إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ولاية الفقيه "بحث"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ولاية الفقيه "بحث"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    هذا بحث عن ولاية الفقيه لطلبتنا الأعزاء لبيان حقيقة ولاية الفقيه ومنشأها والدليل عليها ، فقلت ما لفظه:

    بعد ثبوت الولاية المطلقة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) والولاية على النفوس تدل على الولاية على الاموال بطريق أولى، وبعد ثبوت الولاية المطلقة للامام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) بحديث الغدير (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) فكل ما ثبت للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فهو ثابت لعلي (عليه السلام) وهي ثابتة للأئمة الطاهرين (عليهم السلام) من بعده لعدم الفصل بين ولايته وولايتهم، فمنشأها من منشأ ولاية النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي هو العقل الكامل والموجود الممكني الأشرف، وهذا مما لا ريب فيه، ولكن الكلام كله قد وقع في اثبات تلك الولاية للفقيه، ومن الأدلة التي يمكن الإستدلال بها على اثبات ذلك هي ما يلي:


    الدليل الأول
    الحديث المشهور عند الفريقين (العلماء هم ورثة الأنبياء) ببيان تقريبه: إن كل ما يثبت للمورث وهو النبي يثبت للوارث وهو العالم الفقيه، ومن الثابت للنبي هي الولاية المطلقة فكذلك تثبت للفقيه.

    المناقشـة فيـه
    ولكن لا يمكن المساعدة على هذا التقريب، لأن المتأمّل فيه يجد أنه لا إطلاق فيه لكي يشمل كل ما للمورّث فهو للوارث حتى الولاية، بل يختص فقط بالعلم، فالعلم هو الذي يرثه الفقهاء بدليل قول أبي عبد الله (عليه السلام) على ما رواه أبو البختري: (إن الإنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر).


    الدليل الثاني
    ما رواه في تحف العقول عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه) وفي معناها رواية مروية في البحار بطريق معتبر عن أبي عبد الله (عليه السلام): (الفقهاء امناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يارسول الله وما دخولهم في الدنيا، قال: إتباع السلطان فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم) ببيان تقريبه: إن ما يثبت للرسول فهو ثابت لأمينه في جميع شؤونه ومن أوضح شؤونه هي زعامة الامة وبسط العدل الإجتماعي وسائر مقدماته ولوازمه، وليست شؤونه مختصة بتبليغ الأحكام فقط.

    المناقشة فيـه
    ولكن الأمر ليس كذلك بل الظاهر منها هي الامانة على تبيلغ الأحكام ولا تتعدى الى غيرها، وذلك بمناسبة الحكم والموضوع، لأن الموضوع هو أن الإستيمان على تبليغ الأحكام وهداية الأنام هي من وظيفة الأنبياء، والحكم الذي يقتضيه تحمّل الامانة هو أن الفقهاء مستامنون على هذه الوظيفة أي على وظيفة الأنبياء والرسل فقط وليس غيرها.



    الدليل الثالث
    ما رواه الشيخ الصدوق في معاني الأخبار وغيرُه بطرق مختلفة متكاثرة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (اللهم ارحم خلفائي ثلاثاً، قيل يارسول الله ومن خلفائك؟ قال: الذي يأتون من بعدي يروون حديثي وسنتي)
    بدعوى تقريبها: إن الخلافة معناها هي التصرف في كل شيء كان المخلوف يتصرفه وهو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن ضمنها الولاية المطلقة على العباد، فهي ثابتة لخليفته وهو الفقيه.


    المناقشة فيـه
    أقصى ما يستفاد من هذه الرواية ان الفقيه هو خليفة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في نقل الرواية والحديث عنه، لأن الوظيفة الرئيسية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) هي بيان الأحكام الشرعية وتبليغها للعباد، فالخلافة هي ما يستخلفه الفقيه من هذه الوظيفة التبليغية وهي تبليغ العباد برواياته وأحاديثه وبيان الأحكام الشرعية لهم منها، وهذا واضح للمتشرع.



    الدليل الرابع
    ما رواه الطبرسي في الاحتجاج في جواب مسائل اسحاق بن يعقوب التي رواها محمد بن يعقوب الكليني والتي ذكر فيها أن إسحاق بن يعقوب سأل العمري أن يوصل له كتاباً الى الصاحب (عليه السلام) يذكر فيه تلك التي أُشكلت عليه، فورد الجواب بخطه (عليه السلام) وفيها: (اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله)
    بتقريب حاصله:
    إن المراد بالرجوع الى الفقيه في الحوادث هنا هو الرجوع اليه في الحادثة نفسها ليباشر أمرها أو وكيله وليس الرجوع اليه في حكمها، لأن السؤال عن الأحكام أمر شائع آنذاك ولا نظن ان مثل اسحاق يُشكل عليه هذا الأمر الواضح البيّن حتى يسأل الامام (عليه السلام) عنه، فالسؤال كان بعنوان ارجاع الحادثة الى الفقهاء لا حكمها، هذا مضافا الى أن السائل سأل عن عدة حوادث، فمن البعيد أن يجيب الامام (عليه السلام) بأن جميع ما ذكرت من الحوادث ارجعوا فيها الى الفقيه، لأن بعض الذي ذكرها ليست من الاحكام.
    واما من ناحية التعليل (انهم حجتي عليكم وانا حجة الله) فان معنى ان الامام (عليه السلام) حجة الله ليس مبيّنا للأحكام فقط بل معناه ان الله يحتج بوجودهم وسيرتهم وأعمالهم وأقوالهم على العباد في جميع شؤونهم ومنها العدل في شؤون الحكومة، ولا سيما ولي الله الأعظم (عليه السلام) الذي يسلطه الله على البلاد والعباد لإقامة العدل، فالمراد من الحديث أن ما للامام (عليه السلام) من قِبلِ الله تعالى ومن جعله فهو للفقهاء من قِبلِ الامام (عليه السلام) وهذا كبرى كلية لا معدل عن الخروج عنها.

    المناقشة فيـه
    إن الظاهر من التوقيع المبارك أن السؤال فيه كان عن مرجع تلك الأمور والحوادث في زمن الغيبة وهي الفروع الفقهية المتجددة من حيث الأحكام واقعاً، وإن كان لسانه بلحاظ الحوادث نفسها، وهذا السؤال عن مثل ذلك ليس أمراً واضحا بيّنا حتى لا يسأله من مثل اسحاق، لأنه من المحتمل ان يكون الامام (عليه السلام) قد جعل المرجعية في بعض الأمور بيد نوابه من دون بقية الفقهاء، فليس هناك من اطلاق في هذا التوقيع ليشمل الرجوع في كل شيء للفقيه ليعطيه الزعامة والرئاسة العامة بل فقط مختص بالاحكام فلا يدل التوقيع على أزيد من ثبوت المرجعية للفقيه في عصر الغيبة، والذي يرشدك الى ذلك لفظ (الحجة) الوارد فيه، لأن الحجة معناها قطع العذر وهي بمناسبة الحكم والموضوع تناسب وظيفة تبيين الأحكام وتبليغها للعباد بأجلى مناسبة، كما في قوله تعالى (فلله الحجة البالغة) ولا تناسب الرجوع الى الحادثة نفسها، فلا ملازمة بين الحجية وبين الولاية، لأنه لا معنى للحجية في الولاية في التصرف، فدلالة التوقيع على المدعى غير ناهضة جداً، فلا نستطيع إثبات ولاية الفقيه المطلقة به.
يعمل...
X