بسم الله لرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
العقل الجمعي ظاهرة من الظواهر النفسية تقوم على إفتراض خاطيء وهو أن تصرفات الجماعة في حالة معينة تحكي سلوكاً صحيحاً من حيث هو سلوك جماعي. ويتضح تأثير هذه الظاهرة السلبية أنها تسبب غموضاً اجتماعياً لبعض السلوك سبباً وآثاراً، فربما يفقد المجتمع قدرته على تحديد السلوك المناسب مما يتسبب بأحكام عشوائية تربك السلوك بين الأفراد وتبتعد عن العقلائية في التفكير .إن سطوة الجماعة على الفرد تؤثر على ضعف إكتساب صفة الشجاعة لمواجهة المواقف الأمر الذي ينبغي أن يكون فاعلاً عند الفرد لأن فقدان الشجاعة يدعم صفة الانصياع والخضوع إلى قرارات معينة بغض النظر عن صوابها أو خطئها تلك الظاهرة التي يسميها البعض (سلوك القطيع). وهذا السلوك معناه المقامرة بالسلوك والأخلاق عن طريق ربطها بأراء وأحكام الجماعة التي لا يحكم الوجدان بصحتها دائماً . إذاً نستطيع القول إن فكرة العقل الجمعي أو سلوك القطيع هي مظهر من مظاهر صفة الانصياع والإذعان للغير وهي تعبر عن فقدان الفرد قدرته على اتخاذ موقف أو الثبات على موقف من أمر معين فيلجأ إلى الآخرين بحثاً عن قرار صائب وموقف مناسب. أقول هذه الظاهرة تعاني منها المجتمعات اللادينية أو اللا إسلامية جزئياً لأن سطوة أنظمتها الإجتماعية أقوى من السطوة الدينية , أما المجتمع الإسلامي فقد من الله على أفراده بدستور يضمن له غاية العقلائية في التفكير ويكفل له صحة الكثير من القرارات والأحكام في مواقف عديدة بشرط مراعاة مقدماتها وأسسها فينبغي أن تكون سطوة الموقف الديني وسلطته حاكمة على سلطة النظام الإجتماعي في حال الإختلاف لا محكومة له قال الله تعالى في صفة المؤمنين { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}ففي حال الإختلاف بين حكم المجتمع على مبدأ سلوك القطيع وبين حكم الشريعة – سواء في الجانب الشرعي أو الأخلاقي – لابد للمسلم من إختيار حكم الشريعة أولاً ولابد من إمتلاك صفة الشجاعة للدفاع عن إختياره ثانياً ليحقق عقلائية التفكير ويتخلص من العبث أو الإكراه الفكري .الذي حصل خلاف ذلك فالمجتمع تسلط على سلوك الكثير من الناس في أحكام ومواقف مخالفة للنظرية الدينية وسلك الكثير سلوك القطيع دون سلوك العقلاء فخذ مثالاً مسألة حلق اللحية فكثير يعترف بحرمته ومبغوضيته في الشريعة لكنه ينصاع لحكم الجماعة في حلقها كونه في وظيفة معينة كأن يكون طبيباً أو مسئولاً أو غير ذلك مما تحكم به الجماعة بعدم مناسبة إعفاء اللحية لذلك هذا في الحكم الشرعي .أما في الجانب الأخلاقي فإن الشريعة الإسلامية تعتبر من أدب المرأة وميزان عفتها قلة خروجها وإجتناب نظرها الى الرجال ومخاطبتهم والحيلولة دون نظرهم ومخاطبتهم لها بلا ضرورة بل يعد ذلك من روح الشريعة وجداناً لكن المجتمع لا يحكم بذلك بل حكم أخيراً أن شخصية المرأة لا تتقوم إلا بالوظيفة والعمل الذي يلازم مخالفة روح الشريعة في المحاذير المذكورة ومع ذلك ينصاع ويخضع الأكثر الى سلوك القطيع في ذلك ويصدقون دعوى الجماعة بلا دليل أو برهان .إن قال قائل : هذا حكم قاس على الآخرين فالمجتمع فيه مفكرون وعقلاء وطاقات منظرة قائمة على مشاريع إجتماهية وإنسانية وتربوية كبيرة وواسعة فتخطئة هذا الكم من الناس في في هذا الكم من المشاريع أمر يجانب الصواب فكثير من السلوك نابع من المجتمع وهو سلوك قويم ؟نقول : هذا صحيح وهو غير ما أشرنا إليه , كلامنا في الموارد التي حددت الشريعة قبلتها وأدارت دفتها وبينت فيها موقفها ثم جاء المجتمع بطبقاته وأسس سلوكاً لا يتوافق مع ما بينته الشريعة أو قل يعارض موقف الشريعة فنحكم هنا قطعاً بخطأ وإنحراف الفكرة المجتمعية عن الصواب .والخلاصة أن مبدأ العقل الجمعي والأثر الإجتماعي على الفرد هو من صفات المجتمعات اللادينية كونه مصدراً من مصادر الحكم والسلوك أما في المجتمع الإسلامي فمن الخطأ بمكان مزاولة سلوك القطيع وإتباع العقل الجمعي مبداً منتجاً للسلوك لثراء المجتمع المسلم بأحكام صحيحة صالحة وملائمة للطبع البشري قال الله تعالى { إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }