بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين واله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمةعلى عدائهم اجمعين
اللهم وفقنا وسائر المشتغلين بالعلم والعمل الصالح بمحمد واله الطيبين الطاهرين(اللهم صل على محمد وال محمد)
رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي
اما دليل لقول لثاني وهو قول النظام وموافقوه:
ان الصدق هو المطابق لاعتقاد المخبِر ولو خطأ، والكذب هو مخالفه ولو صواباً، ولا عبرة فيهما بمطابقة الواقع وعدمها .
واستدل النظام بقوله تعالى * (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) * فانه تعالى شأنه أخبر بأنهم كاذبون في قولهم * (إنك لرسول الله) * مع أنه مطابق للواقع فلو كان الصدق عبارة عن المطابقة للواقع لما صح فالتكذيب ليس باعتبار أنه غير مطابق للواقع بل باعتبار أنه غير مطابق لاعتقادهم.
واجيب على هذا الدليل بعدة وجوه منها
اولا:أن المعنى والله يشهد إنهم لكاذبون في قولهم * (إنك لرسول الله) * من عند أنفسهم لأن هذا الخبر كاذب غير مطابق للواقع عندهم
الثاني :أنهم لكاذبون في لازم فائدة هذا الخبر وهو كونهم عالمين بمضمونه
الثلث: أنهم لكاذبون في * (نشهد) * باعتبار تضمنه خبرا كاذبا، وهو أن شهادتنا هذه من صميم القلب وخلوص الاعتقاد بحيث واطأت فيه قلوبنا ألسنتنا كما يشعر به (أن) واللام واسمية الجملة فكذبهم الله تعالى لعلمه بعدم المواطاة بين قولهم وقلبهم.
الرابع: أنهم لكاذبون في دعوى الاستمرار المستفاد من نشهد.
الخامس: أنهم لكاذبون في حلفهم على عدم النهي عن الانفاق على فقراء المهاجرين
السادس: أنهم لكاذبون يعني إن شأنهم الكذب فالتكذيب ليس في هذا الخبر بل مطلق فكأنه قيل: إنهم وأن صدقوا في هذا الخبر لكن صدقهم فيه لا يخرجهم من زمرة الكاذبين فإن الكذوب قد يصدق
دليل القول لثالث وهو قول وهو قول لجاحظ
واستدل الجاحظ بقوله تعالى حكاية عن المشركين * (افترى على الله كذبا أم به جنة) * فانهم حصروا خبر النبي بالحشر والنشر والتوحيد في كونه كاذبا أو كلام مجنون ولا شك أن المراد بالثاني غير الكذب لأنه قسيمه وقسيم الشئ يجب أن يكون مباينا له وغير الصدق لاعتقادهم عدمه ولعدم دلالة الثاني عليه فقد أثبتوا بين الصدق والكذب واسطتين إحديهما عدم مطابقة خبر النبي (صلى الله عليه وآله) للواقع مع شكه في المطابقة والاخرى عدم مطابقته له مع اعتقاده المطابقة بأن يكون اعتقادهم الفاسد أن عدم مطابقة هذا الخبر بلغ بمرتبة لا يخفى على من له شايبة عقل فالشك في المطابقة لا يكون إلا من مجنون فكيف اعتقاد المطابقة، ولا شك أن الواسطة إنما يكون إذا اعتبر في الصدق والكذب مطابقة الخبر للواقع والاعتقاد جميعا وعدمها لهما إذ لا واسطة عند اعتبار المطابقة للواقع وعدمها ولا عند اعتبار المطابقة للاعتقاد وعدمها.
واجيب بأن ترديدهم لخبره (صلى الله عليه وآله) ليس بين الكذب المطلق والاخبار حالة الجنون، بل إنما هو بين الافتراء وهو الكذب عن عمد وعدمه فمعنى قوله * (أم به جنة) * أم لم يفتر فعبروا عن عمد الافتراء بالجنة كناية عن أن المجنون لا يفترى فقد جعلوا قسيم الكذب عن عمد الكذب لا عن عمد فيكون مقصودهم حصر خبره الكاذب في نوعيه ولما كان
تعليق