بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
نـار الغضــب
بقلم: خالد غانم الطائي
عن أبي عبدالله عليه السلام انه قال: قال رسول الله الاكرم الاعظم الاكمل الاشرف الأرفع الاقدس الانور (صلى الله عليه وآله) (الغضب يُفسد الايمان كما يُفسد الخل العسل) وقال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) (الغضب يُردي صاحبه ويُبدي معايبه)[1] وعن الإمام الباقر (عليه السلام) (مَنْ لم يملك غضبهُ لم يملك عقلهُ)[2].
في البدء لابد من بيان وتوضيح الغضب فهو استجابة لأنفعال تتميز بالميل إلى الاعتداء، والغضب شُعلة من نار وارتفاع حرارة الانسان المختفية داخله فيفور الدم ويغلي ويرتفع حتى يحمَّر وجهه وعيونه، وقد بيَّن احد المحققين حقيقة الغضب بقوله هو حركة للنفس يحدث بها غليان دم القلب شهوة للأنتقام فإذا كانت هذه الحركة عنيفةأججَّت نار الغضب واضرمتها فاحتدَّ غليان دم القلب وامتلأت الشرايين والدماغ دخاناً مُظلماً مضطرباً يسوء منه حال العقل ويضعف فعله.
وللغضب آثار فيحصل تغيَّر اللون وشدة الرجفة في اطراف الغاضب وخروج الافعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام واحمرار العين وخروج الزَّباد من الفم، ومن آثاره على اللسان انطلاقه بالشتم والفحش وقبح الكلام بحيث يخجل الانسان منه اذا كان هادئاً ومن الآثار على الاعضاء ضرب الآخرين والهجوم عليهم وقد يصل إلى حد قتلهم ولكن بعد فتور الغضب يعرف المرء خطورة ما جنى على نفسه، ومن آثاره على القلب: الحسد والحقد على الآخرين والعزم على افشاء سرهم وحتى وان كتم الغاضب غضبه لعدم استطاعته الاستمرار في الغضب تحوَّل ذلك إلى حقد دفين في قلبه يؤدي به إلى كره المغضوب عليه واستغابته وهتك اسراره وقطيعته والاستهزاء به.
هذا وان من أهم اسباب الغضب حب الذات ويتفرع عنه حب المال والجاه والشرف والنفوذ والتسلط وهذه كلها تتسبب في اشعال نار الغضب فالمُبتلى بحب ذاته يهتم بهذه الامور كثيراً ويكون لها في دواخل ومكامن نفسه مكان رفيع فإذا اتفق ان واجه المرء بعض الصعوبات والمشاق في واحدة منها أو احس بأن هنالك مَنْ ينافسهُ فيها تصيبهُ حالة من الغضب والهيجان دون سبب ظاهر فلا يبقَ مالكاً لزمام نفسه بل يستولي عليه الطمع وسائر الرذائل الناجمة عن حب الذات والجاه وتقوده لتُخرج اعماله واقواله عن قيود العقل وقنوات ومسارات الشرع المرسومة، ولكن الانسان إذا لم يكن ذو تعلق شديد واهتمام واسع بهذه الامور فإن هدوء النفس والطمأنينة المتأتية من مُجانبة حب الجاه والمقام وباقي فروعه تمنع النفس من ان تخطو خطوات مُتقاطعة مع العدالة والرويَّة.
يُضاف لذلك اسباب اخرى للغضب منها العُجب والزهو والكبرياء والمراء والعناد والمزاح.. ومنشأ الغضب نابع من ضعف النفس وتزلزلها وقلة الايمان وعدم الأعتدال في المزاج وفي الروح وحب الدنيا والغرق في الماديات ومَنْ كانت فيه رذائل خلقية كان اسرع إلى الغضب ممنْ فيهم فضائل خلقية والغاضب الذي تعصف به ثورة غضبه يكون شبيهاً بالمجنون الذي فقد عنان عقله ويكون عندها كالحيوان المفترس الذي لا تهمُه عواقب الامور فيهجم دون إعمال فكره أو احتكامه إلى العقل فيسلك سلوكاً مذموماً وقبيحاً يفقد سيطرته على لسانه ويده وسائر اعضائه.
ومن اللازم توضيح علاج الغضب فقد ورد عن الإمام أبي جعفر[3] (عليه السلام) قوله (ان هذا الغضب جمرة من الشيطان تُوقد في قلب ابن آدم وان احدكم إذا غضب احمَّرت عيناه وانتفخت اوداجه ودخل الشيطان فيه فإذا خاف احدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض فإن رجز الشيطان يذهب عنه عند ذلك).
وأيضا فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله (ان الرجل ليغضب فما يرضى ابداً حتى يدخل النار فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك فأنه سيذهب عنه رجز الشيطان وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدنُ منه فليمسهُ فأن الرحم إذا مُست سكنت)[4].
والثمرة التي تُقتطف من هذا الحديث الشريف علاجان عمليان حال ظهور الغضب الاول عام وهو الجلوس من القيام أي تغيير وضعية الغاضب... والعلاج العملي للغضب فأهمه صرف النفس عن الغضب عند بداية ظهوره فهو كالناريزداد شيئاً فشيئاً حتى يتعالى لهيبهُ وتشتد حرارته ويفلت العنان من يد الانسان ويخمد نور العقل والايمان ويُطفىء سراج الهداية فعلى المرء الغاضب ان يشغل نفسه بذكر الله تعالى وعليه الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، اما العلاج العملي الآخر فهو خاص بالارحام وهو ان يمسهُ فيسكن غضبهُ وعلى الغاضب ان يُغيَّر حالهُ فيجلس إذا كان قائماً ويضطجع ان كان جالساً ويمشي اذا كان واقفاً وإذا غضب فليسكت.. والذهاب للوضوء أو يستحم بالماء لان الغضب حرارة في الإنسان وان يفكر الغاضب في فضائل كظم الغيظ والعفو والحلم ويقرأ آيات من القرآن الحكيم مُتعلقة بكظم الغيظ، قال تعالى (فاعفُ عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين) سورة المائدة الآية 13 وقوله تبارك اسمهُ ـ (فمنْ عفا واصلح فأجرهُ على الله) سورة الشورى الآية 40، وان يحاول الانسان ان يزيل الاسباب المهيجة للغضب وان يحاول أيضاً ان لا يغضب حتى يلجأ إلى ذل الأعتذار بعد فتور الغضب وان يتفكر فيما يؤدي إليه الغضب من الندم والانتقام والهموم والغموم وان يترك الغاضب طريقاً للعودة إلى الصلح والمودة قال سبحانه وتعالى (ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) سورة فصلت الآية 34.
ومن الجدير بالذكر ان هنالك غضباً محموداً للانسان في احوال معينة وهي ان يكون غضبه حمايةً لدينه الحق خصوصاً إذا استهزأ أحد به وان يغضب لعرضه غيرةً منه وشهامةً وحميةً وكذلك في حرب اعداء الله والرسول والائمة الاطهار (عليهم الصلاة والسلام)، وكذلك لاصلاح اللئيم والفاسد وان يكون غضبه حيث يرى المنكر فبغضبه يمنع المنكر فإذا إمن اصحاب المنكر الغضب من المؤمنين ازدادوا في فعل المنكر.
ان سبعية الإنسان الغاضب لا يمكن مقارنتها بسبعية أي حيوان آخر من الحيوانات ومثلما ان الانسان في حالة كماله اعجوبة الدهر ولا نظير له كذلك في حال نقصه واتصافه بالرذائل وبالصفات الخسيسة فلا مثيل له كذلك لقد وصفهم الله بقوله (ان هم إلا كالانعام بل هم اضل سبيلاً) سورة الفرقان الآية 44، ووصف قلوبهم فقال (..فهي كالحجارة أو اشد قسوةً) سورة البقرة الآية 74، اذن يمكن وصف سجية الغضب بأنها أم الامراض النفسية ومفتاح كل شر ويقابلها كظم الغيظ هذه الخصلة العظيمة والكريمة والتي عُرف بها الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولُقب بـ (الكاظم) وكانت اشهر صفة له... قال العلي العظيم في قرآنه المجيد (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) سورة آل عمران الآية 134.
اللهم صل على محمد وال محمد
نـار الغضــب
بقلم: خالد غانم الطائي
عن أبي عبدالله عليه السلام انه قال: قال رسول الله الاكرم الاعظم الاكمل الاشرف الأرفع الاقدس الانور (صلى الله عليه وآله) (الغضب يُفسد الايمان كما يُفسد الخل العسل) وقال أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) (الغضب يُردي صاحبه ويُبدي معايبه)[1] وعن الإمام الباقر (عليه السلام) (مَنْ لم يملك غضبهُ لم يملك عقلهُ)[2].
في البدء لابد من بيان وتوضيح الغضب فهو استجابة لأنفعال تتميز بالميل إلى الاعتداء، والغضب شُعلة من نار وارتفاع حرارة الانسان المختفية داخله فيفور الدم ويغلي ويرتفع حتى يحمَّر وجهه وعيونه، وقد بيَّن احد المحققين حقيقة الغضب بقوله هو حركة للنفس يحدث بها غليان دم القلب شهوة للأنتقام فإذا كانت هذه الحركة عنيفةأججَّت نار الغضب واضرمتها فاحتدَّ غليان دم القلب وامتلأت الشرايين والدماغ دخاناً مُظلماً مضطرباً يسوء منه حال العقل ويضعف فعله.
وللغضب آثار فيحصل تغيَّر اللون وشدة الرجفة في اطراف الغاضب وخروج الافعال عن الترتيب والنظام واضطراب الحركة والكلام واحمرار العين وخروج الزَّباد من الفم، ومن آثاره على اللسان انطلاقه بالشتم والفحش وقبح الكلام بحيث يخجل الانسان منه اذا كان هادئاً ومن الآثار على الاعضاء ضرب الآخرين والهجوم عليهم وقد يصل إلى حد قتلهم ولكن بعد فتور الغضب يعرف المرء خطورة ما جنى على نفسه، ومن آثاره على القلب: الحسد والحقد على الآخرين والعزم على افشاء سرهم وحتى وان كتم الغاضب غضبه لعدم استطاعته الاستمرار في الغضب تحوَّل ذلك إلى حقد دفين في قلبه يؤدي به إلى كره المغضوب عليه واستغابته وهتك اسراره وقطيعته والاستهزاء به.
هذا وان من أهم اسباب الغضب حب الذات ويتفرع عنه حب المال والجاه والشرف والنفوذ والتسلط وهذه كلها تتسبب في اشعال نار الغضب فالمُبتلى بحب ذاته يهتم بهذه الامور كثيراً ويكون لها في دواخل ومكامن نفسه مكان رفيع فإذا اتفق ان واجه المرء بعض الصعوبات والمشاق في واحدة منها أو احس بأن هنالك مَنْ ينافسهُ فيها تصيبهُ حالة من الغضب والهيجان دون سبب ظاهر فلا يبقَ مالكاً لزمام نفسه بل يستولي عليه الطمع وسائر الرذائل الناجمة عن حب الذات والجاه وتقوده لتُخرج اعماله واقواله عن قيود العقل وقنوات ومسارات الشرع المرسومة، ولكن الانسان إذا لم يكن ذو تعلق شديد واهتمام واسع بهذه الامور فإن هدوء النفس والطمأنينة المتأتية من مُجانبة حب الجاه والمقام وباقي فروعه تمنع النفس من ان تخطو خطوات مُتقاطعة مع العدالة والرويَّة.
يُضاف لذلك اسباب اخرى للغضب منها العُجب والزهو والكبرياء والمراء والعناد والمزاح.. ومنشأ الغضب نابع من ضعف النفس وتزلزلها وقلة الايمان وعدم الأعتدال في المزاج وفي الروح وحب الدنيا والغرق في الماديات ومَنْ كانت فيه رذائل خلقية كان اسرع إلى الغضب ممنْ فيهم فضائل خلقية والغاضب الذي تعصف به ثورة غضبه يكون شبيهاً بالمجنون الذي فقد عنان عقله ويكون عندها كالحيوان المفترس الذي لا تهمُه عواقب الامور فيهجم دون إعمال فكره أو احتكامه إلى العقل فيسلك سلوكاً مذموماً وقبيحاً يفقد سيطرته على لسانه ويده وسائر اعضائه.
ومن اللازم توضيح علاج الغضب فقد ورد عن الإمام أبي جعفر[3] (عليه السلام) قوله (ان هذا الغضب جمرة من الشيطان تُوقد في قلب ابن آدم وان احدكم إذا غضب احمَّرت عيناه وانتفخت اوداجه ودخل الشيطان فيه فإذا خاف احدكم ذلك من نفسه فليلزم الارض فإن رجز الشيطان يذهب عنه عند ذلك).
وأيضا فقد ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام) قوله (ان الرجل ليغضب فما يرضى ابداً حتى يدخل النار فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم فليجلس من فوره ذلك فأنه سيذهب عنه رجز الشيطان وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدنُ منه فليمسهُ فأن الرحم إذا مُست سكنت)[4].
والثمرة التي تُقتطف من هذا الحديث الشريف علاجان عمليان حال ظهور الغضب الاول عام وهو الجلوس من القيام أي تغيير وضعية الغاضب... والعلاج العملي للغضب فأهمه صرف النفس عن الغضب عند بداية ظهوره فهو كالناريزداد شيئاً فشيئاً حتى يتعالى لهيبهُ وتشتد حرارته ويفلت العنان من يد الانسان ويخمد نور العقل والايمان ويُطفىء سراج الهداية فعلى المرء الغاضب ان يشغل نفسه بذكر الله تعالى وعليه الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، اما العلاج العملي الآخر فهو خاص بالارحام وهو ان يمسهُ فيسكن غضبهُ وعلى الغاضب ان يُغيَّر حالهُ فيجلس إذا كان قائماً ويضطجع ان كان جالساً ويمشي اذا كان واقفاً وإذا غضب فليسكت.. والذهاب للوضوء أو يستحم بالماء لان الغضب حرارة في الإنسان وان يفكر الغاضب في فضائل كظم الغيظ والعفو والحلم ويقرأ آيات من القرآن الحكيم مُتعلقة بكظم الغيظ، قال تعالى (فاعفُ عنهم واصفح ان الله يحب المحسنين) سورة المائدة الآية 13 وقوله تبارك اسمهُ ـ (فمنْ عفا واصلح فأجرهُ على الله) سورة الشورى الآية 40، وان يحاول الانسان ان يزيل الاسباب المهيجة للغضب وان يحاول أيضاً ان لا يغضب حتى يلجأ إلى ذل الأعتذار بعد فتور الغضب وان يتفكر فيما يؤدي إليه الغضب من الندم والانتقام والهموم والغموم وان يترك الغاضب طريقاً للعودة إلى الصلح والمودة قال سبحانه وتعالى (ادفع بالتي هي احسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) سورة فصلت الآية 34.
ومن الجدير بالذكر ان هنالك غضباً محموداً للانسان في احوال معينة وهي ان يكون غضبه حمايةً لدينه الحق خصوصاً إذا استهزأ أحد به وان يغضب لعرضه غيرةً منه وشهامةً وحميةً وكذلك في حرب اعداء الله والرسول والائمة الاطهار (عليهم الصلاة والسلام)، وكذلك لاصلاح اللئيم والفاسد وان يكون غضبه حيث يرى المنكر فبغضبه يمنع المنكر فإذا إمن اصحاب المنكر الغضب من المؤمنين ازدادوا في فعل المنكر.
ان سبعية الإنسان الغاضب لا يمكن مقارنتها بسبعية أي حيوان آخر من الحيوانات ومثلما ان الانسان في حالة كماله اعجوبة الدهر ولا نظير له كذلك في حال نقصه واتصافه بالرذائل وبالصفات الخسيسة فلا مثيل له كذلك لقد وصفهم الله بقوله (ان هم إلا كالانعام بل هم اضل سبيلاً) سورة الفرقان الآية 44، ووصف قلوبهم فقال (..فهي كالحجارة أو اشد قسوةً) سورة البقرة الآية 74، اذن يمكن وصف سجية الغضب بأنها أم الامراض النفسية ومفتاح كل شر ويقابلها كظم الغيظ هذه الخصلة العظيمة والكريمة والتي عُرف بها الإمام موسى بن جعفر (عليهما السلام) ولُقب بـ (الكاظم) وكانت اشهر صفة له... قال العلي العظيم في قرآنه المجيد (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) سورة آل عمران الآية 134.