بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
قال الإمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام )لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان ) (1)
جعل الله سبحانه وتعالى لكل كائن حي نظاميّن ,نظاماً للجذب وآخر للدفع , نظاماً لجذب الأمور المفيدة , وآخر لدفع وطرد الأمور المضّرة ,وكذا الأمر في نفس الإنسان وروحه فهو استعداد لكلا الأمرين وهو موجود فيها بالفطرة حتى تستقيم النفس فلا بُدّ من عامل جذب نفسي نتقبل به الأفراد المفيدين لنا ونتقرب اليهم ونتعلم منهم ,وفي المقابل لابُدّ من عامل دفع وطرد نعادي به الأفراد المضرين لمصيرنا ومصير المجتمع ,
إن النفس البشرية كونها لا تحتوي على العلم فقط بل لابدّ لها من العاطفة او الأحاسيس, فهي في نفس الوقت لا تحتوي على الاحاسيس الايجابية فقط , بل ضمت احاسيساً سلبية كذلك ,فكما ان الفرح قد غُرس فينا فكذلك الحزن ,فإن الله تبارك وتعالى اوجد فينا قابلية الضحك كما اوجد قابلية البكاء , ولكل منهما دور مهم في حياة الإنسان ,فنحن نحتاج الى الضحك في محله ,ونحتاج للبكاء في محله ,فإذا عطلنا احدهما فإننا عطلنا جزءاً من وجودنا وسيصبح خلقه فينا والعياذ بالله لغواً حينئذٍ .
كما إن الله تبارك وتعالى خلق فينا المحبة لنبرزها للآخرين الذين يخدموننا أو للأفراد الّذين يملكون كمالاً ما او نور الهي ,سواء كان كمالاً جسدياً أو روحياً أو عقلياً, فعندما يتعرف المرء على انسان يمتلك كمالاً ما فإنه ينجذب اليه ,كما يوجد في الإنسان شيء يقابل المحبة موجوداً في فطرته وهو البغض والعداوة , يبرزه الإنسان لمن اراد به السوء والأذى , وهذا امراً فطرياً, وليس هناك عدواً اعدى من الذي يريد سلب الدين عن الإنسان ، فهذا العدو اشد الأعداء ضراوة ؛ لأنه يريد سلب السعادة والطمأنينة من الإنسان , قال الله تبارك وتعالى (( إن الشيطان لكم عدوٌ فاتخذوه عدواً )) (2)
فالشيطان عدو لنا ؛ لأنه يريد سلب ديننا ومبادئنا عنا , ولا يمكن في حال من الأحوال أن نتصالح مع الشيطان , وإذا حدث أن تصالح إنسان مع الشيطان فسينقلب ذلك الإنسان بنفسه ويصير شيطاناً ,ولا بُدّ حينئذٍ من معاداة اعداء الله تبارك وتعالى ؛ لأن الإنسان إذا لم يعادِ اعداء الله ويبغضهم سيصبح بالتدريج منهم , ويكون سلوكه كسلوكهم , وسيقبل اعمالهم وافعالهم واقوالهم , نتيجة لمعاشرته لهم.
قال الله تعالى في كتابه الكريم في وصف نبيه ابراهيم عليه وعلى نبينا وآله افضل الصلاة والسلام ((قد كانت لكم أُسوةٌ حسنةٌ في ابراهيم والّذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده ))(3)
هنا يحثنا القرآن على التأسي بالنبي ابراهيم (عليه السلام ) إذ إن النبي ابراهيم (ع) له منزلة خاصة في الثقافة الإسلامية بل انه هو الذي اطلق اسم الإسلام على ديننا ((هو سماكم المسلمين من قبل ))(4)
هنا ننظر الى الفعل الذي اتخذه سيدنا ابراهيم (ع) مع قومه الّذين عادوه واصحابه , حيث قالوا لهم (إنا براء منكم )و (كفرنا بكم )اي انهم اعلنوا البراء منهم ومن افعالهم , هكذا نحن مع اعداء الدين واعداء آل البيت (عليهم السلام )فالذي نفعله نحن بلعننا لأعداء الحسين (ع)واعداء الإسلام إنما هو امر من الله تبارك وتعالى وهو تأسي بسيدنا ابراهيم (ع) واصحابه .
وعن رسول الله محمدٍ (ص) قال (تقربوا الى الله تعالى ببغض اهل المعاصي , وألقوهم بوجوه مكفهرة ,والتمسوا رضا الله بسخطهم ,وتقربوا الى الله بالتباعد منهم )) (5).
الحمد لله رب العالمين
مقتطفات من كتاب احياء عاشوراء
المصادر:
1.بحار الانوار /المجلسي , ج/ 24,ص318.
2.سورة فاطر /الآية (6)
3.سورة الممتحنة /الآية (4)
4.سورة الحج / الآية(78)
5.ميزان الحكمة .محمد الري شهري /.جزء 3 /ص 328
تعليق