بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
2 تزاحم الملاكات ولزوم تقديم الاهم
ان هنالك اصلا اخر في التشريع الاسلامي له تأثير بالغ في صلاحية الشريعة الاسلامية لارادة حياة الانسان في جميع الظروف والمجالات وهو (قاعدة تقديم الاهم على المهم) وهذه القاعدة وان كانت مستفادة من حكم العقل ليس الا ,ولكن بما ان الشريعة المقدسة تعتني بالعقل وتمضي احكامه التي تستقل بادراكها فهذه القاعدة تصبح قاعدة شرعية واصلا من اصول الشريعة الاسلامية وقد تعرض بالبحث عن هذا الاصل علماء اصول الفقه في باب التزاحم فقد فصلوا الكلام حولها وفي بيان مواردها والجهات الموجبة لاهمية حكم ديني على اخر مثله ومنها كون احد الحكمين اولي عند الشرع في التقديم وهذه الاولوية تعرف اما من الادلة واما من مناسبة الحكم للموضوع واما من معرفة ملاكات الاحكام بتوسط الادلة السمعية فمن الموارد الاولوية :
أ ـ ما اذا كان في الحكم الحفاظ على بيضة الاسلام فانه اولي بالتقدم من كل شيء في مقام المزاحمة .
ب ـ ما كان يتعلق بحقوق الناس فانه اولى من غيره من التكاليف الشرعية المحضة اي التي لا علاقة لها بحقوق غير المكلف بها .
ج ـ ما كان من قبيل الدماء والفروج فانه يحافظ عليه اكثر من غيره كما هو المعروف عند الشرع المقدس من الامر بالاحتياط الشديد في امرها فلو دار الامر بين حفظ نفس المؤمن وحفظ ماله فان حفظ نفسه مقدم على حفظ ماله قطعا .
وعلى مثل هذا فقس وامثالها كثيرة لا تحصى كما اذا دار الامر بين الصلح بين المؤمنين بالكذب وبين الصدق وفيه الفتنة بينهم فان الصلح مقدم على الصدق وهذا معلوم من الضرورة ... ومما ينبغي ان يعلم في هذا الصدد انه لو احتمل اهمية احد المتزاحمين فان الاحتياط يقتضي تقدم محتمل الاهمية وعليه فلا يجب احراز امية احد المتزاحمين بل يكفي الاحتمال وهذا اصل ينفع كثيرا في الفروع الفقهية .
3 تشريع الاجتهاد ودوره في خلود الشريعة
الاجتهاد في الاصلاح هو البذل في استنباط الاحكام الشرعية عن مصادرها المعينة وعمدتها الكتاب والسنة فالمجتهد هو من زاول الادلة ومارسها واستفرغ وسعه فيها حتى حصلت له الملكة وقوة يقدر بها على الاستنباط من تلك الادلة وفتح باب الاجتهاد يرجع الى عصر النبي صوان كانت الحاجة اليه بعد ذلك امسّ وذلك لان الاحاديث التي نشرها النبي ص في حياته قد يختلف الصحابة في فهم معانيها على حسب اختلاف مراتب افهامهم وقرائحهم (وانزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها ) وقد يسمع الصحابي من النبي ص في واقعة حما ويسمع الاخر في مثلها خلافه وتكون هنالك خصوصية في احدهما اقتضت تغاير الحكمين غفل احدهما عن الخصوصية او التفت اليها وغفل عن نقلها مع الحديث فيحصل التعارض في الاحاديث ظاهرا و لا تنافي واقعا ومن هذه الاسباب واضعاف امثالها احتاج حتى نفس الصحابة الذين فازوا بشرف الحضور في معرفة الاحكام الى الاجتهاد والنظر في الحديث وضم بعضه الى بعض والالتفات الى القرائن الحالية فقد يكون للكلام ظاهر ومراد النبي خلافه اعتمادا على قرينة كانت في مقام والحديث نقل والقرينة لم تنقل ,وكل واحد من الصحابة ممن كان من اهل الراي والرواية اذ ليس كلهم كذلك بالضرورة تارة يروي نفس الفاظ الحديث فقط فهو في الحال راو محدث وتارة يذكر الحكم الذي استفاد من الرواية او الروايات بحسب نظره واجتهاده فهو في هذا الحال مفت وصاحب راي واهل هذه الملكة مجتهدون وسائر المسلمون الذين لم يبلغوا تلك المرتبة ,اذا اخذوا برايه مقلدون .
وكان كل ذلك قد جرى في زمن صاحب الرسالة وبمرأى ومسمع بل ربما ارجع بعضهم الى بعض .
تعليق