إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

النواب الأربعه الامام المهدي عجل الله فرجه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • النواب الأربعه الامام المهدي عجل الله فرجه

    شبكة النبأ: كما ان لطريق الشذوذ علامات، فان لطائفة الحق علامات، وكما ان اللّه تعالى حذّر من شر مخبوء فى بطن الغيب، ومنه الدجال، فانه سبحانه، بشّر بخير مخبوء فى بطن الغيب، ومنه الإمام المهدي المنتظر(عج).
    واما ما تتصف به الامة الاسلامية في غيبة الإمام (عج) من احداث ومحدثات فقد وُكلت الى اشخاص ثقاة معتمدون لدى الامام اثناء غيبته، كانت مهمتهم بث ارهاصات المؤمنين واسئلتهم وهمومهم اليه ونقل التعاليم والارشادات والأجوبة اليهم مرة اخرى، وهؤلاء الذين كان لهم الشرف والحظوة في التمثيل والنيابة هم اربعة اشخاص اتفق عليهم المسلمون الشيعة: 1- عثمان العمري: هو عثمان بن سعيد العَمْري، كنيته ابو عمرو، إذ رزقه الله ولداً اسماه عمرواً، فقال له الإمام الحسن العسكري عليه السلام: ﻻ يجتمع على امرئ بين عثمان وابي عمرو فأمر بكسر كنيته فقيل له العمري. وكان يقال له الأسدي لأنه ينتمي إلى قبيلة بني أسد. قال: ابو نصر؛ هبة الله احمد بن محمد الكاتب: انه ابن بنت ابي جعفر العمري، فنسب الى جدّه فقيل له: العمري ويقال انه ينتسب من قبل أمه الى عمر الأطرف، فقيل له: العمري. ولقبه العسكري، لأنه كان يسكن مع الإمامين العسكريين (عليهما السلام) في المنطقة العسكرية بسامراء التي فرض المتوكل العباسي عليهما الإقامة الجبرية فيها. ولُقب ايضا بـ الزيات، لأنه كان يتجّر في السمن والزيت تغطية على عمله مع الأئمة (عليهم السلام)، فإذا حمل الشيعة اليه مالاً او كتاباً جعله في جراب السمن واوصله الى الإمام. عمله: بدأ حياته بخدمة الإمام علي الهادي (عليه السلام) وله احدى عشرة سنة، وله اليه عهد معروف، ومن بعد الإمام الهادي بقي وفيّاً فلزم خدمة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وبقي على العهد حتى مضى الإمام العسكري، فعينه الإمام المهدي (عليه السلام) نائباً عنه. صفته: كان شيخاً جليلاً، ويكفي انه خدم ثلاثة من الأئمة الطاهرين، وانهم اختاروه باباً بينهم وبين شيعتهم وانه ادى الأمانة بدقة واخلاص وهو ابن احدى عشرة سنة حتى توفاه الله، وقبره في الجانب الغربي ببغداد، وله مقام معروف. 2- محمد العمري: محمد بن عثمان العمري، وكنيته ابو جعفر، ونسبه أسدي، ولقبه العسكري، الزيات. عمله: بدأ عمله منذ صباه في معيشة والده عثمان بن سعيد العمري بخدمة الإمام علي الهادي، ثم الإمام الحسن العسكري، ثم الإمام المهدي. وقد عيّنه الإمام المهدي (عليه السلام) نائباً عنه بعد موت ابيه، وبقي حوالي نصف قرن النائب الوحيد عن الإمام المنتظر في شؤون الشيعة. وقد نص على نيابته الإمام الهادي والإمام العسكري والإمام المهدي، كما نص عليه ابوه قبل موته. وقد ظهرت على يديه من قبل الإمام المهدي معاجز كثيرة، كما صدرت بواسطته تواقيع كثيرة، وكان شيخاً متواضعاً يعيش في بيت صغير، بلا خدم ولا حجاب. قيل له: هل رايت صاحب هذا الأمر؟ قال: نعم؛ وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول: (انجز لي ما وعدتني). وقال: رايته (صلوات الله عليه) متعلقاً بأستار الكعبة في المستجار وهو يقول: اللهم انتقم بي من اعدائك. وقال: ان صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم مع الناس كل سنة، يرى الناس فيعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه. وروي انه حفر لنفسه قبراً، وسواه بالساج، ونقش فيه آيات من القرآن، واسماء الأئمة على حواشيه. فلما سئل عن ذلك قال: للناس اسباب. وكان في كل يوم ينزل في قبره، ويقرأ جزءاً من القرآن، ثم يصعد. ثم سئل بعد ذلك، فقال: أُمرت ان اجمع أمري. فمات بعد شهرين من ذلك، في جمادى الأولى سنة خمس وثلاثمائة بعد الهجرة، وقال عند موته: أمرت ان اوصي الى ابي القاسم الحسين بن روح، واوصى اليه. قبره: في بغداد وله مقام يعرف بـ(الخلاني). 3- الحسين بن روح:الحسين، وكنيته ابو القاسم بن روح ابن ابي بحر، ولقبه النوبختي، نسبة الى نوبخت من عوامل فارس عمله: بدأ عمله مع ابي جعفر محمد بن عثمان العمري - النائب الثاني - وكان وكيلاً عن ابي جعفر ينظر في املاكه ويلقى بأسراره وجهاء الشيعة. وقد نصّ عليه ابو جعفر قبل وفاته وصدرت على يده تواقيع كثيرة من الناحية المقدسة. فقد روى جماعة عن ابي محمد هارون بن موسى، قال: اخبرني ابو علي محمد بن همام: ان ابا جعفر محمد بن عثمان العمري جمعنا قبل موته، وكنّا وجوه الشيعة وشيوخها، فقال لنا: (إن حدث الموت فالأمر إلى أبي القاسم الحسين بن روح النوبختي، فقد أمرت ان اجعله في موضعي بعدي، فارجعوا اليه وعوّلوا - في اموركم - عليه). وفي رواية اخرى: لما اشتدّت حال ابي جعفر رحمه الله، اجتمع جماعة من وجوه الشيعة فدخلوا عليه، فقالوا له: إن حدث أمر فمن يكون مكانك؟ فقال لهم: (هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي، القائم مقامي، والسفير بينكم وبين صاحب الأمر، والوكيل والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم، وعوّلوا عليه في مهماتكم، فبذلك أمرت وقد بلّغت). وقد كان فاضلاً موثوقاً ﻻ يختلف فيه اثنان من الثقات، حتى كان أبو سهل النوبختي يقول في حقه: (لو كان الحجة تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل). وقد روى محمد بن ابراهيم بن اسحاق عنه انه قال: (يا محمد بن إبراهيم؛ لئن أخرّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي). وكانت مدّة نيابته إحدى وعشرين سنة، وتوفي سنة 326هـ، وقبره في بغداد يعرف بإسمه في سوق الشورجة. 4- علي السمري: علي بن محمد السَّمَري - بفتح السين والميم معاً - او السيمري، او الصيمري، والمشهور المعروف هو الأول، وكنيته: ابو الحسن. ميلاده: لم يصلنا تاريخ ميلاده، ولا ذكر المؤرخون فجر حياته، وإنما الذي ورد في كتب الرجال أنه كان من أصحاب الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليه السلام)، ثم تولى السفارة المهدوية بعد الشيخ الجليل الحسين ابن روح بإيعاز من الإمام المهدي (عليه السلام). ولم يوجد نص خاص بسفارته وإنما الأدلة عليها أمور: الأول: اتفاق كلمة الشيعة على ذلك خلفاً بعد سلف منذ أيام سفارته وحتى اليوم، فرابع النواب الأربعة هو علي بن محمد السمري بلا خلاف ولا منازع. الثاني: خروج توقيعات على يده من الناحية المقدسة مما يدل على سفارته. الثالث: توصية الحسين بن روح به، والحسين بن روح أجل وأرفع من أن يفعل مثل هذا الأمر الخطير المهم بلا أمر عن الإمام المهدي (عليه السلام). الرابع: خروج التوقيع - الذي حمل وفاته - بانتهاء الدور للغيبة الصغرى وبدور الغيبة الكبرى، على يده مما يدل على سفارته، وكونه كالثلاثة السابقين سفيراً خاصاً للإمام المهدي عليه السلام. مدة سفارته: تولى السفارة عن الناحية المقدسة من 326 - عام وفاة الحسين بن روح - إلى 329 عام وفاته في النصف من شعبان. وفاته: قبل ستة أيام من موته خرج من الناحية المقدسة توقيع على يده بانقطاع الغيبة الصغرى، وأن ﻻ يوصي إلى أحد وأنه ميت بينه وبين ستة أيام، فلما أن كان اليوم السادس وكان يجود بنفسه قيل له: من وصيك من بعدك فقال: (لله أمر هو بالغه) ومات رضوان الله عليه، وله مزار معروف في بغداد وهو موقع قبره.

  • #2
    جربة السفارة في النصف من شعبان من كل عام تمر ذكرى ولادة الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري، وفيها ينصرف الحديث عنه أو عن مفهوم الغيبة الصغرى والكبرى، وما يكتنفها من فلسفة. بيد أن الغائب الأكبر الذي يتكرر كل عام، هو انقطاع الكلام عن السفراء الأربعة حتى على مستوى الإشارة. لذلك رأينا أن نخصص هذا المقال عن هؤلاء البررة الكرام الذين نهضوا في التاريخ الإسلامية بمهمة حرجة أدّوها بدقة مدهشة طوال سبعة عقود إلاّ عاماً واحداً.
    السفراء الأربعة هو اصطلاح يطلق على ذوي الوكالة الخاصة عن الإمام المهدي (عليه السلام) وهم: عثمان بن سعيد العمري، وابنه محمد بن عثمان بن سعيد العمري، والحسين بن روح النوبختي، وعلي بن محمد السمري.
    ترتبط فكرة الوكالة الخاصة عن الإمام المهدي في ذهنيتنا الإسلامية بمنهج الاختفاء التدريجي الذي اعتمده الإمامان العاشر علي الهادي والحادي عشر الحسن العسكري (عليهما السلام) عن قواعدها الشعبية، واعتمادها ذلك المنهج كأسلوب تربوي دام سنوات طويلة، وكان يهدف التمهيد لفكرة الإمام الغائب المهدي محمد بن الحسن العسكري (عليهما السلام).
    الوكالة الخاصة (السفارة) للسفراء الأربعة شكلت مرحلة متقدمة في جو الاختفاء الذي سلكه الإمامان العسكريان، فقد بدأت باستشهاد الإمام الحسن العسكري عام (260هـ) واضطلاع الإمام المهدي بمهام الإمامة، وانتهت في عام (329هـ) سنة وفاة السفير الرابع (آخر السفراء) علي بن محمد السمري.
    استغرقت الوكالةَ الخاصة إذاً (69) عاماً من الحياة الإسلامية، كانت كافية لاستنفاد هدفها في تربية القاعدة الإسلامية ـ الإمامية (الشيعية) على حقيقة وجود الإمام الثاني عشر، وممارسته لمهام منصبه الرباني، وإن تم ذلك من خلال سفرائه الأربعة الأغلب.
    وهذه المدة نهضت من ناحية ثانية بمهمة تربية الأمة وإعدادها عملياً من خلال جيلين وأكثر، على مفهوم اختفاء الإمام الثاني عشر عن مسرح الحياة الإسلامية العادية، وتعويدهم على هذه الحالة.
    ومن زواية ثالثة أفضت تجربة السفراء الأربعة إلى التمهيد لمفهوم الوكالة العلمائية العامة عن الإمام المهدي.
    بيد أن المؤسف الذي يبعث على الكثير من الأسى أن مدة الـ (69) عاماً من تجربة السفراء الأربعة، لم تنل على أهميتها سواءاً على صعيد حياتنا الخاصة أو الحياة الإسلامية العامة، ما تستحقه من الاهتمام والدراسة حتى على مستوى الواعين من العلماء والخطباء والمبلغين والمثقفين، فضلاً عن عموم أبناء الأمة.
    ولعل ما يحز في النفس أكثر، أن استقراءاً مهما كانت كيفيته وفي أي وسط تم، حول تعداد أسماء السفراء الأربعة بشكل صحيح ومتسلسل، تشير نتائجه في مدلولاتها الأخيرة على جهل مريع بهؤلاء الرجال الأجلاء الافذاذ، قد لا يخلو من بعض الإشكالات التي تمس بعض جوانب الاعتقاد، فضلاً عما تكشفه من خلل فاحش في تربيتنا الإسلامية.
    وكجهد متكامل يمزج بنجاح بين الاعتقاد الأصيل والطرح المنطقي العصري يكتنف بيان الدلالات التربوية أو الفلسفة من رواء تجربة السفراء، قد لا نجد أفضل من كتاب "تاريخ الغيبة الصغرى" للسيد محمد الصدر، الذي توفر على بحث ودراسة تجربة هؤلاء الأبرار؛ وربما لا نجانب الصواب إذا قلنا إن الكتاب المذكور يمثل طرحاً فريداً مبتكراً ومبدعاً للموضوع.
    ولعل المرء لا يضيف جديداً إذا قال إن تجربة السفراء الأربعة بمضمونها السياسي ـ الحركي مظلومة في واقع ثقافتنا وممارستنا الحركية الراهنة. هذه التجربة مظلومة باعتبار أن دلالتها الحركية لا تحتاج إلى تأويل لكثافتها وشدة وضوحها، وهي بمضمونها الحركة المكثّف بمنأى عن كل تحميل.
    بيد أنها مع ثرائها الباهض هذا لم تجد من الحركيين الإسلاميين المعاصرين من بذل عناية بها أو كتب ويكتب عنها، كما لم تجد من ربّى أو يربّي عليها!
    وتتفاقم ومرارة هذه الإشارة إذا عرفنا أن المكسب الإسلامي المعاصر (الثورة الإسلامية) الذي نعيش ظلاله، يدين بوضوح ومن دون لبس إلى عطاءات قضية المهدي، الأمر الذي يدعو إلى أن تأخذ هذه التجربة موقعها اللائق في الاهتمام الحركي ثقافياً وعملياً.
    ثم إن مطلب بناء نظرية حركية تنبت من داخل تربة الأصالة الإسلامية، وتترفد من البناء التاريخي الداخلي للتجارب الحركية الإسلامية في مختلف عصور الحياة الإسلامية، يتنافى وهذا الإهمال لتجربة عمل التسع والستين سنة من حياة السفراء، التي ما زالت لمن يتمعنها غضة طرية تفيض عطاءاً وجوداً في عصر إنجاز الإسلاميين ومحنتهم معاً!
    السفير الأول
    هو الشيخ عثمان بن سعيد العمري، لم يرد في المصادر التاريخية عام ولادته ولا عام وفاته. له ولدان هما أحمد وحمد، والأخير خلف والده في موقع السفارة بعد وفاته.
    كان يشتغل بتجارة السمن ببغداد، وهو وكيل خاص للإمام علي الهادي حتى مدحه بقوله: "هذا أبو عمرو الثقة الأمين، ما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّاه فعنّي يؤديه". وبعد استشهاد الإمام الهادي أصبح "أبو عمرو" وكيلاً خاصاً للإمام الحسن العسكري، وقد زاد من دوره ونشاطه، مسلك الإمام العسكري في الاحتجاب عن قواعده الشعبية.
    كان العمري يظهر أمام الناس بمظهر التاجر الاعتيادي، وهو يستفيد من عنوانه التجاري في التغطية على أعماله الضخمة مع الإمام، وأثنى عليه الإمام العسكري في مناسبات مختلفة وأمام الناس، ومن ذلك قوله (عليه السلام): "هذا أبو عمر الثقة الأمين، ثقة الماضي وثقتي في المحيا والممات، فما قاله لكم فعنّي يقوله، وما أدّي إليكم فعنّي يؤدي". وبعد استشهاد الإمام العسكري نص ولده الإمام المهدي أمام وفد وصل من مدينة قم إلى مدينة سامراء عاصمة الخلافة العباسية ودار سكنى الإمامين العسكريين، على سفارة أبي عمرو عثمان بن سعيد، وبذلك اضطلع بمهمة ربط القواعد الشعبية بالإمام وتبليغ توجيهاته وتعاليمه إليهم، وإيصال أسئلتهم ومشاكلهم وأموالهم إليه، وتنفيذ أوامر الإمام وتوجيهاته فيهم. وقد استمر في موقعه حوالي خمس سنوات إلى أن وافاه الأجل حيث دُفِنَ ببغداد.
    السفير الثاني
    هو الشيخ محمد بن عثمان بن سعيد العمري، ابن السفير الأول. نصّ الإمام المهدي على سفارته بواسطة كتاب خرج من الإمام على يد أبيه السفير الأول.
    أثنى عليه الإمام المهدي، وقال في حقه: "لم يزل ثقتنا في حياة الأب ـ رضي الله عنه وأرضاه وأنضر وجهه ـ يجري عندنا مجراه ويسد مسدّه، وعن أمرنا يأمر الابن وبه يعمل".
    تولى السفارة لمدة أربعين سنة إلى أن توفي عام (304هـ) أو (305هـ). ولطول مدة سفارته كان أوسع السفراء تأثيراً في وسطه الاجتماعي وأكثرهم توفيقاً في تلقي تعاليم الإمام المهدي.
    له كتب مصنّفة من الفقه وصلت بعد وفاته ودفنه في بغداد، ليد السفير الثالث.
    السفير الثالث
    هو الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي. بدأ سفارته بعد وفاة السفير الثاني وبنصه، عن الإمام. اشتهر بإخلاصه وإيمانه ووثاقته، عمل وكيلاً لدى السفير الثاني، الذي عمد في السنوات الأخيرة من سفارته إلى تكثيف المهمات عليه بأمر من الإمام المهدي، فيما يشبه إعداده للسفارة وتهيئته لها.
    امتاز بثقافة إسلامية عالية وبانفتاح شديد على مختلف المذاهب والاتجاهات السياسية في عصره، الأمر الذي قاد إلى تكيّفه مع المناخ العام وحفاظه بالتالي على سرية مهمته كوكيل خاص للإمام المهدي.
    استمرت سفارته واحداً وعشرين عاماً انتهت بوفاته سنة 326هـ، حيث دُفن ببغداد.
    السفير الرابع
    هو الشيخ أبو الحسن علي بن محمد السمري. أصبح سفيراً للإمام المهدي بعد وفاة السفير الثالث، واستمرت سفارته حوالي ثلاثة أعوام إلى حين وفاته في النصف من شعبان عام (329هـ)، وبذلك تكون سفارته أقصر السفارات.
    لقد اشتد في عصره في ضغط السلطة السياسية على الخط الموالي لأهل البيت (عليهم السلام). وكنتيجة لذلك لم يكتسب السفير الرابع عمقاً عريضاً في الأوساط الشعبية، من دون أن يؤثر في ذلك على موقعه في السفارة أو وثاقته والاعتقاد به.
    كان آخر توقيع أخرجه عن الإمام المهدي، يؤكد انتهاء السفارة الخاصة، وبالتالي انتهاء آخر طريق للارتباط المباشر بين الإمام المهدي والناس. وبوفاته انتهت الغيبة الصغرى لتبدأ الغيبة الكبرى التي ما زالت مستمرة حتى يأذن الله بأمر منه.
    يتضح مما سبق أن مدة الغيبة الصغرى التي استوعبت تجربة السفراء الأربعة استمرت تسعة وستين عاماً وستة أشهر وخمسة عشر يوماً، عاصر فيها السفراء الأربعة من خلفاء بني العباس المعتمد والمعتضد والمكتفي والمقتدر والراضي وأخيراً المتقي.
    الخصائص العامة للسفارة
    في الخصائص العامة لتجربة السفراء الأربعة والمضمون الاجتماعي لعملهم، يلاحظ ما يلي:
    أولاً: ينبغي أن يلاحظ في أن كل حديث عن نشاط السفراء وعملهم، إنما هو انعكاس لنشاط الإمام المهدي وأعمال لدوره الرباني في الأمة. فالسفير إذن مجرد واسطة بين الإمام وقواعده الشعبية اقتضت وجوده ضرورات الأمن والحفاظ على حياة الإمام.
    ثانياً: صرفت السفارة عن العلويين صرفاً تاماً مع أن فيهم آنذاك من يعلو شأنه في العلم والفقه والعبادة. والسبب في ذلك يعود إلى نظر السلطات الحاكمة إليهم يومئذ، هذه النظرة التي يملؤها الشك لأي دور أو نشاط لهم، فضلاً عن مهمة السفارة للإمام المهدي.
    وهكذا تملي مقتضيات الحفاظ على دور السفير، ودور الإمام بالتالي، اختيارات تأتي بعيدة عن مواقع الشك التقليدي للسلطة.
    ثالثاً: يلاحظ أن جميع السفراء مارسوا أعمالهم في بغداد، ولم يرد قيامهم بأي عمل اجتماعي خارجها، بالرغم من أن ذلك لا يعني بحال اقتصار مهمتهم على هذه المدينة، بل كان لهم شبكة واسعة من الوكلاء في أقاليم العالم الإسلامي الأخرى.
    رابعاً: لم يذكر التاريخ أن السفراء قاموا بأعمال اجتماعية واسعة، مما يكشف عن طابع الحذر والتكتم اللذين كانوا يلتزمون بهما. في مقابل ذلك يؤكد التاريخ على انفتاح هؤلاء على الحياة السياسية المذهبية لعصورهم، ويؤكد أيضاً على صفتهم التجارية وبروزهم في مهنهم بشكل عام.
    والذي يلاحظ بهذا الشأن أن الهدف الأساس للسفراء، لم يكن بحال القيام بأعمال عامة، بل إنجاز واجبات السفارة التي تتمثل في مهمتين؛ تتطلب الأولى تهيئة الأذهان للغيبة الكبرى وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب الإمام، وعدم مفاجأتهم بغيبته، مما قد يستدعي إنكاراً لوجوده عليه السلام. أما المهمة الثانية فتقتضي القيام بما ينسجم مع رأي الإمام وتوجيهاته.
    خامساً: يتم اتصال السفير بالناسب وفق نظام هرمي يحتل السفير قمته، وعشرات الوكلاء أو أكثر وسطه، بينما تشغل القواعد الشعبية الموالية قاعدته. وهذا النظام بقدر ما ينطبق على مركز تواجد الإمام المهدي في بغداد وسامراء، ينطبق أيضاً على الأطراف البعيدة في المملكة الإسلامية.
    والملاحظة أن الاتصال كان يتم بالوضع الطبيعي العادي من خلال الظهور الاعتيادي بين الناس، والتعامل على أساس مقتضيات المهنة زيادة في الحيطة والحذر.
    وهناك معلومات تفصيلية غنية عن أعمال السفراء ونشاطاتهم، جاء عليها السيد محمد الصدر في كتابه "تاريخ الغيبة الصغرى" الذي اعتمدنا عليه في هذه النقطة، وفي إعداد المقال بشكل عام، يمكن مراجعتها، بل لا غنى عن مراجعتها والاستفادة منها.
    الكلمات المرتبطه:
    مقالات ذات صلة - سفراء ونواب الإمام المهدي عليه السلام






    تعليق


    • #3
      الغيبه الصغرى تمهيد الائمه



      الغيبة الصغرى
      تمهيد الائمة(عليهم السلام) لغيبة الامام (عليه السلام)


      من خلال ما تقدّم عرفنا أنّ الائمة صلوات الله عليهم هيأوا الاذهان، أذهان الامة لتقبل قضيّة غيبة الامام سلام الله عليه، أنّكم يا معشر الناس ستواجهون إماماً يغيب عن أنظاركم، يعني أنّكم من عهد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إلى عهد الامام العسكري سلام الله عليه إمامكم بين ظهرانيكم وعلى رؤوسكم بمرأى ومسمع منكم، أما أنّكم ستواجهون إماماً هو الامام الثاني عشر سلام لله عليه، وهو إمام مغيّب عن الانظار، باعتبار أنّ هذه التجربة تجربة جديدة، فاجتمعت في الامام المهدي سلام الله عليه عدّة خصوصيات في واقع الامر، وخصوصيات في غاية الخطر، يعني فضلاً عن كونه الامام الثاني عشر.
      المسألة الاولى: مسألة مبكرية إمامته (عليه السلام)، وقد يقال إنّها ليست بالتجربة الجديدة، لان المبكرية في الامامة سبقه فيها جدّاه الجواد والهادي سلام لله عليهما، الامام الجواد تولّى الامامة وسنّه قرابة ثمان سنوات أو سبع سنوات، والامام الهادي أيضاً كذلك تولّى الامامة وسنّه



      ( 25 )

      قرابة ست سنوات، فربما يقال إنّ هذه المسألة أصبحت مأنوسة ومألوفة للامة، وكأن العناية الالهية درّبت الامة على قبول الامامة المبكّرة تدريجياً، فبدأت بامامة الجواد (عليه السلام) في ما يقارب ثماني سنوات، ثم الهادي (عليه السلام) في قرابة الست سنوات، ثم الامام المهدي (عليه السلام)في الخمس سنوات .
      المسألة الثانية: مسألة غيبته (عليه السلام)، إمام غائب بأي معنى؟ وكيف؟ ولماذا؟.
      والمسألة الثالثة: التي هي في غاية الخطر أيضاً: مسألة ظهوره صلوات الله وسلامه عليه، وإقامة الدولة الاسلامية العالمية التي يملا الله به الارض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملا ظلماً وجوراً.
      هذه ملامح ثلاثة في غاية الخطر في شخصية صاحب الامر صلوات الله عليه، ومن جملة هذه الملامح نفس موضوع الغيبة:
      الغيبة تجربة جديدة للامّة، ربما الامة جرّبت غيبة قصيرة تمتد مثلاً أيام أو شهر لبعض السابقين صلوات الله عليهم، ولكن غيبة في تمام فترة الامام إلى أن يأذن الله في الفرج بهذا الطول وبهذا الشكل، هكذا تجربة لم تمرّ بها الامة الاسلاميّة سابقاً، فالامّة بحاجة إلى أن تألف هذه التجربة، بحاجة إلى أن تقنع بهذه التجربة، بحاجة إلى أن تسمع بها وتكون مأنوسة لها حتى لا تفاجأ بقضيّة غيبته، فلهذا كان الائمة الاطهار سلام الله عليهم(1)، بل حتى في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في ما يرويه علماء
      ____________
      1 ـ راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) للسيد صدر الدين الصدر.



      ( 26 )

      الفريقين(1) في قضية صاحب الامر (عليه السلام)، هنالك لمحات كثيرة في قضية غيبته (عليه السلام).
      الهدف من كل هذا الحشد من أحاديث الاشارة إلى غيبته هو تعبئة النفسية العامة أو الذهنية العامة لتقبل فكرة الامام الغائب سلام الله عليه، وأنّه حقيقة ستقع، لا أنّها مسألة في عالم الافتراض فقط.
      ثم الائمة سلام الله عليهم في نفس الوقت أيضاً أشاروا إلى بعض خصوصيات هذه الغيبة، مثلاً الامام العسكري سلام الله عليه في حديث من الاحاديث يقول: «عثمان بن سعيد العمري ـ يخاطب رجلاً ـ وكيلي وأنّ ابنه محمداً وكيل ابني مهديّكم»(2)، حتى قضية السفير الثاني للامام المهدي سلام الله عليه كان أيضاً يتحدث عنه الامام العسكري (عليه السلام)، فلا يسعنا المجال الان للافاضة في هذه الجزئيات والخصوصيات، لكن من حيث المبدأ الائمة(عليهم السلام)كانوا يتدخلون في هذه المسألة ويخططون لها ويحاولون تحضير الذهنية العامة لفكرة الغيبة الصغرى، وحتى فكرة الغيبة الكبرى، لئلاّ تفاجأ الامّة.
      كما أنّ الغيبة الصغرى في نفسها عمليّة تهيئة وإعداد للامّة الاسلامية للتفاعل والاندماج مع الغيبة الكبرى، يعني كما أنّ الائمة هيأوا الناس
      ____________
      1 ـ راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) في كتب اهل السنة .
      2 ـ الغيبة للطوسي: 356 ح 317.




      ( 27 )

      لغيبة صغرى، كذلك هيأوهم للغيبة الكبرى، والغيبة الصغرى هي في نفسها وضعيّاً تهيّء الامة للغيبة الكبرى ، ولهذا بدأت العملية بالتدريج .
      لاحظوا أن الامة لم تبدأ فيها بالغيبة الكبرى، إنّما بدأت بالغيبة الصغرى، يعني ما بدأ الامام يغيب عن الناس بلا سفراء، إنّما بدأ غيبته مع السفراء، لانّ الغيبة مع السفراء لا شك أنّها أقرب إلى أذهان الناس وأشدّ أُنساً لاذهان الناس، لا سيما مع ما سيأتي من أنّ هؤلاء السفراء أوّلهم نصّ عليه الامام الحاضر سابقاً، وهو الامام العسكري سلام الله عليه، وفي نفس الوقت هذا السفير نصّ على من بعده.
      فالامام العسكري (عليه السلام) نص على سفارة عثمان بن سعيد، وحضر مَن حضر من شيعة الامام من علماء الامة الاسلامية وشهدوا هذا النص من الامام سلام الله عليه، ثم الخواص الذين حضروا وشهدوا، سمعوا الامام المهدي صلوات الله عليه يقرّ نيابة وسفارة عثمان بن سعيد، فحصل اطمئنان حسّي بسفارة عثمان بن سعيد، ثم عثمان بن سعيد الذي قيل في حقه، «اسمعوا له وأطيعوا» ومما يسمع له ويطاع فيه هو نصه على من بعده، وممّا قال في مَنْ بعده أيضاً: اسمعوا له وأطيعوا، وهو ابنه محمد بن عثمان، ومحمد بن عثمان أيضاً قال: اسمعوا له وأطيعوا لمن يليه وهو الحسين بن روح، والحسين بن روح كذلك.
      فاذن هنالك نص بهذه الطريقة بمحضر من علماء الامة.



      ( 28 )

      فالقضية كانت قضية حسّية، الذين شهدوا الامام سلام الله عليه افرض أنّهم الخواص، وكذلك مسألة النص على السفير، وأنّ السفير ـ هذه نقطة أخرى ـ حينما كان يواجه الامة كان يواجه الامة بتوقيعات الامام سلام الله عليه، وما كان يأتي بشيء من عند نفسه أو من اجتهاداته الشخصية مثلاً، إنّما كان يأتي للامة بكلام الامام سلام الله عليه، بمكتوبات الامام سلام الله عليه، بتوقيعاته.





      تعليق


      • #4


        الغيبة الصغرى
        تمهيد الائمة(عليهم السلام) لغيبة الامام (عليه السلام)


        من خلال ما تقدّم عرفنا أنّ الائمة صلوات الله عليهم هيأوا الاذهان، أذهان الامة لتقبل قضيّة غيبة الامام سلام الله عليه، أنّكم يا معشر الناس ستواجهون إماماً يغيب عن أنظاركم، يعني أنّكم من عهد أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه إلى عهد الامام العسكري سلام الله عليه إمامكم بين ظهرانيكم وعلى رؤوسكم بمرأى ومسمع منكم، أما أنّكم ستواجهون إماماً هو الامام الثاني عشر سلام لله عليه، وهو إمام مغيّب عن الانظار، باعتبار أنّ هذه التجربة تجربة جديدة، فاجتمعت في الامام المهدي سلام الله عليه عدّة خصوصيات في واقع الامر، وخصوصيات في غاية الخطر، يعني فضلاً عن كونه الامام الثاني عشر.
        المسألة الاولى: مسألة مبكرية إمامته (عليه السلام)، وقد يقال إنّها ليست بالتجربة الجديدة، لان المبكرية في الامامة سبقه فيها جدّاه الجواد والهادي سلام لله عليهما، الامام الجواد تولّى الامامة وسنّه قرابة ثمان سنوات أو سبع سنوات، والامام الهادي أيضاً كذلك تولّى الامامة وسنّه



        ( 25 )

        قرابة ست سنوات، فربما يقال إنّ هذه المسألة أصبحت مأنوسة ومألوفة للامة، وكأن العناية الالهية درّبت الامة على قبول الامامة المبكّرة تدريجياً، فبدأت بامامة الجواد (عليه السلام) في ما يقارب ثماني سنوات، ثم الهادي (عليه السلام) في قرابة الست سنوات، ثم الامام المهدي (عليه السلام)في الخمس سنوات .
        المسألة الثانية: مسألة غيبته (عليه السلام)، إمام غائب بأي معنى؟ وكيف؟ ولماذا؟.
        والمسألة الثالثة: التي هي في غاية الخطر أيضاً: مسألة ظهوره صلوات الله وسلامه عليه، وإقامة الدولة الاسلامية العالمية التي يملا الله به الارض قسطاً وعدلاً بعد أن تُملا ظلماً وجوراً.
        هذه ملامح ثلاثة في غاية الخطر في شخصية صاحب الامر صلوات الله عليه، ومن جملة هذه الملامح نفس موضوع الغيبة:
        الغيبة تجربة جديدة للامّة، ربما الامة جرّبت غيبة قصيرة تمتد مثلاً أيام أو شهر لبعض السابقين صلوات الله عليهم، ولكن غيبة في تمام فترة الامام إلى أن يأذن الله في الفرج بهذا الطول وبهذا الشكل، هكذا تجربة لم تمرّ بها الامة الاسلاميّة سابقاً، فالامّة بحاجة إلى أن تألف هذه التجربة، بحاجة إلى أن تقنع بهذه التجربة، بحاجة إلى أن تسمع بها وتكون مأنوسة لها حتى لا تفاجأ بقضيّة غيبته، فلهذا كان الائمة الاطهار سلام الله عليهم(1)، بل حتى في أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)في ما يرويه علماء
        ____________
        1 ـ راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) للسيد صدر الدين الصدر.



        ( 26 )

        الفريقين(1) في قضية صاحب الامر (عليه السلام)، هنالك لمحات كثيرة في قضية غيبته (عليه السلام).
        الهدف من كل هذا الحشد من أحاديث الاشارة إلى غيبته هو تعبئة النفسية العامة أو الذهنية العامة لتقبل فكرة الامام الغائب سلام الله عليه، وأنّه حقيقة ستقع، لا أنّها مسألة في عالم الافتراض فقط.
        ثم الائمة سلام الله عليهم في نفس الوقت أيضاً أشاروا إلى بعض خصوصيات هذه الغيبة، مثلاً الامام العسكري سلام الله عليه في حديث من الاحاديث يقول: «عثمان بن سعيد العمري ـ يخاطب رجلاً ـ وكيلي وأنّ ابنه محمداً وكيل ابني مهديّكم»(2)، حتى قضية السفير الثاني للامام المهدي سلام الله عليه كان أيضاً يتحدث عنه الامام العسكري (عليه السلام)، فلا يسعنا المجال الان للافاضة في هذه الجزئيات والخصوصيات، لكن من حيث المبدأ الائمة(عليهم السلام)كانوا يتدخلون في هذه المسألة ويخططون لها ويحاولون تحضير الذهنية العامة لفكرة الغيبة الصغرى، وحتى فكرة الغيبة الكبرى، لئلاّ تفاجأ الامّة.
        كما أنّ الغيبة الصغرى في نفسها عمليّة تهيئة وإعداد للامّة الاسلامية للتفاعل والاندماج مع الغيبة الكبرى، يعني كما أنّ الائمة هيأوا الناس
        ____________
        1 ـ راجع كتاب الامام المهدي (عليه السلام) في كتب اهل السنة .
        2 ـ الغيبة للطوسي: 356 ح 317.




        ( 27 )

        لغيبة صغرى، كذلك هيأوهم للغيبة الكبرى، والغيبة الصغرى هي في نفسها وضعيّاً تهيّء الامة للغيبة الكبرى ، ولهذا بدأت العملية بالتدريج .
        لاحظوا أن الامة لم تبدأ فيها بالغيبة الكبرى، إنّما بدأت بالغيبة الصغرى، يعني ما بدأ الامام يغيب عن الناس بلا سفراء، إنّما بدأ غيبته مع السفراء، لانّ الغيبة مع السفراء لا شك أنّها أقرب إلى أذهان الناس وأشدّ أُنساً لاذهان الناس، لا سيما مع ما سيأتي من أنّ هؤلاء السفراء أوّلهم نصّ عليه الامام الحاضر سابقاً، وهو الامام العسكري سلام الله عليه، وفي نفس الوقت هذا السفير نصّ على من بعده.
        فالامام العسكري (عليه السلام) نص على سفارة عثمان بن سعيد، وحضر مَن حضر من شيعة الامام من علماء الامة الاسلامية وشهدوا هذا النص من الامام سلام الله عليه، ثم الخواص الذين حضروا وشهدوا، سمعوا الامام المهدي صلوات الله عليه يقرّ نيابة وسفارة عثمان بن سعيد، فحصل اطمئنان حسّي بسفارة عثمان بن سعيد، ثم عثمان بن سعيد الذي قيل في حقه، «اسمعوا له وأطيعوا» ومما يسمع له ويطاع فيه هو نصه على من بعده، وممّا قال في مَنْ بعده أيضاً: اسمعوا له وأطيعوا، وهو ابنه محمد بن عثمان، ومحمد بن عثمان أيضاً قال: اسمعوا له وأطيعوا لمن يليه وهو الحسين بن روح، والحسين بن روح كذلك.
        فاذن هنالك نص بهذه الطريقة بمحضر من علماء الامة.



        ( 28 )

        فالقضية كانت قضية حسّية، الذين شهدوا الامام سلام الله عليه افرض أنّهم الخواص، وكذلك مسألة النص على السفير، وأنّ السفير ـ هذه نقطة أخرى ـ حينما كان يواجه الامة كان يواجه الامة بتوقيعات الامام سلام الله عليه، وما كان يأتي بشيء من عند نفسه أو من اجتهاداته الشخصية مثلاً، إنّما كان يأتي للامة بكلام الامام سلام الله عليه، بمكتوبات الامام سلام الله عليه، بتوقيعاته.





        تعليق

        يعمل...
        X