بسمه تعالى .................................................. .................................................. ................
ورد عن النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة" هذه الجملة الشريفة موجزة وغنيّة بالمعاني، وهي تتحدَّث عن وجود استعدادات وقابليّات كامنة في كلّ فرد من أفراد الإنسان.
يريد صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول: إنّ هناك نوعين من المعادن: الذهب والفضّة -وهما قد ذُكرا على سبيل المثال- في باطن الأرض، كما توجد معادن أخرى متنوِّعة ومتعدِّدة، فرغم أنَّ الظاهر على وجه الأرض هو الحجر والتراب، إلّا أنّه في داخل الأرض والحجر وتحت التراب العاديّ نجد عنصراً ثميناً كالذهب والفضة، و لا يمكن مقارنة قيمته بالقيمة التي نلاحظها أو نشاهدها في الظاهر.
الناس، هم كذلك أيضاً. لهم ظاهر يراه الإنسان في حركاتٍ وسكناتٍ، وأقوالٍ، وسلوكيّاتٍ وأفعال؛ ولكن أيضاً لهم باطن، وهذا الباطن هو عبارة عن وجود قابليّات واستعدادات متراكِمة، وضعها الله تعالى في الإنسان.
وهذه الاستعدادات والقابليّات، ليست على حدّ سواء. فالجميع، في الظاهر، يتشابهون ولكن ما هو في حالة الكمون، وما هو في باطن الإنسان تُعتبر قيمته أكثر بكثير ممّا يُشاهد في الظاهر.
كذلك المعادن، فإذا سعيتم وبذلتم الجهد، فإنّه يمكنكم أن تصلوا إلى هذه المادة القيّمة الموجودة في الأرض. والإنسان كذلك، أيضاً، يحتاج إلى السعيّ؛ لكي يوصل هذه الاستعدادات التي في داخله إلى مرحلة الفعليّة. والشرط اللّازم هو أن تتعرّفوا إلى هذه الاستعدادات التي في داخل كلّ شخص.
لأنّ الشخص الذي لا يعرف ما هو الذهب أو ما هي الفضّة، لو صادفه سيصرف النظر عنه، لأنّه لا يعلم عنه شيئاً. وبالنسبة للإنسان الأمر هكذا، ينبغي لمربِّي البشر ومربِّي الأطفال وبالأخصّ الشباب، الذين يريدون أن يستفيدوا من هذه الاستعدادات الفطريّة الموجودة عندهم، أن يتعرّفوا إلى هذه الاستعدادات والقابليّات، أن يعرفوا قيمتها، وفيما بعد يتحرّكون اتّجاهها.
ولقد كان الأنبياء يمارسون هذا الفعل "ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكّروهم منسيّ نعمته... ويُثيروا لهم دفائن العقول.
الأنبياء كانوا يثيرون عقول البشر، وكانوا يبعثونها، ويحثّونها على العمل، وهذا كلّه استخراج للاستعدادات. وانطلاقاً من أنّ "الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة"، لا ينبغي أن يُنظر إلى أيّ إنسان نظرة احتقار وازدراء؛ كلا، فهو لديه الاستعداد، وما أحوج المجتمع إلى ذلك الاستعداد.
صحيح، هناك مجموعة من الناس يأتون إلى عالم الدنيا، ويعمّرون سبعين عاماً، وثمانين عاماً، ومن ثمّ يرتحلون. ولكن لا يُكشف عن استعداداتهم هذه، وهم في الحقيقة يُظلمون. فلو كُشف عن استعداداتهم وقابليّاتهم، كان من الممكن أنْ يصبح أحدهم نابغة والآخر شخصيّة بارزة ومميَّزة. وهذا يزيد ويثقل من وظيفة ومهمّة مربّي المجتمع، ومنهم: علماء الدين، والمعلّمون، وإدارات الحكومة، وكافّة الأجهزة التربويّة، على تنوّعها... وحذار أن لا يجري الاعتناء والاهتمام بهذه الاستعدادات والقابليّات
والحمدلله رب العالمين.......................................... ..............................
تعليق