من مميزات العقل الفرز والتميز
بسم الله الرحمن الرحيم
{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ }الزمر18
يظهر من الآيات القرآنية والأحاديث المروية عن اهل البيت عليهم السلام
هو فرز الكلام الصادق عن الكاذب والضعيف عن القوي والمنطقي عن غير المنطقي أي أن يقوم بعملية غربلة الكلام .
لذلك ينبغي على كل مؤمن أن يزن كل كلام يسمعه فيأخذ منه المفيد ، يرمي ما لا ينفع ويحتفظ بما ينفع وفي رواية عن الرسول محمد (ص) انه قال : {كفى بالمرء جهلاً يحدث بكل ما يسمع ) أي ينبغي على الإنسان العاقل ان لا يروي كل ما يسمع أو يقرأ بل يجب عليه التدقيق في الرواية أو في الكلام الذي يسمعه.
والأ نتقادات التي وجهها علماء الأجتماع مثل أبن خلدون في مقدمة التاريخ لبعض المؤرخين ، هو أنهم يبحثون عن صحة السند فقط في نقلهم للتاريخ ، فيقول : قبل هذا ينبغي أن نبحث في صحة المضمون فلابد
أولاً - من التفكر في هذا المطلب - هل ينسجم مع المنطق او أنه لا ينسجم ـ
ويعطينا مثلا لذلك ، يقول : إنهم كتبوا أنه عندما أجتاز قوم موسى (ع) البحر تعقبهم الفراعنة ، كانوا مئتين وخمسين الف رجل محارب فلابد من تمحيص هذا الأمر فأن بني إسرائيل كلهم أولاد يعقوب وهو شخص واحد ولم يمض عليه خمسة أو تسعة اظهر (164) سنة
فلوا قلنا أن عددهم (250,000) الف رجل محارب فلابد َّ أن يكون عددهم في الأصل مليون شخص ربعهم جنود مع فرعون ومع ذلك كان فرعون يقتل أبنائهم حيث قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} إبراهيم6.
يقول أبن خلدون أن المؤرخين لم يلتفتوا الى أن هذه الواقعة التي نقلوها تلائم المنطق أم لا؟
هناك مسألة أخرى قريبة من هذا المطلب هو تحليل الكلام وعزل العناصر الصحيحة عن العناصر غير صحيحة ففرق أن يأخذ الإنسان من كلامين الصحيح منهما ويهمل الآخر والفرق بين تجزئة الكلام ويأخذ العناصر الصحيحة ويفند العناصر الخاطئة أي تكون له القدرة على تشخيص الكلام الصحيح من الخاطئ , وتوجد احاديث بهذا الشأن , منها أن المسيح عليه السلام قال : {خذ الحق من أهل الباطل} والأظهر أنه يريد أن يقول : لا تلتفت الى القائل بل إلتفت الى نفس القول (كونوا نقاد للكلام )
بحار الأنوار ج2
اللهم صل على محمد وآل محمد
تعليق