بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد واله الطاهرين
كان ابر اهيم (عليه السلام)واحدا،فكيف (كان امة)؟؟
إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً
اللهم صل على محمد واله الطاهرين
كان ابر اهيم (عليه السلام)واحدا،فكيف (كان امة)؟؟
إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً
يقول الشيخ القاضي أبي الفتح الكراجكي فأعلمته أن كتب الشيخ المفيد (رحمه الله) مفاتيح الفوائد، ومصابيح المراشد، وأن السعيد من سلك أممه، ووطئ [ أثر ] قدمه، وقصد نهجه، واعتمد حججه، واتبع آثاره، واقتبس أنواره)[1].
فما معنى ان نتبع امم الشيخ المفيد (رحمه الله)؟
وما معنى (إِنَّ إبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) وابراهيم (عليه السلام)شخص واحد فكيف يكون امه؟
وهل الامة لها معنى غير المعنى المتبادر حين تطلق وهو مجموعة من الناس لهم جامع يجمهم ؟وما ذلك المعنى الاخر؟
وما هي الامة التي وجدها الكفار التي تشير اليها الاية المباركة وجدنا اباءنا {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ}[2]و {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ } [3]
وما معنى قول زهير بن القين (رضي الله عنه) مخاطبا جيش عبيد الله بن زياد (عليه اللعنة) (ونحن حتى الان اخوة وعلى دين واحد وملة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، وانتم للنصيحة منا اهل ،فاذا وقع السيف انقطعت العصمة . وكنا امة وانتم أمة)[4]
فما تاثير القتال في تعدد الامم مع انهم قبل القتال كانوا امة واحدة؟
ثم نحن نقراء في زيارتنا لامامنا الحسين(عليه السلام)( لعن الله امة قتلتك، ولعن الله امة خذلتك، ولعن الله امة خذلت عنك[5])[6]،أليس من قاتل الحسين كانوا يدعون انهم من امة محمد ،فكيف نلعنهم؟
وجواب ذلك ان لفظ (الامة) لها اكثر من معنى ويتضح عند مراجعة معاجم اللغة ،والقران الكريم استعمل لفظ الامة في اكثر من معنى،ان من الاخطاء الشائعة تفسير قوله تعالى (ابراهيم كان امة) ان فعل ابراهيم كان فعل امة والاصل عدم التقدير لاسيما وان الامة لها معنى اخر غير الجماعة تُفسر به، وهو ان رأي ابراهيم (عليه السلام) في الدين كان منفردا.
واذا راجعنا كتاب العين وهو اقدم معجم في اللغة للخليل ابن احمد الشيعي فانه يذكر عدة معاني لها فيقول (والأُمّة: كلّ قوم في دينهم من أُمّتهم، وكذلك تفسير هذه الآية: " إنّا وجدنا آباؤنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون " ، وكذلك قوله تعالى: " إنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدة " ، أي: دين واحد وكلّ من كان على دينٍ واحدٍ مخالفاً لسائر الأديان فهو أمّة على حدةٍ، وكان إبراهيم عليه السّلام أمّة... وعن النّبي صلى الله عليه وآله وسلّم أنّه قال: يبعث يوم القيامة زيد بن عمرو أمّة على حِدةٍ، وذلك أنّه تبرّأ من أديانِ المُشركين، وآمن بالله قبل مبعث النّبيّ عليه السّلام، وكان لا يدري كيف الدّين، وكان يقول: اللّهم إنّي أَعْبُدك، وأبرأ إليك من كلّ ما عُبِد دونك، ولا أعلم الذّي يُرضيك عنّي فأَفعَلَهُ، حتّى مات على ذلك.
وكلّ قومٍ نُسِبوا إلى نبيٍّ وأضيفوا إليه فهم أمّة...وكلّ جيل من النّاس هم أمّة على حِدةٍ)[7].
وقال السيد الطباطبائي و الأمة هي الجماعة من الناس، و ربما يطلق على الواحد كما في قوله تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله:" [8]، و ربما يطلق على زمان معتد به كقوله تعالى: "و ادكر بعد أمة:" [9]، أي بعد سنين و قوله تعالى: "و لئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة:" [10]، و ربما يطلق على الملة و الدين كما قال بعضهم في قوله تعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاتقون:" [11]، و في قوله تعالى: "إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون:" [12]، و أصل الكلمة من أم يأم إذا قصد فأطلق لذلك على الجماعة لكن لا على كل جماعة، بل على جماعة كانت ذات مقصد واحد و بغية واحدة هي رابطة الوحدة بينها، و هو المصحح لإطلاقها على الواحد و على سائر معانيها إذا أطلقت) [13].
وعليه فللامة معاني عدة في كتاب الله
منها :البرهة من الوقت كما جاء في{وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ}. وقوله تعالى { وقال الذي نجا منهما وادَّكر بعد أمَّة }
ومنها: الإمام القدوة الهادي للحق {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.
ومنها :الطريقة المتبعة كما في قوله {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ}.
ومنها:الجماعة من اهل المدينة او القرية كما في قوله تعالى{وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ}، وقوله{وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ} .
ومنها:الجماعة المتفقة على دين واحد كما في قوله {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}، {كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}، {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم}.
ومنها: الجماعة المتفقة على طريقة معينة كما في قوله {وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ.
وعلى ما سبق يمكن الاجابة عن التسأولات التي طرحت في ابتدأ الموضوع.
[1] الشيخ القاضي أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، كتاب من أغلاط العامة في مسألة الإمامة، تصحيح وتخريج فارس حسون كريم سلسلة الكتب العقائدية (185) إعداد مركز الأبحاث العقائدية .
[2] الزخرف: 22
[3] الزخرف: 23
[4] مقتل أبي مخنف للطبري .
[5]في بعض النسخ بل (خذلت عنك) خدعتك.
[6] جعفر بن محمد بن قولويه، كامل الزيارات ص 363.
[7] الخليل بن أحمد الفراهيدي كتاب العين .
[8] النحل - 120
[9] يوسف - 45
[10] هود - 8
[11] المؤمنون - 52
[12] الأنبياء - 92
[13] تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي (2/ 70، بترقيم الشاملة آليا)
تعليق