بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين للوصول إلى مرضاة الله تعالى ونيل الدرجات العليا لابد للإنسان من ترك المعاصي والتخلي عن الأخلاق الذميمة والتحلي بضدها ، ومن هذه الأخلاق الذميمة هي التكلم بما لا يعني أو بالفضول .
والمراد بالتكلم بما لا يعني التكلم بما لا فائدة فيه أصلا لا في الدين ولا في الدنيا كسرد قصة أو التكلم في أمر لا عبرة فيه ولا فائدة .
والمراد بفضول الكلام الخوض في ما لا يعني والزيادة في ما يعني على قدر الحاجة وهو أعم من التكلم بما لا يعني فان تمكن الشخص من تأدية مقصوده بكلمة واحدة ومع ذلك ذكر كلمتين فالثانية فضول .
ولا تنحصر أنواع التكلم بما لا يعني وبالفضول وإنما حده أن يتكلم الإنسان بما لو سكت عنه لم يأثم ولم يتضرر في شيء مما يتعلق به ومثاله حكاية قصة سفر مثلا لقوم وذكر الجبال والأشجار وغيرها من الأمور التي ليس فيها عبرة أو فائدة دنيوية أو أخروية ينتفع منها السامع سوى ضياع الوقت
هذا وقد يمارس أو يتخلق الإنسان بهذا الخلق الذميم وهو لا يعلم انه كذلك أو قد تستحسن بعض النفوس ذلك فقد يتصور البعض أن الغيبة مثلا هي ذكر الغير بما ليس فيه فيذكر الغير بما فيهم و يدافع عن تصرفه هذا على انه ليس بغيبة ولا يعلم أن الأول بهتان والثاني هو الغيبة
وكما أن التكلم بما لا يعني مذموم كذلك سؤالك غيرك عما لا يعنيك مذموم كسؤالك شخص هل أنت صائم مثلا فإن أجابك نعم خسر ثواب سرية عبادته وإن أجاب بكلى أثم وإن حاول التحايل في الإجابة بذل جهدا ووقتا .
هذا وقد ذم العلماء التكلم بما لا يعني وفضول الكلام لعدة أمور منها :
الأول / تضييع الوقت : فإذا كان لدى الإنسان وقت وضيعه في الخوض بكلام لا يعنيه منعه ذلك ذكر الله أو التعلم أو التفكر أو غيرها من العبادات
الثاني / زيادة الكلام قد تؤدي إلى الكذب من حيث لا يشعر الإنسان
الثالث / قد يتحول الكلام بما لا يعني إلى غيبة أو بهتان
وورد في ذم التكلم بما لا يعني ( انه استشهد يوم أحد غلام من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووجد على بطنه حجر مربوط من الجوع فمسحت أمه التراب عن وجهه وقالت : هنيئا لك الجنة يا بني فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما يدريك ؟ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه ويمنع ما لا يضره ؟ )
ويمكن علاج هذه الحالة التي قد تصيب الإنسان بعد معرفة منشأها ومصدرها الذي هو رداءة القوة الشهوية والتي هي إحدى القوى الأربعة في الإنسان ( العقلية ، الوهمية ، الغضبية ، الشهوية ) والتي يحتاجها بنسبة معينة ومعتدلة فان اختلت النسبة أدت إلى الإصابة بهذا المرض وغيره .
فالباعث على الفضول والتكلم بما لا يعني هي رداءة القوة الشهوية وعلاج ذلك هو أن يتذكر الإنسان ذم هذا الخلق ومدح ضده وهو الصمت ، وان يعلم أن الموت بين يديه وانه مسئول عن كل كلمة وان بلسانه يمكن أن يقتنص الحور العين ، وان يعتزل عن الناس مهما أمكن ويلزم نفسه السكوت ليتعود على ذلك ، وان يتأمل في كلامه فإن كان فيه فائدة دنيوية أو أخروية تكلم به وإلا تركه .
فحري بنا أن نعتبر بما تقدم لخطورة هذا الخلق الذي قد يخسر الإنسان بسببه الجنة .
تعليق