إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة فتاة من عالم الى عالم اخر

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة فتاة من عالم الى عالم اخر

    قصة فتاة حاليا تنشر اجزاء من حياتها على صفحتها في الانستة
    حج التائبين 1:
    الساعةُ تشير إلى الثالثة منتصف الليل من شهر رمضان ومريم لا زالت ساهرة تعبث بهاتفها
    مريم: لا أستطيع أن أقابلك يا حسن مستحيل حسن: فقط لدقائق ومن بعيد لن أقترب منكِ، هيا يا مريم مضى شهر على علاقتنا ولم أراكِ هل يرضيكِ هذا الفراق والإشتياق؟
    واقعاً كان يكذب؛ فقد اتفق مع عبير صديقة مريم - وهي من عرّفتهم على بعضهم - في إحدى السوبرماركات وأخذتها معها بحجّة شعورها بالملل للتسوّق وحدها ورأى مريم من بعيد بدون علمها. أُعجب بجمال مريم فقط فلم يكن ينظر لشيء آخر. كما وإنها تعيش بحريّة حيث أنها يتيمة الأم ووالدها كبيرٌ بالسن ومريض ولا يعلم شيء عنها. حسن: ماذا قلتي يا حلوتي؟ كانت مضطربة لأمر اللقاء، صحيح إنها تحادثه وتمزح وتضحك معه لكنها لم تتجرأ لرؤيته وجهاً لوجه. كانت تعيش الفراغ والوحدة، بل وتعيش الحاجة لأم تحتضنها ولشخص يفهم حاجتها الشديدة للعاطفة والحب والإهتمام. لكن كل من يحيط بها مشغول بأموره؛ فوالدها كبير ومريض بالسكر ووالدتها توفيت عندما كانت في العاشرة من عمرها وأخوانها متزوجين أما أخاها أحمد فلا زال طالب جامعي. أختها كوثر هي الوحيدة التي تهتم بها وتحادثها يوميا إلا إنها متزوجة وحامل وتبدو متعبة من هذا الحمل، وعلى الرغم من تواصلها الدائم مع مريم إلا إنها لم تتصور ما يدور في خُلد أختها الصغيرة البالغة من العمر 19 عاماً من الحاجة للحب والعلاقة الدافئة التي تراها تدور بين أبطال المسلسلات وتتابعها بشغف وبقلبٍ حالم.
    فقط سوف أراه من بعيد لن يحدث شيء، سأعيش لحظات حلوة كما يحدث في لقاء أبطال المسلسلات - ماذا قررتي يا حلوتي؟
    قالت بتردد: طيب.. ولكن بشرط، من بعيد
    ضحك لوحده بانتصار: حاضر.. أخيراً يا مريم! ولكن متى يا حلوتي؟
    صمت حسن لفترة مفكراً: الليلة هي العشرون من شهر رمضان.. اممم. نعم! وجدتها!
    كتب حسن لمريم: مريم حلوتي، ما رأيك باللقاء ليلة القدر؟
    شهقت مريم وهي تكتب سريعاً: ماذا؟!!!
    - أنسب ليلة هي ليلة القدر فالجميع سيكونون مشغولين وسيكون مكان اللقاء خالياً من الناس.
    مريم انتهى الأمر! لقاءنا ليلة القدر بعد الإفطار بساعة
    فجأة ارتفع صوت أذان الفجر قوياً كأنه يزجر مريم ويذكرها بأنه وقت العبادة بل وهذا شهر العبادة
    الله أكبر.. الله أكبر
    كتبت لحسن: تصبح على خير. وأغلقت هاتفها سريعاً. انتهى الأذان وهي لا زالت متحيرة: فعلاً سيكون الجميع منشغلين ليلة القدر والأماكن خالية وهادئة. كما وأنه مجرد لقاء في مكانٍ عامٍ وليس خلوة فهو ليس حراماً.
    ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
    ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
    ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
    ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
    ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
    ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
    ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
    ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
    ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
    ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
    ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
    ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

  • #2
    حج التائبين الجزء 2:
    تقضي مريم أيام شهر رمضان كسائر الأيام، التلفاز والهاتف والأعمال المنزلية؛ إذ إنها المرأة الوحيدة في المنزل بعد زواج أختها ففضّلت ترك الدراسة الجامعية والتفرُّغ للإهتمام بالطباخ والتنظيف والأعمال المنزلية.
    تشعر بالملل لتشابه أيامها لذلك أفرحتها علاقتها بحسن الذي أخذها لعالمٍ ورديٍ من كلمات الحب.
    اليوم هو السبت وهو يوم تجمع العائلة في بيت العم كبير العائلة.
    تفرح لهذا اليوم فهم يقضون أوقاتهم النساء والفتيات مع بعضهن بتجهيز الإفطار والأحاديث الممتعة، عدا شعورها بالضيق بسبب التديُّن الواضح على جميع أفراد عائلة عمها بمن فيهم ابنة عمها زهراء التي تعتبرها أختها.
    زهراء: مريم لماذا لم تأتي أختك كوثر؟
    - إنها في الشهر الآخر من الحمل ومتعبة، قد تلد بأي وقت. في هذا الوقت تدخل زوجة عمها
    - سلمت يداكِ زوجة عمي على الإفطار. كم أن عائلتك محظوظة إذ تأكل من هذا الطعام الدسم الشهي كل يوم. ضحكت زهراء محتضنة أمها: أماه إنّ الحاسدين يحسدوننا أمامنا.
    ضحكن ثلاثهن لكن مريم أصابتها غبنة؛ ليس لي أم لتحتضنني وأتحدث معها، ليس لي إلا أب مريض وأخجل من الحديث معه خصوصاً حين تصادفني مشاكل الفتيات.
    فجأة يرنّ هاتفها، إنه حسن! لم تستطع الرد فقطعتْ الإتصال. جاءتها رسالة منه:
    - حلوتي.. حبيبتي.. أين أنتي؟ - نحن في بيت عمي - اشتقت لكِ يا حلوتي.. أنتي مستعدة للقاء ليلة غد؟ سكتتْ قليلاً وعاد لها شعور التوتّر، فعلاً ليلة غد تصادف 23 من شهر رمضان. ليلة اللقاء مع حسن.
    في غمرة حيرتها جاءها صوت ابنة عمها زهراء مرتفعاً: آه صحيح يامريم ماذا بشأن ليلة الغد؟ ما رأيك بعد الإفطار نذهب سوياً للمسجد؟ يجب أن نبكر بالذهاب سيكون المكان مزدحماً و...
    - زهراء لا تأتي لي. لن أذهب
    - ماذا؟
    - كما قلت لكِ، شكراً ابنة عمي ولكن لا تأتي. سأحيي ليلة غد في مكانٍ آخر!
    ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
    ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
    ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
    ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
    ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
    ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
    ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
    ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
    ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
    ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
    ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
    ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

    تعليق


    • #3
      حج التائبين الجزء 3:
      بقيتْ ربع ساعة حتى يحين أذان المغرب، بعدها بساعة كاملة لقاءي مع حسن. أشعر بالسعادة. متأكدة سيعجب بي لأني جميلة. ولكن هل هو وسيم فعلاً كما يبدو في صورته التي أرسلها لي؟ ليس مهم المهم إنه حنوناً رومانسياً يأخذني إلى عالم وردي كما أسمع من الفتيات
      صلّت بسرعة وجهّزت مائدة الإفطار وجلست مع والدها وأخيها، لم تأكل كثيراً كانت متوترة حتى أنّ والدها سألها: لماذا قمتي يا ابنتي أنتي لم تأكلي شيئاً. هل أنتي مريضة؟
      - شبعت يا والدي الحمد لله. ذهبت إلى المغسلة وهي تسمع دعوات والدها لها. حينما استعدت رنّ هاتفها، إنه حسن. لا لا إنها عبير صديقتي. عبير هي التي عرّفت حسن على مريم وهي التي ستذهب معها
      - هيا أنا بالخارج بالسيارة.
      يرنّ مرة أخرى..
      حسن: تعالي بسرعة لا أستطيع الإنتظار أكثر أنا مشتاق لرؤيتكِ يا حلوتي - طيب أغلق الهاتف عبير تنتظرني بالخارج.
      تعطّرت وخرجت لتركب سيارة صديقتها. ضحكتْ عبير قائلة: سيصعق الشاب لجمالك، أنتي فاتنة بلا مساحيق تجميل فكيف لو وضعتها بوجهكِ؟
      ضربت مريم كتف صديقتها مازحة: أنا مضطربة تحرّكي
      القرية مزدحمة بالسيارات لتوافد الجميع على المساجد فهذه ليلة القدر العظيمة. حركة الشارع بطيئة وأصوات الأدعية ترتفع من كل مسجد معلنة ثورة الرجوع لله سبحانه. اضطرت عبير أن تسلك طريقاً آخر لتجنب الإزدحام فدخلت منعطف صغير. كانت ستنطلق ولكنها أوقفت السيارة لمرور رجل عجوز كان سيعبر. اتسعت عينا مريم بدهشة: إنه والدي.. أبي
      كان يمشي ببطء قاصداً المسجد. إنه يبتسم بتعب لجارنا الذي يسلم عليه. آه أبي كيف لم أفكر بك؟
      دق قلبها بعنف، إنه يعتقد بأني ذاهبة للمسجد بينما أنا أفكر في حسن. كيف لم أشفق عليك يا أبي.. كيف لم أخشى على سمعتك وسمعتي؟ هل فعلاً الجميع يزدحم على أبواب الله وأنا ذاهبة للقاء شاب؟
      في تلك اللحظة فتحت مريم النافذة لتنظر إلى والدها وفجأة في غمرة الضجيج وحركة السيارات ارتفع صوت من سماعة المسجد قائلاً جملة شديدة ومخيفة!
      دار رأس مريم لِما سمعته وصرخت بعبير: عبير! قفي سأنزل
      نظرت صديقتها لها ببلاهة ودهشة: ماذا؟!!
      - قفي قفي سأنزل بسرعة!
      فتحت الباب وهي تسرع إلى بيتهم وذهبت إلى غرفتها خالعة عباءتها وملقية بحقيبتها. في تلك الدقائق لم يتوقف رنين هاتفها من اتصالات عبير ومن اتصال حسن بسبب تأخيرهم. وقفت مرعوبة من الذي رأت وسمعت. أشفقتُ عليك يا والدي المتعب عندما رأيتك تمشي ببطء للمسجد، لم أقدر على المواصلة، ولكن ما هذهِ الجملة المخيفة التي سمعتها من قارئ المسجد؟ يبدو وكأنه يعلم بموعدي مع حسن!
      ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
      ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
      ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
      ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
      ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
      ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
      ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
      ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
      ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
      ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
      ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
      ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

      تعليق


      • #4
        حج التائبين الجزء 4:
        غيّرت عباءتها التي عطّرتها للقاء حسن، أحسّت بأنها تحمل رائحة الذنوب ولبست عباءة أخرى وأغلقت هاتفها وقد تركته بغرفتها وقرّرت الذهاب إلى المسجد القريب من منزلهم.
        حينما كانت مع عبير بالسيارة ارتفع صوت من جهة المسجد قائلاً: الآن صحائفنا تُعرض على صاحب الزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف، يا لخجلي مما سترى من أعمالي يا سيدي.
        غاص قلب مريم: أنت أيها القارئ الباكي تقول هكذا؟ أنت تخجل من الإمام إذاً ماذا عني أنا؟ كنت مستعدة للقاء شاب في ليلة القدر. آه يكفي بأن الله سبحانه وصفها بأنها خير من ألف شهر. كم أنا غبية!
        لستُ متديّنة ولستُ صالحة ولكنني خفتُ عندما تخيّلت إماماً مُهيباً نورانياً على رأسه عِمامة وهو يرى الجميع يناجيه هذه الليلة بينما أنا يراني متوجهة لرؤية رجل غريب في ليلة القدر. لستُ عابدة لكنني متيقنة بوجود الإمام الحجّة. وصلتْ إلى قسم النساء في المسجد وجلستْ قرب الباب بسبب الإزدحام. كانت أصوات البكاء والمناجاة والإستغفار ترتفع من كل جهة.
        القارئ يردد بين حين وآخر: الليلة ليلة الأقدار، ليلة الضيافة الإلهية، ليلة البكاء على النفس. استغفروا واطلبوا ما تريدون فهذه ليلة العفو وليلة التقرّب لله عن طريق الإمام المهدي. آه آه ما هذه الكلمات ماذا يقول هذا الرجل؟ أستغفر عن ماذا وأتذكر ماذا؟ ذنوبي كثيرة وللتوّ فقط أتيت للمسجد وليس لي عبادة تذكر في هذا الشهر فهل بسهولة سيغفر لي الله ثم أطلب منه ما أشاء؟ يا لخجلي منك ياربِ يا لخجلي من دموع المؤمنين. لا تبكوا أنتم طاهرون لستم مثلي أنا أحقر فتاة في هذا المسجد. كان الجميع يرفع يديه بتذلّل وخشوع.
        رفعت مريم يديها بتردد قائلة: إلهي.. ماذا أقول.. ماذا أطلب.. أنت أعلم بما في داخلي.
        لا أشعر بما في داخل عبادك المؤمنين الذين يبكون ولكن أحسّ بالخجل من والدي وشعرتُ بالخوف حين أحسستُ بأنّ الإمام الحجّة يراني ذاهبة لموعد حبّ. فهل ستقبلني يا رحيم أم ستطردني
        ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
        ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
        ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
        ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
        ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
        ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
        ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
        ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
        ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
        ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
        ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
        ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

        تعليق


        • #5
          حج التائبين الجزء 5:

          بعد انتهاء مجلس الإحياء لمحتْ ابنة عمها زهراء فأقبلت الأخيرة مسلّمة: تقبل الله. قلتي ستذهبين لمكان آخر لم أعلم أنك هنا. كيف حال أختك كوثر مع الحمل؟ لا زالت مريم مضطربة أجابت باقتضاب: بخير. في تلك اللحظة رنّ هاتف زهراء فأجابت: اهلاً علي أنا قادمة. أغلقت الهاتف وهي تستعجل مريم للذهاب معها: تعالي معي الوقت متأخر عودي معنا أفضل من المشي لوحدك. في السيارة أخذت تفكر بقلق.. لا تهمني عبير ولكن ماذا حصل لحسن؟ ماذا ستقول له؟ قطعت حبل أفكارها زهراء منادية: مريم.. مريم.. لقد وصلنا. في المنزل أخذت تبحث عن والدها الذي وجدته مستلقياً غافياً على كرسي الصالة. اقتربت منادية: أبي.. أبي
          انتبه أبا مريم: ها.. ابنتي حبيبتي كنت أنتظرك لم أقدر على النوم وأنتي بالخارج. اتصلت بكِ وكان الهاتف مغلقاً. عضّت شفتيها متذكّرة بأنها تركته بالغرفة. آه يا والدي يا لحنانك.. كيف كنتُ سألوّث سمعتك بلقاءي بحسن؟ قالت: أبي حبيبي اذهب لترتاح بغرفتك ولكن لا تنم فلم يبقى شيء على أذان الفجر. أجاب بتعب: لن أنام فالليلة القدر. تذكرت مريم فجأة.. نعم إنها ليلة القدر. ماذا جرى لحسن؟ لم تجرُأ على فتح هاتفها كانت مضطربة لذلك صلّت الفجر ونامت سريعاً.
          أوصل علي أخته للمنزل قائلاً: اقفلي الباب سأعود للمسجد. علي شاب ناضج يبلغ من العمر 30 عاماً. مؤمناً هادئاً لكنه كثير الصمت وثمة حزن يسكن عينيه بعدما فقد خطيبته المصابة بمرض السرطان. مرّت شهور على وفاتها لكنه ظل حزيناً متأثراً فكانت نِعم الزوجة المؤمنة المناسبة له. تذكّر كيف كانت في شهر رمضان الفائت تحثّه بحماس لتأدية مستحبات هذا الشهر الكريم، وآلمه قلبه عندما تذكرها في ليلة القدر كيف تدعو أمامه:
          إلهي اكتب قدري في ليلة القدر التوفيق لإسعاد علي المؤمن الطيب. وكيف ضحكا معاً بعدها. ولكن شاء الله سبحانه أن يكون قدركِ تحت التراب وقدري أن أعيش وحيداً.
          استيقظت مريم متأخرة، صلّت الظهرين وفتحت هاتفها. وصلتها رسائل نصية تشير إلى ورود مكالمات حينما كان الهاتف مغلق، كلها من حسن، اتصالين من عبير واتصال من والدها. أما الواتس اب فكان مملوءاً برسائل حسن مستفسراً وغاضباً من تخلّفها عن اللقاء وغلْق هاتفها. عاد لها التوتر، سأبرر له ما حصل وسيعذرني بالتأكيد.
          ذهبتْ للمطبخ لإعداد الفطور. حين أرادت فتح الثلاجة انتبهت إلى باب غرفة والدها مفتوحاً وشيئاً ما على الأرض، صرخت فجأة: أبي.. أبي!! كان أبا مريم قُرب الباب على ركبتيه ويصدر منه تنفّس بطيء. جرت مسرعة لغرفة أخيها أحمد فتذكرت بأنّه في الخارج. اتصلت بأخيها الكبير محمد وهي تخبره بما حصل. يتبع في الرد..
          ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
          ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
          ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
          ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
          ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
          ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
          ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
          ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
          ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
          ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
          ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
          ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

          تعليق


          • #6
            اتصلت بأخيها الكبير محمد وهي تخبره بما حصل. خلال نصف ساعة كانا ينتظران على باب الطوارئ. اتصلت بابنة عمها زهراء فهي أقرب انسان لها: زهراء.. أبي مُتعب نحن بالطوارئ
            ضربت زهراء على صدرها: ماذا؟ ماذا حصل لعمي؟
            كانت عائلة العم تجلس في الصالة فسمعها والدها الذي أخذ الهاتف حينما سمع اسم أخيه: مريم يا ابنتي أين أنتم ماذا حصل لأخي!
            ولم تمر الدقائق إلا وكان العم مع ابنته زهراء بقسم الطوارئ. احتضنت زهراء مريم التي كانت تبكي بصمت فيما راح العم يسأل عما حصل.
            مريم: عمي أرجوك افعل شيئاً أنا خائفة.
            واقعاً هذا العم هو بمثابة الأب للعائلة كلها والجميع يلجأ له باطمئنان لمروءته وطيبة قلبه.
            قال العم: لا تقلقي سأكون مع أخي. محمد يا ولدي خذ الفتاتين للمنزل سأبقى هنا.
            دخلتا المنزل واستقبلتهما زوجة العم التي احتضنت مريم بقوة وهي تدعو لأبيها بالشفاء
            قالت لابنتها: خذي ابنة عمك لغرفتكِ حتى ترتاح.
            تقلّبت مريم على السرير.. لا أستطيع النوم هنا أشعر بالخجل وعدم الراحة. وأبي الحنون.. آه أبي ماذا حصل له. رنّ هاتفها وتفاجئت برقم حسن. أغلقت هاتفها بضيق وحزن قائلة: صحيح بأني أحتاج لك ولكن سأردّ عليك حين يطيب والدي. تقلّبتْ لم تستطع النوم فلبست عباءتها وحجابها ونزلت للصالة فرأت عمها. هبّت إليه مسرعة: أين أبي لماذا عُدتَ بدونه؟ انكسر خاطره وهو يرى ابنة أخيه على هذا الحال فأجاب بلطف: لديه ارتفاع شديد بالسُكّر. لن يطول الأمر بإذن الله. اذهبي لترتاحي أخبرت أخاكِ أحمد وسيأتي مباشرة إلى هنا. إفطاركم معنا الليلة.
            ولكن ما حان أذان المغرب إلا وقد تلقّى العم اتصالاً من المستشفى يفيد بوفاة أخيه.
            ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
            ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
            ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
            ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
            ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
            ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
            ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
            ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
            ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
            ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
            ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
            ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

            تعليق


            • #7
              حج التائبين الجزء 6:
              مرّ العيد كئيباً على العائلة فالعم مفجوع لرحيل أخيه المفاجئ وأبناءه يتنهدون بصمت كلما اجتمعوا وكوثر تحاول أن تتماسك لأنها حامل، أما مريم فكان الجميع ملتفاً حولها يحاولون احتضانها لبكاءها الدائم. تحاول النوم بجانب زهراء لكنها تتذكر حنانه.. مرضه.. انتظاره في آخر ليلة وأخيراً صورته وهو يحاول عبور الشارع ببطء، تبلّل وسادتها بصمت: آه يا ليلة القدر طلبتُ في ساعاتكِ قدراً سعيداً.. يبدو أن الله لم يقبلني.
              بقيت مع أخيها أحمد في بيت العم فلم يرضَ بقاءهم لوحدهم في منزلهم
              - أنتم أبناءي ولن أقبل بذهابكم.. إبقوا هنا حتى يفرجها الله. ذات مساء كان العم لوحده في مجلس الرجال، طُرِق الباب بهدوء
              - ادخل
              مريم بخجل: هذهِ أنا يا عمي
              - مريم يا ابنتي تفضلي
              تشعر بالوحدة، باليتم، بعدم استقرار أمورها. حاول حسن التواصل معها، أحياناً تستجيب متعطشة للحب وللحنان وأحيانا تتذكر والدها وتشعر بالضيق فتتجاهله فيسعى لاستدراجها للقاء في مطعم لوحدهم: أريد أن أخرجكِ من جو الحزن.. هذا مقصدي يا حلوتي فيما هو يضمر النية بإشباع عينيه بالنظر لجمالها وجسده بملامستها.
              أنا محتارة.. هل أوافق على اللقاء بالمطعم؟
              جاء صوت العم ثانية: مريم ادخلي لا تترددي جلستْ بجانبه، حاولتْ التحدّث لمْ تستطع. قالت بصوتٍ مغبون: عمي..
              - نعم يا صغيرتي قولي ما بخاطركِ أنا كوالدكِ تماماً
              حينها انفجرتْ بالبكاء واحتضنت عمها بحركة مفاجئة:
              أشعر باليتم.. بالضياع..لا أم لا أب، أختي متزوجة ولكن أنا من لي.. أريد العودة لمنزلنا مع أخي، أريد أن يعود والدي وتعود أيامي السعيدة معه. لماذا يحصل لي كل هذا؟ لماذا أنا محرومة؟
              طوّق العم ابنة أخيه بقوة قائلاً باطمئنان: ما هذا الكلام يا ابنتي؟ أنا معك بل معكم جميعاً وكوثر هي الأخرى ابنتي حتى لو كانت متزوجة. كيف تشعرين باليتم وأنا موجود؟ هذا ما كتبهُ الله على والدكِ. قولي الحمد لله فلكِ عائلة تحتويكِ.. أنا وزوجة عمكِ وبناتي كلنا عائلة واحدة وأسأل الله أن يوفقني للحفاظ عليكم.
              أثناء حديثه كانت تخرج شهقاتها مرتفعة كالأطفال وهي تحسّ بالإطمئنان. تشم في حضنه رائحة والدها.. رائحة الدفء والأمان فتتمنى الغوص في حضنه أكثر وأن لا تنتهي هذهِ اللحظة
              فجأة يفتح علي الباب ويقف مدهوشاً؛ ابنة عمي تحتضن أبي وهي تبكي. ماذا حصل؟
              انسحبت مريم من بين يدي عمها وهي تسحب حجابها لتغطي شعرها. مسحت دموعها وخرجت مسرعة
              علي: سلام عليكم.. عفواً والدي.. أقصد.. سكت قليلاً ثم قال: ماذا جرى لإبنة عمي؟
              يتبع في الرد..
              ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
              ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
              ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
              ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
              ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
              ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
              ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
              ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
              ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
              ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
              ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
              ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

              تعليق


              • #8
                تنهد الأب: تريد العودة لمنزلهم. بدأتُ أقلق لأمرها إنها دائمة الصمت والبكاء.
                علي: لا حول ولا قوة إلا بالله. لا أم والآن لا أب. ليمسح الله على قلبها
                نظر الأب إلى ابنه مفكّراً ثم قال: - بُني علي أخبر والدتك بأنْ تأتي هنا الآن أريدها في أمرٍ ما.
                جاء الصباح بخبر أفرح القلوب المتعبة؛ فقد وضعت كوثر طفلاً جميلاً. خرجت مريم من إطار الكآبة قليلاً سائلة زوجة عمها: متى سنذهب لأختي؟ ابتسمت قائلة: سننتظر عودة علي ظهراً من عمله ونذهب جميعاً. وبعد الغذاء والإستراحة انطلقوا عصراً. بكت مريم حينما رأت أختها واحتضنتها، قالت كوثر بقلق: ماذا بكِ يا أختي؟ ابتسمت بخجل: لا لا شيء.. إنها دموع الفرح. كما وإنني مشتاقة لك، أفتقدكِ بشدة. تنحنح العم قبل أن يدخل ليسلَّم على ابنة أخيه. الجميع ينظر بلهفة وسعادة للطفل الجميل، يبدو كملاك صغير يغفو على ضفاف البراءة. حملته زوجة العم وهي تنشد له تهويدة جميلة ثم أخذته مريم التي لم تسمع أحاديث الجميع بل انشغلت بالوجه الطفولي الملائكي. إنه أبيض مشرّب بحُمرة في خدّيه مثلها ومثل أختها كوثر. أخذت تشم رائحته.. آه يا أبي كم كنت تمازح أختي منتظرا ًهذا الطفل، انسابت دموع صامتة لم ينتبه لها أحد. طرق الباب أحمد وفتحه قليلا: يا الله.. يا الله.. هل أدخل؟ معي ابن عمي علي يريد أن يسلّم عليكِ. البسي حجابكِ يا كوثر
                دخل من خلفه علي الذي وقعت عينيه مباشرة على مريم وهي مستديرة بالطفل عن الجميع تقبّل جبينه ، ثمة دموع تنساب من عينيها. جال في خاطره: مريم مرة أخرى! يا الله! حنانها مع الطفل مؤثر. يبدو أن ابنة عمي عاطفية جداً. سلّم على كوثر وخرج
                قال العم: حسنا. سيأتي بعد قليل أبناء أخي المرحوم. اسمعوني جميعكم ستكونون ضيوفي ليلة الغد على العشاء، سأخبر أخواتي أيضاً، أريدُ من الجميع الحضور. ثم ابتسم وهو يخاطب كوثر: عداكِ يا ابنتي فأنتِ لكِ عذركِ.
                ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                تعليق


                • #9
                  حج التائبين الجزء 7:
                  اجتماع العائلة في بيت العم وضجيج أطفال العمّات وأحاديث الفتيات، كل هذا أضفى على الجو شيئاً من السعادة والدفء الأسري لمريم. لا زال قلبها متألم لوفاة والدها لكنها تحاول الإندماج مع بنات عمها وعماتها، ترى جميع الفتيات أمهاتهن حولهن عداها هي. في الوقت ذاته كانت قد وافقت على دعوة حسن للعشاء فقط تنتظر الليلة المناسبة، قلبي متعب وأشعر بحاجة إليه.. يجب أن أراه.
                  بعد العشاء خرج العم من مجلس الرجال: يا الله.. يا الله.. زهراء أين والدتكِ..
                  أقبلت مباشرة: نعم
                  - اطلبي من أخواتي ومريم الحضور للمجلس. دخلت مريم مع عماتها، خرج بعض الرجال وبقي عمها وإخوانها محمد وكريم وأحمد وابنيّ عمها باقر وعلي - باقر هو الشقيق الأكبر المتزوج لعلي - استغربتْ: ماذا يريد عمي بهذا الإجتماع، بالتأكيد سيتحدث عن والدي ولكن ما دخل أبناء عمي؟
                  تحدث العم: اسمعوني جميعا، مرّت قرابة الإسبوعين على وفاة أخي.. دعونا من العواطف قليلاً ولنفكر بجدية في وضع أبناءه، أقصد أحمد ومريم، من الصعب أن يعيشان بمفردهما في المنزل، أحمد طالب ومريم صغيرة ويحتاجان لعائلة تحيط بهما. تحدّثت مع أخيهما محمد وكريم إنْ كان باستطاعتهما الإنتقال لبيت الوالد للسكن هناك، محمد غير قادر على ترك منزله لأنه جديد ولكن كريم بإستطاعته ترك شقته المؤجّرة والإنتقال للطابق العلوي وترتيبه ليكون سكناً ملائماً له مع زوجته وأطفاله
                  هذا أفضل له من الأجار ولأخيه من البقاء وحيداً. هذا أولاً
                  ثانياً هاتفتُ أحد رجال الدين لتوزيع الإرث. أعلم أن قلوبكم متعبة ولكن هذه أمور شرعية علينا إنهاؤها.
                  سكت قليلاً ثم قال: أما الأمر الثالث فاطلب منكم أن تتفهموا طلبي ونظرتي البعيدة له. أنا قلق على ابنة أخي مريم. شعرت مريم بتجمّع الدموع في عينيها..
                  - وأتمنى بأن توافق على طلبي بأن تقبل علي ابني زوجاً لها.
                  حملق الجميع في العم وتنقلت أنظارهم بين علي ومريم التي غار قلبها وخفق بشدة رافضاً هذا الأمر
                  واصل العم بحزن: أعلم هذا ليس وقته.. ولكني أخشى عليها، أريدها تحت ناظري مع بناتي، أريدها في أيدي أمينة ولن أجد رجلاً أميناً يحفظ ابنة عمه كعليّ. لا أريد أن أزكّيه لأنه ابني بل لأني أعرف أخلاقه وإيمانه.
                  سقطتْ المسبحة من بين أصابع علي مندهشاً وقلبه يضطرب، من قال بأني أريدُ الزواج الآن؟ بالذات مريم هذهِ لا أريدها.. لا تصلح لي إنها صغيرة وغير متدينة كخطيبتي المتوفاة العم: المهم عندي قبول مريم، إنْ قبلتْ هي وإخوانها سيتم العقد أواخر شهر ذو القعدة إذ لن يكون مناسباً الآن، يتبع بقية الجزء في الرد...
                  ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                  ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                  ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                  ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                  ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                  ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                  ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                  ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                  ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                  ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                  ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                  ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                  تعليق


                  • #10
                    وكذلك لا أريدُ أن يطول الأمر فأنا أودّ الإطمئنان عليها.. الآن من يريد أن يقول شيئاً فليتفضّل.
                    لم يعقّب أحد، أراد علي الردّ على والده فسكت ناوياً التحدّث معه على انفراد
                    قال كريم: ولكن يا عمي إن انتقلتُ إلى منزل والدي سنكون مع مريم لن تكون لوحدها
                    - أعلم.. ولكنك ستكون مشغولاً بعائلتك يا بُني، أحمد أيضا سينشغل بدراسته
                    التفت لمريم التي أمسكت دموعها بقوة
                    - أنتِ أهم شخص أحتاج لرأيه، ماذا قلتي يا ابنتي؟
                    خجلتْ من الرد على عمها واكتفت بإنزال رأسها
                    أبي أين أنت عني.. أنا أحتاجك الآن.. عمي أرجوك لا ترمني في هذه الورطة، لا أريد علي هذا لا أريده، إنه متدين بشدة ويبدو جافاً وحزيناً طوال الوقت على خطيبته وأنا.. أنا أحب حسن
                    صحيح! تذكرت مريم: ماذا عن حسن
                    ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                    ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                    ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                    ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                    ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                    ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                    ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                    ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                    ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                    ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                    ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                    ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                    تعليق


                    • #11
                      حج التائبين 8:
                      جلس العم لوحده مع مريم: ابنتي.. ها نحن لوحدنا، إذا كنتِ رافضة فصارحيني لا تخجلي. ولكن صدقيني هذا الأصلح لكِ. إخوانكِ مشغولين بأمورهم وهم رجال، لكنكِِ فتاة وصغيرة وعمرك مناسب للإرتباط، عاجلاً أم آجلاً ستتزوجين يا ابنتي.. وصدقيني علي ولدي وأنا واثق من أنه سيحافظ عليك. هل أنتِ قابلة أم رافضة؟
                      صمتت مريم.. أريد أن أقول بأني رافضة.. عمي إن كنتَ لا تسمع صرخاتي الخرساء فاقرأ الرفض في عيني، لا أشعر بأن علي عاطفي، يبدو متديناً جافاً وطوال وقته إما بالعمل وإما بالمسجد أو المأتم، وأيضا يكبرني بإحدى عشر عاماً. الأمر الآخر أحب حسن.. افهمني عمي أنا رافضة لا أستطيع الرد عليك. مسح على رأسها وهو يبتسم: هل أعتبر سكوتكِ بأنك موافقة؟

                      لم ينم ليلتها علي، ما هذا القرار المفاجئ يا أبي؟! سامحك الله. لا أفكر بالزواج يكفي وجعي على رحيل زينب، وإن أردتُ الزواج فحتماً لن تكون مريم. إنها صغيرة وليست ناضجة ولا تبدو متدينة. ليستْ كزينب رحمها الله
                      في الصباح توجّه مباشرة لوالده الذي كان يأكل إفطاره مع والدته:
                      - أهلاً بُني علي.. تعال لتأكل معنا
                      - أهلاً أبي.. أمي كيف حالكِ.. سكت بضع ثواني وقال: أبي.. عذراً لما سأقول ولكنك فاجأتني بقرارك البارحة ولم تأخذ برأيي، المعذرة يا أبي، لا أريد الزواج بمريم ارتفع صوت الأب مدهوشاً: أعلم بأنك متفاجئ ولكن لماذا رفضك؟ فكّر بالأمر، ابنة عمك يتيمة..
                      قاطعه: هذه ليست مشكلتي. من قال بأنّي كافل للأيتام!
                      - أعلم.. ولكنك ستتزوج نهاية المطاف، أم أنك ستقضي بقية عمرك تعيش على ذكرى زينب؟ انظر إلى شقتك قد علاها الغبار انظر إلى عمرك الذي قارب الثلاثين
                      - أبي، ابنة أخيك صغيرة لا تناسبني
                      - لكنها موافقة
                      - ماذا؟! هل قالت بأنها موافقة؟
                      - البارحة جلستُ معها بعد انصرافكم كانت صامتة وموافقة
                      - صمتها لا يعني موافقتها. أمي بالله عليكِ تكلمي قولي شيئاً
                      أجابت الأم بلطف: ولدي حبيبي لا تستعجل فكر بالأمر، أرى بأن قرار والدكَ سليماً كما وأنني أرغب بشدة بتزويجك ومريم كإبنتي زهراء تعجبني
                      - ولكنها لا تناسبني! أنا الذي سأتزوج وأنا الذي سأتورّط
                      تمالك الأب أعصابه وهو يقوم من الإفطار: علي! سيكون العقد بإذن الله نهاية شهر ذي القعدة وحتى ذلك الوقت لا أريد نقاشاً، هل فهمت يا ولدي؟
                      لا تعلم مريم كيف مرّت الأيام سريعاً، كلما حاولت إعلان رفضها والتحدّث لأختها أو لزهراء شعرتْ بعدم الفائدة، أما إخوانها فكانوا موافقين تماماً لقرار العم. وحدهُ علي أصبح يقضي معظم وقته خارج المنزل ويتحاشى التواجد في مكان يجمعه بمريم، حتى إنها قالت لزهراء يوماً:
                      يتبع بقية الجزء في الرد..
                      ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                      ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                      ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                      ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                      ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                      ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                      ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                      ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                      ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                      ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                      ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                      ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                      تعليق


                      • #12
                        حج التائبين 9:
                        ردت مريم باقتضاب: عليكم السلام. الحمد لله بخير
                        ساد الصمت مرة أخرى
                        - مريم
                        - نعم
                        - لي طلب
                        - تفضّل
                        - بعد صلاة الفجر اقرأي سورة يس واهدي ثوابها إلى أهل البيت عليهم السلام واطلبي منهم أن يباركوا لنا عقدنا
                        تنهّدت مريم.. كما توقعتُ.. إنه كرجل دين يعيش في كوكب آخر من العبادة وغير عاطفي
                        - إن شاء الله
                        - استأذن الآن. مع السلامة
                        ويبدو أن الأيام تحمل لمريم أحداث متسارعة؛ فها هو شهر ذو الحجة يقبل عليهم. بعد يومين من العقد يدخل علي ليخبرها عن الحج
                        - إنها ليست المرة الأولى ذهبتُ مسبقاً مرتين وهذه الثالثة. مريم؟
                        - نعم يا ابن عمي
                        - هناك بُشارة لكِ، حجزتُ لك تذكرة للذهاب معي. ما رأيكِ؟
                        شهقتْ بدهشة: ماذا؟ - الحج، ستذهبين معي إلى الحج
                        أحسّ بأنها غير راغبة، ويعلم بأنها لا تميل له ولا تريد السفر معه وهو أيضا لا يشعر بشيء تجاهها، ولكنه استسلم للقدر الذي كتبه الله عليهما ورأى بأن يبادر بخطوة منه، والبدء برحلة إلى بيت الله أفضل خطوة
                        مريم: ولكنني.. أقصد.. لا أعرف شيئاً
                        - كلنا ذهبنا أول مرة ونحنُ لا نعرف شيئا، كما وأنه هناك تُعقد محاظرات فقهية روحية لتهيئة جميع الحجاج لمناسك الحج. لا تقلقي وتوكلي على الله يا مريم
                        على العشاء أخبرَ العائلة التي فرحت كثيراً وبارك العم لهما هذه الخطوة
                        احتضنتْ زهراء ابنة عمها من الخلف قائلة: آه يا لحظكِ، خذوني معكم مرافقة. علي أنا أختك وأولى منها خذني معك، فيما رفعتْ الأم يديها بالدعاء وهي تدعو لهما بفرح: ستكونان من ضيوف الله ومع الإمام الحجة هنيئاً لكما
                        خفق قلب مريم وهي تقول: الإمام الحجة؟!
                        علي: نعم. صاحب الزمان أمير الحُجاّج، يؤدي جميع الأعمال، ويوم عرفة سترين يا مريم كيف أن جميع الحجاج ينادونه ويبكون
                        - يوم عرفة؟ لماذا؟
                        - لأنه يتواجد في أرض عرفة مع الحجاج، يراهم ولا يرونه لذلك يبكون شوقاً إليه
                        شعرتْ بالخوف.. صاحب الزمان مرة أخرى! تذكرت ذلك الصوت القادم من المسجد في تلك الليلة حينما ألقى الجملة التي هزّت كيانها "صاحب الزمان يرى أعمالنا"
                        انشغل الجميع متحمسين بالحديث عن الحج بينما ظلت هي تفكر بقلق وتدعو بداخلها
                        يا إلهي أنا خائفة لا أريد منه أن يراني.. كيف أتخلّص من هذا السفر انقذني يا الله
                        ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                        ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                        ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                        ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                        ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                        ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                        ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                        ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                        ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                        ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                        ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                        ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                        تعليق


                        • #13
                          حج التائبين 10:
                          قبل الدخول لقاعة المغادرين ودّع علي ومريم الأهل. احتضن أحمد أخته مريم ولكنها لم تبكِ إلا في حضن كوثر
                          قال عمها لها: مريم يا ابنتي حينما تريدين شيئاً وتخجلين من علي فقط اتصلي بي وسأفعل ما بوسعي
                          علي.. ابنة عمك أمانة انتبه لها خصوصاً في الطواف ورمي الجمار
                          في الطائرة خجلتْ من جلوس علي إلى جانبها فانكمشت على نفسها ودارت ناحية النافذة تنظر بضيق. أشعر بالغربة.. بعدم الراحة.. ليست هذه الحياة التي تمنيتها وليس علي هو الذي أتمناه. نظرتْ إلى علي الذي كان قد وضع رأسه لينام والمسبحة التي لا تفارقه متشابكة بأصابعه. لا أنكر بأنه طيب ولكنني أحس بحزن يسكن قلبه. أنا متأكدة بأنه لا يزال يحب خطيبته المتوفاة زينب. كما وأنّ كل أحاديثه وتفكيره تدور حول الدين. لا أظن بأنني سأسمع منه كلمة عاطفية أبداً. لا يبدو بأنه يعرف أي شيء بالرومانسية
                          انتهى جميع حجاج الحملة من الإجراءات وتوجهوا للفندق في المدينة المنورة. تفاجئت بغرفة ثنائية معه، شعرتْ بالغضب والضيق.. لن أبقى معه في غرفة
                          - علي بعد إذنك.. هل تستطيع أن تخبرهم بأني أريد أن أكون مع النساء؟
                          ابتلع غضبه.. وهل تظن بأنني أريدها معي في غرفة!
                          إنها من الآن ترفض وجودي معها كيف سأعيش معها
                          تنهد قائلاً: حاضر
                          نزل وعاد بعد دقائق: يقول بأنه تم ترتيب الغرف والحجاج بالعدد
                          - يعني ماذا؟
                          رد بجفاف وتعب: يعني لا يوجد سرير شاغر بغرفة نسائية. مريم إنهما يومان فقط بعدها ننطلق لمكة وستكونين مع النساء. أعلم بأنك لا تطيقين رؤيتي ولكن إحتراماً للنبي محمد "ص" تحمّليني لمدة يومين فقط
                          أحسّت بالضيق والخجل. تشاغلتْ بترتيب الحقائب، يجب أن أقول شيئاً
                          - ابن عمي
                          - نعم ماذا هناك أيضاً!
                          - أنا.. آسفة لم أقصد.. كل ما في الأمر أنني لم أتعود الـ...
                          قاطعها وهو مستديراً عنها: لا بأس عليكِ أنا متعب سأنام على الأرض هاتي اللحاف
                          - لا لا.. نم على السرير أنا سأرتّب الحقائب.
                          قبل أذان المغرب استعدّا للتوجه لزيارة النبي والزهراء وأئمة البقيع عليهم السلام
                          - مريم
                          - نعم يا ابن عمي
                          - هل اغتسلتِ غسل الزيارة؟
                          - اممم.. لا لم أكن أعلم - استعيني بمفاتيح الجنان للأعمال المستحبة سيساعدكِ كثيراً
                          - حاضر
                          - مريم
                          بدأتْ تشعر بالضيق: نعم
                          - لا تلبسي عباءة الكتف البسي عباءة الرأس دائماً
                          - عفواً ماذا قلتْ!
                          - كما سمعتِ؛ لا أريد لزوجتي أن تلبس عباءة كتف
                          ومشى أمامها سريعاً معلناً نهاية الحديث في الروضة المحمّدية بكتْ كثيراً وهي تخاطب الزهراء:
                          سيدتي.. أقسم عليكِ بحق عزيز قلبكِ الحسين خلّصيني من علي. يتبع بقية الجزء في الرد..
                          ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                          ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                          ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                          ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                          ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                          ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                          ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                          ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                          ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                          ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                          ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                          ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                          تعليق


                          • #14
                            سيدتي.. أقسم عليكِ بحق عزيز قلبكِ الحسين خلّصيني من علي. أنتِ تعلمين بأنّ علي شاب صالح مؤمن يستحق فتاة أفضل مني. لا أريده خلّصيني منه أنا تعيسة معه.
                            أثناء وجودهم في المدينة المنوّرة كان علي يعامل مريم برسمية تامة ولا يتحدث معها إلا للضرورة. بدأتْ تشعر بالإختناق والوحدة. أبي توفي وأختي بعيدة عني، وعمي سامحه الله وضعني في مأزق، وها هو المسمّى بزوجي يعاملني بجفاف وكُره. لا أحد يعلم ما بداخلي، لا أحد بقربي لأتحدّث معه. أنا أفتقد العاطفة والحنان، إلى من أشكو؟ أين أنت يا أبي عني
                            كان الوقت منتصف الليل وعلي نائماً حينما سمع صوت بُكاء من الحمام، أحسّ بالخوف، إنها مريم!
                            طرق الباب بهدوء فتوقّف البكاء
                            - مريم.. مريم هل تسمعينني؟
                            جاء صوتها بعد ثواني: نعم هل تريد شيء؟
                            - أريد التحدث معكِ. تعالي
                            غسلتْ وجهها وخرجتْ وهي مستديرة حتى لا يراها
                            - نعم يا ابن عمي. همس بخوف: مابكِ؟
                            - لا شيء
                            - انظري إلي
                            تلفّتت بوجهها بتعب يميناً وشمالاً وتدفّقت دموعها على خديها
                            - لماذا تبكين؟ لم تُجِب ظلّت صامتة - أنتِ متعبة؟ مريضة؟ تكلمي..
                            ابتعدتْ عنه وهي تبكي.. لا فائدة إنه لا يفهمني
                            - تريدين شيئاً؟ مريم تكلمي أرجوكِ بدأت أشعر بالقلق
                            - نعم أريد ولكنك لن توافق
                            - اطلبي ما تشائين ولكن بدون بكاء.. بكاءك يقطع قلبي. سأفعل ما تريدين
                            - أريد الطلاق!
                            ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                            ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                            ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                            ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                            ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                            ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                            ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                            ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                            ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                            ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                            ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                            ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                            تعليق


                            • #15
                              ج التائبين 11:
                              فتحَ علي عينيه وفمه مدهوشاً: ماذا؟ الطلاق؟!
                              - نعم.. أشعر بالوحدة.. بالغربة.. باليتم، أنت تعاملني بقسوة وتعاقبني بصمت لا أستطيع التحمل والبقاء معك، أريد العودة طلقني
                              شعر بالعطف الشديد تجاهها؛ لم أكن أعلم بأنّ كل هذا بداخلكِ يا مريم
                              تنهّد علي: مريم.. توضأي ونامي
                              - ألا تفهم؟! لا أريدك طلقني
                              - كوني عاقلة ولا تدعي للشيطان عليك سبيلاً
                              - احجز لي تذكرة على أول رحلة للعودة
                              - ابنة عمي.. أرجوك، أنا أعتذر منكِ، سامحيني يشهد الله بأني لم أكُن أتعمّد الإساءة لكِ. أعذريني لأجل النبي الكريم الذي نحنُ بجانبه كان يتحدّث وهي تبكي وتنظر للنافذة لا تجيب عليه
                              - اعتقدتُ بأنك متضايقة لوجودي لذلك لم أشأ أنْ أثقل عليك بالتعامل معكِ
                              نظر إلى الساعة، بقيت نصف ساعة على صلاة الفجر
                              - توضّأي سنذهب للحرم النبوي للصلاة، يجبْ أن نعود مبكراً لحزم الحقائب سنتوجّه اليوم إلى الميقات
                              صرختْ به: علي أنا جادة! سنعود وستطلّقني، أو دعني أعود لوحدي.
                              - مريم.. ابنة عمي.. بحق الزهراء سامحيني، أعِدُكِ بأنْ أنتبه لمعاملتي لكِ
                              نهض ذاهباً للحمّام وهو يستعجلها: من فضلكِ جهّزي الحقائب سننطلقُ مباشرة بعد الإفطار لا وقتَ لدينا
                              أراد أن يشغلها لتنسى طلبها
                              هناك دعتْ بانكسار قلب في حضرة النبي وقبال أرض البقيع وهي تودعهم بأن يفرج الله همها.
                              بعد الإفطار أنزل جميع الحجاج حقائبهم
                              - مريم اجلسي على الكرسي الذي تجدين فيه حقائبنا الخاصة بالإحرام
                              أراد استغلال ساعات الطريق ليتحدّث معها. لم تكن تعلم بأنه سيكون معها ظنت بأن إمرأة ستأتي لكنها فوجئت بجلوسه بجانبها.
                              مع بدء الرحلة رفعَ الحجّاج أصواتهم بالصلاة على محمد وآل محمد وهم يودّعون أرض طيبة وبعض الأعين تفيضُ بالدمع لفراق القبة الخضراء
                              قال علي: إن زيارة أهل البيت دواء لكل قلب مهموم، رزقنا الله دائماً زيارتهم
                              كانت تستمع بصمت وهي تتشاغل بالنظر من النافذة
                              - مريم؟
                              - نعم
                              - ابنة عمي
                              أجابت باستغراب: نعم أنا أسمعك
                              ابتسم هامساً: أتعلمين؟ عليّ أن أعترفُ لكِ بشيء، أحب مناداتكِ لي دائماً بابن عمي، يطيب لي هذا النداء كثيراً
                              ابتسمت مجامِلة وعادت للنظر مجدداً من النافذة
                              الحمد لله تبدو هادئة. أرجو أن تكون قد نستْ طلبها البارحة
                              - مريم، نحنُ ذاهبون للميقات أولاً لغسل الإحرام. ولكن ليس المهم طهارة الجسد والملبس فقط
                              بل المهم طهارة الباطن، نقاء القلب
                              لا زالتْ صامتة، إنها كلمات نورانية لذيذة تجعل قلبي يهدأ
                              أخذ يشرح لها بشكل مبسط وسريع عن كيفية أداء مناسك الحج
                              رنّ هاتفها، إنها كوثر. تبادلت معها التحية والسؤال عن الأحوال، يتبع بقية الجزء في الرد..
                              ﺭﺑّﺎﻩ ﻗﺪ ﻗﺘﻠﻨﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺔ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ
                              ﻭﻣﺎﺑﻴﺪﻱ ﺣﻴﻠﺔٌ ﻟﻠﻮﺻﻮﻝ ،ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ
                              ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺃﺣﺮﻑ ﺍﻟﺰﻭّﺍﺭ ﻓﻬﺬﺍ ﻳﻜﺘﺐ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺩﺍﺧﻞ
                              ﺍﻟﺼﺤﻦ،ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺮﺳﻞ
                              ﺳﻼﻣﻪ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﻘﺒﺔ..ﻓﻤﺘﻰ ﻳﺎ ﺇﻟﻬﻲ ﺃﻛﻮﻥ
                              ﺑﻤﻮﻗﻔﻬﻢ ،ﻣﺎﻗﻴﻤﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗُﻜﺘﺐ ﻟﻲ
                              ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺓ ،ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ﻣﻴﺘﺔ ﻷﻧﻨﻲ ﻟﻢ ﺃﺯﺭ ﺑﻌﺪ ﻭﻫﻞ
                              ﻳُﺴﻤﻰ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻦ ﻛﺮﺑﻼﺀ ﺣﻴﺎً ؟!
                              ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺩﺭﻱ ﺃﻗﺮﻳﺐٌ ﻫﻮ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﺃﻡ ﻻ ﻟﻜﻨﻨﻲ
                              ﺃﺗﻤﻨﻰ ﻭﺃﺗﻘﻄّﻊ ﻣﻨﻰً ﺃﻥ ﺃﻟﺘﻘﻲ ﺑﻜﺮﺑﻼﺀ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ
                              ﺃﺗﻮﻓﻰ ﻓﺈﻥ ﺯُﻫﻘﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
                              ﺧﺴﺮﺕُ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎ..

                              تعليق

                              يعمل...
                              X