إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

رحله البقاء الجزء السابع

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رحله البقاء الجزء السابع

    بسم الله الرحمن الرحيم
    قال سعيد : لما ضربني بعصاه على رأسي اشتعل ناراً وصرخت صرخه عظيمه وضربني الآخر على بطني فالتهبت هي الأخرى . ذهبا عني وبقيت أتلوى وأحشائي تحترق حتى بدأت أسمع صوت توغل النار فيها . بأي حال سيئه كنت وأي آلام تحملت بل أي صراخ صرخت ، ناديت ومامن مجيب وأستغثت ومامن مغيث . لقد كان احساسي بحراره النار إحساس من حضر فيها ودخلها لامن أخبروه عنها ويتخيلها شتان بين الأثنين . بقيت بهذه الحال ساعات شغلني ألمي فيها عما حولي فلما هدأت النار وعاد جلدي كما كان نظرت يميناً وشمالاً فرأيت وادياً ليس له حدود قد انتشر فيه آلاف من ملائكه الغضب بأشكال مختلفه مرعبه يحملون سياطاً مختلفه منها الغليظ ومنها النحيف وبعضها من نار وبعضها من مواد أخرى أجهلها ، وهناك مجاميع أخرى تحمل مقامع من حديد محمر . قدِم عليَ ملكان ظهرا فجأه فلا أعلم من أي جانب أتيا . اقتربا مني وحملاني الى غرفه مليئه بصفوف الملائكه الذين اصطفوا بشكل مرتب ومنتظم وهم ينظرون الى ملك عظيم الخلقه قد تصدرهم وتقدم عليهم ويبدو أنه زعيمهم . ألقياني أمامه وتحدثا معه بحديث لم افهمه وخرجا فبقيت انظر إليه كالذليل بين يديه أرتجف خوفاً منه . أومأ الى ملكين آخرين فأتيا سريعاً وحملاني إلى غرفه أخرى إذ جاءنا فيها ملك يحمل لوحاً علقه في عنقي وقال : إن هذا اللوح يحوي أعمالك السيئه صغيرها وكبيرها سوى ماتُبتَ منه ويوضح كل منها جزاء عمله من العذاب حسب نوعه ودرجته ومدته كما يحوي صفاتك وملكاتك السيئه التي لم تزل باقيه بسبب عدم اقتلاعها من جذورها في الدنيا أجابه سعيد : وهل يمكن لي معرفتها ؟ نعم يمكن لك ذلك . حملني إلى غرفه أخرى ودخلنا فيها فرأيت ملكاً قد وضع أمامه لوحاً عظيما فلما رآني قال للمأمور الذي معي : مااسمه وما رمزه ؟ ذكر المأمور اسمي الكامل ورقم طويل تتخلله أحرف وكلمات لم أفهمها بعدها خاطبني الملك قائلاً : اجلس هنا . أشار إلى كرسي كان في الغرفه فجلست عليه وقال : هل أرى هذا الكتاب ؟ ((قال تعالى في سوره الكهف ،،ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لايغادر صغيره ولاكبيره إلا أحصاها ووجدوا ماعملوا حاظرا ولايظلم ربك أحدا ،،)) نعم أراه ولكنه ليس بكتاب كما أعرفه ! توقف الملك قليلا عن الكلام ثم قال : إن لكل إنسان يدخل هذا الوادي مقداراً معلوماً من العذاب وفتره تتناقص مع كل لحظه تمضي عليه وهذه المده لاتزيد ولاتنقص إلا بإذن الله كما أن ذلك مرتبط بما تركته في دنياك من صدقه جاريه أو أعمال سيئه لم يزل أثرها في الدنيا قائماً . قال سعيد : بالله عليك قل لي كم سأبقى أسيراً عندكم في هذا الوادي المرعب ؟ نظر الملك الى الكتاب وتمعن فيه ثم قال : إننا مأمورون طبق هذا الكتاب بحبسك مده إحدى وخمسين سنه وثمانيه أيام و... لم يكمل الملك حديثه بعد أن التفت نحوي لأنه رآني قد أُغشيَ عليَ ولولا تماسك الكرسي لسقطتُ منه ، أفقت بسوطٍ من أحد الملائكه اللذين أحاطوا بي ،حينها قلت له بصوت ضعيف متقطع ولهجه آيس معترض : بأي ذنب كل هذه المده ؟ إنني تبت إلى الله توبه خالصه قبل خمس سنين وسعيت جاهداً في طاعه الله ورعايه حقوق الناس و.... قاطعني الملك وقال : صحيح ماتقول ولولا توبتك هذه لكان لابد لك من اللبث هنا آلاف السنين ، بل وقد يمتد عذابك إلى يوم الحشر الأكبر ولكن بسبب توبتك الخالصه سُجلت لك هذه المده القصيره جداً . قال سعيد أتقول إحدى وخمسون سنه مده قصيره ! قال الملك : بالنسبه إلى غيرك نعم قصيره جداً ولولا علمي بدرجه إيمانك وتقواك ماأجبتك على أسئلتك ولا أظهرتُ لك هذا الأحترام . وبسبب ذلك الإيمان ستكون درجه عذابك قليله لو قارنتها بغيرك . قال سعيد : وبماذا سوف تعذبوني ؟ نظر مره أخرى الى الكتاب وقال : نحن مأمورون طبق هذا الكتاب بإدخالك في مئه وسبعه وثلاثين نوعاً من العذاب ، وها أنا ذا أشاهد فيه صفات سيئه لم تزل فيك وإن كانت بدرجه ضعيفه من قبيل التكبر والعجب وصفات مختلفه أخرى . توقف قليلا ثم استمر في حديثه فقال : كان عليك مراقبه نفسك في الدنيا ومحاسبتها قبل أن تحاسب الآن كما انك كنت تستهين بذنوبك الصغيره ولم تتب منها وكان يصيبك شيء من العجب في طاعاتك ولديك أعمال حسنه أديتها لله لكن خالطها الرياء دون أن تشعر به . توقف مره أخرى وتمعن في الكتاب وقال : وأرى ظلمك لولدك خمساً وأربعين مره وأكلك مال حرام خمساً وستين مره و.... قال سعيد قاطعته معترضاً : عن أي مال حرام تقول ؟ إني سعيت جاهداً على عدم أخذ دينار واحد ، فمن أين أتيت بذلك ؟ إنني أرى الخطأ في كتابكم هذا . أجابني بهدوء رغم جرأتي على اتهامهم بالخطأ في كتابهم فقال : انك كنت تعمل مهندساً وتتقاضى راتباً شهرياً مقابل ثمان ساعات عمل يومياً ولديك خمس وستون حاله انشغلت فيها بأمور شخصيه أثناء وقت عملك وبدون رخصه من صاحب العمل وقد أثرذلك على إنتاجيه الشركه وإن كان بشكل غير ملحوظ . فلابد من قضاء هذه المده بأي حال كان ولعل يصل اليك شيء من أهل الدنيا يخفف عنك العذاب وينقص من مده مكوثك أو لعل لديك من الاعمال الحسنه ماتسمح لك بنيل شفاعه الشافعين . سلمت أمري الى الله طوعاً أو كرها وقلت لهم احملوني الى حيث يشاء ربي .

    ثم قال : ليتني عرفت قدري في الدنيا قبل أن يعرفونه لي الآن تحت أقدام أهل جهنم .
    ألقوا بي وأنا مكتف الأيدي والأرجل على أرض محمره مسوده ملتهبه كلما لامسها جزء من بدني دفعت به ليتكيء فأصبحت متقلباً ممدوداً أتحول من مكان إلى آخر تحت أقدام سكان جهنم الذين كانوا يقفزون من شده آلامهم والنار مشتعله فيهم فكأنهم قطع من نار متحركه مضطربه والملائكه يضربون وجوههم وأدبارهم بسياط غليظه . آه ثم آه ألمي لايوصف وعذابي (رغم قله درجته على قول الملك ) لو قُسم على أهل الدنيا جميعاً ماتحملوه . لقد كانت حراره النار تدخل إلى أعماق قلبي فتحرقه قبل بدني في سوره الهمزه ((نار الله الموقده . التي تطلع على الأفئده )) وأي نار ! أظن أن حرارتها لو مست جبال الأرض لانصهرت ولو سقطت شراره منها على بحار الأرض لتبخرت . كنت أسمع في الدنيا وأقرأ عن نار الآخره وأتصورها بما يتناسب مع تخيلاتي المحدوده في ذلك الوقت أما الآن فأن روحي بعينها تذوق العذاب وهي حاضره فيه لا خارجه عنه وشتان بين الاثنين .
    أصابني عطش شديد لذا كنت حين تقلبي انظر هنا وهناك بحثاً عن الماء فرأيت أحد ملائكه الغضب يحمل إناءً اسود يتصاعد منه بخار ويُسمع منه صوت فوران مابداخله، أدناه مني فانشوى وجهي لشده غليانه وكنت متردداً بين قبوله ورده لكن يبدو أن لاخيار لي في ذلك ، فقد أراقه في فمي دون أن ينتظر وليته لم يرقه لقد كان حميماً وأي حميم قطع أمعائي لشده غليانه (( .... وسُقوا ماءً حميماً فقطع أمعائهم )) فأزددت ألماً وعطشاً فوق ألمي وعطشي وندمت على نيتي في طلب الماء وشربه . قال الملك وقد ضربني بسوطه مستهزئاً : كيف كان طعم الماء ؟ لم أجبه فقال : انه (سوره الكهف )((وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا )) .
    وهناك نوع من الماء هل تريده ؟ أجبته بصوت ضعيف وشفاه يابسه :نعم . تناول إناء آخر وأراقه في فمي فإذا به أسوء من الأول لذا قذفته خارجا بعد أن ترك في حلقي مراره لاتطاق فقلت له : أتقول عن هذا انه ماء ؟ قال : انه ماء صديد يخرج مع الذي يسيل من اثر جروح أهل جهنم . سوره ابراهيم ((من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولايكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وماهو بميت ....)) أحسست بجوع شديد حتى إنني لم أعد أقوى على الحركه بل حتى على التقلب يمينا وشمالاً . رفعت رأسي قليلا بحثاً عن الطعام فرأيت شخصاً يصرخ صراخ المجنون بعد أن دخلت أفعى عظيمه في فمه ثم خرجت من دبره وبدأت تلدغ في وجهه وبدنه والنار ملتهبه تحت قدميه . نحيت بصري عنه لبشاعه منظره وإذا بسوط أحد الملائكه يهزني رفعت رأسي نحوه فقال : هل تريد طعاماً أجبته بصوت خافت متقطع : نعم . لم يمكث طويلا حتى أتى بإناء ممتلىء قربه مني فنظرت لما فيه وإذا به طعام على هيأه نبات ذي أشواك حاده ورائحه نتنه كريهه . فتح السلاسل من يدي واشار لي بتناوله . أخذت الاناء وتناولت مافيه وليتني لم أتناوله ولم أطلبه لقد مزق حلقي فلايدخل فيه ولايخرج منه ولم أقذفه إلابشق الأنفس وجهد جهيد فقلت له عجباً من طعام ! نظر لي الملك وقال : ((إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصه وعذابا أليما )) . قلت له : من اين أتيت بهذا الطعام ؟
    ماذا أجاب الملك ؟؟؟..... تابعونا في الجزء القادم بإذن الله
    نود ان نذكر بأن هذه القصه بقلم الكاتب عبد الرزاق الحجامي أُلفت حسب روايات أهل البيت عليهم السلام والقرآن الكريم

يعمل...
X