بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
النصيحة حق على المؤمن لأخيه المؤمن .. ( الجزء الثاني )
تقدم الكلام في الجزء الأول في بعض الأحاديث التي تدعو وتحث على النصيحة وفي أهمية النصيحة للمؤمنين .
والنصيحة خلق وأمر ذاع صيحته وكثرت الأخبار بشأنه ، فقد أشتهر حديث وصف الدين بأنه هو النصيحة : ( الدين النصيحة ) وصار هذا حديث مشهور ، وقد وصل الأمر به بأنه أصبح أمر بديهي يعرفه الكل . ولذلك صار بذل النصيحة واجب على المؤمن لأخيه المؤمن ويجب عليه بذلها له ، وفي ذلك يقول الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم : (( المؤمن أخو المؤمن لا يدع نصيحته على كلِّ حال )) .
وللنصيحة ضوابط يجب العمل بها ويجب أن تأخذ بعين الاعتبار فمنها ما يتعلق بالمستنصح ومنها ما يتعلق بالناصح ، وقد ذكر الإمام زين العابدين هذا في ضمن الحقوق الكثيرة التي يذكرها في رسالته الشريفة ( رسالة الحقوق ) حيث جاء فيها : ( وحق المستنصح : أن تؤدي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة والرفق به ) .
وأما حق الناصح فهو : ( وحق الناصح : أن تلين له جناحك وتصغي إليه بسمعك فإن أتى بالصواب حمدت الله عز وجل ، وإن لم يوفق رحمته ولم تتهمه وعلمت أنه أخطأ ولم تؤاخذه بذلك إلا أن يكون مستحقا للتهمة فلا تعبأ بشيء من أمره على حال ولا قوة إلا بالله ) .
وأيضاً فإن من مضى في حاجة أخيه ويحمل له النصيحة فإن له جزاء كثير حسب ما جاء في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام حيث يقول : (( من مضى مع أخيه في حاجة فناصحه فيها ، جعل الله تعالى بينه وبين النار يوم القيامة سبعة خنادق ، والخندق ما بين السماء والأرض )) . وأيضا يصل الأمر بأن نجد بعض الروايات تعتبر النصيحة مع القدرة عليها وعدم بذلها خيانة ، فعن الإمام الصادق عليه السلام : (( من مشى مع أخيه المؤمن في حاجة فلم يناصحه فقد خان الله ورسوله )) .
والنصيحة فيها جانب كبير من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واللذان هما من أعظم الفرائض ، ومن فروع الدين ، فيقول الإمام الباقر عليه السلام : (( إنَّ الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، سبيل الأنبياء ، ومنهاج الصلحاء ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحل المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمر الأرض ، وينتصف من الأعداء ( بإرجاع الحقوق إلى أصحابها ) ، ويستقيم الأمر )) .
ويقول الإمام الجواد عليه السلام : ( المؤمن يحتاج إلى : توفيق من الله ، وواعظٍ من نفسه ، وقبولٍ ممن ينصحه ) .
وقال الإمام الشافعي :
تعمدني بنصحك فـي انفراد **** وجنبني النصيحة فـي الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع **** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري **** فلا تجــزع إذا لم تعـط طاعـــة
وفق الله جميع المؤمنين على بذل النصيحة لأخوانهم المؤمنين ، ووفق الله المستمعين للنصيحة على الأخذ بها إن كانت مستوفية للحق ولما هو مطلوب .
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله الغر الميامين وسلم تسليماً كثيرا .
تعليق