📝 من هم أولوا الالباب؟
ثم انتقل الإمام عليه السلام لصفة أخرى من صفات أهل العقل وأولي الألباب فقال:
"يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟ وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض".
فضول الدنيا هو ما زاد عن حاجة المرء فيها، والمراد من ترك هذا الفضول، الترك القلبي لا ترك التملك والحيازة، إذ من المعلوم أنّ التملك للكماليات وما يزيد عن حاجة الإنسان من المباحات، ولكن المراد ترك التعلّق القلبي الذي يجعل الإنسان منشغلاً كلياً عن آخرته بها. وترك الفضول القلبي من الدنيا، أمر ندبت إليه الكثير من الروايات التي سنأتي عليها في شرح المقطع اللاحق من الوصيّة.
وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنب من الفرض، أي الواجب، فإذا كان أولو العقل لما أدركوا من فناء الدنيا وأنّ الدار الآخرة هي المستقَرُّ الدائم تركوا تعلّقهم بهذه الدنيا فقدّموا كل ما يرضي الله تعالى عليها، فكيف لا يتركون الذنوب؟ فإنّ الذنوب الجالبة للغضب الإلهيّ أحقّ بالترك من غيرها التي يحبذ تركها.
وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنب من الفرض، أي الواجب، فإذا كان أولو العقل لما أدركوا من فناء الدنيا وأنّ الدار الآخرة هي المستقَرُّ الدائم تركوا تعلّقهم بهذه الدنيا فقدّموا كل ما يرضي الله تعالى عليها، فكيف لا يتركون الذنوب؟ فإنّ الذنوب الجالبة للغضب الإلهيّ أحقّ بالترك من غيرها التي يحبذ تركها.
وترك الذنوب هو التقوى التي وصفتها الآية الشريفة باللباس: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾8.
وعن الإمام الباقر عليه السلامفي تفسير هذه الآية: "فأمّا اللباس فالثياب التي تلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف، لأن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عارياً من الثياب والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً من الثياب، يقول: (ولباس التقوى ذلك خير) يقول: العفاف خير"9.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، والريّ بالظمأ، واستقربوا الأجل فبادروا العمل"10.
فأهل التقوى أهل الوعي لما في التقوى من خير الدنيا والآخرة ومن تكامل للنفس الإنسانيّة.
v زهدوا في الدنيا
ثم انتقل الإمام عليه السلام للحديث عن أنّ أولي الألباب هم أهل الزهد في الدنيا فقال عليه السلام:
"يا هشام إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا، ورغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته".
v فما هو الزهد في الدنيا؟
يجيبنا أمير المؤمنين عليه السلام على هذا السؤال بما روي عنه: "الزهد بين كلمتين
من القرآن، قال الله تعالى: ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾11 ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد استكمل الزهد بطرفيه"12.
وهو ترك التعلّق بمتاع الدنيا بحيث يصبح الشغل الشاغل والمقدم على سائر الأمور حتى الأخروية منها.
أمّا فضل الزهد فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "جُعل الخير كله في بيت وجُعل مفتاحه الزهد في الدنيا، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا"13.
ويحصل الزهد في قلب المؤمن عندما يوقن أنّ الموت قادم لا محالة وأن الدنيا زائلة، لا مجرد المعرفة بل اليقين كما يرى نفسه في المرآة، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا"14.
فالعاقل من يدرك زوال الدنيا، ويدرك أنّ التناول منها لا يشبع نهم الإنسان، وأنّه سيزداد عطشا كلّما شرب منها، ويعي قول الإمام الباقر عليه السلام : "مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القزّ، كلما ازدادت على نفسها لفّاً كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّاً"15.
ولذلك ترك الدنيا وزهد فيها، ولم يتعلّق قلبه بها.
أنتهى.
-----------
💫لا تـــقـــطـــع أذنــــــك💫
يُحكى أن أحد الملوك تأخرتْ زوجته في إنجاب ولي العهد ، فأرسل في إثر الأطباء من كل أرجاء المملكة ...
وشاء الله أن يُجري شفاء الملكة على أيديهم
فحملتْ الملكة بولي العهد
وطار الملك بذلك فرحاً وأخذ يعد الأيام لمقدم الأمير ...
وعندما وضعت الملكة وليدها كانت دهشة الجميع كبيرة ، فقد كان المولود بأذن واحدة !!!!
انزعج الملك لهذا وخشي أن يصبح لدى الأمير الصغير عقدة نفسية تحول بينه وبين كرسيّ الحكم ، فجمع وزراءه ومستشاريه وعرض عليهم الأمر.
فقام أحد المستشارين وقال له : الأمر بسيط أيها الملك ... اقطع اذن كل المواليد الجدد وبذلك يتشابهون مع سمو الأمير ....
أُعجب الملك بالفكرة
وصارت عادة تلك البلاد أنه كلما وُلد مولود قطعوا له أُذنا ... وما إن مضت عشرات السنين حتى غدا المجتمع كله بأذن واحدة.
وحدث أن شاباً حضر إلى المملكة وكان له أذنان كما هو في أصل خلقة البشر
فاستغرب سكان المملكة من هذه الظاهرة الغريبة
وجعلوه محط سخرية
وكانوا لا ينادونه إلا ( ذا الأذنين ) حتى ضاق بهم ذرعا وقرر أن يقطع أذنه ليصير واحداً منهم !!!
هل يمكن لمجتمع ما أن يكون معاقاً بالكامل ؟؟؟
نعم .. لقد حدث هذا آلاف المرات في تاريخ البشرية ، فالله كان يرسل الأنبياء ليصححوا إعاقات المجتمعات الفكرية والسلوكية والدينية .
فمجتمع إبراهيم كان معاقاً بالشرك ، وكان إبراهيم بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم ....
ومجتمع لوط كان معاقاً بالشذوذ ، وكان لوط بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم .....
ومجتمع شعيب معاقا بالربا والتطفيف ، وكان شعيب بينهم غريبا لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم .....
عندنا قاعدة فقهية تقول :
( اجماع الناس على شيء لا يُحله )
( الخطأ يبقى خطأ ولو فعله كل الناس ، والصواب يبقى صوابًا ولو لم يفعله أحد )
لا تقطع أُذنك !!!!
إذا كنت على يقين أنك على صواب فلا تتنازل عنه لارضائهم
إذا كانوا لا يخجلون بخطئهم ، فلم تخجل أنت بصوابك .
وتذكر دومًا أن كلمة " أكثر الناس" ما جاءت في القرآن إلا وتبعها :
لا يعقلون
لا يعلمون
ثم انتقل الإمام عليه السلام لصفة أخرى من صفات أهل العقل وأولي الألباب فقال:
"يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب؟ وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض".
فضول الدنيا هو ما زاد عن حاجة المرء فيها، والمراد من ترك هذا الفضول، الترك القلبي لا ترك التملك والحيازة، إذ من المعلوم أنّ التملك للكماليات وما يزيد عن حاجة الإنسان من المباحات، ولكن المراد ترك التعلّق القلبي الذي يجعل الإنسان منشغلاً كلياً عن آخرته بها. وترك الفضول القلبي من الدنيا، أمر ندبت إليه الكثير من الروايات التي سنأتي عليها في شرح المقطع اللاحق من الوصيّة.
وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنب من الفرض، أي الواجب، فإذا كان أولو العقل لما أدركوا من فناء الدنيا وأنّ الدار الآخرة هي المستقَرُّ الدائم تركوا تعلّقهم بهذه الدنيا فقدّموا كل ما يرضي الله تعالى عليها، فكيف لا يتركون الذنوب؟ فإنّ الذنوب الجالبة للغضب الإلهيّ أحقّ بالترك من غيرها التي يحبذ تركها.
وترك الدنيا من الفضل، وترك الذنب من الفرض، أي الواجب، فإذا كان أولو العقل لما أدركوا من فناء الدنيا وأنّ الدار الآخرة هي المستقَرُّ الدائم تركوا تعلّقهم بهذه الدنيا فقدّموا كل ما يرضي الله تعالى عليها، فكيف لا يتركون الذنوب؟ فإنّ الذنوب الجالبة للغضب الإلهيّ أحقّ بالترك من غيرها التي يحبذ تركها.
وترك الذنوب هو التقوى التي وصفتها الآية الشريفة باللباس: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ﴾8.
وعن الإمام الباقر عليه السلامفي تفسير هذه الآية: "فأمّا اللباس فالثياب التي تلبسون، وأما الرياش فالمتاع والمال، وأما لباس التقوى فالعفاف، لأن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عارياً من الثياب والفاجر بادي العورة وإن كان كاسياً من الثياب، يقول: (ولباس التقوى ذلك خير) يقول: العفاف خير"9.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، وألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، وأظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، والريّ بالظمأ، واستقربوا الأجل فبادروا العمل"10.
فأهل التقوى أهل الوعي لما في التقوى من خير الدنيا والآخرة ومن تكامل للنفس الإنسانيّة.
v زهدوا في الدنيا
ثم انتقل الإمام عليه السلام للحديث عن أنّ أولي الألباب هم أهل الزهد في الدنيا فقال عليه السلام:
"يا هشام إنّ العقلاء زهدوا في الدنيا، ورغبوا في الآخرة، لأنّهم علموا أنّ الدنيا طالبة ومطلوبة، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته".
v فما هو الزهد في الدنيا؟
يجيبنا أمير المؤمنين عليه السلام على هذا السؤال بما روي عنه: "الزهد بين كلمتين
من القرآن، قال الله تعالى: ﴿لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾11 ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد استكمل الزهد بطرفيه"12.
وهو ترك التعلّق بمتاع الدنيا بحيث يصبح الشغل الشاغل والمقدم على سائر الأمور حتى الأخروية منها.
أمّا فضل الزهد فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "جُعل الخير كله في بيت وجُعل مفتاحه الزهد في الدنيا، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجد الرجل حلاوة الإيمان في قلبه حتى لا يبالي من أكل الدنيا ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الإيمان حتى تزهد في الدنيا"13.
ويحصل الزهد في قلب المؤمن عندما يوقن أنّ الموت قادم لا محالة وأن الدنيا زائلة، لا مجرد المعرفة بل اليقين كما يرى نفسه في المرآة، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "يا أبا عبيدة أكثر ذكر الموت، فإنّه لم يكثر إنسان ذكر الموت إلا زهد في الدنيا"14.
فالعاقل من يدرك زوال الدنيا، ويدرك أنّ التناول منها لا يشبع نهم الإنسان، وأنّه سيزداد عطشا كلّما شرب منها، ويعي قول الإمام الباقر عليه السلام : "مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القزّ، كلما ازدادت على نفسها لفّاً كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّاً"15.
ولذلك ترك الدنيا وزهد فيها، ولم يتعلّق قلبه بها.
أنتهى.
-----------
💫لا تـــقـــطـــع أذنــــــك💫
يُحكى أن أحد الملوك تأخرتْ زوجته في إنجاب ولي العهد ، فأرسل في إثر الأطباء من كل أرجاء المملكة ...
وشاء الله أن يُجري شفاء الملكة على أيديهم
فحملتْ الملكة بولي العهد
وطار الملك بذلك فرحاً وأخذ يعد الأيام لمقدم الأمير ...
وعندما وضعت الملكة وليدها كانت دهشة الجميع كبيرة ، فقد كان المولود بأذن واحدة !!!!
انزعج الملك لهذا وخشي أن يصبح لدى الأمير الصغير عقدة نفسية تحول بينه وبين كرسيّ الحكم ، فجمع وزراءه ومستشاريه وعرض عليهم الأمر.
فقام أحد المستشارين وقال له : الأمر بسيط أيها الملك ... اقطع اذن كل المواليد الجدد وبذلك يتشابهون مع سمو الأمير ....
أُعجب الملك بالفكرة
وصارت عادة تلك البلاد أنه كلما وُلد مولود قطعوا له أُذنا ... وما إن مضت عشرات السنين حتى غدا المجتمع كله بأذن واحدة.
وحدث أن شاباً حضر إلى المملكة وكان له أذنان كما هو في أصل خلقة البشر
فاستغرب سكان المملكة من هذه الظاهرة الغريبة
وجعلوه محط سخرية
وكانوا لا ينادونه إلا ( ذا الأذنين ) حتى ضاق بهم ذرعا وقرر أن يقطع أذنه ليصير واحداً منهم !!!
هل يمكن لمجتمع ما أن يكون معاقاً بالكامل ؟؟؟
نعم .. لقد حدث هذا آلاف المرات في تاريخ البشرية ، فالله كان يرسل الأنبياء ليصححوا إعاقات المجتمعات الفكرية والسلوكية والدينية .
فمجتمع إبراهيم كان معاقاً بالشرك ، وكان إبراهيم بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم ....
ومجتمع لوط كان معاقاً بالشذوذ ، وكان لوط بينهم غريباً لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم .....
ومجتمع شعيب معاقا بالربا والتطفيف ، وكان شعيب بينهم غريبا لأنه لم يكن يمارس إعاقتهم .....
عندنا قاعدة فقهية تقول :
( اجماع الناس على شيء لا يُحله )
( الخطأ يبقى خطأ ولو فعله كل الناس ، والصواب يبقى صوابًا ولو لم يفعله أحد )
لا تقطع أُذنك !!!!
إذا كنت على يقين أنك على صواب فلا تتنازل عنه لارضائهم
إذا كانوا لا يخجلون بخطئهم ، فلم تخجل أنت بصوابك .
وتذكر دومًا أن كلمة " أكثر الناس" ما جاءت في القرآن إلا وتبعها :
لا يعقلون
لا يعلمون