التوبة واجب فوري
قال الشيخ البهائي :لاريب في وجوب التوبة على الفور فأن الذنوب بمنزلة السموم المضرة بالبدن وكما يجب على شارب السم المبادرة الى الاستفراغ تلافيا لبدنه المشرف على الهلاك كذلك يجب على صاحب الذنوب المبادرة الى تركها والتوبة منها تلافيا لذنبه المشرف على التهافت والاضمحلال ومن اهمل المبادرة الى التوبة وسوَّفها من وقت الى وقت فهو بين خطرين عظيمين ان سلم من واحد فلعله لا يسلم من الآخر :
احدهما :ان يعاجله الاجل فلا ينتبه من غفلته الا وقد حضر الموت وفات وقت التدارك وانسدت ابواب التلافي وجاء الوقت الذي اشار اليه سبحانه وتعالى بقوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون } سبأ:54 وصار يطلب المهلة والتأخير يوما او ساعة فيقال له لا مهلة كما قال سبحانه {من قبل ان يأتي احدكم الموت فيقول ربِّ لولا اخرتني الى اجل قريب } المنافقون:10
قال بعض المفسرين في تفسير هذه الاية ان المحتضِر يقول عند كشف الغطاء يا مَلَك الموت اخرني يوما اعتذر فيه الى ربي واتوب اليه واتزود صالحا فيقول فُنِيَت الايام فيقول اخرني ساعة فيقول فُنِيَت الساعات فَيُغلق عنه باب التوبة ويغرغر بروحه الى النار ويتجرع غصة اليأس وحسرة الندامة على تضييع العمر وربما اضطراب اصل ايمانه من صدمات تلك الاهوال نعوذ بالله من ذلك .
وثانيهما :ان تتراكم ظلمات المعاصي على قلبه الى ان يصير رَيناً وطبعا فلا تقبل المحو فان كل معصية يفعلها الانسان يحصل منها ظلمة في قلبه كما يحصل من انفاس الانسان ظلمة في المرآة فاذا تراكمت ظلمة الذنوب صارت رَيناً كما يصير بخار النفس عند تراكمه على المرآة صدأ واذا تراكم الرَين صار طبعا فيطبع على قلبه كالخبث على وجه المرآة اذا تراكم بعضه فوق بعض وطال مكثه وغاص في جرمها وافسدها فصارت لا تقبل الصيقل ابدا وقد يعبر عن هذا القلب بالقلب المنكوس والقلب الاسود .
روي الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي عن الامام ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) انه قال: { كان ابي يقول ما من شيء افسد للقلب من خطيئة ان القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى تغلب عليه فيصير اعلاه اسفله }
وروي في كتاب الكافي عن الامام ابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) انه قال : ما من عبد الا وفي قلبه نكتة بيضاء فاذا اذنب خرج من النكتة نكتة سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فاذا غطى البياض لم يرجع صاحبه الى خير ابدا وهو قول الله عز وجل { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } المطففين 14 .وقوله (عليه السلام) {لم يخرج الى خير ابدا} يدل على ان صاحب هذا القلب لا يرجع عن المعاصي ولا يتوب منها ابدا ولو قال بلسانه تبت الى الله يكون هذا القول مجرد تحريك اللسان من دون موافقة القلب فلا اثر له اصلا كما ان قول القصّارة غسلت الثوب لا يجعل الثوب نقيا من الاوساخ وربما يؤول حال صاحب هذا القلب الى عدم المبالاة بأوامر الشريعة ونواهيها فيسهل امر الدين في نظره ويزول وقع الاحكام الالهية من قلبه وينفر عن قبولها طبعه وينجر ذلك الى اختلال عقيدته وزوال ايمانه فيموت على غير الملة وهو المعبَّر عنه بسوء الخاتمة .
نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا .
الذنوب الكبيرة – السيد عبد الحسين دستغيب (رضوان الله عليه )
قال الشيخ البهائي :لاريب في وجوب التوبة على الفور فأن الذنوب بمنزلة السموم المضرة بالبدن وكما يجب على شارب السم المبادرة الى الاستفراغ تلافيا لبدنه المشرف على الهلاك كذلك يجب على صاحب الذنوب المبادرة الى تركها والتوبة منها تلافيا لذنبه المشرف على التهافت والاضمحلال ومن اهمل المبادرة الى التوبة وسوَّفها من وقت الى وقت فهو بين خطرين عظيمين ان سلم من واحد فلعله لا يسلم من الآخر :
احدهما :ان يعاجله الاجل فلا ينتبه من غفلته الا وقد حضر الموت وفات وقت التدارك وانسدت ابواب التلافي وجاء الوقت الذي اشار اليه سبحانه وتعالى بقوله {وحيل بينهم وبين ما يشتهون } سبأ:54 وصار يطلب المهلة والتأخير يوما او ساعة فيقال له لا مهلة كما قال سبحانه {من قبل ان يأتي احدكم الموت فيقول ربِّ لولا اخرتني الى اجل قريب } المنافقون:10
قال بعض المفسرين في تفسير هذه الاية ان المحتضِر يقول عند كشف الغطاء يا مَلَك الموت اخرني يوما اعتذر فيه الى ربي واتوب اليه واتزود صالحا فيقول فُنِيَت الايام فيقول اخرني ساعة فيقول فُنِيَت الساعات فَيُغلق عنه باب التوبة ويغرغر بروحه الى النار ويتجرع غصة اليأس وحسرة الندامة على تضييع العمر وربما اضطراب اصل ايمانه من صدمات تلك الاهوال نعوذ بالله من ذلك .
وثانيهما :ان تتراكم ظلمات المعاصي على قلبه الى ان يصير رَيناً وطبعا فلا تقبل المحو فان كل معصية يفعلها الانسان يحصل منها ظلمة في قلبه كما يحصل من انفاس الانسان ظلمة في المرآة فاذا تراكمت ظلمة الذنوب صارت رَيناً كما يصير بخار النفس عند تراكمه على المرآة صدأ واذا تراكم الرَين صار طبعا فيطبع على قلبه كالخبث على وجه المرآة اذا تراكم بعضه فوق بعض وطال مكثه وغاص في جرمها وافسدها فصارت لا تقبل الصيقل ابدا وقد يعبر عن هذا القلب بالقلب المنكوس والقلب الاسود .
روي الشيخ الجليل محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الكافي عن الامام ابي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) انه قال: { كان ابي يقول ما من شيء افسد للقلب من خطيئة ان القلب ليواقع الخطيئة فلا تزال به حتى تغلب عليه فيصير اعلاه اسفله }
وروي في كتاب الكافي عن الامام ابي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) انه قال : ما من عبد الا وفي قلبه نكتة بيضاء فاذا اذنب خرج من النكتة نكتة سوداء فان تاب ذهب ذلك السواد وان تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فاذا غطى البياض لم يرجع صاحبه الى خير ابدا وهو قول الله عز وجل { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } المطففين 14 .وقوله (عليه السلام) {لم يخرج الى خير ابدا} يدل على ان صاحب هذا القلب لا يرجع عن المعاصي ولا يتوب منها ابدا ولو قال بلسانه تبت الى الله يكون هذا القول مجرد تحريك اللسان من دون موافقة القلب فلا اثر له اصلا كما ان قول القصّارة غسلت الثوب لا يجعل الثوب نقيا من الاوساخ وربما يؤول حال صاحب هذا القلب الى عدم المبالاة بأوامر الشريعة ونواهيها فيسهل امر الدين في نظره ويزول وقع الاحكام الالهية من قلبه وينفر عن قبولها طبعه وينجر ذلك الى اختلال عقيدته وزوال ايمانه فيموت على غير الملة وهو المعبَّر عنه بسوء الخاتمة .
نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا .
الذنوب الكبيرة – السيد عبد الحسين دستغيب (رضوان الله عليه )
تعليق