بسم الله الرحمن الرحيم
وصل يارب على خير خلقك محمد واله اجمعين
سورة الفاتحة
صفوة القرآن
إنها أفضل سورة قرآنية , وعليها تتمحور معارف كتاب الله عز وجل .
وأفتتاحها _الذي هو افتتاح القرأن الكريم كله_ بالبسملة الشريفة إشارة الى لزوم البدء بأسم الله قبل قبل كل موجة تفكير وومضه إرادة وحركة عمل ..فالله هو الذي خلقنا وهدانا . فبأسمه نبتدأ كل شيئ , لأن ركن كل شيئ اسم من اسمائه الحسنى ..
ثم تؤكد السورة الشريفة على تخصيص الحمد لله وحده , فنذكره بالصفات الحسنى لأنه رب العالمين , وهو الرحمن الرحيم الذي خلق العالمين برحمته ولأن مصيرهم إليه فهو مالك يوم الدين , حيث يحكم بينهم بالعدل فنعبده ونتوسل اليه ونستعين به , فنهتدي بأوامره فقط , ولانكون عبيدا لمخلوقاته .
إننا يجب ان نتخذ من الاستقامة على طريق الله هدفاً دون سواه , وهو نفس طريق عبادة الصالحين الذين انعم الله عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا, وليس طريق العاكفين على الذنوب الذين عضب الله عليهم , وليس طريق الذين ونحرفوا عن الصراط المستقيم .
إن سورة الحمد صفوة بصائر الوحي التي نجدها في القرآن كله.
محل نزولها : المعروف : أن هذه السورة مكية، وعن بعض أنها مدنية، والصحيح هو القول الاول ، ويدل على ذلك أمران :
الاول : أن فاتحة الكتاب هي السبع المثاني وقد ذكر في سورة الحجر أن السبع المثاني نزلت قبل ذلك ، فقال تعالى : " ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم 15 : 87 " . وسورة الحجر مكية بلا خلاف : فلا بد وأن تكون فاتحة الكتاب مكية أيضا .
الثاني : أن الصلاة شرعت في مكة ، وهذا ضروري لدى جميع المسلمين ولم تعهد في الاسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب ، وقد صرح النبي صلى الله عليه واله وسلم بذلك بقوله : " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " وهذا الحديث منقول عن طريق الامامية وغيرهم .
وذهب بعض : إلى أنها نزلت مرتين ، مرة في مكة ، واخرى في المدينة تعظيما لشأنها ، وهذا القول محتمل في نفسه وإن لم يثبت بدليل ، ولا يبعد أن يكون هو الوجه في تسميتها بالسبع المثاني ، ويحتمل أن يكون الوجه هو وجوب الاتيان بها مرتين في كل صلاة : مرة في الركعة الاولى ومرة في الركعة الثانية .
بعد هذا المقدمة البسيطة ستنتاول تحليل اية(بسم الله الرحمن الرحيم)
تحليل آية
بسم الله الرحمن الرحيم
اللغة الاسم : في اللغة بمعنى العلامة ، وهمزته همزة وصل ، وليست من الحروف الاصلية ، وفيه لغات كثيرة والمعروف منها أربع : اسم ، سم وكلاهما بكسر الاول وضمه وهو مأخوذ من السمو " الارتفاع " باعتبار أن المعنى يرتفع به فيخرج
من الخفاء إلى الظهور ، فإن المعنى يحضر في ذهن السامع بمجرد سماع اللفظ بعد أن لم يكن فيه ، أو باعتبار أن اللفظ يرتفع بالوضع فيخرج من الاهمال إلى الاستعمال ، وقيل باشتقاقه من السمة " العلامة " وهو خطأ لان جمع اسم أسماء ، وتصغيره سمي ، وعند النسبة إليه يقال : سموي واسمي وعند التعدية يقال : سميت وأسميت .
ولو كان مأخوذا من السمة لقيل في جمعه أو سام ، وفي تصغيره وسيم ، وفي النسبة إليه وسمي ، وعند التعدية وسمت وأو سمت .
الله
علم للذات المقدسة ، وقد عرفها العرب به حتى في الجاهلية ، قال لبيد :
وقال سبحانه : " ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله31 : 25 " .
ومن توهم أنه اسم جنس فقد أخطأ ، ودليلنا على ذلك أمور :
الاول : التبادر ، فإن لفظ الجلالة ينصرف بلا قرينة إلى الذات المقدسة ، ولا يشك في ذلك أحد ، وبإصالة عدم النقل يثبت أنه كذلك في اللغة ، وقد حققت حجيتها في علم الاصول .
الثاني : ان لفظ الجلالة - بما له من المعنى - لا يستعمل وصفا ، فلا يقال : العالم الله ، الخالق الله ، على أن يراد بذلك توصيف العالم والخالق بصفة هي كونه الله وهذه آية كون لفظ الجلالة جامدا ، وإذا كان جامدا كان علما لا محالة ، فإن الذاهب إلى أنه اسم جنس فسره بالمعنى الاشتقاقي .
الثالث : أن لفظ الجلالة لو لم يكن علما لما كانت كلمة " لا إله إلا الله " كلمة توحيد ، فإنها لا تدل على التوحيد بنفسها حينئذ ، كما لا يدل عليه قول : لا إله إلا الرازق ، أو الخالق ، أو غيرهما من الالفاظ التي تطلق على الله سبحانه ، ولذلك لا يقبل إسلام من قال إحدى هذه الكلمات .
الرابع : أن حكمة الوضع تقتضي وضع لفظ للذات المقدسة ، كما تقتضي الوضع بإزاء سائر المفاهيم ، وليس في لغة العرب لفظ موضوع لها غير لفظ الجلالة ، فيتعين أن يكون هو اللفظ الموضوع لها .
بسم الله الرحمن الرحيم
اللغة الاسم : في اللغة بمعنى العلامة ، وهمزته همزة وصل ، وليست من الحروف الاصلية ، وفيه لغات كثيرة والمعروف منها أربع : اسم ، سم وكلاهما بكسر الاول وضمه وهو مأخوذ من السمو " الارتفاع " باعتبار أن المعنى يرتفع به فيخرج
من الخفاء إلى الظهور ، فإن المعنى يحضر في ذهن السامع بمجرد سماع اللفظ بعد أن لم يكن فيه ، أو باعتبار أن اللفظ يرتفع بالوضع فيخرج من الاهمال إلى الاستعمال ، وقيل باشتقاقه من السمة " العلامة " وهو خطأ لان جمع اسم أسماء ، وتصغيره سمي ، وعند النسبة إليه يقال : سموي واسمي وعند التعدية يقال : سميت وأسميت .
ولو كان مأخوذا من السمة لقيل في جمعه أو سام ، وفي تصغيره وسيم ، وفي النسبة إليه وسمي ، وعند التعدية وسمت وأو سمت .
الله
علم للذات المقدسة ، وقد عرفها العرب به حتى في الجاهلية ، قال لبيد :
ألا كل شئ ما خلا الله باطل * وكل نعيم لا محالة زائل
ومن توهم أنه اسم جنس فقد أخطأ ، ودليلنا على ذلك أمور :
الاول : التبادر ، فإن لفظ الجلالة ينصرف بلا قرينة إلى الذات المقدسة ، ولا يشك في ذلك أحد ، وبإصالة عدم النقل يثبت أنه كذلك في اللغة ، وقد حققت حجيتها في علم الاصول .
الثاني : ان لفظ الجلالة - بما له من المعنى - لا يستعمل وصفا ، فلا يقال : العالم الله ، الخالق الله ، على أن يراد بذلك توصيف العالم والخالق بصفة هي كونه الله وهذه آية كون لفظ الجلالة جامدا ، وإذا كان جامدا كان علما لا محالة ، فإن الذاهب إلى أنه اسم جنس فسره بالمعنى الاشتقاقي .
الثالث : أن لفظ الجلالة لو لم يكن علما لما كانت كلمة " لا إله إلا الله " كلمة توحيد ، فإنها لا تدل على التوحيد بنفسها حينئذ ، كما لا يدل عليه قول : لا إله إلا الرازق ، أو الخالق ، أو غيرهما من الالفاظ التي تطلق على الله سبحانه ، ولذلك لا يقبل إسلام من قال إحدى هذه الكلمات .
الرابع : أن حكمة الوضع تقتضي وضع لفظ للذات المقدسة ، كما تقتضي الوضع بإزاء سائر المفاهيم ، وليس في لغة العرب لفظ موضوع لها غير لفظ الجلالة ، فيتعين أن يكون هو اللفظ الموضوع لها .