الهجرة
بعيون المهاجرين
ملف: اسماعيل خليل
تحرير: صباح الطالقاني
خاص لمجلة الروضة الحسينية
تعيش بلدان الشرق الاوسط اليوم - ومنها العراق- مشهداً قد لا يكون مألوفاً منذ الحرب العالمية الثانية من تزايد موجات الهجرة الجماعية نحو اوربا ووصول أعداد المهاجرين اليها الى 1.5 مليون شخص خلال عام ونصف، هربوا من بطش العنف والارهاب وتسلط الفساد والسياسة التخبطية...
ولا يعد قرار الهجرة او اللجوء قرارا مفاجئاً لدى أغلبية الذين عبروا البحار والدول وتعرضوا لشتى المخاطر بحثاً عن أمل جديد في سبيل اعادة التوطين والاستقرار، كون هذا القرار يتعلق بمصير الفرد ومصير عائلته ومستقبلهم، ولذا فإن اغلب الذين تم استطلاع آراؤهم في ملفنا لهذا العدد أكّدوا أن أسباب الهجرة تراكمات عديدة، أهمهما انعدام الأمن وتفشّي الارهاب والفساد وتردي الخدمات وانعدام الرؤية السياسية والادارية في بلدان تتقاذفها الصراعات الداخلية والتدخلات الاقليمية والدولية...
ومن هنا فقد آثرنا الاطلاع على تقارير الهجرة واللجوء وأخباره، والاستماع الى تجارب البعض ممّن قرروا ترك أوطانهم والبدء بحياة جديدة في الغربة، رغم المخاطر المرتقبة من صعوبات الاندماج ورغم ما قد تؤول اليه الأمور من سوء فيما يخص تربية الأبناء وفق ثقافة غريبة ومخاطرها كبيرة وكثيرة... نعم يعرف الكثيرون من المهاجرين أنهم (كمَنْ يستجيرُ من الرمضاء بالنارِ). لكنه أولاً وأخيراً قرار شخصي لأناس أغلبهم راشدون ويدركون ما يفعلون، أو لايرون أمامهم من بصيص أمل سوى طريق الهجرة والاغتراب...
.................................................. ...................
عصام التميمي عراقي من كربلاء، مقيم في الولايات المتحدة أجاب عن سؤالنا (ما الذي تبحث عنه في الغرب) قائلاً: أبحث عن الانسانية، ربما تتفاجأ كيف أبحث عن الانسانية في مجتمع غربي وأنا من مجتمع اسلامي! وجدتُ هناك القانون وهذا يعني انك تحصل على كامل حقوقك بعد أن يعرّفك القانون بما لك وما عليك، ووجدت الاحترام للانسان بكل أطيافه وألوانه وأعراقه فلا تميز بين اسود وابيض وبين فقير وغني وبين صغير وكبير الكل انسان من الدرجة الاولى...
ويكمل التميمي، هدفي الآخر هو الحصول على فرصة لإكمال الدراسة التخصصية في علم معين أخدم به نفسي ووطني إن رجعت.. ومهما يكن أنت هناك حتى وإن حصلت على الجنسية الثانية يبقى حنينك واشتياقك لبلدك (وكم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل)...
*ولكن لماذا لا تبحث عن الانسانية في بلدك العراق؟ أنا ولدت وعشت في العراق في أكثر من محافظة وآخرها مدينة كربلاء المقدسة هذه المدينة العلمية الأخلاقية، لكن نستطيع أن نقول أن القانون غير محترم والفوضى تعم في البلد، بالإضافة الى كثرة المفسدين والفساد المالي والاداري الذي مزّق مفاصل الحياة...
هل هناك حلول بديلة عن الهجرة؟
سؤال أجاب عنه مسؤول المركز الثقافي العراقي في النرويج علي موسى الموسوي قائلاً" بسبب ما يمر به الشباب من ويلات ومآسي وبطالة وانعدام الرؤية لمستقبل واعد، توجهوا للهجرة لأنهم اعتقدوا انها الحل الوحيد لإنقاذهم من معاناتهم، وللأسف البعض يصور أوربا هي جنة الله في الارض والبعض من الذين لا يحملون المسؤولية، الذين توجهوا الى اوربا من اجل الرفاهية والضمان الصحي والاجتماعي تفاجئوا بأمور كثيرة منها أن الرفاهية هناك بقدر عملك واجتهادك وتحصيلك الدراسي، وبقدر ما تقدمه للبلد الذي أنت فيه يقدم لك الرفاهية، أما الذي يعيش على المساعدات الاجتماعية ولا يعمل فإنه سرعان ما يشعر بالألم أكثر مما كان يشعر به في العراق لأنه يعيش عيشة الكفاف.
وبالنسبة لمسألة ايجاد البدائل ووضعها كحلول أمام الشباب لإقناعهم بعدم التفكير بالهجرة فإن هذه المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية، التي أهملت أبنائها وجعلتهم يغادرون العراق ولم تسعى لإيجاد حلول مناسبة لمشاكلهم، فأصبح البعض منهم معبأين بالعنف والتمرد والبعض الآخر ممن فيهم الكفاءة والابداع استغلتهم الدول الأوربية للاستفادة من طاقاتهم... لأنهم يجدون في أوربا الضمان الصحي، الضمان الاجتماعي، واحترام الانسان وحقوقه، والرعاية والعناية بالأطفال وكبار السن، والصدق وحرية الفكر والتعبير، وغيرها الكثير من تعاليم الاسلام الأصيل التي يطبقوها في مجتمعاتهم من وجهة نظر إنسانية.
.................................................. ...........
اغتراب العقول خسارة للوطن
وفي دراسة لمركز الخليج للدراسات الإستراتيجية تبيّنَ أن ما تكلفه هجرة العقول العربية من خسائر لا تقل عن 200 مليار دولار وان الدول الغربية تعد الرابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن 450 ألفا من هذه العقول.
ورأت الدراسة أن المجتمعات العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية وليست جاذبة لها الأمر الذي أدى إلى استفحال ظاهرة هجرة الخبرات العلمية العربية إلى بلدان الغرب من اجل الحصول على متطلبات الحياة الكريمة التي عجزت حكومات المنطقة ان توفرها لهم بسبب الفشل الحكومي والفساد الذي يدمر كل شيء .
يقول الشيخ أمير علي الساعدي، المقيم في لندن" يقيناً أنّ لكل طالب هجرة أسبابه الموضوعية التي تجبره على اتخاذ قراره، ولكن على مَـن ألجأته الظروف أن يتثبت من وسائل الهجرة ومقدماتها ومآلاتها قبل اتخاذ هكذا خطوة مصيرية لأنه قرار ليس بالهين أبداً... والمسؤولية الكبرى لاستفحال ظاهرة الهجرة تقع على مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية والسياسية والعشائرية ومنظمات المجتمع المدني، في رفع الحيف والمظالم عن الناس وتهيئة الأجواء والوسائل التي تضمن للمواطنين الحياة الكريمة والمستقبل المزدهر والتطور والإبداع، فلولا تقصير المؤسسات الحكومية تجاه شعبها لما فكر احد بان يترك وطنه."
ويجيب الشيخ أمير عن سؤال يتعلق بماهية التميّز الذي وجده في الغرب قائلاً" الحياة في الغرب لها منافع ومحاسن، ترافقها مساوئ ومصاعب، خصوصاً لمن طال به الزمن ولديه عائلة وأولاد يكبرون يوما بعد آخر وتتصاعد وتيرة الاندماج المشوب بمخاطر عديدة تختلف من بلد الى آخر بحسب القوانين والنظم السائدة عند كل بلد, ولكن يمكن تجاوز كثير من العقبات والاستفادة من المنافع والمحاسن، من خلال إحاطة الأسرة بأسوار حماية لا تمنعهم من الاندماج المشروط بعدم الذوبان أو التخلّي عن الثوابت، أو كما عبّر علماء الاجتماع في التفريق بين اندماجين اثنين، الاول هو ما يشبه (الحساء) الذي تذوب فيه كل المعالم وتنصهر في ثقافات ونظم وتعاليم بلد الهجرة.
والثاني هو ما يشبه (السلَطة) وهو الاندماج الذي لا يفقد الأسرة المهاجرة من خصائصها ومزاياها وثقافاتها، بل تراها تضيف لونا آخر وثقافة أخرى لبلد الهجرة، وعليه يمكن لنا أن نقول بأنّ من كان ضمن دائرة النوع الثاني (السلَطة) يمكن له ضمان الاستفادة من كل تطور وتقدم لهذه البلدان تزيد في وعيه وإدراكه وتطوره.. الأمر يتوقف على الفرد المهاجر، ما الذي يبتغيه من هجرته وما هو هدفه في الحياة.
ومما تمتاز به كذلك هذه الدول، أنّ هناك منظمات وجمعيات يمكن لك أن تقصدها لأجل الدفاع عنك في مختلف القضايا مجاناً وتسهل لك مختلف الإجراءات القانونية وغيرها.. هذا بعض ما تمتاز به هذه الدول، أوردتهُ ليس لشيء سوى لكي أوصل رسالة واضحة الى حكوماتنا في عالمنا العربي والإسلامي، بأن تكون كهذه الحكومات التي تعمل المستحيل كي تحافظ على أمن وسلامة وكرامة مواطنيها.
نظرة عن كثب على واقع الهجرة واللجوء
جاسم محمد عباس، لاجئ جديد في فنلندا، مثال من آلاف الذين حلموا بتغيير واقعهم نحو الأفضل ولكن بمجرد وصولهم الى الضفة الاخرى من البحر تغيرت لديهم كل مفاهيم الهجرة واللجوء، وهو بالتالي يقص علينا ما شاهده وسمعه من خلال الاستفهامات التالية الخاصة بمجلة الروضة الحسينية:
هل هناك أعداد كبيرة من اللاجئين يعودون إلى العراق؟
-الذين لديهم وظائف ويتمتعون بإجازة سنوية لا يفكرون بالرجوع الآن، لأنهم يسمعون أن رواتب الموظفين سوف تُقطع وليس لدى الحكومة العراقية السيولة المالية لدفع رواتب الموظفين، فيفكرون بالبقاء بالوقت الحاضر وينتظروا ما يخبئ لهم الزمن، والبعض الآخر من المتطوعين في سلك الشرطة او الجيش العراقي وتركوا عملهم وهاجروا فهؤلاء ينتظرون من الحكومة العراقية أن تصدر عفواً عنهم، لكي يتمكنوا من الرجوع، وهم يفضلون الرجوع حتى لا يخسروا وظائفهم.
-هل العودة طوعية ام اجبارية؟
البعض يعود لأنهم حصلوا على عفو من وحداتهم في الشرطة والجيش العراقي، أما الموظفين في الدوائر الرسمية فمنهم من عاد لأنه لا يريد أن يفقد وظيفته وهؤلاء ليسوا بحاجة الى عفو مثل منتسبي الجيش والشرطة، ولكن بالنتيجة وضعهم حرج أيضا وقلقون من المستقبل، أما العودة فهي طوعية وليست اجبارية في أغلب الحالات.
-هل هناك عوائل أم الأغلبية هم من الشباب؟
توجد عوائل وهم في معسكر خاص بهم، وأوضاعهم جيدة هنا في فنلندا حيث لكل عائلة شقة خاصة بها، أما في ألمانيا فكل ثلاث عوائل في شقة واحدة، لأن في ألمانيا أعداد اللاجئين اكبر والمعسكر على شكل كرفانات مقطعة.
-هل لديك معلومة عن عدد اللاجئين الذين وصلوا فنلندا وأعمارهم؟
ليس لدي معلومة دقيقة عن العدد ولكنه عموما يقدّر بعدّة آلاف، أما بالنسبة الى الاعمار فيوجد مع اللاجئين رجال كبار في السن البعض منهم تجاوز الستين من العمر ولكن الأكثرية هي من فئة الشباب.
-هل هناك أطفال لاجئين بدون عوائلهم؟
نعم أنا سمعت بهذا ووضعوهم في مكان خاص لأنهم غير بالغين أما أعدادهم فأفتقر الى هذه المعلومة، لأنهم وضعوهم في مكان آخر وكذلك العوائل في مكان آخر.
-كم دولة مررتم بها حتى وصلتم الى مبتغاكم وأي من الدول حصلت مضايقات لكم فيها؟
مررنا خلال أيام قليلة بسبع دول هي تركيا واليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، ألمانيا، السويد، ثم فنلندا. وفي هنغاريا الكثير تعرض الى الضرب المبرح من قبل الشرطة... أنا لم يستطيعوا الامساك بي ولكن احد الاخوة هنا في فنلندا تعرض للضرب من قبل الشرطة الهنغارية، حتى الاطفال والنساء والشيوخ تعرضوا للضرب في هنغاريا، حيث يجبروهم على (البصمة) في هنغاريا وهم يمتنعون لأنهم إن بصموا فإنهم لن تستقبلهم اي دولة اخرى في اوربا...
-ما هو هدفكم من الذهاب الى أوروبا؟
كما تعلم ان في العراق لا توجد حياة طبيعية ونعيش معاناة صعبة، أما هنا في فنلندا فالوضع افضل.. هنا يعطوك راتب ولك حقوق وكذلك تعرف واجباتك.. اشعر هنا بالأمان وهذا كان هو هدفي الأساسي، حيث أنا كنت في العراق سائق مركبة كبيرة، وقد تعرضت لمرات عديدة لتهديدات في الطريق، وعندي طموح ان أكمل الدراسة واحصل على شهادة علمية مرموقة..هذه الفرص غير موجودة في العراق او صعبة جداً.
-ما هي أهداف أكثرية اللاجئين؟
لكل منهم هدف معين وربما يختلف عن الآخر، البعض يبحث عن الحرية المطلقة غير المنضبطة، أما البعض الآخر الموجودين معي فيبحثون عن تحسين مستوياتهم المعيشية والعلمية والثقافية، ومع ذلك فالحياة هنا في المهجر صعبة جدا، فلا وجود لأهلك او أقرباء لك يعينوك إن مرضت او تعرضت لظرف قاس ولا أحد هنا يعطف عليك، لذا فالكثير من اللاجئين سمعنا انهم رجعوا والبعض لديه النية للرجوع وبالخصوص أصحاب العوائل لأن الرواتب قليلة ولا يستطيعون ان يقدموا لعوائلهم الاحتياجات الرئيسية.
-الآن أنت لاجئ في فنلندا بماذا تنصح الشباب؟
انصح الشباب أن لا يخوضوا هذه التجربة المريرة لأن العيشة هنا صعبة جدا، سيخسر الشاب أمواله وهذا ما رأيته.. لا يوجد أحلى من بلدنا والعيش وسط الأهل والأخوة والأقرباء والاصدقاء.. هنا الحياة صعبة ولا تجد أحداً عندما تحتاج الى مساعدة ولا أحد يكترث لحالك.
هناك الكثير من القصص المأساوية التي لا اتمناها لأحد، منها على سبيل المثال عندما كنّا نعبر البحر من تركيا الى اليونان وكما تعلم في الزورق كلٌ يهتم بحاله وكل واحد يحاول التخفي من الشرطة حتى لا يتم استرجاعه من قبل السلطات التركية، كانت معنا امرأة حامل من العراق ولديها طفلين تريد العبور الى اليونان وتعرضوا الى الغرق ولكن لحسن الحظ نحن أنقذناهم وأخرجناهم من الماء لان الشباب والمهربين تركوهم، وبعد اخراجها أولاد هذه المرأة قررت العودة الى العراق وعدم مواصلة الطريق خوفاً على أولادها.. فضلا عن هذه المخاطر هناك الكثير من العصابات والمافيات والمدمنين.
وعندما كنا في وسط البحر في زورق صغير أخذت الأمواج تعلو وكنا قريبين من الغرق جميعا ولكن أتت سفينة يونانية وأنقذونا لان الزورق كان مليء بالعوائل والاطفال والشباب، وتم انقاذنا وانزلونا على السواحل اليونانية من قبل السلطات اليونانية بعد ان تركنا الأتراك في أمواج البحر دون ان يقدموا لنا أية مساعدة...
بلجيكا تعيد اللاجئين العراقيين طوعاً..
وفي أنباء متلاحقة تزامنا مع إعداد هذا الملف عاد 111 لاجئا عراقيا من بلجيكا في شهر شباط بمحض إرادتهم إلى العاصمة بغداد، بعد أن خصصت لهم الحكومة البلجيكية رحلات (تشارتر) خاصة لإعادتهم إلى موطنهم.
وأكد مكتب وزير الهجرة البلجيكي، أن من ضمن الـ111 عراقيا، عائلات ونساء وأطفال قرروا العودة إلى وطنهم، بعد محاولتهم الحصول على اللجوء في بلجيكا.
وعزا مكتب الهجرة أسباب قرار طالبي اللجوء بالعودة للعراق إلى شعور البعض منهم بخيبة أمل بسبب بطء إجراءات الحصول على اللجوء، والشعور بالإحباط من طريقة استقبالهم.
ونفى المكتب أن تكون بلجيكا قد أجبرتهم على الرحيل أو أمرتهم بمغادرة أراضيها. موضحا أن رحيلهم جاء بناء على طلبهم ورغبتهم، والسلطات البلجيكية احترمت رغبتهم، وأجّرت لهم طائرات خاصة أقلعت من مطار زافنتام، وفق تصريحات قانونية رسمية من أجل نقلهم إلى العراق.
انتشار عمليات اختطاف أطفال لاجئين
وأعلنت وكالة الشرطة الأوروبية يوروبول، أن ما لا يقل عن 10 آلاف من أطفال اللاجئين اختفوا منذ قدومهم مع أهلهم إلى أوروبا، مبدية خشيتها من أن يكونوا وقعوا في أيدي منظمات الإتجار في البشر.
وقال رئيس يوروبول، بريان دونالد، لصحيفة ذي أوبزيرفر، أن إيطاليا وحدها شهدت اختفاء خمسة آلاف طفل منذ وصولهم مع ذويهم هرباً من بلدانهم، مرجحا أن هناك شبكة ضخمة للإتجار في البشر تنتشر في عدد كبير من البلدان الأوروبية، وتتخذ من أطفال المهاجرين هدفاً رئيسياً لها.
وتابع دونالد "ليس كل الأطفال المختفين، والذي وصل عددهم اليوم إلى 10 آلاف طفل، وقعوا في أيدي مجرمين أو قتلة، بعضهم سيتم عرضه للتبني وسيعيشون في كنف عائلات ترعاهم وتنفق عليهم وتعاملهم بالحب الذي يستحقونه، لكننا لا نعرف أين هم الآن، أو ماذا يفعلون، أو مع من!!
ونوهت منظمة (حماية الطفل) الدولية مؤخراً على أن العام الماضي شهد قدوم ما يقرب من 26 ألف طفل بدون ذويهم إلى أوروبا، بينما أعربت منظمة (أنقذوا الأطفال) السويدية عن قلقها الشديد بخصوص مصير آلاف الأطفال المفقودين في السويد.
وأشارت يوروبول إلى أن ربع المهاجرين الذين وصلوا خلال 2015 كانوا من الأطفال الذين لم يتخطوا بعد سن الثامنة عشر.
ولم يستبعد دونالد أن يكون هؤلاء الأطفال المختفين تم استغلالهم جنسياً من قبل شبكات الاتجار في البشر، قائلا" خلال النصف الأول من العام الماضي تبين لنا وجود بنية تحتية متكاملة لاستغلال ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا من قبل شبكات الجريمة المنظمة".
وأضاف أن" معظم السجناء في بعض السجون الألمانية والمجرية من ذوي الجرائم الجنسية التي تطال الأطفال والقصر، ولذلك نخشى أن يكون هؤلاء الأطفال المختفين وقعوا في براثن هؤلاء المجرمين".
أعداد اللاجئين في ألمانيا خلال 2015
وأكدت مصادر بالائتلاف الحكومي الألماني لوكالة الأنباء رويترز، ما أوردته وسائل إعلام محلية تتعلق بوصول أعداد اللاجئين في ألمانيا لحوالي 1.09 مليون طالب لجوء في عام 2015 وهو رقم يزيد بخمسة أمثال عن العام السابق.
ودخل ألمانيا عبر النمسا كل يوم في ديسمبر كانون أول ما بين 2500 و4000، ويقل هذا الرقم كثيراً عن عشرة آلاف لاجئ تم تسجيل وصولهم يومياً في ذروة الأزمة في فصل الخريف لكنه رغم ذلك لم ينخفض بالشكل الكافي لإسكات منتقدي ميركل.
في وقت أعلنت وزارة الداخلية النمساوية انها رفضت (7424) طلب لجوء الى اراضيها خلال الفترة من يناير الى نوفمبر من عام 2015، فيما تم ترحيل (3040) شخصا منهم.
وبّينت الوزارة في إحصائية نشرت في وسائل الاعلام ان (4384) لاجئا غادروا البلاد بناء على رغبتهم في حين جرى منح 2300 شخص حق اللجوء من بين إجمالي المرحلين في عدة بلدان وقعت معاهدة (شنغن).
المراكز الإسلامية ودورها في مساعدة اللاجئين
مستشار وزارة الداخلية لشؤون مؤتمر الإسلام الألماني سامي شرشيرة أكد لـ dw/عربية أن العديد من المراكز والجمعيات الإسلامية بذلت جهودا كبيرة من أجل مساعدة اللاجئين المتوافدين، وقال "لا يمكن القول إن الجمعيات الإسلامية في ألمانيا تأخرت في تقديم المساعدة"، وعبر عن أسفه لعدم وجود "تغطية إعلامية ملائمة" وهو ما ساهم في اعتقاد البعض ان المراكز الإسلامية في المانيا لم تقم بما هو مطلوب.
إلا أن شرشيرة أقر أن افتقار المراكز الإسلامية في ألمانيا إلى التمويل، ساهم في الصورة المتواضعة للمساعدات المقدمة للاجئين ، حيث إن الجمعيات والمراكز الدينية والثقافية الألمانية الأخرى، تحصل على "تمويلات كبيرة" من الحكومة الألمانية، وأضاف: "للأسف المراكز الإسلامية لا يشملها هذا القرار، ولا تحصل على مساعدات حكومية، ويقتصر تمويلها على تبرعات الأعضاء وهي مبالغ بسيطة".
وذكر الناشط الاجتماعي مازن أبو زبيد لـ dwعربية أن إحباطه من إمكانية التعاون مع الجمعيات الاسلامية في برلين، دفعه إلى تأسيس مبادرة شبابية عربية تطوعية في برلين، تهدف إلى تقديم المساعدة للاجئين بشكل مباشر. وبحسب أبو زبيد فإن المبادرة الشبابية التي أسماها "بوابة برلين العربية" في إشارة إلى نوع المبادرة ومكانها، أفسحت المجال للشباب العربي في برلين لتقديم المساعدة للأعداد الكبيرة من المتوافدين، وتسهيل إجراءاتهم الحكومية.
ويؤكد الناشط الاجتماعي أن المبادرة الطوعية جذبت العشرات من الشباب والشابات، الذين شكلوا مجموعات، ووزعوا عليها خدمات معينة. فهناك مجموعات مكلفة باستقبال اللاجئين، وأخرى ترافقهم إلى الدوائر الحكومية للترجمة، ومجموعات أخرى تعمل على توفير الملابس وأخرى مكلفة بالطبخ.
وعن هذه الخدمات يقول أبو زبيد: "الكثير من اللاجئين يصلون ليلا ولا يعرفون ماذا يفعلون، توزعنا على شكل مجموعات في محطات القطار الرئيسية ورفعنا لافتات بأكثر من لغة لتشجيع اللاجئين على التوجه إلينا".
البنك المركزي الأوروبي: اللاجئون فرصة اقتصادية
ولم يخفِ البنك المركزي الأوروبي تفاؤله في رؤية ايجابية لتدفق اللاجئين لأوربا حيث صرح مديره ماريو دراغي" إن أزمة اللاجئين في أوروبا وإن كانت تحديا يواجه دول القارة، إلا أنها فرصة من شأنها أن تسهم في تغيير أوروبا بشكل إيجابي.
وأوضح في كلمة له في الدورة 46 لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي" أن الإنفاق الحكومي للتعامل مع اللاجئين من شأنه أن يكون حافزا للنمو في أوروبا." موضحاً" أن تزايد الإنفاق الحكومي في التعامل مع اللاجئين، سينعكس إيجابا على مراحل في مجالات التعليم والصحة والقطاعات الخدمية، رغم اعترافه بأن التحدي المجتمعي يبقى قائما ومن المبكر التنبؤ بنتائجه سلبية كانت أم إيجابية. وفق ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية.
بعيون المهاجرين
ملف: اسماعيل خليل
تحرير: صباح الطالقاني
خاص لمجلة الروضة الحسينية
تعيش بلدان الشرق الاوسط اليوم - ومنها العراق- مشهداً قد لا يكون مألوفاً منذ الحرب العالمية الثانية من تزايد موجات الهجرة الجماعية نحو اوربا ووصول أعداد المهاجرين اليها الى 1.5 مليون شخص خلال عام ونصف، هربوا من بطش العنف والارهاب وتسلط الفساد والسياسة التخبطية...
ولا يعد قرار الهجرة او اللجوء قرارا مفاجئاً لدى أغلبية الذين عبروا البحار والدول وتعرضوا لشتى المخاطر بحثاً عن أمل جديد في سبيل اعادة التوطين والاستقرار، كون هذا القرار يتعلق بمصير الفرد ومصير عائلته ومستقبلهم، ولذا فإن اغلب الذين تم استطلاع آراؤهم في ملفنا لهذا العدد أكّدوا أن أسباب الهجرة تراكمات عديدة، أهمهما انعدام الأمن وتفشّي الارهاب والفساد وتردي الخدمات وانعدام الرؤية السياسية والادارية في بلدان تتقاذفها الصراعات الداخلية والتدخلات الاقليمية والدولية...
ومن هنا فقد آثرنا الاطلاع على تقارير الهجرة واللجوء وأخباره، والاستماع الى تجارب البعض ممّن قرروا ترك أوطانهم والبدء بحياة جديدة في الغربة، رغم المخاطر المرتقبة من صعوبات الاندماج ورغم ما قد تؤول اليه الأمور من سوء فيما يخص تربية الأبناء وفق ثقافة غريبة ومخاطرها كبيرة وكثيرة... نعم يعرف الكثيرون من المهاجرين أنهم (كمَنْ يستجيرُ من الرمضاء بالنارِ). لكنه أولاً وأخيراً قرار شخصي لأناس أغلبهم راشدون ويدركون ما يفعلون، أو لايرون أمامهم من بصيص أمل سوى طريق الهجرة والاغتراب...
.................................................. ...................
عصام التميمي عراقي من كربلاء، مقيم في الولايات المتحدة أجاب عن سؤالنا (ما الذي تبحث عنه في الغرب) قائلاً: أبحث عن الانسانية، ربما تتفاجأ كيف أبحث عن الانسانية في مجتمع غربي وأنا من مجتمع اسلامي! وجدتُ هناك القانون وهذا يعني انك تحصل على كامل حقوقك بعد أن يعرّفك القانون بما لك وما عليك، ووجدت الاحترام للانسان بكل أطيافه وألوانه وأعراقه فلا تميز بين اسود وابيض وبين فقير وغني وبين صغير وكبير الكل انسان من الدرجة الاولى...
ويكمل التميمي، هدفي الآخر هو الحصول على فرصة لإكمال الدراسة التخصصية في علم معين أخدم به نفسي ووطني إن رجعت.. ومهما يكن أنت هناك حتى وإن حصلت على الجنسية الثانية يبقى حنينك واشتياقك لبلدك (وكم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل)...
*ولكن لماذا لا تبحث عن الانسانية في بلدك العراق؟ أنا ولدت وعشت في العراق في أكثر من محافظة وآخرها مدينة كربلاء المقدسة هذه المدينة العلمية الأخلاقية، لكن نستطيع أن نقول أن القانون غير محترم والفوضى تعم في البلد، بالإضافة الى كثرة المفسدين والفساد المالي والاداري الذي مزّق مفاصل الحياة...
هل هناك حلول بديلة عن الهجرة؟
سؤال أجاب عنه مسؤول المركز الثقافي العراقي في النرويج علي موسى الموسوي قائلاً" بسبب ما يمر به الشباب من ويلات ومآسي وبطالة وانعدام الرؤية لمستقبل واعد، توجهوا للهجرة لأنهم اعتقدوا انها الحل الوحيد لإنقاذهم من معاناتهم، وللأسف البعض يصور أوربا هي جنة الله في الارض والبعض من الذين لا يحملون المسؤولية، الذين توجهوا الى اوربا من اجل الرفاهية والضمان الصحي والاجتماعي تفاجئوا بأمور كثيرة منها أن الرفاهية هناك بقدر عملك واجتهادك وتحصيلك الدراسي، وبقدر ما تقدمه للبلد الذي أنت فيه يقدم لك الرفاهية، أما الذي يعيش على المساعدات الاجتماعية ولا يعمل فإنه سرعان ما يشعر بالألم أكثر مما كان يشعر به في العراق لأنه يعيش عيشة الكفاف.
وبالنسبة لمسألة ايجاد البدائل ووضعها كحلول أمام الشباب لإقناعهم بعدم التفكير بالهجرة فإن هذه المسؤولية تقع على عاتق الحكومة العراقية، التي أهملت أبنائها وجعلتهم يغادرون العراق ولم تسعى لإيجاد حلول مناسبة لمشاكلهم، فأصبح البعض منهم معبأين بالعنف والتمرد والبعض الآخر ممن فيهم الكفاءة والابداع استغلتهم الدول الأوربية للاستفادة من طاقاتهم... لأنهم يجدون في أوربا الضمان الصحي، الضمان الاجتماعي، واحترام الانسان وحقوقه، والرعاية والعناية بالأطفال وكبار السن، والصدق وحرية الفكر والتعبير، وغيرها الكثير من تعاليم الاسلام الأصيل التي يطبقوها في مجتمعاتهم من وجهة نظر إنسانية.
.................................................. ...........
اغتراب العقول خسارة للوطن
وفي دراسة لمركز الخليج للدراسات الإستراتيجية تبيّنَ أن ما تكلفه هجرة العقول العربية من خسائر لا تقل عن 200 مليار دولار وان الدول الغربية تعد الرابح الأكبر من هجرة ما لا يقل عن 450 ألفا من هذه العقول.
ورأت الدراسة أن المجتمعات العربية أصبحت بيئات طاردة للكفاءات العلمية وليست جاذبة لها الأمر الذي أدى إلى استفحال ظاهرة هجرة الخبرات العلمية العربية إلى بلدان الغرب من اجل الحصول على متطلبات الحياة الكريمة التي عجزت حكومات المنطقة ان توفرها لهم بسبب الفشل الحكومي والفساد الذي يدمر كل شيء .
يقول الشيخ أمير علي الساعدي، المقيم في لندن" يقيناً أنّ لكل طالب هجرة أسبابه الموضوعية التي تجبره على اتخاذ قراره، ولكن على مَـن ألجأته الظروف أن يتثبت من وسائل الهجرة ومقدماتها ومآلاتها قبل اتخاذ هكذا خطوة مصيرية لأنه قرار ليس بالهين أبداً... والمسؤولية الكبرى لاستفحال ظاهرة الهجرة تقع على مؤسسات الدولة والمؤسسات الدينية والسياسية والعشائرية ومنظمات المجتمع المدني، في رفع الحيف والمظالم عن الناس وتهيئة الأجواء والوسائل التي تضمن للمواطنين الحياة الكريمة والمستقبل المزدهر والتطور والإبداع، فلولا تقصير المؤسسات الحكومية تجاه شعبها لما فكر احد بان يترك وطنه."
ويجيب الشيخ أمير عن سؤال يتعلق بماهية التميّز الذي وجده في الغرب قائلاً" الحياة في الغرب لها منافع ومحاسن، ترافقها مساوئ ومصاعب، خصوصاً لمن طال به الزمن ولديه عائلة وأولاد يكبرون يوما بعد آخر وتتصاعد وتيرة الاندماج المشوب بمخاطر عديدة تختلف من بلد الى آخر بحسب القوانين والنظم السائدة عند كل بلد, ولكن يمكن تجاوز كثير من العقبات والاستفادة من المنافع والمحاسن، من خلال إحاطة الأسرة بأسوار حماية لا تمنعهم من الاندماج المشروط بعدم الذوبان أو التخلّي عن الثوابت، أو كما عبّر علماء الاجتماع في التفريق بين اندماجين اثنين، الاول هو ما يشبه (الحساء) الذي تذوب فيه كل المعالم وتنصهر في ثقافات ونظم وتعاليم بلد الهجرة.
والثاني هو ما يشبه (السلَطة) وهو الاندماج الذي لا يفقد الأسرة المهاجرة من خصائصها ومزاياها وثقافاتها، بل تراها تضيف لونا آخر وثقافة أخرى لبلد الهجرة، وعليه يمكن لنا أن نقول بأنّ من كان ضمن دائرة النوع الثاني (السلَطة) يمكن له ضمان الاستفادة من كل تطور وتقدم لهذه البلدان تزيد في وعيه وإدراكه وتطوره.. الأمر يتوقف على الفرد المهاجر، ما الذي يبتغيه من هجرته وما هو هدفه في الحياة.
ومما تمتاز به كذلك هذه الدول، أنّ هناك منظمات وجمعيات يمكن لك أن تقصدها لأجل الدفاع عنك في مختلف القضايا مجاناً وتسهل لك مختلف الإجراءات القانونية وغيرها.. هذا بعض ما تمتاز به هذه الدول، أوردتهُ ليس لشيء سوى لكي أوصل رسالة واضحة الى حكوماتنا في عالمنا العربي والإسلامي، بأن تكون كهذه الحكومات التي تعمل المستحيل كي تحافظ على أمن وسلامة وكرامة مواطنيها.
نظرة عن كثب على واقع الهجرة واللجوء
جاسم محمد عباس، لاجئ جديد في فنلندا، مثال من آلاف الذين حلموا بتغيير واقعهم نحو الأفضل ولكن بمجرد وصولهم الى الضفة الاخرى من البحر تغيرت لديهم كل مفاهيم الهجرة واللجوء، وهو بالتالي يقص علينا ما شاهده وسمعه من خلال الاستفهامات التالية الخاصة بمجلة الروضة الحسينية:
هل هناك أعداد كبيرة من اللاجئين يعودون إلى العراق؟
-الذين لديهم وظائف ويتمتعون بإجازة سنوية لا يفكرون بالرجوع الآن، لأنهم يسمعون أن رواتب الموظفين سوف تُقطع وليس لدى الحكومة العراقية السيولة المالية لدفع رواتب الموظفين، فيفكرون بالبقاء بالوقت الحاضر وينتظروا ما يخبئ لهم الزمن، والبعض الآخر من المتطوعين في سلك الشرطة او الجيش العراقي وتركوا عملهم وهاجروا فهؤلاء ينتظرون من الحكومة العراقية أن تصدر عفواً عنهم، لكي يتمكنوا من الرجوع، وهم يفضلون الرجوع حتى لا يخسروا وظائفهم.
-هل العودة طوعية ام اجبارية؟
البعض يعود لأنهم حصلوا على عفو من وحداتهم في الشرطة والجيش العراقي، أما الموظفين في الدوائر الرسمية فمنهم من عاد لأنه لا يريد أن يفقد وظيفته وهؤلاء ليسوا بحاجة الى عفو مثل منتسبي الجيش والشرطة، ولكن بالنتيجة وضعهم حرج أيضا وقلقون من المستقبل، أما العودة فهي طوعية وليست اجبارية في أغلب الحالات.
-هل هناك عوائل أم الأغلبية هم من الشباب؟
توجد عوائل وهم في معسكر خاص بهم، وأوضاعهم جيدة هنا في فنلندا حيث لكل عائلة شقة خاصة بها، أما في ألمانيا فكل ثلاث عوائل في شقة واحدة، لأن في ألمانيا أعداد اللاجئين اكبر والمعسكر على شكل كرفانات مقطعة.
-هل لديك معلومة عن عدد اللاجئين الذين وصلوا فنلندا وأعمارهم؟
ليس لدي معلومة دقيقة عن العدد ولكنه عموما يقدّر بعدّة آلاف، أما بالنسبة الى الاعمار فيوجد مع اللاجئين رجال كبار في السن البعض منهم تجاوز الستين من العمر ولكن الأكثرية هي من فئة الشباب.
-هل هناك أطفال لاجئين بدون عوائلهم؟
نعم أنا سمعت بهذا ووضعوهم في مكان خاص لأنهم غير بالغين أما أعدادهم فأفتقر الى هذه المعلومة، لأنهم وضعوهم في مكان آخر وكذلك العوائل في مكان آخر.
-كم دولة مررتم بها حتى وصلتم الى مبتغاكم وأي من الدول حصلت مضايقات لكم فيها؟
مررنا خلال أيام قليلة بسبع دول هي تركيا واليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، ألمانيا، السويد، ثم فنلندا. وفي هنغاريا الكثير تعرض الى الضرب المبرح من قبل الشرطة... أنا لم يستطيعوا الامساك بي ولكن احد الاخوة هنا في فنلندا تعرض للضرب من قبل الشرطة الهنغارية، حتى الاطفال والنساء والشيوخ تعرضوا للضرب في هنغاريا، حيث يجبروهم على (البصمة) في هنغاريا وهم يمتنعون لأنهم إن بصموا فإنهم لن تستقبلهم اي دولة اخرى في اوربا...
-ما هو هدفكم من الذهاب الى أوروبا؟
كما تعلم ان في العراق لا توجد حياة طبيعية ونعيش معاناة صعبة، أما هنا في فنلندا فالوضع افضل.. هنا يعطوك راتب ولك حقوق وكذلك تعرف واجباتك.. اشعر هنا بالأمان وهذا كان هو هدفي الأساسي، حيث أنا كنت في العراق سائق مركبة كبيرة، وقد تعرضت لمرات عديدة لتهديدات في الطريق، وعندي طموح ان أكمل الدراسة واحصل على شهادة علمية مرموقة..هذه الفرص غير موجودة في العراق او صعبة جداً.
-ما هي أهداف أكثرية اللاجئين؟
لكل منهم هدف معين وربما يختلف عن الآخر، البعض يبحث عن الحرية المطلقة غير المنضبطة، أما البعض الآخر الموجودين معي فيبحثون عن تحسين مستوياتهم المعيشية والعلمية والثقافية، ومع ذلك فالحياة هنا في المهجر صعبة جدا، فلا وجود لأهلك او أقرباء لك يعينوك إن مرضت او تعرضت لظرف قاس ولا أحد هنا يعطف عليك، لذا فالكثير من اللاجئين سمعنا انهم رجعوا والبعض لديه النية للرجوع وبالخصوص أصحاب العوائل لأن الرواتب قليلة ولا يستطيعون ان يقدموا لعوائلهم الاحتياجات الرئيسية.
-الآن أنت لاجئ في فنلندا بماذا تنصح الشباب؟
انصح الشباب أن لا يخوضوا هذه التجربة المريرة لأن العيشة هنا صعبة جدا، سيخسر الشاب أمواله وهذا ما رأيته.. لا يوجد أحلى من بلدنا والعيش وسط الأهل والأخوة والأقرباء والاصدقاء.. هنا الحياة صعبة ولا تجد أحداً عندما تحتاج الى مساعدة ولا أحد يكترث لحالك.
هناك الكثير من القصص المأساوية التي لا اتمناها لأحد، منها على سبيل المثال عندما كنّا نعبر البحر من تركيا الى اليونان وكما تعلم في الزورق كلٌ يهتم بحاله وكل واحد يحاول التخفي من الشرطة حتى لا يتم استرجاعه من قبل السلطات التركية، كانت معنا امرأة حامل من العراق ولديها طفلين تريد العبور الى اليونان وتعرضوا الى الغرق ولكن لحسن الحظ نحن أنقذناهم وأخرجناهم من الماء لان الشباب والمهربين تركوهم، وبعد اخراجها أولاد هذه المرأة قررت العودة الى العراق وعدم مواصلة الطريق خوفاً على أولادها.. فضلا عن هذه المخاطر هناك الكثير من العصابات والمافيات والمدمنين.
وعندما كنا في وسط البحر في زورق صغير أخذت الأمواج تعلو وكنا قريبين من الغرق جميعا ولكن أتت سفينة يونانية وأنقذونا لان الزورق كان مليء بالعوائل والاطفال والشباب، وتم انقاذنا وانزلونا على السواحل اليونانية من قبل السلطات اليونانية بعد ان تركنا الأتراك في أمواج البحر دون ان يقدموا لنا أية مساعدة...
بلجيكا تعيد اللاجئين العراقيين طوعاً..
وفي أنباء متلاحقة تزامنا مع إعداد هذا الملف عاد 111 لاجئا عراقيا من بلجيكا في شهر شباط بمحض إرادتهم إلى العاصمة بغداد، بعد أن خصصت لهم الحكومة البلجيكية رحلات (تشارتر) خاصة لإعادتهم إلى موطنهم.
وأكد مكتب وزير الهجرة البلجيكي، أن من ضمن الـ111 عراقيا، عائلات ونساء وأطفال قرروا العودة إلى وطنهم، بعد محاولتهم الحصول على اللجوء في بلجيكا.
وعزا مكتب الهجرة أسباب قرار طالبي اللجوء بالعودة للعراق إلى شعور البعض منهم بخيبة أمل بسبب بطء إجراءات الحصول على اللجوء، والشعور بالإحباط من طريقة استقبالهم.
ونفى المكتب أن تكون بلجيكا قد أجبرتهم على الرحيل أو أمرتهم بمغادرة أراضيها. موضحا أن رحيلهم جاء بناء على طلبهم ورغبتهم، والسلطات البلجيكية احترمت رغبتهم، وأجّرت لهم طائرات خاصة أقلعت من مطار زافنتام، وفق تصريحات قانونية رسمية من أجل نقلهم إلى العراق.
انتشار عمليات اختطاف أطفال لاجئين
وأعلنت وكالة الشرطة الأوروبية يوروبول، أن ما لا يقل عن 10 آلاف من أطفال اللاجئين اختفوا منذ قدومهم مع أهلهم إلى أوروبا، مبدية خشيتها من أن يكونوا وقعوا في أيدي منظمات الإتجار في البشر.
وقال رئيس يوروبول، بريان دونالد، لصحيفة ذي أوبزيرفر، أن إيطاليا وحدها شهدت اختفاء خمسة آلاف طفل منذ وصولهم مع ذويهم هرباً من بلدانهم، مرجحا أن هناك شبكة ضخمة للإتجار في البشر تنتشر في عدد كبير من البلدان الأوروبية، وتتخذ من أطفال المهاجرين هدفاً رئيسياً لها.
وتابع دونالد "ليس كل الأطفال المختفين، والذي وصل عددهم اليوم إلى 10 آلاف طفل، وقعوا في أيدي مجرمين أو قتلة، بعضهم سيتم عرضه للتبني وسيعيشون في كنف عائلات ترعاهم وتنفق عليهم وتعاملهم بالحب الذي يستحقونه، لكننا لا نعرف أين هم الآن، أو ماذا يفعلون، أو مع من!!
ونوهت منظمة (حماية الطفل) الدولية مؤخراً على أن العام الماضي شهد قدوم ما يقرب من 26 ألف طفل بدون ذويهم إلى أوروبا، بينما أعربت منظمة (أنقذوا الأطفال) السويدية عن قلقها الشديد بخصوص مصير آلاف الأطفال المفقودين في السويد.
وأشارت يوروبول إلى أن ربع المهاجرين الذين وصلوا خلال 2015 كانوا من الأطفال الذين لم يتخطوا بعد سن الثامنة عشر.
ولم يستبعد دونالد أن يكون هؤلاء الأطفال المختفين تم استغلالهم جنسياً من قبل شبكات الاتجار في البشر، قائلا" خلال النصف الأول من العام الماضي تبين لنا وجود بنية تحتية متكاملة لاستغلال ارتفاع أعداد المهاجرين إلى أوروبا من قبل شبكات الجريمة المنظمة".
وأضاف أن" معظم السجناء في بعض السجون الألمانية والمجرية من ذوي الجرائم الجنسية التي تطال الأطفال والقصر، ولذلك نخشى أن يكون هؤلاء الأطفال المختفين وقعوا في براثن هؤلاء المجرمين".
أعداد اللاجئين في ألمانيا خلال 2015
وأكدت مصادر بالائتلاف الحكومي الألماني لوكالة الأنباء رويترز، ما أوردته وسائل إعلام محلية تتعلق بوصول أعداد اللاجئين في ألمانيا لحوالي 1.09 مليون طالب لجوء في عام 2015 وهو رقم يزيد بخمسة أمثال عن العام السابق.
ودخل ألمانيا عبر النمسا كل يوم في ديسمبر كانون أول ما بين 2500 و4000، ويقل هذا الرقم كثيراً عن عشرة آلاف لاجئ تم تسجيل وصولهم يومياً في ذروة الأزمة في فصل الخريف لكنه رغم ذلك لم ينخفض بالشكل الكافي لإسكات منتقدي ميركل.
في وقت أعلنت وزارة الداخلية النمساوية انها رفضت (7424) طلب لجوء الى اراضيها خلال الفترة من يناير الى نوفمبر من عام 2015، فيما تم ترحيل (3040) شخصا منهم.
وبّينت الوزارة في إحصائية نشرت في وسائل الاعلام ان (4384) لاجئا غادروا البلاد بناء على رغبتهم في حين جرى منح 2300 شخص حق اللجوء من بين إجمالي المرحلين في عدة بلدان وقعت معاهدة (شنغن).
المراكز الإسلامية ودورها في مساعدة اللاجئين
مستشار وزارة الداخلية لشؤون مؤتمر الإسلام الألماني سامي شرشيرة أكد لـ dw/عربية أن العديد من المراكز والجمعيات الإسلامية بذلت جهودا كبيرة من أجل مساعدة اللاجئين المتوافدين، وقال "لا يمكن القول إن الجمعيات الإسلامية في ألمانيا تأخرت في تقديم المساعدة"، وعبر عن أسفه لعدم وجود "تغطية إعلامية ملائمة" وهو ما ساهم في اعتقاد البعض ان المراكز الإسلامية في المانيا لم تقم بما هو مطلوب.
إلا أن شرشيرة أقر أن افتقار المراكز الإسلامية في ألمانيا إلى التمويل، ساهم في الصورة المتواضعة للمساعدات المقدمة للاجئين ، حيث إن الجمعيات والمراكز الدينية والثقافية الألمانية الأخرى، تحصل على "تمويلات كبيرة" من الحكومة الألمانية، وأضاف: "للأسف المراكز الإسلامية لا يشملها هذا القرار، ولا تحصل على مساعدات حكومية، ويقتصر تمويلها على تبرعات الأعضاء وهي مبالغ بسيطة".
وذكر الناشط الاجتماعي مازن أبو زبيد لـ dwعربية أن إحباطه من إمكانية التعاون مع الجمعيات الاسلامية في برلين، دفعه إلى تأسيس مبادرة شبابية عربية تطوعية في برلين، تهدف إلى تقديم المساعدة للاجئين بشكل مباشر. وبحسب أبو زبيد فإن المبادرة الشبابية التي أسماها "بوابة برلين العربية" في إشارة إلى نوع المبادرة ومكانها، أفسحت المجال للشباب العربي في برلين لتقديم المساعدة للأعداد الكبيرة من المتوافدين، وتسهيل إجراءاتهم الحكومية.
ويؤكد الناشط الاجتماعي أن المبادرة الطوعية جذبت العشرات من الشباب والشابات، الذين شكلوا مجموعات، ووزعوا عليها خدمات معينة. فهناك مجموعات مكلفة باستقبال اللاجئين، وأخرى ترافقهم إلى الدوائر الحكومية للترجمة، ومجموعات أخرى تعمل على توفير الملابس وأخرى مكلفة بالطبخ.
وعن هذه الخدمات يقول أبو زبيد: "الكثير من اللاجئين يصلون ليلا ولا يعرفون ماذا يفعلون، توزعنا على شكل مجموعات في محطات القطار الرئيسية ورفعنا لافتات بأكثر من لغة لتشجيع اللاجئين على التوجه إلينا".
البنك المركزي الأوروبي: اللاجئون فرصة اقتصادية
ولم يخفِ البنك المركزي الأوروبي تفاؤله في رؤية ايجابية لتدفق اللاجئين لأوربا حيث صرح مديره ماريو دراغي" إن أزمة اللاجئين في أوروبا وإن كانت تحديا يواجه دول القارة، إلا أنها فرصة من شأنها أن تسهم في تغيير أوروبا بشكل إيجابي.
وأوضح في كلمة له في الدورة 46 لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي" أن الإنفاق الحكومي للتعامل مع اللاجئين من شأنه أن يكون حافزا للنمو في أوروبا." موضحاً" أن تزايد الإنفاق الحكومي في التعامل مع اللاجئين، سينعكس إيجابا على مراحل في مجالات التعليم والصحة والقطاعات الخدمية، رغم اعترافه بأن التحدي المجتمعي يبقى قائما ومن المبكر التنبؤ بنتائجه سلبية كانت أم إيجابية. وفق ما نقلته وكالة الأنباء الكويتية.