أستشهاد راهب بني هاشم الامام الكاظم (ع)
بقلم |مجاهد منعثر منشد
قتل الهدى غدرا ليحفظ عرشه ...ويذيق راهب ال أحمد بطشه
واستبدلوا لسمي موسى فرشه ...وضعوا على جسر الرصافة نعشه
وعليه نادى بالهوان منــــــــــــاد.
تمر علينا ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر 25في رجب من كل عام هجري ..وكتبنا قبل هذا البحث مقالا قد اسميناه سابع الائمة الامام موسى الكاظم بن جعفر (عليهم السلام ) وكان ملخصا عام كبداية للدخول في هذا البحث حيث تتركز هذه الدراسة بشكل خاص عن مقتطفات من حياة الامام (ع) مع اربع حكام جور وظالمين واسباب استشهاد الامام الكاظم (ع) .
ففي زمن الامام الكاظم (ع) كان حكم فاسد منحرف .وبداية مرحلة الامام لها خصائص متميزة وهي توفر إمكانية انتزاع الحكم من الخلفاء العباسيين من جهة، وخاصية مبادرة أولئك الخلفاء من جهة ثانية – وبسبب خشيتهم من تحقق تلك الإمكانية – إلى توسع نطاق حملات القمع والاضطهاد وضد كافة المسلمين المعارضين لسلطاتهم بوجه عام، وضد المسلمين الشيعة وسائر العلويين من آل بيت الرسول (ص)، وفي مقدمتهم الإمام الكاظم ذاته، بوجه خاص.
وهناك احداث وتبدلات سياسية وفكرية واجتماعية على صعيد الدولة وأنظمة الحكم وعلى صعيد المجتمع الاسلامي شهدتها المرحلة التاريخية التي ولد وعاش فيها الإمام الكاظم (عليه السلام) .
ومنها سقوط الحكم الأموي وانتقال السلطة إلى يد العباسيين ..وكان ذلك انعطافا تاريخيا حيث كانت فترة أزمة ناشئة عن تطورات اجتماعية واقتصادية وفكرية تجاوزت الأوضاع القائمة وأورثت قلقا وتخلخلا .
تزامنت ولادة الامام مع عهد آخر حاكم أموي وهو مروان بن محمد المشهور بالحمار الذي تولى السلطة سنة 127هـ وقتل على يد العباسيين سنة 132هـ. وقد عاش الإمام الكاظم في كنف أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) حوالي عشرين عام .
وبذلك عاصر الإمام الكاظم (عليه السلام) فضلا عن آخر حاكم أموي، اربعة من الحكام العباسيين وهم، أبو العباس السفاح، ابو جعفر المنصور المهدي، موسى الهادي، هارون الرشيد، وفي زمن المنصور آلت الإمامة الى الإمام الكاظم بنص من أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) سنة 148هـ.
وظهرت الجماعات المنحرفة الملحدة في زمن العصر العباسي الاول .
وكان الحكم العباسي يمارس اشد اساليب القمع والاضطهاد والسجون والقتل ضد الشيعة والعلويين من آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي الممارسة التي بلغت احدى ذرواتها الأكثر عنفاً في عهد هارون العباسي 1.
وكذلك نمو وإتساع الإتجاه المؤيد لآل بيت الرسول داخل المجتمع الاسلامي، وهو الأمر الذي دفع العباسيين في بداية دعوتهم إلى تبني هذا الاتجاه من جهة، وإلى توجيه أعنف حملات القمع والاضطهاد ضده بعد تسلمهم الحكم من جهة أخرى، لشعورهم بخطر هذا الاتجاه وأصبحت مهيئة للانقضاض على هذه السلطة إبان إمامة الإمام الكاظم (ع )2 .
من هنا بدأت واجبات الامام المعصوم (عليه السلام) التي تنص عليها الامامة وكما نعتقد بها الشيعة الإمامية: حفظ الدين وحراسة الاسلام، حماية بيضة الاسلام تحصين الثغور بالعدد، جهاد الكفار، تنفيذ الاحكام،، إقامة الحدود، اختيار الامناء والاكفاء وتقليد الولايات للثقات النصحاء، جباية أموال الفئ والصدقات والخراج وتقدير العطاء، ومشارفة الأمور العامة بنفسه 3 وهو ما يعني الجهاد لاقامة حكومة اسلامية شرعية4.
- أن الحكم العباسي قد بادر للانتقال إلى صراع حاد ومكشوف، اختار هو ميدانه وأساليب ضد الإمام وشيعته وضد سائر العلويين، ومحاولته جرهم إلى ذلك الميدان.
- لقد عاصر الإمام الكاظم حكم المنصور لمدة عشر سنوات قبل أن تؤول إليه الإمامة، التي كان منعقدا لواؤها إلى أبيه الإمام الصادق. وقد شهد الإمام الكاظم اندلاع ثورة محمد ذي النفس الزكية 5.
- في المدينة ونورة ابراهيم بن عبد الله العلوي في البصرة سنة 153هـ اللتين حظيتا بالرعاية السرية دون العلنية من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) لقد اختزن الإمام الكاظم هذا الموقف عن أبيه وأدرك دلالاته في أن لحظة الصراع العلني المكشوف مع الحكم العباسي لم تحن بعد، فظل يمارس مسؤلياته بعد أبيه بحذر وحكمة حتى وفاة المنصور 6.
ويتولى المهدي الحكم خلفاً لأبيه المنصور سنة 158 هـ واتباعه سياسة المهادنة مع الإمام والعلويين في بداية الأمر ثم اعتقاله للإمام الكاظم لفترة قصير وإطلاق سراحه 7.
- واصل الإمام من جهة موقف المهادنة العلنية مع هذا الحكم وموقف الرعاية السرية للمعارضة الشيعية العلوية .
أما موسى الهادي الذي تولى الحكم بوصية من أبيه المهدي سنة 159هـ، فقد بدأ حكمه بتشديد حملة القمع والإرهاب والاضطهاد ضد العلويين مما أدى إلى تململهم وإعلان الثورة على حكمه.
- لم يشأن الإمام الكاظم (عليه السلام) التصادم العلني مع حكم الهادي، مفضلاً تقديم الدعم والرعاية السرية للمعارضة العلوية. لذلك عندما عقد الحسين بن علي حفيد الإمام الحسن (عليه السلام) العز على الثورة ضد حكم الهادي سنة 159هـ (في واقعة فخ) ودعه الإمام الكاظم بالقول (أنت مقتول فأحدّ الضراب فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة8 .
ورغم عدم تصدر الإمام الكاظم (ع) المجابهة وإخفاء دعمه وتأييده لثورة الحسين في واقعة فخ 9.
فإن الهادي وجه اتهاما مباشرا إليه وأطلق تهديداته بقتله بقوله (والله ما خرج حسين إلا عن أمره ولا أتبع إلا محبته لأنه صاحب الوصية في أهل البيت قتلني الله أن أبقيت عليه10.
وبعد وفاة الحاكم العباسي الهادي وتولي أخوه هارون الحكم بدأت حقبة جديدة من تاريخ الصراع بين هذا الحكم وبين الإمام الكاظم (عليه السلام) وشيعته، وآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي الحقبة التي اتسمت بمواصلة هارون بل وحتى تجاوزه لسياسة سلفه المنصور في معاداة الإمام وآل البيت وفي تشديد تسليطه سيف القمع والإرهاب والقتل ضدهم، حيث أعلن هارون العباسي صراحة (والله لاقتلهم –أي العلويين- ولأقتلن شيعتهم 11.
وقد أعقب ذلك اتخاذه عددا من الإجراءات المعادية منها إبعاد عدد كبير من قادة آل البيت والعلويين من بغداد إلى يثرب، وأمره بهدم مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ومدينة كربلاء وارتكاب مجازر دموية بالقتل الجماعي لعدد من العلويين 12.
وهناك مواقف صريحه مع هارون الغير رشيد هي :ـ
عندما احتج الإمام (عليه السلام) على هارون بقوله انه أولى بالنبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) من جميع المسلمين فهو أحد أسباطه ووريثه وأنه أحق بالخلافة من غيره وذلك عندما التقيا عند مرقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد دفع ذلك هارون إلى الأمر باعتقال الإمام (ع) وزجّه في السجن 13.
جواب الإمام الكاظم على طلب هارون تعين حدود فدك المغصوبة ليرجعها الى بني فاطمة (ع) فحددها برقعة الاسلام كله بقوله، هذه هي الحدود التي هي لنا وقد غصبت منا .14.
ادانة لعدم شرعية الحكم العباسي، وحق آل البيت والإمام الكاظم والإمامة والخلافة.
إجابة الإمام الكاظم عندما دخل على دار خارون وسأله ما هذه الدار؟ بقوله (هذه دار الفاسقين) ثم أعقب ذلك بتلاوة الاية الكريمة(الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)15.
تحذيرة كذلك لزياد بن أبي سلمة التلبس بأي وظيفة من وظائف حكومة هارون بقوله (يا زياد، لأن اسقط من شاهق فانقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم 16.
غير أن هذا التحريم والتحذير من العمل مع حكومة هارون ، لم يجر التغاضي عنه إلا في بعض الحالات التي يستثنيها الإمام بالذات للمصلحة، مثل حالة عمل علي بن يقطين كوزير في حكومة هارون 17.
وتواصلا مع موقفه في تصعيد مقاومته لحكم هارون وتحديه أرسل الإمام الكاظم برسالة إلى هارون من السجن عير فيها عن سخطه البالغ عليه، وذكره فيها بعدم شرعيته وبمصيره، وقال فيها انه لن ينقضي عليَّ يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم الرخاء حتى نمضي معا إلى يوم ليس فيه انقضاء ولا يخسر فيه إلا المبطلون18.
لقد ورث الإمام الكاظم عن جده الإمام الباقر، الذي تولى الإمامة في ظل سيطرة الأمويين على الحكم، تجربة تنظيمية غنية لمواجهة حكام الجور اللاشرعيين
وهي تجربة لا بد أن يكون الإمام الكاظم قد استحضرها لمواجهة حكم هارون حيث أصبحت الحاجة لذلك شاخصة إمامة ذلك لان الثورة العباسية التي أثرت على حركات الشيعة لقنت جميع الأحزاب الاسلامية درساً بليغاً فيه أن التحرك ينبغي ان يعتمد على الخطط الطويلة الأمد والواضحة الأهداف، وان النشاط الدعوي ينبغي أن يكثف في المناطق النائية من مركز السلطة الرسمية لتبعد الشبهات عن رجالها.
وبالفعل، فقد أسست الشيعة، في العصرين الأموي والعباسي أحزاباً سرية شكلت خلايا ومنظمات يرأس كل منها الداعي قامت بالدعاية السرية وقاومت الحكومات اللاشرعية، واحتفظت بسجلات تحتوي على أسماء الدعاة، وكان من بينها سجلات خاصة بأسماء الشيعة عند بعض أصحاب الأئمة، كما كانت الأحزاب تلجأ أحيانا، إلى المناظرات والكتابة على الجدران لاطلاع الناس على مواقفها، كما تلجأ اإلى السرية والكتمان والتقية 21.
، ومهما كانت أشكال علاقة الإمام الكاظم بالأحزاب الشيعية في عصره وموقفه منها، سواء كانت بالتوجيه والإشراف المباشر أو الرعاية والإرشاد، فانه كان يقوم من جهة بتكليف جماعة من تلاميذه وأصحابه للقيام بدور وكلاء له في بعض المناطق الاسلامية وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الدينية منهم، كما وكلهم أيضاً في قبض الحقوق الشرعية، وأذن لهم بصرفها على مستحقيها،. وفضلاً عن ذلك فإن بعض الأقاليم الاسلامية التي كانت تدين بالإمامة، تقوم بإرسال مبعوث خاص عنها إلى الإمام حينما كان في السجن فيزودون بالفتاوى والإجابات على رسائلهم كما كان يتصل بالإمام أيضاً في سجنه بالبصرة عدد من العلماء والرواة بطرق خفية وتستر شديد عن أعين السلطة 22.
زمن حكم ابو جعفر المنصور الدوانيقى
دامت فترةَ تَوَلِّي الامامِ الكاظم الامامةَ في عهدِ المنصـور نحوَ عشر سنوات ولاتوجد أي رواية يذكرها المؤرخون بأنه قد سجن الامام .ولكن كان تحت الرقابة ومتابعة العيون وأجهزة التجسّس ، حتّى مات المنصور في الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ .
هذه الشخصية كانت مشهوره بالبخل حتى لقب بالدوانيقى، و مشهور بالخيانة و اللئم و عدم الوفاء حتى عند ابرز مظاهر شخصية الغدر و الفتك حتى بالقرب المقربين اليه، و كان المنصور بنى الاسطوانات الدائرية على شيعة اهل البيت و هم احياء فعرف بحقده للشيعه.
و هو الملك الثانى للدولة العباسية بعد اخيه، ابا العباس السفاح، و كان المنصور السبب الاول لسم الامام الصادق (ع) و استشهاده ..
وكانت معاناة العلويون من اشد واكبر المعاناة في زمنه .
. وكان أبو جعفر المنصور قد صادرَ أموالَ العلويين وأدخلَهُمُ السجونَ والمحابِسَ . وتَفَنَّنَ في أساليبِ القتل . و يُثقِلُهُم بالضّربِ والحديدِ حتّى يَنهكَهُم فيموتوا .
وكانت حركة الامام الكاظم (ع) في فترة حكم المنصور تعليم الناس واظهار المعجزات
التي لا تتعارض مع هذه الفترة وتنسجم مع ظروفها باسلوب علاجي لبعض الظواهر الانحرافية لتأسيس ثوابت مستقبلية .
وكان الامام (ع) لابد ان يجعل الناس تميز بين الحق والباطل حيث ابرز مايتميز به عن غيره من الادعياء وزعماء الفرق والطوائف الضالّة في زمانه ..وذلك في إبرازه للقدرات الغيبية .
ومن تلك الغيبات التي لايتوصل لها الانسان العادي كمثال وشاهد
1. عن اسحاق بن عمار قال: «سمعت العبد الصالح(ع) ينعى الى رجل من شيعته نفسه، فقلت في نفسي: وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ! فالتفت اليّ شبه المغضَب فقال: يا اسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا والإمام أولى بعلم ذلك، ثم قال: يا اسحاق اصنع ما أنت صانع فإنّ عمرك قد فنى وقد بقي منه دون سنتين... فلم يلبث اسحاق بعد هذا المجلس إلاّ يسيراً حتى مات ..)) 23.
2. قال ابن نافع التفليسي: خلّفت والدي مع الحرم في الموسم وقصدت موسى بن جعفر(ع) فلما أن قربت منه هممت بالسلام عليه فأقبل عليّ بوجهه وقال: «برّ حجك ياابن نافع، آجرك الله في أبيك فإنّه قد قبضه إليه في هذه الساعة، فارجع فخذ في جهازه، فبقيت متحيراً عند قوله، وقد كنت خلّفته وما به علّة، فقال: ياابن نافع أفلا تؤمن؟ فرجعت فاذا أنا بالجواري يلطمن خدودهنّ فقلت: ما وراكنّ؟ قلن: أبوك فارق الدنيا، قال ابن نافع: فجئت إليه أسأله عمّا أخفاه ورائي فقال لي: أبداً ما أخفاه وراءك، ثم قال: يا ابن نافع ان كان في اُمنيتك كذا وكذا أن تسأل عنه فأنا جنب الله وكلمته الباقية وحجته البالغة )) 24.
3. قال خالد بن نجيح: قلت لموسى(ع) إنّ أصحابنا قدموا من الكوفة وذكروا أن المفضّل شديد الوجع، فادع الله له. فقال(ع): «قد استراح»، وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيّام ..
4. عن أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن الماضي(ع)، ما لبثت أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلّم الخراساني بالعربية، فأجابه هو بالفارسية.
فقال له الخراساني : أصلحك الله ما منعني أن اكلّمك بكلامي إلاّ أني ظننت أنك لا تحسن فقال: «سبحان الله! إذا كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك؟!»
ثم قال : «يا أبا محمد إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه روح. بهذا يعرف الامام، فاذا لم تكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام ))26.
5. : روي عن أبي حمزة أنه قال : كنت عند أبي الحسن موسى(ع) اذ دخل عليه ثلاثون مملوكاً من الحبشة اُشتروا له، فتكلم غلام منهم ـ وكان جميلا ـ بكلام فأجابه موسى (ع) بلغته فتعجّب الغلام وتعجّبوا جميعاً وظنوا أنه لا يفهم كلامهم.
فقال له موسى(ع): «اني أدفع اليك مالا، فادفع الى كل (واحد) منهم ثلاثين درهماً».
فخرجوا وبعضهم يقول لبعض: «إنّه أفصح منا بلغتنا، وهذه نعمة من الله علينا.
قال علي بن أبي حمزة: فلما خرجوا قلت: يا ابن رسول الله! رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم ! قال: نعم . وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم؟
قال: نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيراً وأن يُعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهماً، لأنّه لمّا تكلم كان أعلمهم، فانه من أبناء ملوكهم، فجعلته عليهم، وأوصيته بما يحتاجون إليه، وهو مع هذا غلام صدق.
ثم قال: لعلك عجبت من كلامي ايّاهم الحبشية ؟ قلت: اي والله.
قال(ع): لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب وأعجب» 27.
قال بدر ـ مولى الإمام الرضا(ع) ـ : «إنّ اسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر (ع) فجلس عنده اذ استأذن عليه رجل خراساني يكلّمه بكلام لم يسمع مثله قطّ كأنه كلام الطير.
قال اسحاق : فأجابه موسى(ع) بمثله وبلغته الى أن قضى وطره في مساءلته، فخرج من عنده، فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام.
قال: هذا كلام قوم من أهل الصين وليس كل كلام أهل الصين مثله .
ثم قال: أتعجب من كلامي بلغته؟ قلت: هو موضع التعجب.
قال(ع): أُخبرك بما هو أعجب منه انّ الإمام يعلم منطق الطير، ومنطق كلّ ذي روح، وما يخفى على الإمام شيء»28.
زمن محمد المهدى العباسى
كانت فترة حكمه من الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ حتّى 22 محرّم سنة 169 هـ . وكان منهجة بنفس مسيرة ونهج العباسيين ولكن مصلحة حكومته تقتضي أن تكون مرونه مع العلويين وكانت في بداية حكمه وتمثلت فيما أصدره من عفو عام عن جميع المسجونين وفي ردّ جميع الاموال المنقولة وغير المنقولة والتي كان قد صادرها أبوه ظلماً وعدواناً الى أهلها، فردّ على الإمام موسى الكاظم(ع) ما صادره أبوه من أموال الإمام الصادق(ع).
من صفاته البذخ و الاسراف من اموال المسلمين و راح هو نحو الخمر و السكر فصار فى ظل ملكه للمرأه نفوذ واسع كالخيزران ام هارون الرشيد و زوجة المهدى حيث كانت تعين و تفصل و تقرب و تبعد من تشاء، و بذلك انتشرت الميوعة والرشوه و من اقبح افعال المهدى انه سجن الامام الكاظم (ع) ذات مرة ثم اطلقه على اثر رؤيا .
وكان يشجع الوضاعين الذين يقومون بدور اعلامي تضليلي للسلاطين ليبرزوهم في المجتمع على أنهم يمثلون ارادة الله في الارض وكان احد الوضاعين
غياث بن ابراهيم الذي عرف هوى المهدي في الحَمام وعشقه لها فحدّثه عن أبي هريرة أنه قال :
لا سبق إلاّ في حافر أو نصل ـ وزاد فيه ـ أو جناح.
فأمر له المهدي عوض افتعاله للحديث بعشرة آلاف درهم، ولمّا ولّى عنه قال لجلسائه:
أشهد أنه كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال رسول الله ذلك ولكنه أراد أن يتقرب اليّ .29.
وأسرف المهدي في صرف الاموال الضخمة من أجل انتقاص العلويين والحطّ من شأنهم فتحرّك الشعراء والمنتفعون وأخذوا يلفّقون الأكاذيب في هجاء العلويين ومن جملة هؤلاء الزنديق مروان بن أبي حفصة الذي دخل على المهدي ذات يوم وأنشده قائلا :
يا ابن الذي ورث النبي محمداً***دون الأقارب من ذوى الأرحام
الوحي بين بني البنات وبينكم***قطع الخصام فلات حين خصام
ما للنساء مع الرجال فريضة***نزلت بذلك سورة الانعام
أنى يكون وليس ذاك بكائن***لبني البنات وراثة الأعمام
فأجازه المهدي على ذلك بسبعين ألف درهم تشجيعاً له ولغيره على انتقاص أهل البيت(عليهم السلام).
ولمّا سمع الإمام موسى الكاظم(ع) بقصيدة مروان تأثّر أشدّ التأثّر، وفي الليل سمع هاتفاً يتلو عليه أبياتاً تجيب على أبيات بشار وهي:
أنى يكون ولا يكون ولم يكن***للمشركين دعائم الاسلام
لبني البنات نصيبهم من جدهم***والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث وانما***سجد الطليق مخافة الصمصام
وبقي ابن نثلة واقفاً متلدداً***فيه ويمنعه ذوو الأرحام
إنّ ابن فاطمة المنوّه باسمه***حاز التراث سوى بني الاعمام |30.
و امتاز هذا الملك الجديد بميوله نحو اللهو و الخلاعة و المجون و النساء فانتشر على اثر ذلك الفساد و المجون فى البلاد و التحلل الخلقى بين الناس، و هو الذى قرب المغنين و جعل لهم اياماً خاصة حتى صار ابنه «ابراهيم» شيخ المغنين و بنته «عليّة» فى طليعة المغنيات و العازفات و الراقصات فى بغداد .
وقد روي من بذخه واسرافه ما بذله لزواج ابنه هارون من زبيدة حتى قال معتز عن بدلة ليلة الزفاف: بأن هذا شيء لم يسبق اليه أكاسرة الفرس ولا قياصرة الروم ولا ملوك الغرب..31.
و لما ورد ابوالحسن الكاظم (ع) على المهدى العباسى رآه يرد المظالم.
فقال الامام: ما بال مظلمتنا لا ترد؟
المهدى العباسى: و ماذاك يا اباالحسن؟
الامام ان الله تبارك و تعالى لما فتح على نبيه فدك.
و ما والاها لم يوجب عليه بخيل و الاركاب «اى فتحت بلا حرب» فانزل الله على نبيه ان ادفع فدك الى فاطمة الزهراء (س) ، فلم يزل وكلاء فاطمة فيها فى حياة رسول الله (ص) فلما ولى ابوبكر اخرج عنها وكلاءها فاخذها منها غصباً.
المهدى: يا اباالحسن حدها لى ؟
الامام: حد منها جبل احد و حد منها عريش مصر و حد منها سيف البحر و حد منها دومة الجندل... المهدى: كل هذا؟
الامام: نعم هذا كله ممالم يوجف اهله على رسول الله(ص)بخيل و لاركاب.
المهدى: كثير هذا سانظر فيه .
وكانت تُعتبرخلافة المهدي مِن أيسرِ فترات الحكم العباسي بالنسبة للامام وللطالبيين .
وبنفس الوقت هناك كان المهدي العباسي يخاف من قوة تأثير وشخصية امامنا الكاظم (ع) ..وقد وضع العباسي في حسبانه كراهيته للطالبين والخوفِ من ثورتهم والتفاف جماهير الاُمّة ووجهائها من حولهم .
ولذلك في احد المرات امر المهدي العباسي واليه على المدينة أن يُبلِغَ الامامَ موسى بن جعفر للحضور إلى بغداد للمحاكمة والسجن .
على اثر ذلك شدّ الامام رِحالَ السّفر وهو مظلوم ..وقد تعلقت قلوب الشيعة واتباعه ومحبيه بركبه السائر .وقد اكد امامنا الكاظم (ع) لاحد خواصّه ومريديه أن يدَ المهدي العباسي لنْ تَصِلَ إليه بسوء .
وعندما وصل الامام الى بغداد فأمر المهدي بالقبض عليه ، وزجّه في السجن ..
وبعد سجن الامام (ع) رأى المهدي بعد سجنه للامام ، رأى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) في المنام ، وهو يقول له :
« يا محمّد (هلْ عسيتُمْ إنْ تولَّيتُمْ أنْ تُفسدوا في الارضِ وتُقطِّعوا أرحامَكُم) » .
ففزعَ المهدي وقام من نومه مذعوراً ، فاستدعى حاجبه الربيع ، وأمره بإطلاقِ سراحِ الامام (ع) .
وبعد أن ذاع صيت الامام (ع) استخدم المهدي سياسة التشدد على الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، فلقد استدعاه إلى بغداد وحبسه فيها ثم ردّه إلى المدينة.32.
وفي اوخر حكمه خطط لقتل الامام موسى بن جعفر (ع) عن طريق حميد بن قحطبة، حيث دعا المهدي حميد بن قحطبة نصف الليل وقال: إنّ إخلاص أبيك وأخيك فينا أظهر من الشمس، وحالك عندي موقوف.
فقال: أفديك بالمال والنفس، فقال هذا لسائر الناس.
قال: أفديك بالروح والمال والأهل والولد، فلم يجبه المهدي.
فقال أفديك بالمال والنفس والأهل والولد والدين فقال: لله درّك.
فعاهده المهديّ على ذلك وأمره بقتل الإمام الكاظم (ع) في السُحرة بغتة, فنام فرأى في منامه علياً يشير اليه ويقرأ: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطّعوا أرحامكم) 33.
فانتبه مذعوراً، ونهى حميداً عمّا أمره، وأكرم الإمام الكاظم(عليه السلام) ووصله..34.
وأن الحكام العباسيين كالسفّاح والمنصور لم يسمحا لنسائهما بالتدخل في شؤون الدولة ..وعندما استولى المهدي العباسي بدأ سلطان المرأة ينفذ الى البلاط فزوجته الخيزران أصبحت ذات نفوذ قوي على القصر تقرب من تشاء وتبعّد من تشاء. ومن هذا العصر أخذ نفوذ المرأة يزداد ويقوى في بلاط الحكّام العباسيين حتى بلغ نهايته في أواسط العهد العباسي واستمر حتى نهاية حكمهم 35.
وكان دور الامام الكاظم (ع) نشطا واستغل الفرصة المحدودة حيث قام باصلاح الامة والانفتاح عليها ضمن صيغ وأساليب سياسية وتربوية من شأنها إعادة الاُمة إلى وعيها الإسلامي وقيمها الرسالية .
بقلم |مجاهد منعثر منشد
قتل الهدى غدرا ليحفظ عرشه ...ويذيق راهب ال أحمد بطشه
واستبدلوا لسمي موسى فرشه ...وضعوا على جسر الرصافة نعشه
وعليه نادى بالهوان منــــــــــــاد.
تمر علينا ذكرى استشهاد الامام موسى بن جعفر 25في رجب من كل عام هجري ..وكتبنا قبل هذا البحث مقالا قد اسميناه سابع الائمة الامام موسى الكاظم بن جعفر (عليهم السلام ) وكان ملخصا عام كبداية للدخول في هذا البحث حيث تتركز هذه الدراسة بشكل خاص عن مقتطفات من حياة الامام (ع) مع اربع حكام جور وظالمين واسباب استشهاد الامام الكاظم (ع) .
ففي زمن الامام الكاظم (ع) كان حكم فاسد منحرف .وبداية مرحلة الامام لها خصائص متميزة وهي توفر إمكانية انتزاع الحكم من الخلفاء العباسيين من جهة، وخاصية مبادرة أولئك الخلفاء من جهة ثانية – وبسبب خشيتهم من تحقق تلك الإمكانية – إلى توسع نطاق حملات القمع والاضطهاد وضد كافة المسلمين المعارضين لسلطاتهم بوجه عام، وضد المسلمين الشيعة وسائر العلويين من آل بيت الرسول (ص)، وفي مقدمتهم الإمام الكاظم ذاته، بوجه خاص.
وهناك احداث وتبدلات سياسية وفكرية واجتماعية على صعيد الدولة وأنظمة الحكم وعلى صعيد المجتمع الاسلامي شهدتها المرحلة التاريخية التي ولد وعاش فيها الإمام الكاظم (عليه السلام) .
ومنها سقوط الحكم الأموي وانتقال السلطة إلى يد العباسيين ..وكان ذلك انعطافا تاريخيا حيث كانت فترة أزمة ناشئة عن تطورات اجتماعية واقتصادية وفكرية تجاوزت الأوضاع القائمة وأورثت قلقا وتخلخلا .
تزامنت ولادة الامام مع عهد آخر حاكم أموي وهو مروان بن محمد المشهور بالحمار الذي تولى السلطة سنة 127هـ وقتل على يد العباسيين سنة 132هـ. وقد عاش الإمام الكاظم في كنف أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) حوالي عشرين عام .
وبذلك عاصر الإمام الكاظم (عليه السلام) فضلا عن آخر حاكم أموي، اربعة من الحكام العباسيين وهم، أبو العباس السفاح، ابو جعفر المنصور المهدي، موسى الهادي، هارون الرشيد، وفي زمن المنصور آلت الإمامة الى الإمام الكاظم بنص من أبيه الإمام الصادق (عليه السلام) سنة 148هـ.
وظهرت الجماعات المنحرفة الملحدة في زمن العصر العباسي الاول .
وكان الحكم العباسي يمارس اشد اساليب القمع والاضطهاد والسجون والقتل ضد الشيعة والعلويين من آل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي الممارسة التي بلغت احدى ذرواتها الأكثر عنفاً في عهد هارون العباسي 1.
وكذلك نمو وإتساع الإتجاه المؤيد لآل بيت الرسول داخل المجتمع الاسلامي، وهو الأمر الذي دفع العباسيين في بداية دعوتهم إلى تبني هذا الاتجاه من جهة، وإلى توجيه أعنف حملات القمع والاضطهاد ضده بعد تسلمهم الحكم من جهة أخرى، لشعورهم بخطر هذا الاتجاه وأصبحت مهيئة للانقضاض على هذه السلطة إبان إمامة الإمام الكاظم (ع )2 .
من هنا بدأت واجبات الامام المعصوم (عليه السلام) التي تنص عليها الامامة وكما نعتقد بها الشيعة الإمامية: حفظ الدين وحراسة الاسلام، حماية بيضة الاسلام تحصين الثغور بالعدد، جهاد الكفار، تنفيذ الاحكام،، إقامة الحدود، اختيار الامناء والاكفاء وتقليد الولايات للثقات النصحاء، جباية أموال الفئ والصدقات والخراج وتقدير العطاء، ومشارفة الأمور العامة بنفسه 3 وهو ما يعني الجهاد لاقامة حكومة اسلامية شرعية4.
- أن الحكم العباسي قد بادر للانتقال إلى صراع حاد ومكشوف، اختار هو ميدانه وأساليب ضد الإمام وشيعته وضد سائر العلويين، ومحاولته جرهم إلى ذلك الميدان.
- لقد عاصر الإمام الكاظم حكم المنصور لمدة عشر سنوات قبل أن تؤول إليه الإمامة، التي كان منعقدا لواؤها إلى أبيه الإمام الصادق. وقد شهد الإمام الكاظم اندلاع ثورة محمد ذي النفس الزكية 5.
- في المدينة ونورة ابراهيم بن عبد الله العلوي في البصرة سنة 153هـ اللتين حظيتا بالرعاية السرية دون العلنية من قبل الإمام الصادق (عليه السلام) لقد اختزن الإمام الكاظم هذا الموقف عن أبيه وأدرك دلالاته في أن لحظة الصراع العلني المكشوف مع الحكم العباسي لم تحن بعد، فظل يمارس مسؤلياته بعد أبيه بحذر وحكمة حتى وفاة المنصور 6.
ويتولى المهدي الحكم خلفاً لأبيه المنصور سنة 158 هـ واتباعه سياسة المهادنة مع الإمام والعلويين في بداية الأمر ثم اعتقاله للإمام الكاظم لفترة قصير وإطلاق سراحه 7.
- واصل الإمام من جهة موقف المهادنة العلنية مع هذا الحكم وموقف الرعاية السرية للمعارضة الشيعية العلوية .
أما موسى الهادي الذي تولى الحكم بوصية من أبيه المهدي سنة 159هـ، فقد بدأ حكمه بتشديد حملة القمع والإرهاب والاضطهاد ضد العلويين مما أدى إلى تململهم وإعلان الثورة على حكمه.
- لم يشأن الإمام الكاظم (عليه السلام) التصادم العلني مع حكم الهادي، مفضلاً تقديم الدعم والرعاية السرية للمعارضة العلوية. لذلك عندما عقد الحسين بن علي حفيد الإمام الحسن (عليه السلام) العز على الثورة ضد حكم الهادي سنة 159هـ (في واقعة فخ) ودعه الإمام الكاظم بالقول (أنت مقتول فأحدّ الضراب فإن القوم فسّاق يظهرون إيماناً ويضمرون نفاقاً وشركاً، فإنا لله وإنا إليه راجعون وعند الله احتسبكم من عصبة8 .
ورغم عدم تصدر الإمام الكاظم (ع) المجابهة وإخفاء دعمه وتأييده لثورة الحسين في واقعة فخ 9.
فإن الهادي وجه اتهاما مباشرا إليه وأطلق تهديداته بقتله بقوله (والله ما خرج حسين إلا عن أمره ولا أتبع إلا محبته لأنه صاحب الوصية في أهل البيت قتلني الله أن أبقيت عليه10.
وبعد وفاة الحاكم العباسي الهادي وتولي أخوه هارون الحكم بدأت حقبة جديدة من تاريخ الصراع بين هذا الحكم وبين الإمام الكاظم (عليه السلام) وشيعته، وآل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهي الحقبة التي اتسمت بمواصلة هارون بل وحتى تجاوزه لسياسة سلفه المنصور في معاداة الإمام وآل البيت وفي تشديد تسليطه سيف القمع والإرهاب والقتل ضدهم، حيث أعلن هارون العباسي صراحة (والله لاقتلهم –أي العلويين- ولأقتلن شيعتهم 11.
وقد أعقب ذلك اتخاذه عددا من الإجراءات المعادية منها إبعاد عدد كبير من قادة آل البيت والعلويين من بغداد إلى يثرب، وأمره بهدم مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) ومدينة كربلاء وارتكاب مجازر دموية بالقتل الجماعي لعدد من العلويين 12.
وهناك مواقف صريحه مع هارون الغير رشيد هي :ـ
عندما احتج الإمام (عليه السلام) على هارون بقوله انه أولى بالنبي العظيم (صلى الله عليه وآله وسلم) من جميع المسلمين فهو أحد أسباطه ووريثه وأنه أحق بالخلافة من غيره وذلك عندما التقيا عند مرقد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد دفع ذلك هارون إلى الأمر باعتقال الإمام (ع) وزجّه في السجن 13.
جواب الإمام الكاظم على طلب هارون تعين حدود فدك المغصوبة ليرجعها الى بني فاطمة (ع) فحددها برقعة الاسلام كله بقوله، هذه هي الحدود التي هي لنا وقد غصبت منا .14.
ادانة لعدم شرعية الحكم العباسي، وحق آل البيت والإمام الكاظم والإمامة والخلافة.
إجابة الإمام الكاظم عندما دخل على دار خارون وسأله ما هذه الدار؟ بقوله (هذه دار الفاسقين) ثم أعقب ذلك بتلاوة الاية الكريمة(الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار)15.
تحذيرة كذلك لزياد بن أبي سلمة التلبس بأي وظيفة من وظائف حكومة هارون بقوله (يا زياد، لأن اسقط من شاهق فانقطع قطعة قطعة أحب إلي من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم 16.
غير أن هذا التحريم والتحذير من العمل مع حكومة هارون ، لم يجر التغاضي عنه إلا في بعض الحالات التي يستثنيها الإمام بالذات للمصلحة، مثل حالة عمل علي بن يقطين كوزير في حكومة هارون 17.
وتواصلا مع موقفه في تصعيد مقاومته لحكم هارون وتحديه أرسل الإمام الكاظم برسالة إلى هارون من السجن عير فيها عن سخطه البالغ عليه، وذكره فيها بعدم شرعيته وبمصيره، وقال فيها انه لن ينقضي عليَّ يوم من البلاء حتى ينقضي عنك يوم الرخاء حتى نمضي معا إلى يوم ليس فيه انقضاء ولا يخسر فيه إلا المبطلون18.
لقد ورث الإمام الكاظم عن جده الإمام الباقر، الذي تولى الإمامة في ظل سيطرة الأمويين على الحكم، تجربة تنظيمية غنية لمواجهة حكام الجور اللاشرعيين
وهي تجربة لا بد أن يكون الإمام الكاظم قد استحضرها لمواجهة حكم هارون حيث أصبحت الحاجة لذلك شاخصة إمامة ذلك لان الثورة العباسية التي أثرت على حركات الشيعة لقنت جميع الأحزاب الاسلامية درساً بليغاً فيه أن التحرك ينبغي ان يعتمد على الخطط الطويلة الأمد والواضحة الأهداف، وان النشاط الدعوي ينبغي أن يكثف في المناطق النائية من مركز السلطة الرسمية لتبعد الشبهات عن رجالها.
وبالفعل، فقد أسست الشيعة، في العصرين الأموي والعباسي أحزاباً سرية شكلت خلايا ومنظمات يرأس كل منها الداعي قامت بالدعاية السرية وقاومت الحكومات اللاشرعية، واحتفظت بسجلات تحتوي على أسماء الدعاة، وكان من بينها سجلات خاصة بأسماء الشيعة عند بعض أصحاب الأئمة، كما كانت الأحزاب تلجأ أحيانا، إلى المناظرات والكتابة على الجدران لاطلاع الناس على مواقفها، كما تلجأ اإلى السرية والكتمان والتقية 21.
، ومهما كانت أشكال علاقة الإمام الكاظم بالأحزاب الشيعية في عصره وموقفه منها، سواء كانت بالتوجيه والإشراف المباشر أو الرعاية والإرشاد، فانه كان يقوم من جهة بتكليف جماعة من تلاميذه وأصحابه للقيام بدور وكلاء له في بعض المناطق الاسلامية وأرجع إليهم شيعته لأخذ الأحكام الدينية منهم، كما وكلهم أيضاً في قبض الحقوق الشرعية، وأذن لهم بصرفها على مستحقيها،. وفضلاً عن ذلك فإن بعض الأقاليم الاسلامية التي كانت تدين بالإمامة، تقوم بإرسال مبعوث خاص عنها إلى الإمام حينما كان في السجن فيزودون بالفتاوى والإجابات على رسائلهم كما كان يتصل بالإمام أيضاً في سجنه بالبصرة عدد من العلماء والرواة بطرق خفية وتستر شديد عن أعين السلطة 22.
زمن حكم ابو جعفر المنصور الدوانيقى
دامت فترةَ تَوَلِّي الامامِ الكاظم الامامةَ في عهدِ المنصـور نحوَ عشر سنوات ولاتوجد أي رواية يذكرها المؤرخون بأنه قد سجن الامام .ولكن كان تحت الرقابة ومتابعة العيون وأجهزة التجسّس ، حتّى مات المنصور في الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ .
هذه الشخصية كانت مشهوره بالبخل حتى لقب بالدوانيقى، و مشهور بالخيانة و اللئم و عدم الوفاء حتى عند ابرز مظاهر شخصية الغدر و الفتك حتى بالقرب المقربين اليه، و كان المنصور بنى الاسطوانات الدائرية على شيعة اهل البيت و هم احياء فعرف بحقده للشيعه.
و هو الملك الثانى للدولة العباسية بعد اخيه، ابا العباس السفاح، و كان المنصور السبب الاول لسم الامام الصادق (ع) و استشهاده ..
وكانت معاناة العلويون من اشد واكبر المعاناة في زمنه .
. وكان أبو جعفر المنصور قد صادرَ أموالَ العلويين وأدخلَهُمُ السجونَ والمحابِسَ . وتَفَنَّنَ في أساليبِ القتل . و يُثقِلُهُم بالضّربِ والحديدِ حتّى يَنهكَهُم فيموتوا .
وكانت حركة الامام الكاظم (ع) في فترة حكم المنصور تعليم الناس واظهار المعجزات
التي لا تتعارض مع هذه الفترة وتنسجم مع ظروفها باسلوب علاجي لبعض الظواهر الانحرافية لتأسيس ثوابت مستقبلية .
وكان الامام (ع) لابد ان يجعل الناس تميز بين الحق والباطل حيث ابرز مايتميز به عن غيره من الادعياء وزعماء الفرق والطوائف الضالّة في زمانه ..وذلك في إبرازه للقدرات الغيبية .
ومن تلك الغيبات التي لايتوصل لها الانسان العادي كمثال وشاهد
1. عن اسحاق بن عمار قال: «سمعت العبد الصالح(ع) ينعى الى رجل من شيعته نفسه، فقلت في نفسي: وإنه ليعلم متى يموت الرجل من شيعته ! فالتفت اليّ شبه المغضَب فقال: يا اسحاق قد كان رشيد الهجري يعلم علم المنايا والبلايا والإمام أولى بعلم ذلك، ثم قال: يا اسحاق اصنع ما أنت صانع فإنّ عمرك قد فنى وقد بقي منه دون سنتين... فلم يلبث اسحاق بعد هذا المجلس إلاّ يسيراً حتى مات ..)) 23.
2. قال ابن نافع التفليسي: خلّفت والدي مع الحرم في الموسم وقصدت موسى بن جعفر(ع) فلما أن قربت منه هممت بالسلام عليه فأقبل عليّ بوجهه وقال: «برّ حجك ياابن نافع، آجرك الله في أبيك فإنّه قد قبضه إليه في هذه الساعة، فارجع فخذ في جهازه، فبقيت متحيراً عند قوله، وقد كنت خلّفته وما به علّة، فقال: ياابن نافع أفلا تؤمن؟ فرجعت فاذا أنا بالجواري يلطمن خدودهنّ فقلت: ما وراكنّ؟ قلن: أبوك فارق الدنيا، قال ابن نافع: فجئت إليه أسأله عمّا أخفاه ورائي فقال لي: أبداً ما أخفاه وراءك، ثم قال: يا ابن نافع ان كان في اُمنيتك كذا وكذا أن تسأل عنه فأنا جنب الله وكلمته الباقية وحجته البالغة )) 24.
3. قال خالد بن نجيح: قلت لموسى(ع) إنّ أصحابنا قدموا من الكوفة وذكروا أن المفضّل شديد الوجع، فادع الله له. فقال(ع): «قد استراح»، وكان هذا الكلام بعد موته بثلاثة أيّام ..
4. عن أبي بصير قال: دخلت على أبي الحسن الماضي(ع)، ما لبثت أن دخل علينا رجل من أهل خراسان فتكلّم الخراساني بالعربية، فأجابه هو بالفارسية.
فقال له الخراساني : أصلحك الله ما منعني أن اكلّمك بكلامي إلاّ أني ظننت أنك لا تحسن فقال: «سبحان الله! إذا كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك؟!»
ثم قال : «يا أبا محمد إنّ الإمام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طير ولا بهيمة ولا شيء فيه روح. بهذا يعرف الامام، فاذا لم تكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام ))26.
5. : روي عن أبي حمزة أنه قال : كنت عند أبي الحسن موسى(ع) اذ دخل عليه ثلاثون مملوكاً من الحبشة اُشتروا له، فتكلم غلام منهم ـ وكان جميلا ـ بكلام فأجابه موسى (ع) بلغته فتعجّب الغلام وتعجّبوا جميعاً وظنوا أنه لا يفهم كلامهم.
فقال له موسى(ع): «اني أدفع اليك مالا، فادفع الى كل (واحد) منهم ثلاثين درهماً».
فخرجوا وبعضهم يقول لبعض: «إنّه أفصح منا بلغتنا، وهذه نعمة من الله علينا.
قال علي بن أبي حمزة: فلما خرجوا قلت: يا ابن رسول الله! رأيتك تكلم هؤلاء الحبشيين بلغاتهم ! قال: نعم . وأمرت ذلك الغلام من بينهم بشيء دونهم؟
قال: نعم أمرته أن يستوصي بأصحابه خيراً وأن يُعطي كل واحد منهم في كل شهر ثلاثين درهماً، لأنّه لمّا تكلم كان أعلمهم، فانه من أبناء ملوكهم، فجعلته عليهم، وأوصيته بما يحتاجون إليه، وهو مع هذا غلام صدق.
ثم قال: لعلك عجبت من كلامي ايّاهم الحبشية ؟ قلت: اي والله.
قال(ع): لا تعجب فما خفي عليك من أمري أعجب وأعجب» 27.
قال بدر ـ مولى الإمام الرضا(ع) ـ : «إنّ اسحاق بن عمار دخل على موسى بن جعفر (ع) فجلس عنده اذ استأذن عليه رجل خراساني يكلّمه بكلام لم يسمع مثله قطّ كأنه كلام الطير.
قال اسحاق : فأجابه موسى(ع) بمثله وبلغته الى أن قضى وطره في مساءلته، فخرج من عنده، فقلت: ما سمعت بمثل هذا الكلام.
قال: هذا كلام قوم من أهل الصين وليس كل كلام أهل الصين مثله .
ثم قال: أتعجب من كلامي بلغته؟ قلت: هو موضع التعجب.
قال(ع): أُخبرك بما هو أعجب منه انّ الإمام يعلم منطق الطير، ومنطق كلّ ذي روح، وما يخفى على الإمام شيء»28.
زمن محمد المهدى العباسى
كانت فترة حكمه من الثالث من ذي الحجّة سنة 158 هـ حتّى 22 محرّم سنة 169 هـ . وكان منهجة بنفس مسيرة ونهج العباسيين ولكن مصلحة حكومته تقتضي أن تكون مرونه مع العلويين وكانت في بداية حكمه وتمثلت فيما أصدره من عفو عام عن جميع المسجونين وفي ردّ جميع الاموال المنقولة وغير المنقولة والتي كان قد صادرها أبوه ظلماً وعدواناً الى أهلها، فردّ على الإمام موسى الكاظم(ع) ما صادره أبوه من أموال الإمام الصادق(ع).
من صفاته البذخ و الاسراف من اموال المسلمين و راح هو نحو الخمر و السكر فصار فى ظل ملكه للمرأه نفوذ واسع كالخيزران ام هارون الرشيد و زوجة المهدى حيث كانت تعين و تفصل و تقرب و تبعد من تشاء، و بذلك انتشرت الميوعة والرشوه و من اقبح افعال المهدى انه سجن الامام الكاظم (ع) ذات مرة ثم اطلقه على اثر رؤيا .
وكان يشجع الوضاعين الذين يقومون بدور اعلامي تضليلي للسلاطين ليبرزوهم في المجتمع على أنهم يمثلون ارادة الله في الارض وكان احد الوضاعين
غياث بن ابراهيم الذي عرف هوى المهدي في الحَمام وعشقه لها فحدّثه عن أبي هريرة أنه قال :
لا سبق إلاّ في حافر أو نصل ـ وزاد فيه ـ أو جناح.
فأمر له المهدي عوض افتعاله للحديث بعشرة آلاف درهم، ولمّا ولّى عنه قال لجلسائه:
أشهد أنه كذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما قال رسول الله ذلك ولكنه أراد أن يتقرب اليّ .29.
وأسرف المهدي في صرف الاموال الضخمة من أجل انتقاص العلويين والحطّ من شأنهم فتحرّك الشعراء والمنتفعون وأخذوا يلفّقون الأكاذيب في هجاء العلويين ومن جملة هؤلاء الزنديق مروان بن أبي حفصة الذي دخل على المهدي ذات يوم وأنشده قائلا :
يا ابن الذي ورث النبي محمداً***دون الأقارب من ذوى الأرحام
الوحي بين بني البنات وبينكم***قطع الخصام فلات حين خصام
ما للنساء مع الرجال فريضة***نزلت بذلك سورة الانعام
أنى يكون وليس ذاك بكائن***لبني البنات وراثة الأعمام
فأجازه المهدي على ذلك بسبعين ألف درهم تشجيعاً له ولغيره على انتقاص أهل البيت(عليهم السلام).
ولمّا سمع الإمام موسى الكاظم(ع) بقصيدة مروان تأثّر أشدّ التأثّر، وفي الليل سمع هاتفاً يتلو عليه أبياتاً تجيب على أبيات بشار وهي:
أنى يكون ولا يكون ولم يكن***للمشركين دعائم الاسلام
لبني البنات نصيبهم من جدهم***والعم متروك بغير سهام
ما للطليق وللتراث وانما***سجد الطليق مخافة الصمصام
وبقي ابن نثلة واقفاً متلدداً***فيه ويمنعه ذوو الأرحام
إنّ ابن فاطمة المنوّه باسمه***حاز التراث سوى بني الاعمام |30.
و امتاز هذا الملك الجديد بميوله نحو اللهو و الخلاعة و المجون و النساء فانتشر على اثر ذلك الفساد و المجون فى البلاد و التحلل الخلقى بين الناس، و هو الذى قرب المغنين و جعل لهم اياماً خاصة حتى صار ابنه «ابراهيم» شيخ المغنين و بنته «عليّة» فى طليعة المغنيات و العازفات و الراقصات فى بغداد .
وقد روي من بذخه واسرافه ما بذله لزواج ابنه هارون من زبيدة حتى قال معتز عن بدلة ليلة الزفاف: بأن هذا شيء لم يسبق اليه أكاسرة الفرس ولا قياصرة الروم ولا ملوك الغرب..31.
و لما ورد ابوالحسن الكاظم (ع) على المهدى العباسى رآه يرد المظالم.
فقال الامام: ما بال مظلمتنا لا ترد؟
المهدى العباسى: و ماذاك يا اباالحسن؟
الامام ان الله تبارك و تعالى لما فتح على نبيه فدك.
و ما والاها لم يوجب عليه بخيل و الاركاب «اى فتحت بلا حرب» فانزل الله على نبيه ان ادفع فدك الى فاطمة الزهراء (س) ، فلم يزل وكلاء فاطمة فيها فى حياة رسول الله (ص) فلما ولى ابوبكر اخرج عنها وكلاءها فاخذها منها غصباً.
المهدى: يا اباالحسن حدها لى ؟
الامام: حد منها جبل احد و حد منها عريش مصر و حد منها سيف البحر و حد منها دومة الجندل... المهدى: كل هذا؟
الامام: نعم هذا كله ممالم يوجف اهله على رسول الله(ص)بخيل و لاركاب.
المهدى: كثير هذا سانظر فيه .
وكانت تُعتبرخلافة المهدي مِن أيسرِ فترات الحكم العباسي بالنسبة للامام وللطالبيين .
وبنفس الوقت هناك كان المهدي العباسي يخاف من قوة تأثير وشخصية امامنا الكاظم (ع) ..وقد وضع العباسي في حسبانه كراهيته للطالبين والخوفِ من ثورتهم والتفاف جماهير الاُمّة ووجهائها من حولهم .
ولذلك في احد المرات امر المهدي العباسي واليه على المدينة أن يُبلِغَ الامامَ موسى بن جعفر للحضور إلى بغداد للمحاكمة والسجن .
على اثر ذلك شدّ الامام رِحالَ السّفر وهو مظلوم ..وقد تعلقت قلوب الشيعة واتباعه ومحبيه بركبه السائر .وقد اكد امامنا الكاظم (ع) لاحد خواصّه ومريديه أن يدَ المهدي العباسي لنْ تَصِلَ إليه بسوء .
وعندما وصل الامام الى بغداد فأمر المهدي بالقبض عليه ، وزجّه في السجن ..
وبعد سجن الامام (ع) رأى المهدي بعد سجنه للامام ، رأى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) في المنام ، وهو يقول له :
« يا محمّد (هلْ عسيتُمْ إنْ تولَّيتُمْ أنْ تُفسدوا في الارضِ وتُقطِّعوا أرحامَكُم) » .
ففزعَ المهدي وقام من نومه مذعوراً ، فاستدعى حاجبه الربيع ، وأمره بإطلاقِ سراحِ الامام (ع) .
وبعد أن ذاع صيت الامام (ع) استخدم المهدي سياسة التشدد على الإمام موسى الكاظم(عليه السلام)، فلقد استدعاه إلى بغداد وحبسه فيها ثم ردّه إلى المدينة.32.
وفي اوخر حكمه خطط لقتل الامام موسى بن جعفر (ع) عن طريق حميد بن قحطبة، حيث دعا المهدي حميد بن قحطبة نصف الليل وقال: إنّ إخلاص أبيك وأخيك فينا أظهر من الشمس، وحالك عندي موقوف.
فقال: أفديك بالمال والنفس، فقال هذا لسائر الناس.
قال: أفديك بالروح والمال والأهل والولد، فلم يجبه المهدي.
فقال أفديك بالمال والنفس والأهل والولد والدين فقال: لله درّك.
فعاهده المهديّ على ذلك وأمره بقتل الإمام الكاظم (ع) في السُحرة بغتة, فنام فرأى في منامه علياً يشير اليه ويقرأ: (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطّعوا أرحامكم) 33.
فانتبه مذعوراً، ونهى حميداً عمّا أمره، وأكرم الإمام الكاظم(عليه السلام) ووصله..34.
وأن الحكام العباسيين كالسفّاح والمنصور لم يسمحا لنسائهما بالتدخل في شؤون الدولة ..وعندما استولى المهدي العباسي بدأ سلطان المرأة ينفذ الى البلاط فزوجته الخيزران أصبحت ذات نفوذ قوي على القصر تقرب من تشاء وتبعّد من تشاء. ومن هذا العصر أخذ نفوذ المرأة يزداد ويقوى في بلاط الحكّام العباسيين حتى بلغ نهايته في أواسط العهد العباسي واستمر حتى نهاية حكمهم 35.
وكان دور الامام الكاظم (ع) نشطا واستغل الفرصة المحدودة حيث قام باصلاح الامة والانفتاح عليها ضمن صيغ وأساليب سياسية وتربوية من شأنها إعادة الاُمة إلى وعيها الإسلامي وقيمها الرسالية .
تعليق