بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
حذف العائد /
لقد تقدم أن الصلة لابد لها من عائدٍ ، والعائد هذا ضمير لائق يجوز حذفه بشَرْطٍ عَامٍ ، وشُروط خاصةٍ ، فالشَّرطُ العَام : ألا يَصِح الباقي بعد الحَذْفِ لأنْ يكُونَ صلةً ، وإلاَّ ( صح الباقي أن يكون صلة ) امْتَنَعَ حذفُ العَائِد ، سواءٌ أكانَ ضميرَ رفعٍ أمْ نصبٍ أمْ جَرّ مثل قوله تعالى : ( وهوَ الَّذي في السَّماءِ إِلهٌ )
والشُّروط الخاصَّة : إمّا أنْ تَكُونَ خَاصةً بضميرِ الرَّفْعِ ، أو خَاصَّةً بضمير النَّصب ، أو خَاصَّةً بضمير الجر.
أما الخاصةُ بضميرِ الرفع /
أن تكون الصلة جملة أسمية وأنْ يكونَ العائد مُبتَدأ خَبَره مفرد نحو: ( وَهوَ الَّذي في السَّمَاءِ إِلهٌ ) فـ ( إله ) خبر مبتدأ محذوف تقديره: ( هو إله ) وذلك المبتدأ هو العائد و ( في السماء ) متعلق بإله لأنه بمعنى مَعْبود
فلا يُحذَفُ العائد المرفوع إذا كانت الصلة جملة فعلية ، أو شبه جملة نحو : ( رأيت الذي هُوَ يقول ويفعل ) أو ( جاء الَّذي هوَ في الدَّار ) لأنَّ الخَبَر فيهما غَيْرُ مُفرَد ، أو كانت الصلة جملة اسمية لكن العائد فيها ليس مبتدأ نحو ( جَاءَ اللَّذانِ سَافَرا أمْسِ ) لأَنَّهُ غيرُ مُبتدأ ، فإذا حُذِفَ الضَّميرُ لم يَدُلّ على إرادته دَلِيلٌ ، إذِ البَاقي بعدَ الحذفِ صَالِحٌ لأَنْ يكونَ صِلَةً .
ولا يكثُرُ الحَذْفُ للضَّمِيرِ المَرْفُوعِ في صلة غيرِ ( أيّ ) إلاَّ إنْ طالتِ الصِّلةُ كقول بعضهم : ( ما أنا بالذي قائل لك شيئا ) . اراد : ( ما أنا بالذي هو قائل لك شيئا ) . أما إذا لم تطل الصلة فالحذف ضعيف قليل كقولُ الشّاعر:
مَنْ يُعْنَ بالحَمْدِ لم يَنْطِقْ بما سَفَهٌ ... ولا يَحِدْ عن سَبيلِ الحِلْمِ والكَرَمِ
أراد : ( لا ينطق بما هو سفه )
ومن الضعيف القليل قراءة بعضهم ( تماماً على الذي أحسنَ ) بالرفع أي ( تَمَاماً على الَّذِي أحْسَنُ ) أي ( على الذي هُوَ أحسن ) .
وأما الشروط الخاصة بضَميرِ النصب /
هي أن يَكونَ العائد ضَمِيراً مُتَّصلاً وأن يكون ناصبه فعلا تاما أو وصفا تاما وهذا الوصف لغير صلة (أل ) التي يعود عليها الضمير ، كقوله : ( من نرجو يهب ) تقديره ( من نرجوه للهبة يهب ) ، ونحو قوله تعالى : (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا ) وأمثال ذلك مما حذف منه العائد منصوبا بفعل كثير ، وأما ما حذف منه العائد منصوبا بالوصف فقليل وشاهده قول الشاعر :
في المعقب البغي أهل البغي ما ينهى امرءاً حازما أن يسأما
تقديره في الذي أعقبه البغي ظلم أهل البغي ما ينهى الحازم أن يسأم من سلوك الحق وطريق السداد
فلا يُحذَفُ العائدُ المنصوب إذا كان منفصلاً نحو : ( جاءَ الذي إيَّاهُ أكْرَمْتَ ) أو كان العائد منصوبا بفعل ناقص آو وصف ناقص أو كان اسم الموصول الذي يعود عليه العائد هو ( أل ) نحو ( رأيتُ الَّذي أَنَا الضَّارِبةُ )
وأما الشروط الخاصة بالمَجْرُورِ /
فإنْ كانَ جَرُّهُ بالإِضَافَةِ اشْتُرِطَ أنْ يكونَ الجَارُّ ( المضاف ) اسْمَ فاعلٍ أو اسْمَ مَفْعول وكلاهما للحَالِ أو الاسْتِقْبَالِ ، نحو: ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ) أي قَاضِيه ، ونحو ( خذِ الذي أَنْتَ مُعْطىً ) أي مُعْطَاهُ.
وإنْ كانَ جَرُّهُ بالحرفِ اشتُرِطَ جَرُّ المَوْصُول ، أو المَوْصُوف بالمَوْصُول بِحَرْفٍ شبيه ذلكَ الحَرْفِ في لَفْظه ومَعْناه ومتعلقه ، نحو قولِه تعالى: ( وَيَشْرَبُ ممَّا تَشْرَبُون ) أي منه ، حُذِفَ العائِدُ مع حَرْفِ جرِّه وهو ( من )
فلا يحذف العائد المجرور إذا كان المضاف غير الوصف نحو: ( حَضَرَ الَّذي سَافِرَ أخُوهُ ) فالمضاف ليسَ اسمَ فَاعِلٍ ولا مَفْعول ، أو كان المضاف اسم فاعل أو اسم مفعول لكنه للماضي نحو : ( أنَا أمْسِ مُوَدِّعُه ) كما لا يجوز الحذف خوف اللبس لو كان العائد المجرور بحرف غير ما جر به الموصول لفظا ولا متعلقا كما في نحو : ( جاء الذي مررت به ) وكذا لو كان مجرورا بحرف جرّ به الموصول لفظا لا معنى ولا متعلقا كما في نحو : ( زهدت في الذي رغبت فيه )