر ، ومن أتعب نفسه أيام شبابه استراح أيام شيبته .
1ـ يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الإمام الحسن (عليه السلام) : إنّما قلب الحدث ـ أي الشاب المراهق ـ كالأرض الخالية ما اُلقي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبّك .
وهذا يعني أنّه لا بدّ من المبادرة والسرعة في تعليم الأولاد وتأديبهم ; لأنّ القلب سرعان ما يقسو ، وإنّما قساوة القلب يكون بالذنوب ، أي قبل أن يذنب الطفل ويصل إلى سنّ التكليف والرشد على الوالد أن يبادره بالأدب ، وقبل أن يشتغل فكره وتأخذه العواصف يميناً وشمالا على الوالد أن يبادره بالعلم . فإنّ قلب الحدث الطفل أو الشاب المراهق كالأرض الخالية من الزرع ، وهي خصبة وقابلة لكلّ زرع ، فإن زرعته حنطة فإنّما تحصد الحنطة التي تقوّي الإنسان وتنشّطه ، وإذا زرعت الحنظل فإنّك تحصد الحنظل المرّ ، وهذه من سنن الحياة والطبيعة ، فلا بدّ من الأدب الصالح والعلم النافع في السنين الاُولى من حياة الأولاد .
2ـ يقول لقمان لولده : يا بني ، إن تأدّبت صغيراً ، انتفعت به كبيراً.
وهذا النفع لا ينحصر على من تأدّب بل ينتفع به الآخرون أيضاً ، كما لا ينحصر بالدنيا بل حتّى ينتفع منه الإنسان في الآخرة أيضاً .
3ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : لا يزال المؤمن يورث أهل بيته العلم والأدب الصالح حتّى يدخلهم الجنّة ، حتّى لا يفقد فيها منهم صغيراً ولا كبيراً ولا خادماً ولا جاراً .
ولا يزال العبد العاصي يورث أهل بيته الأدب السيّئ ، حتّى يدخلهم النار جميعاً ، حتّى لا يفقد فيها منهم صغيراً ولا كبيراً .
وهذا يعني أنّ فاقد الشيء لا يعطيه ، فمن كان فاقد الإيمان والآداب وكان من العصاة ، فكيف يمكن أن يعطي لغيره الإيمان والأدب ؟ وكيف يورث أهل بيته الأدب الصالح والعلم النافع ؟ ! بل سيورثهم الأدب السيّئ ، ونتيجة ذلك وما يحصده هو دخول النار ، وبعبارة اُخرى : الشقاوة ، لأنّ الذين شقوا ففي النار هم فيها خالدون ، كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد : ( فَأمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ ) .
أمّا المؤمن بالله ورسله واليوم الآخر فإنّه لا يزالـ وهذا يعني الاستمرار في العملـ يورث أهل بيته العلم والأدب الصالح فيجمع شملهم حتّى يدخل الجميع الجنّة ، أي يسعدون في حياتهم وبعد مماتهم ، فإنّ الله سبحانه يقول : ( وَأمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الجَنَّةِ ).
فالأدب يوجب السعادة في الدنيا والآخرة .
4ـ قال الإمام الصادق (عليه السلام) : لمّا نزلت هذه الآية الشريفة : ( يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أنفُسَكُمْ وَأهْلِيكُمْ نَاراً ) قال الناس : كيف نقي أنفسنا وأهلنا ؟ قال : اعملوا الخير وذكّروا به أهليكم وأدّبوهم على طاعة الله .
فالإنسان عليه أن يبدأ بنفسه أوّلا فيعمل الخير ، ومن ثمّ يذكّر أهل بيته بالخيرات والإحسان ، ويؤدّبهم على طاعة الله ورسوله وعترته (عليهم السلام)
واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وال الطاهرين.
تعليق