بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
(المبعث النبوي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور)


قال تعالى (( هو الذي بعث في ا لأميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ))(سورة الجمعة آية 2)
لنتفكر في أيام الجاهلية ،وأيام الفترة قبل البعثة ولننظر إلى ما آل إليه أمر الناس ، فبعضّ تهودوا ،وأُخر تنصروا ، وعموم الناس عبدوا الأصنام ، وهجروا أحكام الإسلام ،وفارقوا أخلاق الإنسانية ،وأنسوا بطبائع الحيوانية، البهيمية والسبعية .
حتى أدى حالهم إلى إن دفنوا البنات ، وهاجروا بذلك الصلوات وافتخروا بالمحالات ،وفارقوا العدل ،وتركوا الحقوق بين الملل ،وغلّبوا الأقوياء على الضعفاء واستأصلوا الشرفاء ، وعاندوا العلماء ، واستوحشوا من الحكماء ،وطووا بساط العلم ، وأنكروا حسن الحلم ، وقطعوا الأرحام ،وتشبهوا بالأنعام ، اقتسموا بالأزلام ، وشربوا الخمور ، وتركوا العقول ، وقتلوا الأولاد ، وخربوا البلاد ، ونسوا الصنائع ، وأبطلوا الشرائع ،وأهلكوا البضائع ، وارتكبوا الشنائع .
وشاعت الخيلاء والكبر ، وافتخروا بعدم الصبر ، وسنوا الفحشاء والمنكر وجاؤوا بقول الزُّور، وقتلوا الأنبياء ، وأخرجوا الأولياء ، وأحكموا الأشقياء وأطاعوا الأدعياء ،وعبدوا الشيطان ،وأسخطوا الرحمن ،وسجروا النيران ، فتلاطم من ذلك أمواج غضب الربّ وقرب أمر العالم من الهلاك والفناء ،وأن يسوقهم سياط غضب الله إلى جهنم وبئس المصير ،أو يأخذهم في تقلبهم إلى الهلاك والتدمير ولم يبق شيء من نزول العذاب بنار تحرقهم عن آخرهم ،أو خسف في الأرض ،أو رمي بالحجارة ،وأ مسخ بالخنازير، أو غير ذلك من العذاب والنّكال ، البلاء وسوء الحال ، فسبقت عناية الربّ بحكم الحلم والأناة ،لإتمام الحجّة ،وإكمال الرّحمة .
وحينما كان الناس كذلك كان النبي ( صلى الله عليه واله وسلم ) يصعد إلى غار حراء وينظر من قلله إلى آثار رحمة الله ،وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع حكمته ،وينظر إلى أكناف السماء وأقطار الارض والبحار والمفاوز والفيافي ، فيعتبر بتلك الآثار ،ويتذكر بتلك الآيات ،ويعبد الله حق عبادته ،فلما استكمل أربعين سنة ونظر الله عز وجل إلى فوجده أفضل القلوب وأجلها وأطوعها وأخشعها وأخضعها أذن الله لأبواب السماء ففتحت ومحمد(صلى الله عليه واله وسلم ) ينظر إليها ،وأذن للملائكة فنزلوا ومحمد ينظر إليهم ،وأمر بالرحمة فانزلت عليه من لدن ساق العرش إلى رأس محمد(صلى الله عليه واله وسلم ) وغرته ونظر إلى جبرائيل الروح الامين المطوق بالنور طاووس الملائكة هبط إليه وأخذ بضبعه وهزه وقال: يا محمد اقرأ, قال ما أقرأ ؟ قال يا محمد ((اقرأ باسم ربك الذي خلق *خلق الانسان من علق * قرأ وربك الأكرم *الذي علم بالقلم * علم الانسان مالم يعلم )) (سورة العلق )
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين
نكمل لكم مع الجزء الثاني
تعليق