بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
أبوالحسن موسى بن جعفر الكاظم
(عليهماالسلام)
سابع أئمّة أهل البيت الطاهر ،ولد بالأبواء بين مكة والمدينة يوم الأحد في ٧ صفر سنة ١٢٨ واستشهد بالسم في سجن الرشيد..
يعرف بالعبد الصالح ، وبالكاظم ، والصابر ، والأمين..لقد أخذا الأمام محلاً من نفوس شيعته ومحبيه والموالين لهفكن اعتمد الإمام على ترسيخ مبدأ الأئمة ألاثني عشر، واعتمد أيضا عليه السلام في أداء الدور ألر سالي في توجيه الناس أخلاقيّاً وعباد ياً وركّز على التعليم العقائد والفقه فكان دوره الهام والتوجيه الأمة ومحاربة الفساد ضد رغبات ألطغاة والإجابة على الأسئلة الدينية والمناظرات فيظهر الحق على يديه فكل هذا لا يروق لدولة الحاكمة فحساد النعم لم يحتملوا على الأمام فمن عرف الأمام فصار من ألمواليه ومنهم من عرفه وعاداه حسدالهفكان الواشون يسعوا إلى بلاط الحاكم بالفتن حتى يحصلوا على بعض الدراهم والدنانير فكان قتل الأمام غاية في النفوس المريضة وبقى الأمام يتحمل ويتصبر من الواشون والحساد والباغين عليه إلى أن وصل بهم الحد فقبض عليه جلاوزت هارون العين وحمله من طامورت إلى أخرى والتي كان سلام الله عليه لم يعرف ليله من نهاره ولم يقر لهم قرار حتى وضعوا له السم في الرطب فأسرى في بدأنه وقضى رحمه الله..
افتخاره:
* وروى الخطيب في تاريخ بغداد بسنده قال : حجّ هارون الرشيد فأتى قبر النبي (صلىاللهعليهوآله) زائراً وحوله قريش ومعه موسى بن جعفر ولمّا انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول اللّه يابن عمّي ـ افتخاراً على من حوله ـ ، فدنى موسى بن جعفر فقال : (السلام عليك) يا أبة ، فتغيّر وجه الرشيد وقال : هذا الفخريا أبا الحسن حقّاً (وفيات الأعيان ٥ / ٣٠٩.)
نسبه:
*حكي انّ الرشيد سأله يوماً : كيف قلتم نحن ذرّية رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنتم بنو علي وانّما ينسب الرجل إلى جدّه لأبيه دون جدّه لاُمّه؟ فقال الكاظم (عليهالسلام) : أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم بِسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم : ( ومِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسلَيْمانَ وأيُّوبَ ويُوسُفَ ومُوسى وهرون وَكَذلكَ نَجْزِى الُمحْسِنِينَ * وَزكريّا وَيحْيى وعيسى وألْياسَ ... ) وليس لعيسى أب إنّما اُلحق بذريّة الأنبياء من قبل اُمّه وكذلك اُلحقنا بذريّة النبي من قبل اُمّنا فاطمة الزهراء ، وزيادة اُخرى يا أميرالمؤمنين : قال اللّه عزّوجلّ : ( فَمَنْ حاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعدِ جاءكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوا نَدْعُ أبناءَكُمْ ونِساءَنا ونِساءَكُمْ وأنْفُسَنا وأنفُسَكُمْ ثمَّ نَبْتَهِلْ ... ) ولم يدع صلىاللهعليهوآلهوسلم عند مباهلة النصارى غير علي وفاطمة والحسن والحسين وهما الأبناء (الفصول المهمة ٢٣٨ ، والآيتان من سورتي الأنعام ٨٤ وآل عمران ٦١.)..
أخلاق :
*وروى أبو الفرج الاصفهاني : حدثنا يحيى بن الحسن قال : كان موسى من جعفر إذا بلغه عن الرجل ما يكره بعث إليه بصرّة دنانير. وكان صراره ما بين الثلاثمائة وإلى المائتين دينار ، فكانت صرار موسى مثلا.
وقال : إنّ رجلا من آل عمر بن الخطاب كان يشتم علي بن أبي طالب إذا رأى موسى بن جعفر ، ويؤذيه إذا لقيه ، فقال له بعض مواليه وشيعته : دعنا نقتله ، فقال : لا ، ثمّ مضى راكباً حتّى قصده في مزرعة له فتواطأها بحماره ، فصاح : لا تدس زرعنا.
فلم يصغ إليه وأقبل حتّى نزل عنده فجلس معه وجعل يضاحكه ، وقال له : كم غرمت على زرعك هذا؟ قال : مائة درهم ، قال : فكم ترجو أن تربح؟ قال : لا أدري ، قال : إنّما سألتك كم ترجو. قال : مائة اُخرى. قال : فأخرج ثلاثمائة دينار فوهبه له فقام فقبّل رأسه ، فلمّا دخل المسجد بعد ذلك وثب العمري فسلّم عليه وجعل يقول : اللّه أعلم حيث يجعل رسالته.
وكان بعد ذلك كلّما دخل موسى خرج وسلّم عليه ويقوم له. فقال موسى لجلسائه الذين طلبوا قتله : أيّما كان خيراً ما أردتم أو ما أردت؟ (مقاتل الطالبيين ٤٩٩ ـ ٥٠٠ ، تاريخ بغداد ١٣ / ٢٨.).
علمه:
*في تحف العقول للحسن بن علي بن شعبة : قال أبو حنيفة : حججت في ايام أبي عبداللّه الصادق (عليهالسلام) فلمّا أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي فقلت : يا غلام أين يضع الغريب الغائط من بلدكم؟ قال : على رسلك. ثمّ جلس مستنداً إلى الحائط ، ثمّ قال : توقَّ شطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وأفنية المساجد ، وقارعة الطريق ، وتوار خلف جدار ، وشل ثوبك ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها وضع حيث شئت ، فأعجبني ما سمعت من الصبي فقلت له : ما اسمك؟ فقال : أنا موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. فقلت له : يا غلام ممّن المعصية؟ فقال : إنّ السيّئات لاتخلو من احدى ثلاث : إمّا أن تكون من اللّه وليست من العبد فلا ينبغي للرب أن يعذّب العبد على ما لا يرتكب ، وإمّا أن تكون منه ومن العبد وليست كذلك فلا ينبغي للشريك القوي أن يظلم الشريك الضعيف ، وإمّا أن تكون من العبد وهي منه ، فإن عفا فكرمه وجوده وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته ، قال أبو حنيفة : فانصرفت ولم ألق أبا عبداللّه واستغنيت بما سمعت. ورواه ابن شهر آشوب في المناقب نحوه إلاّ أنّه قال : يتوارى خلف الجدار ويتوقّى أعين الجار وقال : فلمّا سمعت هذا القول منه نبل في عيني ، وعظم في قلبي. وقال في آخر الحديث : فقلت : ذرّية بعضها من بعض.تحف العقول ٣٠٣ ، المناقب لابن شهر آشوب ٤ / ٣١٤..
حد فدك:
*ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار أنّ هارون كان يقول لموسى بن جعفر : خذ فدكاً ـ وهو يمتنع عليه ـ ، فلمّا ألحّ عليه قال : ما آخذها إلاّ بحدودها قال : وما حدودها؟ قال : الحد الأوّل عدن ـ فتغيّر وجه الرشيد ـ قال : والحد الثاني؟ قال : بسمرقند ـ فأربد وجهه ـ قال : والحد الثالث؟ قال : أفريقيا قال : والحد الرابع؟ قال : سيف البحر ممّا يلي الخزر وأرمينيا فقال هارون : فلم يبق لنا شيء فتحوّل من مجلسي فقال موسى : قد أعلمتك انّي إن حدّدتها لم تردّها. فعند ذلك عزم على قتله واستكفى أمره.
(الزمخشري : ربيع الأبرار ، كما في أعيان الشيعة ٢ / ٨.).
عبادته وبكائه من خشية الله :
٣ ـ كان يصلّي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح ثمّ يعقّب حتّى تطلع الشمس ويخرّ للّه ساجداً فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتّى يقرب زوال الشمس وكان يدعو كثيرا. فيقول : اللّهمّ إنّي أسألك الراحة عند الموت ، والعفو عند الحساب ، ويكرّر ذلك ، وكان من دعائه عليهالسلام: عظم الذنب من عبدك ، فليحسن العفو من عندك وكان يبكي من خشية الله حتّى تخضل لحيته بالدموع وكان أوصل الناس لأهله ورحمه وكان يتفقّد فقراء المدينة في الليل فيحمل إليهم الزنبيل فيه العين والورق والادقة والتمور فيوصل إليهم ذلك ولا يعلمون من أي جهة هو ( المفيد : الارشاد ٢٩٦).
الحكام المعاصرون للإمام عليهالسلام :
*تسنّم الإمام الكاظم (عليهالسلام) منصب الإمامة بعد شهادة أبيه الإمام الصادق عليهالسلام سنة ( ١٤٨ ه ) ، فعاصر في سني إمامته ( ١٤٨ ـ ١٨٣ ه ) أربعة من حكام بني العباس تتمثل في بقية ملك المنصور أبي جعفر ( ١٣٦ ـ ١٥٨ ه ) ، ثم ملك ابنه المهدي ( ١٥٨ ـ ١٦٩ ه ) ، ثم ملك ابنه الهادي موسى ( ١٦٩ ـ ١٧٠ ه ) ، ثم ملك أخيه هارون الملقب بالرشيد ( ١٧٠ ـ ١٩٣ ه ) .
وفاته ودفنه:
ولقد اتّفقت كلمة المؤرّخين على أنّه استشهد مسموماً في سجن السندي ابن شاهك بأمر من الرشيد وكان الخليفة يخاف من أن ينتشر خبر شهادته في بغداد ولأجل ذلك لمّا مات أدخل عليه الفقهاء ووجوه بغداد وفيهم الهيثم بن علي وغيره حتّى يشهدوا على أنّه مات بأجله ، واُخرج ووضع على الجسر ببغداد فنودي هذا موسى بن جعفر قد مات فانظروا إليه فجعل الناس يتفرّسون في وجهه وهو ميّت (مقاتل الطالبيين ٥٠٤).
واستُشهد الإمام الكاظم (عليهالسلام) بعد مضي ثلاث عشرة سنة من ملك هارون (١) مسموماً في حبس السندي بن شاهك يوم الجمعة لست بقين من رجب (2) ، وقيل : لست خلون من رجب سنة ( ١٨٣ ه ) ، وله من العمر نحو خمس وخمسين سنة (3) ، ودُفن بمدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش ، وهي مدينة الكاظمية حالياً.
--------------------------
1-وعلى رواية وفاته بسنة ( ١٨٦ ه ) يكون بعد مضي ١٥ سنة من حكم هارون..
2-وقيل : لخمس بقين من رجب ، تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧ ـ ٣٢ ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم / ابن الجوزي ٩ : ٨٨.
3- الإرشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢١٥ ، سير أعلام النبلاء / الذهبي ٦ : ٢٧٤.
1-وعلى رواية وفاته بسنة ( ١٨٦ ه ) يكون بعد مضي ١٥ سنة من حكم هارون..
2-وقيل : لخمس بقين من رجب ، تاريخ بغداد ١٣ : ٢٧ ـ ٣٢ ، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم / ابن الجوزي ٩ : ٨٨.
3- الإرشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٢١٥ ، سير أعلام النبلاء / الذهبي ٦ : ٢٧٤.
تعليق