بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
(أم وهب)
أم وهب بنت نمر بن قاسط زوجة عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي،أن زوجها عندما رأى الناس يستعدون و يتجهَّزون بالنخيلة للذهاب إلى قتال سبط رسول الله الحسين بن علي ( عليه السَّلام)..
أخبر زوجته أم وهب و أعلمها بأنه عَزَمَ على الذهاب لنصرته ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) : قائلاً : و اللّه لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصاً ، و إني لأرجو ألاّ يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثواباً عند اللّه من ثوابه أيّاي في جهاد المشركين .
فقالت له أم وهب: أصبت أصاب اللّه أرشد أمورك ، افعل و أخرجني معك.
فخرجا ليلاً حتى أتى الحسين ( عليه السَّلام ) بكربلاء فقام معه ، حتى صار يوم عاشوراء ، فلما برز يسار و سالم من جيش عمر بن سعد ، قام عبد اللّه بن عمير الكلبي ، فقال مخاطباً الحسين ( عليه السَّلام ) : أبا عبد اللّه رحمك اللّه ائذن لي لأخروج أليهما .
فرأى الحسين رجلا آدم طوالا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين ، فقال الحسين : " إني لأحسبه للأقران قتالا " اخرج إن شئت ، فخرج إليهما ، فقالا له : من أنت ؟ فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير .
ويسار مستنتل أمام سالم ، فقال له عبد الله : يا بن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ؟ ! أو يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك ؟ ! ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد ، فإنه لمشتغل يضربه بسيفه إذ شد عليه سالم ، فصاح به أصحابه قد رهقك العبد ، فلم يأبه له حتى غشيه فبدره بضربة فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابع كفه اليسرى ، ثم مال عليه فضربه حتى قتله ، وأقبل إلى الحسين ( عليه السلام ) يرتجز
أمامه و قد قتلهما جميعا فيقول :
إن تنكروني فأنا ابن كلب * حسبي ببيتي في عليم حسبي
إني امرؤ ذو مرة وعصب * ولست بالخوار عند النكب
إني زعيم لك أم وهب * بالطعن فيهم مقدما والضرب
إن تنكروني فأنا ابن كلب * حسبي ببيتي في عليم حسبي
إني امرؤ ذو مرة وعصب * ولست بالخوار عند النكب
إني زعيم لك أم وهب * بالطعن فيهم مقدما والضرب
قال : فأخذت أم وهب امرأته عمودا ، ثم أقبلت نحو زوجها تقول : فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فأقبل إليها يردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ، وتقول: إني لن أدعك دون أن أموت معك ، ( وإن يمينه سدكت على السيف ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع رد امرأته) فجاء إليها الحسين ( عليه السلام ) وقال : " جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن ، فإنه ليس على النساء قتال " (1)فانصرفت إليهن .
و عندما قتل زوجها خرجت أم وهب تمشي إليه حتى جلست عند رأسه تمسح عنه التراب و هي تقول : هنيئاً لك الجنة .
فقال شمر بن ذي الجوشن لغلام يسمى رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فضرب رأسها فشدخه فقتلت رحمها اللّه ، و هي أول إمرأة استشهدت في كربلاء مع الإمام الحسين ( عليه السَّلام).
و رُوِيَ أن أم وهب هذه هي التي أمرت إبنها وهب(2) بنصرة الحسين ( عليه السَّلام ) حيث قالت لابنها يوم عاشوراء : قم يابني فانصر ابن بنت رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ).
فقال : أفعل يا أماه و لا أقصّر ،فبرز إلى المعركة مرتجزاً فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ، فرجع الى امّه و امرأته ، فوقف عليهما فقال : يا أماه أرضيت ؟
فقالت أم وهب : ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين .فقالت له امرأته : باللّه ، لا تفجعني في نفسك .
فقالت أمّه : يابني لا تقبل قولها و ارجع فقاتل بين يدي ابن بنت رسول اللّه ، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي اللّه .
فرجع ولم يزل يقاتل حتى قَتل تسعة عشر فارساً و اثني عشر راجلاً ، ثم قطعت يداه.
فأخذت امه عموداً و أقبلت نحوه و هي تقول : فداك ابي و امي ، قاتل دون الطيبين حرم رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله) .
فرجع وهب إلى ساحة القتال فقاتل حتى قتل ( رضوان اللّه عليه) .
1- تاريخ الطبري : 3 / 323 بتفاوت ونقص في بعض الكلمات . راجع الإرشاد : 2 / 101 .
2-إختلفت آراء المؤرخين في تحديد هوية وهب فذكر ابن شهراشوب أنه هو وهب بن عبد الله الكلبي ، و ذكر الخوارزمي أنه وهب بن عبدالله بن جناب الكلبي ، و ذكر العلامة المجلسي أن أم وهب و زوجته كانتا معه لدى إلتحاقه بالإمام الحسين ( عليه السَّلام ) ، و في بعض المصادر أن زوجة وهب قتلت بعد مقتل وهب في كربلاء ، و قال الخوارزمي أن التي قتلت هي أمه ، و في بعض المصادر أن اسمه " وهب بن وهب " و أنه كان نصرانيا فأسلم ، و في بعض المصادر الأخرى أنه أسر ، كما عن ابن شهراشوب ، و في بعضها الاخر أنه قتل .
لكن يبدو أن أن وهبا هذا هو ابن لام وهب زوجة عبدالله بن عمير الكلبي الذي تقدم ذكره فقد قتلت زوجته " أم وهب " عند ذهابها إلى زوجها في ساحة المعركة بعد مقتله ، فتكون المقتولة أم وهب كما عند الخوارزمي لا زوجته.
تعليق