
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : إن داود (عليه السلام) قال : يا رب أخبرني بقريني في الجنة ، ونظيري في منازلي .
فأوحى الله تعالى : إن ذلك متى ابو يونس . قال : فاستأذن الله عز وجل في زيارته ، فأذن له . فخرج داود وسليمان ابنه
صلى الله عليهما ، حتى أتيا موضعه ، فإذا هو ببيت من سعف ، قيل لهما : هو في السوق . فسألا عنه أهل السوق فقيل
لهما : أطلباه في الحطابين . فقال لهما جماعة من الناس : نحن ننتظره ، الآن يجيء .
فجلسنا ينتظرانه ، إذ أقبل وعلى رأسه وِقر من حطب . فقام إليه الناس ، فألقى عنه الحطب ، وحمد الله وقال : من يشتري طيباً
بطيب ؟ فساومه واحد وزاده آخر ، حتى باعه من بعضهم .
قال : فسلما عليه ، فقال لهما : انطلقا بنا إلى المنزل ، واشترى طعاماً بما كان معه ، ثم طحنه وعجنه في نقير له ، ثم أجج ناراً
وأوقدها ، ثم جعل العجين في تلك النار ، وجلس معهما يتحدث .
ثم قام وقد نضجت خبزته ، فوضعها في النقير وفلقها ، وذر عليها ملحاً ، ووضع إلى جنبه مطهرة مُلئت ماء . وجلس على
ركبتيه وأخذ لقمة ، فلما رفعها إلى فيه ، قال : بسم الله . فلما ازدردها (أي بلعها) قال : الحمد لله . ثم فعل ذلك بأخرى وأخرى .
ثم اخذ الماء فشرب منه ، فذكر اسم الله . فلما وضعه قال : الحمد لله رب العالمين . يارب ! من ذا الذي أنعمتَ عليه فأوليته
مثل ما أوليتني ! قد صححت بدني وبصري وسمعي ، وقويتني حتى ذهبت إلى شجر لم أغرسه ولم أهتم لحفظه ، جعلته لي رزقاً .
وسقت إلي من اشتراه مني ، فاشتريت بثمنه طعاماً لم أزرعه ، وسخرت لي النار فأنضجته . وجعلتني آكله بشهوة أقوى به
على طاعتك ، فلك الحمد . قال : ثم بكى .
قال داود لسليمان : قم فانصرف بنا ، فإني لم أرَ عبداً قط أشكر لله عز وجل من هذا ، صلى الله عليهم أجمعين .
**************

تعليق