هو احمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضرابن تيميه.
ولد سنه 661ه في مدينه حران في جزيرة الشام. وتوفى سنه 728ه بسجنالقلعة في دمشق. كان حاد الذكاء، وحاد الطبع أيضا، دخل السجن ثلاث مرات بسبب بعضعقائده وبعضفتاواه. وبقى ابن تيميه مجهول الأصل لا يعرف سوى أنه عاش 67 سنه ولميتزوج، ولم يذكر هو ولا احد غيره السر في عزوفه عن الزواج.
ترك كتبا كثيرة فيالعقائد والفقه.. وأصبح في ما بعد الإمام الذي تنتسب إليه الفرقة الوهابية، فهيالتي جددت عقائده وأفكاره وروجت لها.واهم هذه الأفكار والعقائد سنقف عليها فيالفقرات التالية:
1- ابن تيميه والحديث الشريفهل كان حقا ما يقوله مقلدواابن تيميه: إن كان إماما في الحديث؟
إن الحق مع الآخرين الذين اعرضوا عن طريقتهفي التعامل مع الحديث ووصفوه بالتسرع وعدم التثبت وأتباع الهوى؟
لا ينبغي أنيطلب الجواب من هؤلاء ولا من أولئك، وإنما من كلامه هو الذي يظهر فيه بوضوح أسلوبهفي التعامل معالحديث الشريف..
واليك من بطون مصنفاته هذه النماذج:
ا في التوسل بالنبي(ص) في الدعاء
نقل ابن تيميه جمله من الأحاديث التيشهد على صحتها وردت عن بعض الصحابة والتابعين في توسلهم بالنبي(ص)، كالدعاءالمشهور: (اللهم انى أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد انى أتوجه بك إلى ربكوربى يرحمني مما بي) ونحوه، و نقل عمل السلف بها عن البيهقى وابن السنيوالطبراني، ثم قال: وروى في ذلك اثر عن بعض السلف، مثل ما رواه ابن أبى الدنيافي كتاب (مجاني الدعاء)... فهذا الدعاء ونحوه قد روى انه دعا به السلف، ونقل عناحمد بن حنبل في (منسك المروزى) التوسل بالنبي(ص) في الدعاء.
«التوسل والوسيلة: 105 106»
ولكنه في الصفحات الأولى من هذا الكتاب نفسه كان يقول: إنأحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين لم يطلب من النبي (ص) بعد موتهأن يشفع له!! ولا سأله شيئا! ولا ذكر ذلك احد من أئمة المسلمين فيكتبهم!«المصدر:18» فأين إذا ما نقله هناك عن ابن أبى الدنيا واحمد بن حنبل وابنالسني والبيهقى والطبراني حتى صرح انه كان من فعل السلف التوسل بالنبي(ص)؟
ب - في زيارة قبر النبي(ص) وقبور الأنبياءوالصالحين:
قال ما نصه: ليس عنالنبي(ص) في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديثا ثابتا أصلا.«كتابالزيارة12-13» وقال: (والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعه لم يروألائمه ولا أصحاب السنن المتبعة منها شيئا).
ومع قوله هذا فهو ينقل بينالموضعين الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه والدارقطنى في سننه أيضا عن رسولاللّه(ص) انه قال: (من زارني بعد مماتي كأنما زارني في حياتي)!! لكنه يعود فيتنكرله ويقول: لم يرو احد من ألائمه في ذلك شيء ولا جاء فيه حديث في السنن!!
ج- فيالتفسير وأسباب النزول:
قال: حديث على في تصدقه بخاتمه في الصلاة موضوع باتفاقأهل العلم.« مقدمه فيأصولالتفسير:31، 36»ثم تكلم عن التفاسير فقال: أماالتفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري فانه يذكر مقالاتالسلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعه ولا ينقل عن المتهمين.
ونحو هذا قاله فيتفسير البغوى أيضا.«مقدمهفيأصول التفسير:51» لكن الطبري روى هذا الحديث منخمسه طرق بأسانيدهاالثابتة عند تفسير الآية: (إنما وليكم اللّه ورسوله والذينآمنواالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). «المائدة:
55».
ورواها البغوى أيضا بل اجمع على روايتها أصحاب التفاسير قاطبة، فانظر هذه الآيةفي تفسير الطبري والبغوى
والزمخشرى والرازي وأبى السعود والنسفى والبيضاوي
والقرطبى والسيوطى والشوكانى والالوسى وأسباب النزول للواحدى.
د- في جوازلعن يزيد بن معاوية أو عدم جوازه:
ينقل حديث الإمام احمد بن حنبل فيقول: قيلللإمام احمد:
أتكتب حديث يزيد؟ فقال: لا، ولا كرامه، أوليس هو الذي فعل بأهلالحره ما فعل؟! وقيل له: إن قوما يقولون: إنا نحب يزيد.
فقال: وهل يحب يزيد احديؤمن باللّه واليوم الآخر؟!
فقال له ابنه صالح: لم لا تلعنه؟
فقال الإماماحمد: ومتى رأيت أباك يلعن أحدا.
انتهى.«راسالحسين:205» لكن الحق إن حديثالإمام احمد لم ينته بعد، وإنما له تتمهصرح فيها بلعن يزيد.. والحديث بتمامهرواه أبو الفرج ابنالجوزى وغيره، وفيه:
فقال احمد: ولم لا يلعن من لعنهاللّه تعالى في كتابه؟!
فقيل له: وأين لعن اللّه يزيد في كتابه؟
فقرا احمدقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فيالأرض وتقطعوا أرحامكم× أولئكالذين لعنهم اللّه فاصمهم وأعمى إبصارهم) ثم قال: فهل يكون فساد أعظم من القتل؟! وعلى هذه الطريقة مضى مع أحاديث الرسول والسلف تكذيبا وتزويرا كلما جاء الحديثبخلاف رأيه وهواه. وفى الفقرات اللاحقة شواهد أخرى من كلامه وتعامله مع الحديث.
فهذا هو الموقع الحقيقي للحديث عند ابن تيميه.
- ابن تيميه وصفات اللّه تعالى.
يرى ابن تيميه إن جميع ما ورد في الصفات منالآياتوالأحاديث يجب أن تفهم على ظاهرها وما يؤديه اللفظ من معنى. بلا تأويل..
وعلى هذا قال: إن اللّه تعالى في جهة واحده هي جهة الفوق، وهو في السماء مستوعلى العرش وقد امتلأ به العرش فما يفضل منه أربعه أصابع، وانه ينزل إلى السماءالدنيا ثم يعود، وان له أعضاء وجوارح من أعين وأيدي وأرجل وغاية ما في الأمر إنهالا تشبه جوارح البشر وسائر المخلوقات!!
ويقول: والذين يوولون المعنى أولئك ماقدروا اللّه حق قدره،
وما عرفوه حق معرفته.
والبرهان الذي يقدمه ابن تيميهعلى عقيدته هذه زعمه أنهاعقيدة السلف من الصحابة والتابعين، فيقول: قد طالعتالتفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، و وقفت على ما شاء اللّهتعالى من الكتب الكبار والصغار، أكثر من مئة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن احدمن الصحابة انه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهومالمعروف.«تفسير سورهالنور لابنتيميه:178» فسرت هذه الكلمة بين مقلديه والمغرمين بهسريان الريح من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر في كتب التفسير التي نقلت كلامالصحابة في آيات الصفات، ولو تفسير واحد من التفاسير التي أثنى عليها ابن تيميه،كتفسير الطبري والبغوى وابن عطية.
فهذه التفاسير وغيرها مشحونة بما جاء عنالصحابة والتابعين في تأويل آيات الصفات بعيدا عن التجسيم الذي يقول به ابن تيميهوالحشويه.
انظر مثلا تفسير آية الكرسي، فقد نقل الطبري عن ابن عباس إن كرسيهيعنى علمه، واستشهد لذلك بكلام العرب في هذا المعنى. وهو الذي نقله البغوى ونقلهالشوكانى عن ابن عطية ونقله القرطبى وغيرهم أيضا.
وانظر تفسير الآيات التي فيهاذكر الوجه فلا تجد في هذه التفاسير كلمه واحده تدل على عقيدة ابن تيميه وتشهدلقوله، بل كل ما فيها مما هو منقول عن السلف يشهد على ضده..
ففي قوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) «القصص: 88» قالوا: أي إلا هو.
وكذلك في قولهتعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) «الرحمن: 27».
وفى سائر الآياتالأخرى: (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه) «البقرة: 272».
(والذين صبرواابتغاء وجه ربهم) «الرعد: 22».
(ذلك خير للذين يريدون وجه اللّه) «الروم: 38».
(وما آتيتم من زكاه تريدون وجه اللّه) «الروم: 39».
(إنما نطعمكم لوجهاللّه) «الدهر: 9».2(إلا ابتغاء وجه ربهالأعلى) «الليل: 20».
في هذهالآيات جميعا فسروا الوجه بالثواب. ولم يرد عن احد ولا كلمه واحده تفيد المعنى الذييريده ابن تيميه من ظاهر اللفظ، أي أن الوجه هو هذه الجارحة المعروفة من الجوارحكما للإنسان!!
أما قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه اللّه) فقد اقر ابن تيميهبان السلف قد أولوا الوجه هنا، فقالوا إن المراد به الجهة، لكنه جعل هذه الآية ليستمن آيات الصفات.«العقودالدريه:248» وهكذا مع الآيات التي فيها ذكر العينوالأيدي.
وهكذا نسب إلى الصحابة والسلف ما لم يقولوا به بل قالوا بعكسه تماما،تبريرا لمذهبه! ورغم ذلك فانه لم يستطع في كل ما كتب أن يأتي بكلمه واحده عن واحدمن الصحابة تشهد لقوله!!
من كلامه في التجسيم:
وله في التجسيم كلام صريحكان يقوله في خطبه، لكنه لميذكره بنصه في كتبه التي وصلتنا، فمن ذلك:
ا مانقله ابن بطوطة وابن حجر العسقلانى، انه قال وهو على المنبر: إن اللّه ينزل إلىسماء الدنيا كنزولي هذا.
ب- ما نقله أبو حيان في تفسيريه (البحر المحيط) و(النهر) من انه قرأ في (كتاب العرش) لابن تيميه ما صورته بخطه:
إن اللّه تعالىيجلس على الكرسي، وقد أخلى مكانا يقعد معه فيه رسول اللّه. ولكن هذا الكلام الذينقله يوسف النبهانى عن كتاب (النهر) لأبى حيان، ونقله صاحب كشف الظنون فيكتابهقد حذف من كتاب (النهر) الطبوع، كما حذف غيره من الكلام الذي تناول فيه عقائد ابنتيميه!
ولكن ابن تيميه قد دافع عن هذا المعنى بإصرار من غير أن يذكر جلوس النبيمعه على العرش، وذلك فيكتابه.(منهاجالسنة1:260-261).
ج- قوله: رفعاليدين في الدعاء دليلا على أن اللّه تعالى في جهةالعلو.«المحموديهالكبرى:94، شرححديثالنزول:59» ترى إذا توجه المصلى نحوالقبلة وقال: (وجهت وجهي للذيفطر السموات والأرض) فهل يستدل من هذا على انهتعالىشانه من جهة القبلة؟ سبحانه وتعالى عما يصفون.
إن الجمود على ما يفهممن ظاهر اللفظ لأول وهله يعد من اكبر الخطأ، وليس هو من شان العرب الذين نزل القرآنبلغتهم.
ففي قوله تعالى: (واعتصموا بحبل اللّه جميعا) هل قال احد أن الحبلهنا هو ما نفهمه من لفظ الحبل، فعلينا أن ننتظر حبلا بأوصاف خاصة يتدلى من جهةالفوق كما يريد الحشويه،
لنعتصم به؟! أنهم اجمعوا هنا على تأويل الحبل بمعانيأخرى، فقالوا: هو الإسلام أو القرآن، أو الثقلان كتاب اللّه وعترة رسوله اللذان وردالأمر بالتمسك بهما.
إن من ينكر ضرورة التأويل في أمثال هذه الألفاظ فقد ارتكبجهلا وخطا كبيرا..
وان من ينكر تأويل السلف لآيات الصفات فقد افترى عليهم فريهكبيرة.. وان من ينكر ورود ذلك في كتب التفسير فهو كمن حفر جبا لأخيه فوقع هو فيه! فهذه كتب التفسيرمشحونة بروايات التأويل عن الصحابة وكبار السلف، وباستطاعة كلمن يحسن القراءة أن يقف على ذلك بنفسه.
ولد سنه 661ه في مدينه حران في جزيرة الشام. وتوفى سنه 728ه بسجنالقلعة في دمشق. كان حاد الذكاء، وحاد الطبع أيضا، دخل السجن ثلاث مرات بسبب بعضعقائده وبعضفتاواه. وبقى ابن تيميه مجهول الأصل لا يعرف سوى أنه عاش 67 سنه ولميتزوج، ولم يذكر هو ولا احد غيره السر في عزوفه عن الزواج.
ترك كتبا كثيرة فيالعقائد والفقه.. وأصبح في ما بعد الإمام الذي تنتسب إليه الفرقة الوهابية، فهيالتي جددت عقائده وأفكاره وروجت لها.واهم هذه الأفكار والعقائد سنقف عليها فيالفقرات التالية:
1- ابن تيميه والحديث الشريفهل كان حقا ما يقوله مقلدواابن تيميه: إن كان إماما في الحديث؟
إن الحق مع الآخرين الذين اعرضوا عن طريقتهفي التعامل مع الحديث ووصفوه بالتسرع وعدم التثبت وأتباع الهوى؟
لا ينبغي أنيطلب الجواب من هؤلاء ولا من أولئك، وإنما من كلامه هو الذي يظهر فيه بوضوح أسلوبهفي التعامل معالحديث الشريف..
واليك من بطون مصنفاته هذه النماذج:
ا في التوسل بالنبي(ص) في الدعاء
نقل ابن تيميه جمله من الأحاديث التيشهد على صحتها وردت عن بعض الصحابة والتابعين في توسلهم بالنبي(ص)، كالدعاءالمشهور: (اللهم انى أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد انى أتوجه بك إلى ربكوربى يرحمني مما بي) ونحوه، و نقل عمل السلف بها عن البيهقى وابن السنيوالطبراني، ثم قال: وروى في ذلك اثر عن بعض السلف، مثل ما رواه ابن أبى الدنيافي كتاب (مجاني الدعاء)... فهذا الدعاء ونحوه قد روى انه دعا به السلف، ونقل عناحمد بن حنبل في (منسك المروزى) التوسل بالنبي(ص) في الدعاء.
«التوسل والوسيلة: 105 106»
ولكنه في الصفحات الأولى من هذا الكتاب نفسه كان يقول: إنأحدا من الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين لم يطلب من النبي (ص) بعد موتهأن يشفع له!! ولا سأله شيئا! ولا ذكر ذلك احد من أئمة المسلمين فيكتبهم!«المصدر:18» فأين إذا ما نقله هناك عن ابن أبى الدنيا واحمد بن حنبل وابنالسني والبيهقى والطبراني حتى صرح انه كان من فعل السلف التوسل بالنبي(ص)؟
ب - في زيارة قبر النبي(ص) وقبور الأنبياءوالصالحين:
قال ما نصه: ليس عنالنبي(ص) في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديثا ثابتا أصلا.«كتابالزيارة12-13» وقال: (والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة بل موضوعه لم يروألائمه ولا أصحاب السنن المتبعة منها شيئا).
ومع قوله هذا فهو ينقل بينالموضعين الحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجه والدارقطنى في سننه أيضا عن رسولاللّه(ص) انه قال: (من زارني بعد مماتي كأنما زارني في حياتي)!! لكنه يعود فيتنكرله ويقول: لم يرو احد من ألائمه في ذلك شيء ولا جاء فيه حديث في السنن!!
ج- فيالتفسير وأسباب النزول:
قال: حديث على في تصدقه بخاتمه في الصلاة موضوع باتفاقأهل العلم.« مقدمه فيأصولالتفسير:31، 36»ثم تكلم عن التفاسير فقال: أماالتفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري فانه يذكر مقالاتالسلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعه ولا ينقل عن المتهمين.
ونحو هذا قاله فيتفسير البغوى أيضا.«مقدمهفيأصول التفسير:51» لكن الطبري روى هذا الحديث منخمسه طرق بأسانيدهاالثابتة عند تفسير الآية: (إنما وليكم اللّه ورسوله والذينآمنواالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون). «المائدة:
55».
ورواها البغوى أيضا بل اجمع على روايتها أصحاب التفاسير قاطبة، فانظر هذه الآيةفي تفسير الطبري والبغوى
والزمخشرى والرازي وأبى السعود والنسفى والبيضاوي
والقرطبى والسيوطى والشوكانى والالوسى وأسباب النزول للواحدى.
د- في جوازلعن يزيد بن معاوية أو عدم جوازه:
ينقل حديث الإمام احمد بن حنبل فيقول: قيلللإمام احمد:
أتكتب حديث يزيد؟ فقال: لا، ولا كرامه، أوليس هو الذي فعل بأهلالحره ما فعل؟! وقيل له: إن قوما يقولون: إنا نحب يزيد.
فقال: وهل يحب يزيد احديؤمن باللّه واليوم الآخر؟!
فقال له ابنه صالح: لم لا تلعنه؟
فقال الإماماحمد: ومتى رأيت أباك يلعن أحدا.
انتهى.«راسالحسين:205» لكن الحق إن حديثالإمام احمد لم ينته بعد، وإنما له تتمهصرح فيها بلعن يزيد.. والحديث بتمامهرواه أبو الفرج ابنالجوزى وغيره، وفيه:
فقال احمد: ولم لا يلعن من لعنهاللّه تعالى في كتابه؟!
فقيل له: وأين لعن اللّه يزيد في كتابه؟
فقرا احمدقوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فيالأرض وتقطعوا أرحامكم× أولئكالذين لعنهم اللّه فاصمهم وأعمى إبصارهم) ثم قال: فهل يكون فساد أعظم من القتل؟! وعلى هذه الطريقة مضى مع أحاديث الرسول والسلف تكذيبا وتزويرا كلما جاء الحديثبخلاف رأيه وهواه. وفى الفقرات اللاحقة شواهد أخرى من كلامه وتعامله مع الحديث.
فهذا هو الموقع الحقيقي للحديث عند ابن تيميه.
- ابن تيميه وصفات اللّه تعالى.
يرى ابن تيميه إن جميع ما ورد في الصفات منالآياتوالأحاديث يجب أن تفهم على ظاهرها وما يؤديه اللفظ من معنى. بلا تأويل..
وعلى هذا قال: إن اللّه تعالى في جهة واحده هي جهة الفوق، وهو في السماء مستوعلى العرش وقد امتلأ به العرش فما يفضل منه أربعه أصابع، وانه ينزل إلى السماءالدنيا ثم يعود، وان له أعضاء وجوارح من أعين وأيدي وأرجل وغاية ما في الأمر إنهالا تشبه جوارح البشر وسائر المخلوقات!!
ويقول: والذين يوولون المعنى أولئك ماقدروا اللّه حق قدره،
وما عرفوه حق معرفته.
والبرهان الذي يقدمه ابن تيميهعلى عقيدته هذه زعمه أنهاعقيدة السلف من الصحابة والتابعين، فيقول: قد طالعتالتفاسير المنقولة عن الصحابة، وما رووه من الحديث، و وقفت على ما شاء اللّهتعالى من الكتب الكبار والصغار، أكثر من مئة تفسير، فلم أجد إلى ساعتي هذه عن احدمن الصحابة انه تأول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهومالمعروف.«تفسير سورهالنور لابنتيميه:178» فسرت هذه الكلمة بين مقلديه والمغرمين بهسريان الريح من غير أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر في كتب التفسير التي نقلت كلامالصحابة في آيات الصفات، ولو تفسير واحد من التفاسير التي أثنى عليها ابن تيميه،كتفسير الطبري والبغوى وابن عطية.
فهذه التفاسير وغيرها مشحونة بما جاء عنالصحابة والتابعين في تأويل آيات الصفات بعيدا عن التجسيم الذي يقول به ابن تيميهوالحشويه.
انظر مثلا تفسير آية الكرسي، فقد نقل الطبري عن ابن عباس إن كرسيهيعنى علمه، واستشهد لذلك بكلام العرب في هذا المعنى. وهو الذي نقله البغوى ونقلهالشوكانى عن ابن عطية ونقله القرطبى وغيرهم أيضا.
وانظر تفسير الآيات التي فيهاذكر الوجه فلا تجد في هذه التفاسير كلمه واحده تدل على عقيدة ابن تيميه وتشهدلقوله، بل كل ما فيها مما هو منقول عن السلف يشهد على ضده..
ففي قوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) «القصص: 88» قالوا: أي إلا هو.
وكذلك في قولهتعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) «الرحمن: 27».
وفى سائر الآياتالأخرى: (وما تنفقون إلا ابتغاء وجه اللّه) «البقرة: 272».
(والذين صبرواابتغاء وجه ربهم) «الرعد: 22».
(ذلك خير للذين يريدون وجه اللّه) «الروم: 38».
(وما آتيتم من زكاه تريدون وجه اللّه) «الروم: 39».
(إنما نطعمكم لوجهاللّه) «الدهر: 9».2(إلا ابتغاء وجه ربهالأعلى) «الليل: 20».
في هذهالآيات جميعا فسروا الوجه بالثواب. ولم يرد عن احد ولا كلمه واحده تفيد المعنى الذييريده ابن تيميه من ظاهر اللفظ، أي أن الوجه هو هذه الجارحة المعروفة من الجوارحكما للإنسان!!
أما قوله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه اللّه) فقد اقر ابن تيميهبان السلف قد أولوا الوجه هنا، فقالوا إن المراد به الجهة، لكنه جعل هذه الآية ليستمن آيات الصفات.«العقودالدريه:248» وهكذا مع الآيات التي فيها ذكر العينوالأيدي.
وهكذا نسب إلى الصحابة والسلف ما لم يقولوا به بل قالوا بعكسه تماما،تبريرا لمذهبه! ورغم ذلك فانه لم يستطع في كل ما كتب أن يأتي بكلمه واحده عن واحدمن الصحابة تشهد لقوله!!
من كلامه في التجسيم:
وله في التجسيم كلام صريحكان يقوله في خطبه، لكنه لميذكره بنصه في كتبه التي وصلتنا، فمن ذلك:
ا مانقله ابن بطوطة وابن حجر العسقلانى، انه قال وهو على المنبر: إن اللّه ينزل إلىسماء الدنيا كنزولي هذا.
ب- ما نقله أبو حيان في تفسيريه (البحر المحيط) و(النهر) من انه قرأ في (كتاب العرش) لابن تيميه ما صورته بخطه:
إن اللّه تعالىيجلس على الكرسي، وقد أخلى مكانا يقعد معه فيه رسول اللّه. ولكن هذا الكلام الذينقله يوسف النبهانى عن كتاب (النهر) لأبى حيان، ونقله صاحب كشف الظنون فيكتابهقد حذف من كتاب (النهر) الطبوع، كما حذف غيره من الكلام الذي تناول فيه عقائد ابنتيميه!
ولكن ابن تيميه قد دافع عن هذا المعنى بإصرار من غير أن يذكر جلوس النبيمعه على العرش، وذلك فيكتابه.(منهاجالسنة1:260-261).
ج- قوله: رفعاليدين في الدعاء دليلا على أن اللّه تعالى في جهةالعلو.«المحموديهالكبرى:94، شرححديثالنزول:59» ترى إذا توجه المصلى نحوالقبلة وقال: (وجهت وجهي للذيفطر السموات والأرض) فهل يستدل من هذا على انهتعالىشانه من جهة القبلة؟ سبحانه وتعالى عما يصفون.
إن الجمود على ما يفهممن ظاهر اللفظ لأول وهله يعد من اكبر الخطأ، وليس هو من شان العرب الذين نزل القرآنبلغتهم.
ففي قوله تعالى: (واعتصموا بحبل اللّه جميعا) هل قال احد أن الحبلهنا هو ما نفهمه من لفظ الحبل، فعلينا أن ننتظر حبلا بأوصاف خاصة يتدلى من جهةالفوق كما يريد الحشويه،
لنعتصم به؟! أنهم اجمعوا هنا على تأويل الحبل بمعانيأخرى، فقالوا: هو الإسلام أو القرآن، أو الثقلان كتاب اللّه وعترة رسوله اللذان وردالأمر بالتمسك بهما.
إن من ينكر ضرورة التأويل في أمثال هذه الألفاظ فقد ارتكبجهلا وخطا كبيرا..
وان من ينكر تأويل السلف لآيات الصفات فقد افترى عليهم فريهكبيرة.. وان من ينكر ورود ذلك في كتب التفسير فهو كمن حفر جبا لأخيه فوقع هو فيه! فهذه كتب التفسيرمشحونة بروايات التأويل عن الصحابة وكبار السلف، وباستطاعة كلمن يحسن القراءة أن يقف على ذلك بنفسه.
تعليق