اللهم صل على محمد و آل محمد
قد إكتسب مبحث إصلاح اللّسان، أهميّةً بالغةً في الأبحاث الأخلاقيّة بإعتباره، تُرجمان القلب ورَسول العَقل، ومفتاح شخصيّة الإنسان، ونافذة الرّوح على آفاق الواقع.
وبعبارة اُخرى: إنّ ما يرتسم على صفحات الرّوح والنّفس، يظهر قبل كلّ شيء على فَلتات اللّسان، واللّطيف في الأمر أنّ قُدامى الأطباء، كانوا يُشخّصون المرض، ويتعرّفون على سلامة الشّخص ومزاجه عن طريق اللّسان، فَلَم تكن عندهم هذه الإمكانيّات المعقدّة التي بأيدينا اليوم، فالطّبيب الحاذق، كان يتحرك في عمليّة تشخيصه، لأمراض الباطن عن طريق اللسان، حيث يَنكشِف له من خلال ظاهر اللّسان ولونه، الأمراض الكامنة في خَبايا جسم صاحبه.
وهكذا الحال بالنّسبة لأمراض الرّوح والعقل والأخلاق، فيمكن للّسان أن يكشف لنا المفاسد الأخلاقيّة، والسّلبيات النّفسية والتّعقيدات الرّوحية، التي تعتلج في صدر وروح الإنسان أيضاً.
وعليه، فإنّ علماء الأخلاق يرون، أنّ همّهم الأول والأخير حفظ وإصلاح اللّسان، ويعتبرونها خُطوةً مهمّةً ومؤثرةً في طريق التّكامل الرّوحي والأخلاقي، وقد عكس لنا أميرالمؤمنين عليه السلام، ذلك الأمر في حديثه الذي قال فيه: تَكَلَّمُوا تُعرَفُوا فإنّ المَرءَ مَخبُوءٌ تَحتَ لِسانِهِ.()
وجاء في حديث آخر، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عَبد حَتّىْ يَسْتَقِيمَ قَلْبُهَ ولا يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ حَتّى يَستَقِيمَ لِسانْهُ".()
ونعود بعد هذه الإشارة إلى أصل بحثنا، ونقسّمه إلى أربعة محاور:
- أهميّة اللّسان بإعتباره نعمة إلهية كبيرة.
- العلاقة الوثيقة بين إصلاح اللّسان، وإصلاح روح وفكر الإنسان وأخلاقه.
- آفاتُ اللّسان.
- الاُصول والأسس الكليّة، لِعلاج آفاتِ اللّسانِ.
في المحور الأوّل: تحدّث القرآن الكريم، في آيتين من سورة البلد والرّحمان، بِأبلغ الكلام.
فنقرأ في سورة البَلد، الآيات ( ـ ): أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ.
فبيّنت هذه الآيات الشّريفة، النّعم والمواهب الإلهيّة الكبيرة على الإنسان في الحياة، من قَبيل نِعمة العين واللّسان والشفتان، كأدوات وجوارح يستخدمها الإنسان لمعرفة الخَير والشّر.
نعم، فإنّ الحقيقة، أنّ أعجب جوارح الإنسان هي اللّسان، قطعةٌ من البدن، حَمَلَتْ وحُمّلت أثقل الوظائف، فاللّسان علاوة على دوره في بلع الطّعام ومَضغِه، فإنّه يؤدي واجِبَهُ بِمهارة فائقة من دون أيّ إشتباه، في أداء هذه المهمّة الكبيرة، وَلَوْلا مهارته في تَقليب اللّقمة بين الأسنان، فماذا سيكون حالنا!، وبعد الأكل يقوم بعمليّة تنظيف الفم والأسنان أيضاً.
والأهمّ من ذلك والأعجب، هو كيفيّة الكلام، بواسطة حركات اللّسان السّريعة، والمرتّبة والمنظّمة في جميع الجهات.
واللّطيف في الأمر، أنّ الله سبحانه وتعالى، قد سهّل عمليّة الكلام، بصورة كبيرة بحيث أنّ اللّسان لا يملّ ولا يكلّ من النّطق والتّحدث إلى هذا وذاك، ومن دون تكلفة ونفقة، والأعجب من ذلك، قابلية الإنسان للكلام، وتكوين الجمل والكلمات المختلفة، كموهبة إلهية، وملكة أصليّة في روح الإنسان وفطرته، بالإضافة إلى إستعداده وقدرته، لتكوين وتأليف اللّغات المختلفة، وتعددها إلى الآلاف، وكلّما مرّ الزمان إزداد عددها وتنوّعها بتنوع الأقوام والجماعات البشريّة.
فليس عجيباً عندما يتحدث عنها القرآن الكريم، ويقول أنّها أعظم النعم؟
والجدير بالذكر، أنّ الآية الكريمة ذكرت الشّفتين إلى جانب اللّسان، فهما في الحقيقة يُساعدان اللّسان في التّلفظ بالكثير من الحروف، وتنظيم الأصوات والكلمات في عمليّة التّكلم.
ومن جهة اُخرى فإنّ الشّفتين، أفضل وسيلة للسّيطرة على اللّسان، كما حدّثنا بذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله، عن الباري تعالى، أنّه قال: "يا ابنَ آدَمَ إِنْ نازَعكَ لِسانُكَ فِى ما حَرَّمَتُ عَلَيكَ فَقَدْ أَعَنْتُكَ بِطَبَقَتَينِ فأطْبِق".()
وفي بداية سورة الرّحمن: (الآيات:ـ )، يشير سُبحانه إلى نعمة البيان، التي هي ثمرة من ثمرات اللّسان، وبعد ذكر إسم الرّحمان، التي وسعت رحمته كلّ شيء، يشير سُبحانه إلى أهمّ وأفضلّ المواهب الإلهيّة، يعني القرآن الكريم، ثم خلقة الإنسان، ثم يعرّج على موهبة البيان لدى الإنسان: الرَّحْمَـنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ.
وبناءاً عليه فإنّ نعمة البيان، هي أهمّ موهبة أعطاها الله سبحانه، لعباده بعد خلقهم.
وإذا ما أردنا أن نستعرض دور البيان، في تكامل ورُقي الإنسان، ودوره الفاعل في بناء الحضارة الإنسانيّة، عندها سنكون على يقينِ بأنّه لولا تلك النّعمة الإلهيّة، والموهبة الربّانية، لما إستطاع الإنسان أن ينقل خبراته وتجاربه للأجيال المتعاقبة، ولما تقدّم العِلم، ولما إنتشر الدّين والأخلاق والحضارات بين الاُمم السّابقة واللاّحقة.
ولنتصور أنّ الإنسان، في يوم من الأيّام، سيفقد هذه الموهبة، فممّا لا شك فيه أنّ المجتمع البشري، سيعود في ذلك اليوم إلى أجواء التّخلف الحضاري، والإنحطاط في جميع الصُّعد.
عُنصر البيان، تتوفر فيه أداةٌ ونتيجةٌ، وبما أنّنا إعتدنا عليه، فلذلك نتعامل مع هذه الظّاهرة من موقع اللاّمبالاة وعدم الإهتمام، لكنّ الحقيقة هي غير ذلك، فهو عملٌ دقيقٌ معقّدٌ فنّيٌ لا مثيل له ولا نظير. لأنّه من جهة، تتعاون الأجهزة الصوتيّة فيما بينها، من الرئة إلى الهواء الداخل إلى الأوتار الصوتيّة، والتي بدورها تتعاون، مع: اللّسان والشّفتان والأسنان والحلق والفم، لتكوين وتأليف الأصوات بسرعة فائقةِ دقيقة جدّاً، حتى يصل إلى الحُنجرة، التي تقوم بتقطيعه وتقسيمه حسب الحاجة.
ثم إنّ قصّة وضع اللّغات البشريّة، وتعدّدها وتنوّعها هي قصةٌ عجيبةٌ ومعقدةٌ، وتزيد من أهميّة الموضوع، "يقول بعض العلماء: أنّ عددَ لُغات العالم، وصل إلى حوالي () لغة".
ونحن نعلم أنّ هذا العدد لن يتوقف عند هذا الحد، وأنّ عدد اللّغات في تزايد مُستمر.
فهذه النّعمة الإلهيّة، هي من أهم وأغرب وألطف النّعم، والتي لها دورٌ فاعلٌ في حياة الإنسان وتكامله ورقيّه، وهي الوسيلة، لتقارب البشر وتوطيد العلاقات فيما بينهم، على جميع المستويات.
وقد إنعكست هذه المسألة، في الرّوايات بصورة واسعة، ومنها ما وَرد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ما الإِنسانَ لَولا اللّسانُ إِلاّ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ أَو بَهَيمَةٌ مُهمَلَة"ٌ.()
والحقُّ ما قاله الإمام عليه السلام، لأنّه لولا اللسان فعلاً لَما إمتاز الإنسان عن الحيوان، وَوَرد في حديث آخر، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "الجَمالُ فِي اللّسان"ِ.()
ونقل هذا الحديث بصورة اُخرى، عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الجَمالُ في اللّسانِ والكَمالِ في العَقلِ".()
ونختم بحديث آخر عن عن الإمام علي عليه السلام، فقال: "إِنّ فِي الإِنسانِ عَشَرَ خِصَال يُظْهِرُها لِسانُهُ، شاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّميرِ، وَحاكِمٌ يَفْصِلْ بَينَ الخِطابِ، وَناطِقٌ يَرُدُّ بِهِ الجَوابَ، وَشافِعٌ يُدْرِكُ بِهِ الحاجَةَ، وَواصِفٌ يَعْرِفُ بِهِ الأشياءَ، وَأَمِيرٌ يأمُرُ بِالحَسَنِ، وَوَاعِظٌ يَنهى عَنِ القَبِيحِ، وَمُعَزٍّ تَسْكُنُ بِهِ الأحزانُ، وَحاضِرٌ (حامِدٌ) تُجْلى بِهِ الضَّغائِنُ، وَمُونِقٌ تَلَذُّ بِهِ الأَسماعُ".()
قد إكتسب مبحث إصلاح اللّسان، أهميّةً بالغةً في الأبحاث الأخلاقيّة بإعتباره، تُرجمان القلب ورَسول العَقل، ومفتاح شخصيّة الإنسان، ونافذة الرّوح على آفاق الواقع.
وبعبارة اُخرى: إنّ ما يرتسم على صفحات الرّوح والنّفس، يظهر قبل كلّ شيء على فَلتات اللّسان، واللّطيف في الأمر أنّ قُدامى الأطباء، كانوا يُشخّصون المرض، ويتعرّفون على سلامة الشّخص ومزاجه عن طريق اللّسان، فَلَم تكن عندهم هذه الإمكانيّات المعقدّة التي بأيدينا اليوم، فالطّبيب الحاذق، كان يتحرك في عمليّة تشخيصه، لأمراض الباطن عن طريق اللسان، حيث يَنكشِف له من خلال ظاهر اللّسان ولونه، الأمراض الكامنة في خَبايا جسم صاحبه.
وهكذا الحال بالنّسبة لأمراض الرّوح والعقل والأخلاق، فيمكن للّسان أن يكشف لنا المفاسد الأخلاقيّة، والسّلبيات النّفسية والتّعقيدات الرّوحية، التي تعتلج في صدر وروح الإنسان أيضاً.
وعليه، فإنّ علماء الأخلاق يرون، أنّ همّهم الأول والأخير حفظ وإصلاح اللّسان، ويعتبرونها خُطوةً مهمّةً ومؤثرةً في طريق التّكامل الرّوحي والأخلاقي، وقد عكس لنا أميرالمؤمنين عليه السلام، ذلك الأمر في حديثه الذي قال فيه: تَكَلَّمُوا تُعرَفُوا فإنّ المَرءَ مَخبُوءٌ تَحتَ لِسانِهِ.()
وجاء في حديث آخر، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عَبد حَتّىْ يَسْتَقِيمَ قَلْبُهَ ولا يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ حَتّى يَستَقِيمَ لِسانْهُ".()
ونعود بعد هذه الإشارة إلى أصل بحثنا، ونقسّمه إلى أربعة محاور:
- أهميّة اللّسان بإعتباره نعمة إلهية كبيرة.
- العلاقة الوثيقة بين إصلاح اللّسان، وإصلاح روح وفكر الإنسان وأخلاقه.
- آفاتُ اللّسان.
- الاُصول والأسس الكليّة، لِعلاج آفاتِ اللّسانِ.
في المحور الأوّل: تحدّث القرآن الكريم، في آيتين من سورة البلد والرّحمان، بِأبلغ الكلام.
فنقرأ في سورة البَلد، الآيات ( ـ ): أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ.
فبيّنت هذه الآيات الشّريفة، النّعم والمواهب الإلهيّة الكبيرة على الإنسان في الحياة، من قَبيل نِعمة العين واللّسان والشفتان، كأدوات وجوارح يستخدمها الإنسان لمعرفة الخَير والشّر.
نعم، فإنّ الحقيقة، أنّ أعجب جوارح الإنسان هي اللّسان، قطعةٌ من البدن، حَمَلَتْ وحُمّلت أثقل الوظائف، فاللّسان علاوة على دوره في بلع الطّعام ومَضغِه، فإنّه يؤدي واجِبَهُ بِمهارة فائقة من دون أيّ إشتباه، في أداء هذه المهمّة الكبيرة، وَلَوْلا مهارته في تَقليب اللّقمة بين الأسنان، فماذا سيكون حالنا!، وبعد الأكل يقوم بعمليّة تنظيف الفم والأسنان أيضاً.
والأهمّ من ذلك والأعجب، هو كيفيّة الكلام، بواسطة حركات اللّسان السّريعة، والمرتّبة والمنظّمة في جميع الجهات.
واللّطيف في الأمر، أنّ الله سبحانه وتعالى، قد سهّل عمليّة الكلام، بصورة كبيرة بحيث أنّ اللّسان لا يملّ ولا يكلّ من النّطق والتّحدث إلى هذا وذاك، ومن دون تكلفة ونفقة، والأعجب من ذلك، قابلية الإنسان للكلام، وتكوين الجمل والكلمات المختلفة، كموهبة إلهية، وملكة أصليّة في روح الإنسان وفطرته، بالإضافة إلى إستعداده وقدرته، لتكوين وتأليف اللّغات المختلفة، وتعددها إلى الآلاف، وكلّما مرّ الزمان إزداد عددها وتنوّعها بتنوع الأقوام والجماعات البشريّة.
فليس عجيباً عندما يتحدث عنها القرآن الكريم، ويقول أنّها أعظم النعم؟
والجدير بالذكر، أنّ الآية الكريمة ذكرت الشّفتين إلى جانب اللّسان، فهما في الحقيقة يُساعدان اللّسان في التّلفظ بالكثير من الحروف، وتنظيم الأصوات والكلمات في عمليّة التّكلم.
ومن جهة اُخرى فإنّ الشّفتين، أفضل وسيلة للسّيطرة على اللّسان، كما حدّثنا بذلك رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله، عن الباري تعالى، أنّه قال: "يا ابنَ آدَمَ إِنْ نازَعكَ لِسانُكَ فِى ما حَرَّمَتُ عَلَيكَ فَقَدْ أَعَنْتُكَ بِطَبَقَتَينِ فأطْبِق".()
وفي بداية سورة الرّحمن: (الآيات:ـ )، يشير سُبحانه إلى نعمة البيان، التي هي ثمرة من ثمرات اللّسان، وبعد ذكر إسم الرّحمان، التي وسعت رحمته كلّ شيء، يشير سُبحانه إلى أهمّ وأفضلّ المواهب الإلهيّة، يعني القرآن الكريم، ثم خلقة الإنسان، ثم يعرّج على موهبة البيان لدى الإنسان: الرَّحْمَـنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ.
وبناءاً عليه فإنّ نعمة البيان، هي أهمّ موهبة أعطاها الله سبحانه، لعباده بعد خلقهم.
وإذا ما أردنا أن نستعرض دور البيان، في تكامل ورُقي الإنسان، ودوره الفاعل في بناء الحضارة الإنسانيّة، عندها سنكون على يقينِ بأنّه لولا تلك النّعمة الإلهيّة، والموهبة الربّانية، لما إستطاع الإنسان أن ينقل خبراته وتجاربه للأجيال المتعاقبة، ولما تقدّم العِلم، ولما إنتشر الدّين والأخلاق والحضارات بين الاُمم السّابقة واللاّحقة.
ولنتصور أنّ الإنسان، في يوم من الأيّام، سيفقد هذه الموهبة، فممّا لا شك فيه أنّ المجتمع البشري، سيعود في ذلك اليوم إلى أجواء التّخلف الحضاري، والإنحطاط في جميع الصُّعد.
عُنصر البيان، تتوفر فيه أداةٌ ونتيجةٌ، وبما أنّنا إعتدنا عليه، فلذلك نتعامل مع هذه الظّاهرة من موقع اللاّمبالاة وعدم الإهتمام، لكنّ الحقيقة هي غير ذلك، فهو عملٌ دقيقٌ معقّدٌ فنّيٌ لا مثيل له ولا نظير. لأنّه من جهة، تتعاون الأجهزة الصوتيّة فيما بينها، من الرئة إلى الهواء الداخل إلى الأوتار الصوتيّة، والتي بدورها تتعاون، مع: اللّسان والشّفتان والأسنان والحلق والفم، لتكوين وتأليف الأصوات بسرعة فائقةِ دقيقة جدّاً، حتى يصل إلى الحُنجرة، التي تقوم بتقطيعه وتقسيمه حسب الحاجة.
ثم إنّ قصّة وضع اللّغات البشريّة، وتعدّدها وتنوّعها هي قصةٌ عجيبةٌ ومعقدةٌ، وتزيد من أهميّة الموضوع، "يقول بعض العلماء: أنّ عددَ لُغات العالم، وصل إلى حوالي () لغة".
ونحن نعلم أنّ هذا العدد لن يتوقف عند هذا الحد، وأنّ عدد اللّغات في تزايد مُستمر.
فهذه النّعمة الإلهيّة، هي من أهم وأغرب وألطف النّعم، والتي لها دورٌ فاعلٌ في حياة الإنسان وتكامله ورقيّه، وهي الوسيلة، لتقارب البشر وتوطيد العلاقات فيما بينهم، على جميع المستويات.
وقد إنعكست هذه المسألة، في الرّوايات بصورة واسعة، ومنها ما وَرد عن أمير المؤمنين عليه السلام: "ما الإِنسانَ لَولا اللّسانُ إِلاّ صُورَةٌ مُمَثَّلَةٌ أَو بَهَيمَةٌ مُهمَلَة"ٌ.()
والحقُّ ما قاله الإمام عليه السلام، لأنّه لولا اللسان فعلاً لَما إمتاز الإنسان عن الحيوان، وَوَرد في حديث آخر، عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "الجَمالُ فِي اللّسان"ِ.()
ونقل هذا الحديث بصورة اُخرى، عن أمير المؤمنين عليه السلام: "الجَمالُ في اللّسانِ والكَمالِ في العَقلِ".()
ونختم بحديث آخر عن عن الإمام علي عليه السلام، فقال: "إِنّ فِي الإِنسانِ عَشَرَ خِصَال يُظْهِرُها لِسانُهُ، شاهِدٌ يُخْبِرُ عَنِ الضَّميرِ، وَحاكِمٌ يَفْصِلْ بَينَ الخِطابِ، وَناطِقٌ يَرُدُّ بِهِ الجَوابَ، وَشافِعٌ يُدْرِكُ بِهِ الحاجَةَ، وَواصِفٌ يَعْرِفُ بِهِ الأشياءَ، وَأَمِيرٌ يأمُرُ بِالحَسَنِ، وَوَاعِظٌ يَنهى عَنِ القَبِيحِ، وَمُعَزٍّ تَسْكُنُ بِهِ الأحزانُ، وَحاضِرٌ (حامِدٌ) تُجْلى بِهِ الضَّغائِنُ، وَمُونِقٌ تَلَذُّ بِهِ الأَسماعُ".()
تعليق