بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك
لقد وصلنا في الدعاء المقدس إلى
(يا نور)
هناك نوعان من النور نور حسيّ وأخر معنوي , أما الأول فهو ما احتاج إلى واسطة لضيائه , أي هي (كيفية ظاهرة بذاتها مظهرة لغيرها ) . كنور القمر أي بتعبير أخر هي ما لم تكون نيره بذاتها , أو ما كان لها واجد ,أو ما كانت ممكنه , عبر عنها ما شئت .
أما الأخر فهو حقيقة الوجود , لأنها ظاهرة بذاتها مظهره لغيرها , وهذا هو القدر المشترك بين جميع مراتب النور المعنوي أيضا.
وهناك فرق بين النور الحسي والنور المعنوي
- إن النور الحسي عرضي , قائم بغيرة . والنور المعنوي جوهر قائم بذاته .
- النور الحسي يجري على ظواهر السطوح والألوان المبصرة . والمعنوي وسع كل شيء من المعقولات والمحسوسات من المبصرات , المسموعات , المذوقات , الملموسات والمشمومات والمتخيلات والمتوهمات وما وراء الحس والعقل .
- قد ظهر النور الحسي على الألوان . بينما المعنوي نفذ في أعماق المستنيرات وبواطنها .
- ان النور الحسي لا شعور له . بينما المعنوي كله إحياء.
جانب عرفاني
هناك ثلاث أنواع من الحياة وهي الحياة العامة والخاصة والأخص .
فالأولى : وهي التي في جميع الموجودات , نحو وجود الأشياء . ولهذا قال تعالى
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)
الاسراء 44
فالتسبيح ناشئ من الشعور والحياة , ومن الاشياء الجماد والنبات , ولو لم تكن حية لما تسبح بحمده تعالى , ولكنها حية بالحياة العامة .
الثانية : الحياة الخاصة , وهي مبدأ الإدراك والفعل . وأدناها حياة البكتريا والرخويات , وأعلاها الحياة الواجبة بذاتها .
الثالثة : وهي حياة الأخص وهي حياة اهل العلم والعرفان والإيمان بالله , كما أشار إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام ) : (الناس موتى وأهل العلم أحياء ) . وقال الله تعالى
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
آل عمران 169
ولفظة القتل في الآية الشريفة جاءت مطلقة تشمل الموت الاضطراري والموت الاختياري (وهنا لا نقصد الانتحار) فالاضطراري كالشهداء , والاختياري كالعلماء المجاهدين الذين قتلوا أنفسهم بالرياضات والمجاهدات وارتكاب الأعمال الشاقة والمخالفة مع نفوسهم كما قال تعالى
(أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ )
النساء 66
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)
التحريم 8
عند العرفاء للموت الاختياري أربعة أقسام :
الأول : هو الموت الأبيض , وهو عبارة عن الجوع الذي يصفو القلب به , بل هو سحاب يمطر بالحكمة , قال النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) (الجوع سحاب يمطر الحكمة ) , ( الجوع طعام الله ) . فإذا اعتاد المؤمن على الجوع ابيض قلبه وسرى الابيضاض في وجهه فحينئذ يموت موت ابيض .
الثاني : الموت الخضر . وهو اللبس الشديد التواضع من الثوب , والذي لا يشكل اي نوع من انواع الترف , قال امير المؤمنين (والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها فقال لي قائل الا تنبذها عنك ؟ فقلت اعزب عني , فعند الصباح يحمد القوم السرى )
فإذا قنع في اللباس المتواضع اخضر عيشه , ووجدت نضارة في وجهه , مات بالموت الخضر
الثالث : الموت الحمر , وهو عبارة عن المجاهدة مع النفس , ويسمى بالجهاد الاكبر كما قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) (قد رجعنا من الجهاد الأصغر , عليكم بالجهاد الأكبر ) قالوا ما الجهاد الاكبر؟ (قال مخالفة النفس )
فإذا خالف المؤمن أهوية نفسه وعبد الله تعالى وقوى عقله بالطاعات وتحصيل المعارف فقد مات بالموت الحمر لإرهاق دم النفس .
الرابع: الموت الأسود , وهو عبارة عن تحمل الملامة والأذى من الشامتين واللائمين في حب الله ومحبة أوليائه من النبيين والشهداء كما قال الله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
المائدة 54
وسمي بالأسود لاسوداد وجه المؤمن صبراً على الشامتين واللائمين في الدنيا.
ومن الفروق بين النور الحسي والمعنوي هو إن الحسي له أول وله ثاني وله مقابل بينما المعنوي ليس له ذلك لأنه واحد بالوحدة الحقة الحقيقية , ولا مضاد له .
هذه هي الفروق الجوهرية بين النور الحسي والنور المعنوي , فعندما يرفع السائل ويقول (يا نور) ا ي يا موجود في كل شيء يا من منك كل شيء يا من لك كل شيء .
وللكلام تتمه في بيان جزء اخر من هذا الدعاء المقدس الينبوع الوارف . وفقنا الله لذلك . واستغفر الله لكم ولي .
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد ما أحصاه علمك
لقد وصلنا في الدعاء المقدس إلى
(يا نور)
هناك نوعان من النور نور حسيّ وأخر معنوي , أما الأول فهو ما احتاج إلى واسطة لضيائه , أي هي (كيفية ظاهرة بذاتها مظهرة لغيرها ) . كنور القمر أي بتعبير أخر هي ما لم تكون نيره بذاتها , أو ما كان لها واجد ,أو ما كانت ممكنه , عبر عنها ما شئت .
أما الأخر فهو حقيقة الوجود , لأنها ظاهرة بذاتها مظهره لغيرها , وهذا هو القدر المشترك بين جميع مراتب النور المعنوي أيضا.
وهناك فرق بين النور الحسي والنور المعنوي
- إن النور الحسي عرضي , قائم بغيرة . والنور المعنوي جوهر قائم بذاته .
- النور الحسي يجري على ظواهر السطوح والألوان المبصرة . والمعنوي وسع كل شيء من المعقولات والمحسوسات من المبصرات , المسموعات , المذوقات , الملموسات والمشمومات والمتخيلات والمتوهمات وما وراء الحس والعقل .
- قد ظهر النور الحسي على الألوان . بينما المعنوي نفذ في أعماق المستنيرات وبواطنها .
- ان النور الحسي لا شعور له . بينما المعنوي كله إحياء.
جانب عرفاني
هناك ثلاث أنواع من الحياة وهي الحياة العامة والخاصة والأخص .
فالأولى : وهي التي في جميع الموجودات , نحو وجود الأشياء . ولهذا قال تعالى
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)
الاسراء 44
فالتسبيح ناشئ من الشعور والحياة , ومن الاشياء الجماد والنبات , ولو لم تكن حية لما تسبح بحمده تعالى , ولكنها حية بالحياة العامة .
الثانية : الحياة الخاصة , وهي مبدأ الإدراك والفعل . وأدناها حياة البكتريا والرخويات , وأعلاها الحياة الواجبة بذاتها .
الثالثة : وهي حياة الأخص وهي حياة اهل العلم والعرفان والإيمان بالله , كما أشار إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام ) : (الناس موتى وأهل العلم أحياء ) . وقال الله تعالى
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)
آل عمران 169
ولفظة القتل في الآية الشريفة جاءت مطلقة تشمل الموت الاضطراري والموت الاختياري (وهنا لا نقصد الانتحار) فالاضطراري كالشهداء , والاختياري كالعلماء المجاهدين الذين قتلوا أنفسهم بالرياضات والمجاهدات وارتكاب الأعمال الشاقة والمخالفة مع نفوسهم كما قال تعالى
(أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ )
النساء 66
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)
التحريم 8
عند العرفاء للموت الاختياري أربعة أقسام :
الأول : هو الموت الأبيض , وهو عبارة عن الجوع الذي يصفو القلب به , بل هو سحاب يمطر بالحكمة , قال النبي محمد ( صلى الله عليه واله وسلم ) (الجوع سحاب يمطر الحكمة ) , ( الجوع طعام الله ) . فإذا اعتاد المؤمن على الجوع ابيض قلبه وسرى الابيضاض في وجهه فحينئذ يموت موت ابيض .
الثاني : الموت الخضر . وهو اللبس الشديد التواضع من الثوب , والذي لا يشكل اي نوع من انواع الترف , قال امير المؤمنين (والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها فقال لي قائل الا تنبذها عنك ؟ فقلت اعزب عني , فعند الصباح يحمد القوم السرى )
فإذا قنع في اللباس المتواضع اخضر عيشه , ووجدت نضارة في وجهه , مات بالموت الخضر
الثالث : الموت الحمر , وهو عبارة عن المجاهدة مع النفس , ويسمى بالجهاد الاكبر كما قال النبي محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) (قد رجعنا من الجهاد الأصغر , عليكم بالجهاد الأكبر ) قالوا ما الجهاد الاكبر؟ (قال مخالفة النفس )
فإذا خالف المؤمن أهوية نفسه وعبد الله تعالى وقوى عقله بالطاعات وتحصيل المعارف فقد مات بالموت الحمر لإرهاق دم النفس .
الرابع: الموت الأسود , وهو عبارة عن تحمل الملامة والأذى من الشامتين واللائمين في حب الله ومحبة أوليائه من النبيين والشهداء كما قال الله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
المائدة 54
وسمي بالأسود لاسوداد وجه المؤمن صبراً على الشامتين واللائمين في الدنيا.
ومن الفروق بين النور الحسي والمعنوي هو إن الحسي له أول وله ثاني وله مقابل بينما المعنوي ليس له ذلك لأنه واحد بالوحدة الحقة الحقيقية , ولا مضاد له .
هذه هي الفروق الجوهرية بين النور الحسي والنور المعنوي , فعندما يرفع السائل ويقول (يا نور) ا ي يا موجود في كل شيء يا من منك كل شيء يا من لك كل شيء .
وللكلام تتمه في بيان جزء اخر من هذا الدعاء المقدس الينبوع الوارف . وفقنا الله لذلك . واستغفر الله لكم ولي .
والحمد لله رب العالمين