
ومن قصص طلب العلم
تحمل الصعاب تصل الهدف
سافر لطلب العلم ولم يكن لديه مال كان فقيرا وبدأ دراسته الدينية بجد وكان يطالع ويقرأ إلى ساعة متأخرة من الليل مما كان يؤدي إلى انتهاء زيت السراج الذي كان يطالع على ضوئه ولفترة لم يكن يستطيع توفير ثمن زيت السراج رغم قلة السعر
هل يترك مطالعته ؟ هل يقللها ؟ انه لا يستطيع ذلك هل يشتري زيتا للسراج ؟انه لا يملك الثمن ولم يعدم وسيلة وإجابة فقد كان يرى أحيانا يطالع على سراج (المرحاض )حيث الروائح المزعجة وحيث برد الشتاء وبعوض الصيف إضافة إلى الإحراج الذي يلقاه من زملائه الطلبة حينما يأتون ويرونه على هذه الحالة ورغم كل ذلك كان صابرا ومثابرا ولهذا وصل إلى هدفه
كان ذلك الرجل هو العالم الجليل (ملا مهدي النراقي ) صاحب كتاب جامع السعادات وغيره من الكتب العظيمة ولولا اهتمامه الكبير بدراسته وعمله ما وصل إلى ما وصل
بدل قطع يده قبلوها
قيل انه كان لأحد شيوخ العمارة (وهي مدينة عشائرية في العراق)فلاحا فاتهم هذا الفلاح بالسرقة فأراد شيخ العشيرة المتنفذ في عشيرته أن يقطع يده فخافهم الفلاح على نفسه وفر منهم وهو يقول : إنكم اتهمتموني بما تريدون معه قطع يدي وهتك حرمتي
فلا خير بعد ذلك في البقاء معكم والمكث عندكم بل الخير في الرحيل عنكم والابتعاد منكم والاشتغال بطلب ما يعزز يدي عليكم ويحفظ كرامتي لديكم
وهكذا فعل فإنه كان رجلا ذكيا جدا فقد خرج مهاجرا وفرا بنفسه من العمارة إلى النجف الأشرف وذلك مشيا على قدميه حتى إذا وصل إلى النجف الأشرف أخذ في الدراسة الدينية وفي تحصيل الورع والتقوى وجد واجتهد حتى وصل إلى درجة عالية من العلم وكان ذلك في إبان زعامة المرجع الديني الكبير الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر
ولما أكمل دراسته عند الشيخ صاحب الجواهر ورأى منه الشيخ نية وكفاءة انتدبه وبإصرار بالغ لأن يقوم بمهمة الوكالة في مدينتة : مدينة العمارة فوثقه وفوض إليه الأمور الحسبية من إمامة الجماعة في مسجدهم وأخذ الحقوق منهم وغير ذلك من مختصات شؤون الوكالة والوكلاء وكتب معه كتابا يوصي به شيخ العشيرة خيرا
أقبل هذا العالم الجليل إلى العمارة وهو يحمل معه الكتاب الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ويتسم بوسام الوكالة عنه
فاستقبله شيخ العشيرة وحاشيته وأفراد عشيرته إستقبالا حافلا وذبحوا له الذبائح ونصبوا له الموائد والتفوا حوله وصلوا وأخذوا عنه المسائل والأحكام وتعلموا من الحلال والحرام
ولما جاء شيخ العشيرة ليقبل يده قال له هل تذكر قصة فلاح كان عندكم فأتهم بالسرقة فأرردتم قطع يده فخافكم على نفسه ففر منكم وقال سأذهب في طلب ما يعزز عليكم يدي ويحفظ فيكم حرمتي وكرامتي
أطرق الشيخ رأسه و أخذ يستعيد شريط الماضي و يجتر ذكرياته القديمة ثم رفع رأسه و قد تذكر القصة فانهال على يد الوكيل يلثمها و يقبلها و هو يقول ،نعم لقد نجوت بنفسك و حفظت علينا كرامتك وعزة يدك و أزحت عن نفسك الشبهة و التهمة فبارك الله فيك و في يدك فإنها جديرة بالتقبيل لأنها يد تكتب الحلال و الحرام و تدون الكتب الدينية و الأخلاقية فتبعث في النفوس لإيمان و الفضيلة و تحفظ المجتمع من الإنحراف و الإنهيار
وهكذا إستطاع ذلك الفلاح أن يحول يده المهددة بالقطع إلى يد تستحق اللثم و التقبيل (قصص العلماء للشيرازي )
و الحمد لله رب العالمين
تعليق