الأحاديث المقلوبة في مناقب الصحابة
الحديث الاوّل
حديث المنزلة
لقد اتفق المسلمون على رواية حديث المنزلة في حق أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام... وأخرجه من علماء أهل السنة: البخاري ومسلم وغيرهما من أرباب الصحاح، وكذا رواه أصحاب المسانيد والمعاجم... وغيرهم من كبار المحدّثين... القدماء والمتأخرين... وإليك نص الحديث كما في الصحاح.
حديث المنزلة بشأن أمير المؤمنين
أخرج البخاري قائلاً:
«حدثنا محمد بن بشار، ثنا غندر ثنا شعبة، عن سعد، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»(1).
قال: «حدثنا مسدّد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم خرج إلى تبوك فاستخاف علياً فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه ليس نبي بعدي»(2).
وأخرج مسلم، قال: «حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريح بن يونس، كلّهم عن يوسف بن الماجشون
____________
(1) مناقب علي بن أبي طالب من كتاب المناقب.
(2) باب غزوة تبوك من كتاب المغازي.
ـ واللفظ لابن الصباح ـ قال: نا يوسف أبو سلمة الماجشون، قال: ثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيّب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم لعي: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلآ أنه لا نبي بعدي.
قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعداًً، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدّثني به عامر، فقال: أنا سمعته. قلت: أنت سمعته ؟! قال: فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم وإلأ فاستُكّتا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: نا غندر، عن شعبة.
ح
وحدثنا محمد بن مثنى وابن بشار، قالا: نا محمد بن جعفر، قال: نا شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان ؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.
حدثناه عبيدالله بن معاذ، قال: نا أبي، قال: نا شعبة، في هذا الإسناد.
حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبّادـ وتقاربا في اللفظ ـ قالا: نا حاتم ـ وهو ابن إسماعيل ـ عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب ؟! فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهّن له رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فلن أسبه، لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يقول له ـ وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: يا رسول الله ! خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوّة بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها، فقال: أدعوا لي علياً، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه ودفع
الراية إليه، ففتح الله عليه.
ولما نزلت هذه الآية: (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا غندر عن شعبة.
ح
وحدّثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: ثنا محمد بن جعفر. ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال لعليّ: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»(1).
المحاولات السقيمة في ردّ حدي المنزلة
ثم إن القوم لمّا رأوا صحّة هذا الحديث سنداً، بل تواتره من طرقهم المعتبرة عندهم التجأوا إلى التشكيك في دلالته على أفضلية أمير المؤمنين وخلافته عن رسول رب العالمين... فراجع كتب الحديث والكلام.
فجاء آخرون وانتبهوا إلى سقوط تلك التشكيكات فاضطروا إلى القدح في سنده، وإن كان متفقاً عليه بين أرباب الصحاح وغيرهم من أئمة الحديث... كما لا يخفى على من راجع كتاب «الصواعق المحرقة».
وهناك من رأى أن لا جدوى في الطعن بالسند والدلالة، فعمد إلى لفظ الحديث وحرفه بما لا يتفوّه به مسلم... فقال بأن لفظه: عليّ مني بمنزلة قارون من موسى... !!! كما لا يخفى على من راجع كتب الرجال بترجمة «حريز بن عثمان».
قلب حديث المنزلة
وقلب آخرون الحديث إلى الشيخين:
قال الخطيب: «أخبرنا الطاهري، أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن عليّ
____________
(1) باب فضائل عليّ بن أبي طالب من كتاب المناقب.
ابن زكريا الشاعر، حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا بشر بن دحية، حدثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبر، مليكة، عن ابن عباس:
أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى»(1)
وقال المتقي:
«أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
خط، وابن الجوزي في الواهيات، عن ابن عبّاس»(2)
وكذا قال المناوي (3).
نظرات في سنده
أقول:
وهذا السند في غاية السقوط، ففيه:
1 ـ ابن أبي مليكة،
وقد عرفته في بحثنا حول حديث «خطبة عليّ ابنة أبي جهل» الموضوع الباطل (4).
2 ـ قزعة بن سويد،
روى ابن أبي حاتم عن أحمد: «مضطرب الحديث» وعن ابن معين «ضعيف» وعن أبيه أبي حاتم الرازي: «لا يحتج به» (5).
وذكر ابن حجر عن البخاري: «ليس بذاك القوي» وعن أبي دواد والعنبري
____________
(1) تاريخ بغداد 11|384.
(2) كنز العمال 11|567.
(3) كنوز الحقائق ـ حرف الألف.
(4) وهو موضوع الرسالة السادسة من هذه الرسائل.
(5) الجرح والتعديل 7|139.
والنسائي: «ضعيف» وعن ابي حبان: «كثير الخطأ، فاحش الوهم، فلما كثر ذلك في روايته سقط الاحتجاج بأخباره» (1).
وذكره الذهبي في «الميزان» وقال: «له حديث منكر عن ابن أبي مليكة...» (2).
وستأتي كلمة ابن الجوزي.
3 ـ بشر بن دحية،
قال ابن حجر: «بشر بن دحية، عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري، ضعفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان...».
أقول: وستقف على نص العبارة وفيها عن الذهبي: «هذا كذب، وهو من بشر».
وفيها قول ابن حجر: «وشيخ الطبري [يعني بشراً] ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري»(3).
4ـ عليّ بن الحسن الشاعر،
وهذا الرجل كذبه غير واحد، بل هو المتهم بوضع هذا الحديث عند بعضهم كما ستعرف.
تصريحات حوله
ولقد نصّ جماعة من نقاد الحديث على أنه حديث كذب موضوع، ومنهم: ابن عدي وابن الجوزي والذهبي وابن حجر العسقلاني، ونحن في هذا المقام ننقل عبارة ابن الجوزي ثم عبارات ابن حجر، وفيها الكفاية:
قال ابن الجوزي:
«أخبرنا أبو منصور القزّاز قال: أنا أبو بكر ابن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن
____________
(1) تهذيب التهذيب 8|336.
(2)ميزان الاعتدال 3|390.
(3)لسان الميزان 2|23.
عبد العزيز الطاهري، قال: نا أبو القاسم عليّ بن الحسن بن علي بن زكريا الشاعر، قال: نا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، قال: نا بشر بن دحية، قال: نا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: أن النبي قال: أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
قال المؤلف: هذا حديث لا يصحّ، والمتّهم به الشاعر، وقد قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج بقزعة بن سويدة: وقال أحمد: هو مضطرب الحديث»(1).
وقال ابن حجر بترجمة بشر بن دحية:
«بشر بن دحية، عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري. ضعفه المؤلّف في ترجمة عمّار بن هارون المستملي في أصل الميزان، فذكر عن ابن عديّ أنه قال: محمد بن نوح، ثنا جعفر بن محمد الناقد، ثنا عمار بن هارون المستملي، أنا قزعة ابن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن أبن عبّاس رفعه: ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر. الحديث، وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
قال ابن عدي: وحدثناه ابن جرير الطبري، ثنا بشر بن دحية، ثنا قزعة بنحوه.
قال الذهبي: هذا كذب، وهو من بشر.
قال: ثم قال ابن عديّ: ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة.
قال الذهبي: وقزعة ليس بشيء.
قلت: فبريء بشر من عهدته، وسيأتي في ترجمة عليّ بن الحسن بن عليّ بن زكريّا الشاعر أن المؤلف اتهمه به وأنه بريء من عهدته»(2).
وقال ابن حجر بترجمة الشاعر:
«علي بن الحسن بن عليّ بن زكريا الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري،
____________
(1) العلل المتناهية 1|199.
(2)لسان الميزان 2|23.
بخبر كذب هو المتهم به، متنه: أبو بكر(1) مني بمنزلة هارون من موسى. إنتهى. ولا ذنب لهذا الرجل فيه كما سأبينه.
قال الخطيب في تاريخه: أنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري، أنا أبو القاسم عليّ ابن الحسن بن عليّ بن زكريا الشاعر، حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا بشر بن دحية، حدثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ بهذا الحديث.
فشيخ الطبري ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري، وقد قدّمت كلام المؤلف فيه في ترجمته، وأنّ ابن عديّ أخرج الحديث المذكور بأتمّ من سياقه عن ابن جرير الطبري بسنده. فبريء ابن الحسن من عهدته»(2).
____________
(1) كذا.
(2) لسان الميزان 4|219.
يتبع
الحديث الاوّل
حديث المنزلة
لقد اتفق المسلمون على رواية حديث المنزلة في حق أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام... وأخرجه من علماء أهل السنة: البخاري ومسلم وغيرهما من أرباب الصحاح، وكذا رواه أصحاب المسانيد والمعاجم... وغيرهم من كبار المحدّثين... القدماء والمتأخرين... وإليك نص الحديث كما في الصحاح.
حديث المنزلة بشأن أمير المؤمنين
أخرج البخاري قائلاً:
«حدثنا محمد بن بشار، ثنا غندر ثنا شعبة، عن سعد، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»(1).
قال: «حدثنا مسدّد، قال: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم خرج إلى تبوك فاستخاف علياً فقال: أتخلفني في الصبيان والنساء؟ قال: ألا ترض أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه ليس نبي بعدي»(2).
وأخرج مسلم، قال: «حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريح بن يونس، كلّهم عن يوسف بن الماجشون
____________
(1) مناقب علي بن أبي طالب من كتاب المناقب.
(2) باب غزوة تبوك من كتاب المغازي.
قال سعيد: فأحببت أن أشافه بها سعداًً، فلقيت سعداً فحدّثته بما حدّثني به عامر، فقال: أنا سمعته. قلت: أنت سمعته ؟! قال: فوضع إصبعيه على أذنيه فقال: نعم وإلأ فاستُكّتا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: نا غندر، عن شعبة.
ح
وحدثنا محمد بن مثنى وابن بشار، قالا: نا محمد بن جعفر، قال: نا شعبة، عن الحكم، عن مصعب بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، قال: خلّف رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم علي بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال: يا رسول الله تخلّفني في النساء والصبيان ؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.
حدثناه عبيدالله بن معاذ، قال: نا أبي، قال: نا شعبة، في هذا الإسناد.
حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبّادـ وتقاربا في اللفظ ـ قالا: نا حاتم ـ وهو ابن إسماعيل ـ عن بكير بن مسمار، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تسب أبا تراب ؟! فقال: أما ما ذكرت ثلاثا قالهّن له رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فلن أسبه، لئن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم يقول له ـ وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ: يا رسول الله ! خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبوّة بعدي.
وسمعته يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله. قال: فتطاولنا لها، فقال: أدعوا لي علياً، فأتي به أرمد، فبصق في عينيه ودفع
ولما نزلت هذه الآية: (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم عليّاً وفاطمة وحسناً وحسينا، فقال: اللهم هؤلاء أهلي.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا غندر عن شعبة.
ح
وحدّثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: ثنا محمد بن جعفر. ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت إبراهيم بن سعد، عن سعد، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم أنه قال لعليّ: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى»(1).
المحاولات السقيمة في ردّ حدي المنزلة
ثم إن القوم لمّا رأوا صحّة هذا الحديث سنداً، بل تواتره من طرقهم المعتبرة عندهم التجأوا إلى التشكيك في دلالته على أفضلية أمير المؤمنين وخلافته عن رسول رب العالمين... فراجع كتب الحديث والكلام.
فجاء آخرون وانتبهوا إلى سقوط تلك التشكيكات فاضطروا إلى القدح في سنده، وإن كان متفقاً عليه بين أرباب الصحاح وغيرهم من أئمة الحديث... كما لا يخفى على من راجع كتاب «الصواعق المحرقة».
وهناك من رأى أن لا جدوى في الطعن بالسند والدلالة، فعمد إلى لفظ الحديث وحرفه بما لا يتفوّه به مسلم... فقال بأن لفظه: عليّ مني بمنزلة قارون من موسى... !!! كما لا يخفى على من راجع كتب الرجال بترجمة «حريز بن عثمان».
قلب حديث المنزلة
وقلب آخرون الحديث إلى الشيخين:
قال الخطيب: «أخبرنا الطاهري، أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن عليّ
____________
(1) باب فضائل عليّ بن أبي طالب من كتاب المناقب.
أن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى»(1)
وقال المتقي:
«أبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
خط، وابن الجوزي في الواهيات، عن ابن عبّاس»(2)
وكذا قال المناوي (3).
نظرات في سنده
أقول:
وهذا السند في غاية السقوط، ففيه:
1 ـ ابن أبي مليكة،
وقد عرفته في بحثنا حول حديث «خطبة عليّ ابنة أبي جهل» الموضوع الباطل (4).
2 ـ قزعة بن سويد،
روى ابن أبي حاتم عن أحمد: «مضطرب الحديث» وعن ابن معين «ضعيف» وعن أبيه أبي حاتم الرازي: «لا يحتج به» (5).
وذكر ابن حجر عن البخاري: «ليس بذاك القوي» وعن أبي دواد والعنبري
____________
(1) تاريخ بغداد 11|384.
(2) كنز العمال 11|567.
(3) كنوز الحقائق ـ حرف الألف.
(4) وهو موضوع الرسالة السادسة من هذه الرسائل.
(5) الجرح والتعديل 7|139.
وذكره الذهبي في «الميزان» وقال: «له حديث منكر عن ابن أبي مليكة...» (2).
وستأتي كلمة ابن الجوزي.
3 ـ بشر بن دحية،
قال ابن حجر: «بشر بن دحية، عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري، ضعفه المؤلف في ترجمة عمار بن هارون المستملي في أصل الميزان...».
أقول: وستقف على نص العبارة وفيها عن الذهبي: «هذا كذب، وهو من بشر».
وفيها قول ابن حجر: «وشيخ الطبري [يعني بشراً] ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري»(3).
4ـ عليّ بن الحسن الشاعر،
وهذا الرجل كذبه غير واحد، بل هو المتهم بوضع هذا الحديث عند بعضهم كما ستعرف.
تصريحات حوله
ولقد نصّ جماعة من نقاد الحديث على أنه حديث كذب موضوع، ومنهم: ابن عدي وابن الجوزي والذهبي وابن حجر العسقلاني، ونحن في هذا المقام ننقل عبارة ابن الجوزي ثم عبارات ابن حجر، وفيها الكفاية:
قال ابن الجوزي:
«أخبرنا أبو منصور القزّاز قال: أنا أبو بكر ابن ثابت، قال: أخبرنا عليّ بن
____________
(1) تهذيب التهذيب 8|336.
(2)ميزان الاعتدال 3|390.
(3)لسان الميزان 2|23.
قال المؤلف: هذا حديث لا يصحّ، والمتّهم به الشاعر، وقد قال أبو حاتم الرازي: لا يحتج بقزعة بن سويدة: وقال أحمد: هو مضطرب الحديث»(1).
وقال ابن حجر بترجمة بشر بن دحية:
«بشر بن دحية، عن قزعة بن سويد، وعنه محمد بن جرير الطبري. ضعفه المؤلّف في ترجمة عمّار بن هارون المستملي في أصل الميزان، فذكر عن ابن عديّ أنه قال: محمد بن نوح، ثنا جعفر بن محمد الناقد، ثنا عمار بن هارون المستملي، أنا قزعة ابن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن أبن عبّاس رفعه: ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر. الحديث، وفيه: وأبو بكر وعمر مني بمنزلة هارون من موسى.
قال ابن عدي: وحدثناه ابن جرير الطبري، ثنا بشر بن دحية، ثنا قزعة بنحوه.
قال الذهبي: هذا كذب، وهو من بشر.
قال: ثم قال ابن عديّ: ورواه مسلم بن إبراهيم عن قزعة.
قال الذهبي: وقزعة ليس بشيء.
قلت: فبريء بشر من عهدته، وسيأتي في ترجمة عليّ بن الحسن بن عليّ بن زكريّا الشاعر أن المؤلف اتهمه به وأنه بريء من عهدته»(2).
وقال ابن حجر بترجمة الشاعر:
«علي بن الحسن بن عليّ بن زكريا الشاعر، عن محمد بن جرير الطبري،
____________
(1) العلل المتناهية 1|199.
(2)لسان الميزان 2|23.
قال الخطيب في تاريخه: أنا عليّ بن عبد العزيز الطاهري، أنا أبو القاسم عليّ ابن الحسن بن عليّ بن زكريا الشاعر، حدثنا أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، حدثنا بشر بن دحية، حدثنا قزعة بن سويد، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ بهذا الحديث.
فشيخ الطبري ما عرفته، فيجوز أن يكون هو المفتري، وقد قدّمت كلام المؤلف فيه في ترجمته، وأنّ ابن عديّ أخرج الحديث المذكور بأتمّ من سياقه عن ابن جرير الطبري بسنده. فبريء ابن الحسن من عهدته»(2).
____________
(1) كذا.
(2) لسان الميزان 4|219.
يتبع
تعليق