خوفاً من الله:
وعن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: «كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا قام في الصلاة تغير لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى يرفض عرقاً».
ألف ركعة في اليوم واليلة:
عن الإمام الباقر عليه السلام: «كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة...
وكان إذا قام في صلاته غشي لونه لونا آخر.
وكان قيامه في صلاته قيام العبد الذليل بين يدي الملك الجليل.
كانت أعضاؤه ترتعد من خشية الله.
وكان يصلي صلاة مودع يرى أنه لا يصلي بعدها أبداً» الخصال: ج2 ص517 ح4 ذكر 23خصلة من الخصال المحمودة التي وصف بها علي بن الحسين عليه السلام
إن الإمام زين العابدين عليه السلام كان حاضراً في يوم عاشوراء، وقد شاء الله عزَّ وجلَّ أن تحفظ ذرية رسوله صلى الله عليه وآله، وأن لا تخلو الأرض من الحجة، فأصيب الإمام عليه السلام بمرض شديد لا يقوى على الحركة والقيام، فلم يتمكن من الدفاع عن أبيه الإمام الحسين عليه السلام والشهادة في سبيله، إلا أنه كان السر في إحياء واقعة عاشوراء وعدم طمسها.
فقد بدأ الإمام عليه السلام بعد واقعة عاشوراء بتوعية الأمة، وفضح بني أمية، وذلك عبر مدرسة الدعاء والبكاء.
فالصحيفة السجادية تشتمل على عشرات الأدعية المأثورة عن الإمام علي ابن الحسين عليه السلام في مختلف المجالات، وهي مدرسة متكاملة توجب وعي الأمة وسوقها إلى الإيمان والفضيلة والتقوى.
أما البكاء، فهو سلاح المظلوم، وقد كان بكاء الإمام زين العابدين عليه السلام ثورة في وجه الطغاة، حيث كان يبكي وبشدة على ظلامة أبيه الحسين عليه السلام في كل موقف وعند كل مناسبة وأمام جميع الناس وكان يذكّرهم بأن أباه الحسين عليه السلام قتل عطشاناً مظلوماً.
قال الإمام الباقر عليه السلام: «ولقد كان ـ عليه السلام ـ بكى على أبيه الحسين عليه السلام عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلا بكى، حتى قال له مولى له: يا ابن رسول الله، أما آن لحزنك أن ينقضي؟
فقال له: ويحك، إن يعقوب النبي عليه السلام كان له اثنا عشرة ابناً، فغيب الله عنه واحداً منه، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه، وشاب رأسه من الحزن، واحدودب ظهره من الغم، وكان ابنه حياً في الدنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي فكيف ينقضي حزني؟»
((الخصال: ج2 ص518-519 ح4 ذكر23 خصلة من الخصال المحمودة التي وصف بها علي بن الحسين عليه السلام))
وقد سمّه وليد بن عبد الملك، فقضى نحبه مسموماً شهيداً، ودفن في البقيع الغرقد حيث مزاره الآن، وقد هدم الوهابيون تلك المزارات الطاهرة، وقيل ان الذي سمه هشام بن عبد الملك، ويحتمل ان هشام حرض اخاه على قتل الإمام عليه السلام ـ كما احتمل ذلك الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال ـ ومنشأه هو عدم تمكن هشام من استلام الحجر الأسود وتمكن الإمام كما تقدم الكلام فحقد هشام وحرض أخاه على ذلك.
وصيته عليه السلام: روى الشيخ الثقة الجليل علي بن محمد الخزاز القمي في كتابه كفاية الأثر عن عثمان بن عفان بن خالد انه قال: مرض على بن الحسين عليهما السلام ـ في مرضه الذي توفي فيه، فجمع أولاده محمداً والحسن وعبد الله وعمراً وزيداً والحسين وأوصى الى ابنه محمد بن علي عليهما السلام وكنّاه الباقر، وجعل أمرهم إليه، وكان فيما وعظه في وصيته أن قال: «يا بني ان العقل رائد الروح والعلم رائد العقل (إلى أن قال) واعلم ان الساعات تذهب عمرك وانك لا تنال النعمة إلا بفراق أخرى فإياك والأمل الطويل فكم من مؤمل أملاً لا يبلغه وجامع مال لا يأكله. كفاية الأثر، ص239 ـ عنه في البحار، ج46، ص230، ح7. وروي أيضاً عن الزهيري انه قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام في المرض الذي توفي فيه إذ قُدِّم إليه طبق فيه خبز والهندباء فقال لي كله، قلت: قد أكلت يا بن رسول الله، قال: انه الهندباء، قلت: وما فضل الهندباء؟ قال: ما من ورقة من الهندباء إلا وعليها قطرة من ماء الجنة، فيه شفاء من كل داء. قال: ثم رُفع الطعام وأتى بالدهن، فقال: ادهن يا ابا عبد الله، قلت: قد أدهنت، قال: انه هو البنفسج، قلت: وما فضل البنفسج على سائر الأدهان؟ قال: كفضل الإسلام على سائر الأديان، ثم دخل عليه محمد ابنه فحدثه طويلاً بالسر فسمعته يقول فيما يقول:«عليك بحسن الخلق». قلت: يا بن رسول الله ان كان من أمر الله ما لابد لنا منه ـ ووقع في نفسي انه قد نعى نفسه ـ فإلى من يُختلف بعدك؟ قال: يا أبا عبد الله إلى ابني هذا ـ وأشار إلى محمد ابنه ـ انه وصيي ووارثي وعيبة علمي، معدن العلم وباقر العلم، قلت: يا بن رسول الله ما معنى باقر العلم؟ قال: سوف يختلف إليه خلّاص شيعتي ويبقر العلم عليهم بقراً. قال: ثم أرسل محمداً (الباقر) ابنه في حاجة له في السوق، فلما جاء محمد قلت: يا بن رسول الله هلا أوصيت إلى أكبر أولادك؟ قال: يا أبا عبد الله ليست الإمامة بالصغر والكبر، هكذا عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وهكذا وجدناه مكتوباً في اللوح والصحيفة. وروي عن الإمام الباقر عليه السلام قال: «لما حضرت علي بن الحسين عليه السلام الوفاة ضمني إلى صدره، ثم قال: يا بني أوصيك بما أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة، وبما ذكر أن أباه أوصاه به، قال: يا بنيّ إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله». وعن الإمام الرضا عليه السلام قال: لما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة، أغمي عليه ثلاث مرات، فقال في المرة الأخيرة: الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين، ثم توفي عليه السلام. تفسير القمي: ج2 ص254 تفسير سورة الزمر. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين. |
تعليق