الامام علي (ع) وزير وخليفة ووصي الرسول (ص) بالدليل
وقال عضد الدين الأيجي: (وأجمع أئمة التفسير أن المراد علي)(11)وقال سعد الدين التفتازاني: (نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته)(12).وقال علاء الدين علي بن محمد الحنفي القوشجي السمرقندي: (بيان ذلك: أنها نزلت باتفاق المفسرين في حق علي بن أبي طالب حين أعطى السائل خاتمه وهو راكع في صلاته ... )(13).وقال ابن الجوزي: (قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ﴾ اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال، أحدها أنّ عبد الله بن سلام وأصحابه جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا إنّ قومنا قد أظهروا لنا العداوة ولا نستطيع أن نجالس أصحابك لبعد المنازل، فنزلت هذه الآية، فقالوا رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين وأذّن بلال بالصلاة فخرج رسول الله (ص) فإذا مسكين يسأل الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أعطاك أحد شيئاً ؟ قال: نعم، قال: ماذا ؟ قال: خاتم من فضّة، قال من أعطاكه ؟ قال: ذاك القائم، فإذا هو علي بن أبي طالب، أعطانيه وهو راكع، فقرأ رسول الله (ص) هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس وبـه قال مقاتل، وقال مجاهـد: نزلت في علي بن أبي طالب تصدّق بخاتمه وهو راكع ... )(14).وتستطيعون مراجعة تفاسير اخرى(15).والرسول (ص) يعتبر اتباع علي إنما هو طاعة لله ورسوله في قوله (ص) { من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصا علياً فـقـد عصاني }(16).وعن الامام الحسين (ع) قال: { لما نزلت هذه الآية ( وكل شيء أحصيناه في أمام مبين } قالوا: يا رسول الله هو التوراة أو الإنجيل أو القرآن ؟ قال: لا، فاقبل إليه أبي علي (ع) فقال (ص): هــــو هــذا الإمام الذي احصى علم كل شيء ..(17).وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله (ص)، فقالوا: إذا لقينا رسول الله (ص) أخبرناه بما صنع علي، فأقبل رسول الله (ص) والغضب يعرف في وجهه وقال: ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن بعدي ..(18).وفي الجامع لأحكام القرآن للقرطبي عند تفسير قوله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع ". قيل إن السائل هنا هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنه لما بلغه قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (رض ): " من كنت مولاه فعلي مولاه " ركب ناقته فجاء حتى أناخ راحلته بالأبطح ثم قال: يا محمد أمرتنا عن الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلناه منك. .. إلى قوله: ثم لم ترض بهذا حتى فضلت ابن عمك علينا، أفهذا شيء منك أم من الله ؟ فقال النبي (ص ): والله الذي لا إله إلا هو، ما هو إلا من الله، فولى الحارث، وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، وائتنا بعذاب أليم، فوالله ما وصل إلى ناقته حتى رماه الله بحجر فوقع على دماغه فخرج من دبره فقتله فنزلت: (سأل سائل...)(19).وهناك ايات في ولاية امير المؤمنين علي (ع) وهذه منها :قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ... يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْم يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّة عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّة عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِم ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ...احاديث رسول الله (ص) في امام المتقين علي بن ابي طالب (ع) .و ما قآله (صلى الله عليه وآله وسلم) في علي (عليه السلام): (يا علي انت وصيي ووارثي وابو ولدي وزوج ابنتي .. امرك امري، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، انك لحجة الله على خلقه، وامينه على سره وخليفة الله على عباده)(20).. قوله (ص) لعلي (ع): أنت مني و أنا منك(21).قال (ص): علي ولي كل مؤمن بعدي(22).و قوله (ص): حب علي إيمان و بغضه نفاق(23).و قوله(ص): يا علي طوبى لمن أحبك و صدق فيك و ويل لمن بغضك و كذب فيك(24).و قوله (ص) مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أخو رسول الله(25).و قوله (ص) فيما أخرجه ابن السماك عن أبي بكر مرفوعاً: علي مني بمنزلتي من ربي(26).و قوله (ص) يوم عرفات في حجة الوداع: علي مني و أنا من علي و لا يؤدي عني إلا أنا أو علي(27).قوله يا علياً من فارقني فقد فارق الله و من فارقك فقد فارقني(28)قوله (ص) لعلي (ع): أن الأمة ستغدر بك بعدي و أنت تعيش على ملتي و تقتل على سنتي من أحبك أحبني و من أبغضك أبغضني وأ ن هذه ستخضب من هذا يعني لحيته من رأسه)(29).قوله (ص) مشيراً لعلي (ع): إن هذا أخي و وصيي و خليفتي من بعدي فاسمعوا له و أطيعوا(30).قال الرسول (ص) علي وشيعته هم الفائزون(31).وروى الطبراني في (المعجم الكبير) عن سلمان قال: قلت: يا رسول الله لكل نبي وصي فمن وصيك ؟ فسكت عني فلما كان بعد رآني، فقال: يا سلمان فأسرعت إليه، قلت: لبيك، قال " تعلم من وصي موسى ؟ قلت: نعم يوشع بن نون، قال: لم ؟ قلت: لأنه كان أعلمهم، قال فإن وصي وموضع سري وخير من أترك بعدي ينجز عدتي ويقضي ديني علي بن أبي طالب "(32).وأن أحاديث نبينا الاكرم (ص) في امام المتقين ويعسوب الدين الامام علي (ع) لاتمل وهي كثيرة وسأكتب بقيتها نهاية الدراسة منطلقا من قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وأحب تلك الاحاديث ولا املها .اما الاحاديث الموقوفة على الصحابة فأولها ما رواه الحاكم في (المستدرك) عن قيس بن أبي حازم قال: " كنت بالمدينة فبينا أنا أطوف في السوق إذ بلغت أحجار الزيت، فرأيت قوما مجتمعين على فارس قد ركب دابة وهو يشتم علي بن أبي طالب والناس وقوف حواليه، إذ أقبل سعد ابن أبي وقاص فوقف عليهم، فقال: ما هذا ؟ فقالوا: رجل يشتم علي بن أبي طالب، فتقدم سعد فأفرجوا له حتى وقف عليه، فقال: يا هذا على ما تشتم علي بن أبي طالب ألم يكن أول من أسلم ألم يكن أول من صلى مع رسول الله (ص) ألم يكن أزهد الناس ألم يكن أعلم الناس، وذكر حتى قال: ألم يكن ختن رسول الله (ص) على ابنته ألم يكن صاحب راية رسول الله (ص) في غزواته ثم استقبل القبلة ورفع يديه، وقال: اللهم إن هذا يشتم وليا من أوليائك فلا تفرق هذا الجمع حتى تريهم قدرتك، قال قيس: فوالله ما تفرقنا حتى ساخت به دابته فرمته على هامته في تلك الأحجار فانفلق دماغه ومات .قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم "(33).وروى أحمد في مسنده عن عمرو بن حبشي قال: " خطبنا الحسن بن علي بعد قتل علي (رض) فقال: لقد فارقكم رجل بالأمس ما سبقه الأولون بعلم ولا أدركه الآخرون، إن كان رسول الله (ص) ليبعثه ويعطيه الراية، فلا ينصرف حتى يفتح له، وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبع مئة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم أهله "، قال محقق الكتاب: حسن، عمرو بن حبشي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان(34) وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين(35).للوقوف على تفاصيل حديث الغدير و ما يتعلق به و دراسته بصورة دقيقة وشاملة يمكن مراجعة الكتب التالية:1. الغدير في الكتاب و السنة و الأدب، للعلامة الشيخ عبد الحسين الأميني (قدَّس الله نفسه الزَّكية) .2. المراجعات، للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي (قدَّس الله نفسه الزَّكية ).والمصادرالاخرى لحديث الغدير(64) وهي كثيرة جدا.
مجاهد منعثر منشد الخفاجي
هذه الدراسة ليس مقالا أو طعن في أحد بل بحث عميق يوصلنا للاعلم بعد الرسول محمد (ص) وبأدلة من كتب جهابذة العلماء واعتمدنا في الموضوع على علماء من السنة .وأطلب من كل قارئ كريم أن يتصفح المصادر التي سأذكرها وبعد انتهائه من مصداقية الدراسة يقرر هل انا على حق أو باطل ..ومن المعلوم قد سبقنا الكثيرين رحم الله الاموات منهم وحفظ الاحياء لخدمة المسلمين .والفرق في هذا البحث هو انني جمعت الكثير من المصادر للبيان عن من يريد أن يصل الى الله تعالى ويشفع له رسول الله ابو القاسم محمد (ص) ويأخذ علومه من باب المدينة التي اشار لها رسول الله (ص) انا مدينة العلم وعلي بابها .وهذا البحث قليل من كثير .إن المخطط الإلهي للحياة البشرية مخطط حكيم و كامل و لا يمكن أن يهمل مسالة قيادة الأمة الإسلامية بعد الرسول (ص) بدون تخطيط أو يترك الأمة من غير راعٍ و ولي، و هذا مما يدفع بالأمة إلى الانزلاق نحو هاوية الفتن والصراعات والتناقضات، و يكون سبباً لإهدار أتعاب الرسالة، و هو ما لا يقبله العقل السليم و لا يصدقه الشرع طبعاً.يقول الرسول (ص):ـ (فان الله قد نصبه لكم وليا واماما وفرض طاعته على كل احد. ماض حكمه. جائز قوله. ملعون من خالفه. مرحوم من صدقه. اسمعوا له واطيعوا. فان الله مولاكم وعلي امامكم ثم الامامة في ولدي من صلبه إلى القيامة. لا حلال الا ما احله الله ورسوله. ولا حرام الا ما حرمه الله ورسوله وهم )(1).و ما قآله (ص) في علي (ع): (يا علي انت وصيي ووارثي وابو ولدي وزوج ابنتي .. امرك امري، ونهيك نهيي اقسم بالله الذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية، انك لحجة الله على خلقه، وامينه على سره وخليفة الله على عباده)(2).الايات القرانية في منصب الامام علي (ع) ..يقول أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري، المتوفى سنة: 468 هجرية، عن أبي سعيد الخدري، قال: "نزلت هذه الآية :﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾(3) يوم غدير خم، في علي بن أبي طالب رضي الله عنه"(4).وقال. أبو الفضل شهاب الدين محمود الآلوسي البغدادي، المتوفى سنة 127 هجرية، عن ابن عباس، قال: نزلت الآية: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ... ﴾ في علي حيث أمر الله سبحانه أن يخبر الناس بولايته، فتخوّف رسول الله (ص) أن يقولوا حابى ابن عمه و أن يطعنوا في ذلك عليه، فأوحى الله تعالى إليه، فقام بولايته يوم غدير خم، و أخذ بيده، فقال رسول الله (ص ): " من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم والِ من والاه و عادِ من عاداه "(5).و إن نزول آية الإكمال و هي: ﴿ ...الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ...)(6) في يوم الغدير بعد إبلاغ النبي (ص) الناسَ بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) لدليل واضح على أن اكتمال أهداف الرسالة و ضمان عدم وقوع انحرافٍ أو فراغٍ تشريعي أو قيادي أو سياسي بعد الرسول (ص )، إنما يتحقق في حالة استمرارية القيادة المنصوبة و المنصوص عليها من قبل الله ..وقال تعالى { إنما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }(7)لقد اتفق الفريقان سنة وشيعة على رواية حادثة تصدق الإمام أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام بخاتمه على السائل في مسجد النبي (ص) في الصلاة حال ركوعه ونزول قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ فيه.وقد صرّح العديد من علماء أهل السنة وأئمتهم بنزول الآية في علي عليه السلام، قال الشريف الجرجاني في كتابه (شرح المواقف): (وقد أجمع أئمة التفسير على أنّ المراد بـ ﴿ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ علي فإنّه كان في الصلاة راكعاً فسأله سائل فأعطاه خاتمه فنزلت الآية)(8).يقول الزمخشري في كشافه: ( وإنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين سأله سائل وهو راكع في صلاته فطرح خاتمه كأنه مرجأ في خنصره فلم يتكلف لخلعه كثير عمل تفسد بمثله صلاته )(9).وفي تفسير القرآن العظيم لابن كثير:{ إنما وليكم الله ... الآية } عن غالب بن عبد الله سمعت مجاهدا يقول في قوله ـ إنما وليكم الله ورسوله .. الآية نزلت في علي بن آبى طالب، تصدق وهو راكع .. (10).يقول حسان بن ثابت في هذه المناسبة:أبا حسن تفديك روحي ومهجتي *** وكل بطيء في الهوى ومسارع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت راكعاً *** فدتك نفوس الخلق يا خير راكع
بخاتمك الميمون يا خير ســـــيدٍ *** ويا خير شار ٍ ثم يا خــــير بايـع ٍ
فأنزل فيك الله خير ولايــــــــــة ٍ *** وبيّنها في المحكمات الشـــرائع
حديث الغدير بحق امير المؤمنين (ع)
حديث الغدير حدث رباني تاريخي قرر الله تعالى و رسول الله (ص) مصير المسلمين من بعد وفاته .فغير ممكن أن تبقى الارض خالية من مصدر للشرعية الاسلاميةومن يكذب أحاديث رسول الله (ص) ملعون في الدنيا والاخرة ,والذين يزرعون بذور الفتنة هم من يكذبون الاحديث النبوية الشريفة ..والافضل البحث عن الحقيقة فأن حديث الغدير صحيح لا مرية فيه وقد أخرجه جماعة - كالترمذي والنسائي وأحمد وطرقه كثيرة جدا، ومن ثم رواه ستة عشر صحابيا وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته. الحديث يحمل دلالة واضحة و صريحة على إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) باعتباره المرشح الوحيد لتسلّم زمام الأمة بعد النبي(ص)، و كونه الولي الشرعي المنصوب من قبل رب العالمين بواسطة سيد الأنبياء و المرسلين (ص) و هو الأمر الذي اعتبره الله عَزَّ و جَلَّ تكميلاً للرسالة و تتميماً للنعمة.. قال الخطيب البغدادي: أبو بكر احمد بن علي، المتوفى سنة: 463 هجرية، عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجة كتب له صيام ستين شهرا، و هو يوم غدير خم لمّا اخذ رسول الله (ص) بيد علي بن أبي طالب (ع) فقال: " ألست أولى بالمؤمنين " ؟قالوا: بلى يا رسول الله .قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه " .فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي و مولى كل مسلم(36).وحديث الغدير متواتر رواه(37) المحدثون عن أصحاب النبي (ص) و عن التابعين بصيغٍ مختلفة، تؤكد جميعها على إمامة الإمام أمير المؤمنين (ع)، لكون الجوهر الأصلي فيه واحد و إن اختلفت بعض العبارات.وذكر أبو إسحق الثعلبي في تفسيره بإسناده أن النبي (ص) لما قال ذلك طار في الأقطار وشاع في البلاد والأمصار، فبلغ ذلك الحرث بن النعمان الفهري فأتاه على ناقة فأنافها على باب المسجد ثم عقلها، وجاء فدخل المسجد فجثا بين يدي رسول الله (ص) فقال: يا محمد، إنك أمرت نا أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فقبلنا منك ذلك. .. ثم لم ترض بهذا حتى رفعت بضبعي ابن عمك وفضلته على الناس، وقلت من كنت مولاه فعلي مولاه، فهذا شيء منك أو من الله، فقال رسول الله (ص) وقد احمرت عيناه، والله الذي لا إله إلا هو إنه من الله وليس مني، قالها ثلاثاً(38).يقول مسلم في صحيحه: " وعن زيد بن أرقم قال: قام رسول الله (ص) يوما فينا خطيبا بماء يدعى " خما " بين مكة والمدينة فحمد الله ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله. .. ثم قال وأهل بيتي. .. "(39).وأخرج الحافظ النسائي في الخصائص: عن زيد بن أرقم قال: لما رجع النبي (ص) من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال: كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض. .. ثم قال: إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن: ثم أخذ بيد علي (رض) فقال: من كنت وليه، فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. .. فقلت لزيد: سمعته من رسول الله (ص) قال: نعم، وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا ورآه بعينه وسمعه بأذنيه)(40).وعن زيد بن أرقم قال: استشهد علي بن أبي طالب الناس، فقال أنشد الله رجلا سمع النبي (ص) يقول: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه فقام ستة عشر رجلا فشهدوا(41).وأخرج ابن المغازلي الشافعي حديث الغدير بطرق كثيرة، فتارة عن زيد بن أرقم، وأخرى عن أبي هريرة، وثالثة عن أبي سعيد الخدري وتارة عن علي بن أبي طالب، وعمر بن الخطاب، وابن مسعود وبريدة، وجابر بن عبد الله، وغير هؤلاء .فعن زيد بن أرقم " أقبل نبي الله من مكة في حجة الوداع حتى نزل (ص) بغدير الجحفة بين مكة والمدينة فأمر بالدوحات فقم ما تحتهن من شوك ثم نادى: الصلاة جامعة، فخرجنا إلى رسول الله (ص) في يوم شديد الحر، وإن منا لمن يضع رداءه على رأسه وبعضه على قدميه من شدة الرمضاء. .. إلى قوله: ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب (ع) فرفعها ثم قال: من كنت مولاه فهذا مولاه، ومن كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قالها ثلاثاً(42).قال أبو القاسم الفضل بن محمد: هذا حديث صحيح عن رسول الله (ص )، وقد روى حديث غدير خم عن رسول الله (ص) نحو من مائة نفس منهم العشرة(43).كيفية حديث الغدير
ولما قضى رسول الله (ص) نُسُكَه قَفَلَ إلى المدينة راجعاً وفي الطريق نزلت عليه في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة(44).آية: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)(45), فنزل غدير خُمّ من الجُحفة(46), وكان يتشعَّب منها طريق المدينة ومصروالشام(47), ووقف هناك حتى لحقه من بعده ورد من كان تقدم(48). ونهى أصحابه عن سمُرات , متفرقات بالبطحاء أن ينزلوا تحتهن، ثم بُعث إليهن فَقُم , ما تحتهن من الشوك , ونادى بالصلاة جامعة(49), وعمد إليهن , وظُلِّل بثوب على شجرة سمُرة من الشمس(50), فصلى الظهر بهجير(51),ثم قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ووعظ وقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال:إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإنِّي مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون ؟قالوا نشهد أنّك بلَّغت ونصحت فجزاك الله خيراً.قال: أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنَّ محمداً عبده ورسوله وأنَّ الجنَّة حق وأنَّ النار حق ؟قالوا: بلى نشهد ذلك.قال: اللهم اشهد، ثم قال: ألا تسمعون ؟ قالوا: نعم.قال: يا أيها الناس إنِّي فَرَط وأنتم واردون علىَّ الحوض وإن عَرْضَه ما بين بصرى إلى صنعاء(52), فيه عدد النجوم قِدحان من فضة، وإنّي سائلكم عن الثقلين فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله طرف بيد الله وطرف بايديكم فاستمسكوا به لا تَضِلوا ولا تُبدِّلوا، وعترتي أهل بيتي وقد نبَّأني اللطيف الخبير أنهما لن يتفرَّقا حتى يرِدا علي الحوض سألت ذلك لهما ربي، فلا تَقدَّموهما فتهلكوا، ولا تُقصِّروا عنهما فتهلكوا ولا تعلِّموهما فهم أعلم منكم. ثم قال: ألستم تعلمون أنِّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا: بلى يا رسول الله(53).قال: ألستم تعلمون أو تشهدون أنّي أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا: بلى يا رسول الله(54) ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب بضَبْعِهِ فرفعها حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما ثم قال: أيها الناس ! الله مولاي وأنا مولاكم(55).فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه(56). وانصر من نصره واخذُل من خذله وأحِبّ من أحَبَّه وابغض من أبغضه(57). ثم قال: اللهم اشهد(58). ثم لم يتفرقا رسول الله وعلي حتى نزلت هذه الآية (... الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ...) المائدة/3.فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة. ورضا الرب برسالتي والولاية لعلي(59).فلقيه عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة(60).وفي رواية قال له: بخ بخِ لك يا ابن أبي طالب(61). وكانت لرسول الله (ص) عِمامة تُسمى السَّحاب كساها علياً (زاد المعاد لابن القيم فصل في ملابسه (ص) (يوم الغدير) وكانت سوداء اللون وكان الرسول (ص) يلبسها في أيام خاصة مثل يوم فتح مكة(62). وأمر النبي (ص) علياً)ع) أن يجلس بخيمة له بأزائه، ثم أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فَهَنَّوْهُ بالإمامة ويسلِّمون عليه بإمْرَة المؤمنين، ففعل الناس ذلك اليوم كلهم وكذلك أزواج النبي (ص) وجميع نساء المؤمنين معه. وأنشأ حسان بن ثابت في ذلك اليوم يقول:يناديهم يوم الغدير نبيُّهم *** بخُمّ وأسمِعْ بالرسول مناديا
وقال فمن مولاكمُ ووليكم *** فقالوا ولم يُبْدوا هناك التعاديا
إلهك مولانا وأنت ولينا *** ولن تجدَنْ منا لك اليوم عاصيا
فقال له قم يا علي فإنني *** رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه *** فكونوا له أنصار صِدق مَواليا
هنالك دعا اللهم والِ وليه *** وكن للذي عادى علياً معاديا(63)
تعليق