بسم الله الرحمن الرحيم
منزلة سيد الشهداء ابا عبد الله الحسين(ع)
سؤال : سمعنا من أحد خطباء مجلس التعزية الحسيني لمناسبة أربعين سيد الشهداء عليه السلام ما يأتي: إن من زار الحسين عليه السلام في قبره كمن زار الله في عرشه، لقد أثارت هذه العبارات جدلاً طويلاً بيننا، وقال البعض منا إن مساواة منـزلة الحسين(ع) بمنـزلة الله سبحانه وتعالى غير جائزة، كما إن القول بزيارة الإنسان لله في عرشه يتناقض مع الفقه الجعفري الذي ينفي التشبيه عن ذات الله تعالى نفيا قاطعاً، وقال الخطيب إن ذلك من باب المجاز.
نرجو من سماحتكم تنويرنا برأيكم في هذه المسألة وشكراً.
ومن المؤسف القول أن مسؤولية نشر الأباطيل لا تقع على عاتق المجيب فقط بل تقع أحيانا على عاتق السائل المستفتي الذي يريد رفع الإبهام في موضوع ما عند من يعيش الإبهام والجهل في داخله فيسأل من يحتاج إلى تنوير ولا يسأل أهل العلم والمراجع الأجلاء، وقد قال تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون(يونس: 35) "هذا كلام يتنافى مع أبسط عقائدنا التوحيدية التي تؤكد أن الله سبحانه هو فوق الزمان والمكان، وأن العرش ليس هو المكان الذي يضم الله سبحانه، مع ملاحظة أخرى، وهي أن مساواة زيارة الحسين(ع) بزيارة الله في عرشه لا ينسجم مع العقيدة التي ترتفع بعظمة الله عن خلقه حتى المقربين إليه، وإننا ندعو الخطباء والعلماء إلى التدقيق في صحة هذه الأحاديث أولاً، وإلى دراسة تأثيراتها السلبية على مصداقية مذهب الإمامية ثانياً.
حتى إنه لا يجوز أن نلقي على الناس كلاماً لا نلتزم بظاهره ثم ندخل في تأويله بعنوان المجاز أو غيره، بل إن الواجب هو التحدث عن العقيدة ورموزها بوضوح تام لا يثير أية شبهة أو إشكال".
وتعليقا على هذا الجواب الذي لا يصدر من أقل طلبة العلم نقول:
1 – مما لا شك فيه أن مذهب الإمامية قائم على نفي التجسيم والتشبيه، وأن ما ورد في القرآن والسنة مما ظاهره ذلك لابد أن يأول بوجه يليق بساحته سبحانه وتعالى، ومن الواضح على هذا أن الله عز وجل فوق المكان وأن العرش ليس هو المكان الذي يحدد الله سبحانه، ولكن ما نحن فيه هو مدى دلالة الحديث الذي نقله أحد خطباء المنبر الحسيني في منافاة عقيدة الشيعة، فهل الأمر كما زعمه المجيب من أنه يتنافى مع أبسط العقائد التوحيدية؟!
الكل يعلم أن القرآن الكريم الذي لا يختلف اثنان أنه صادر عن الله عز وجل يتضمن آيات ظاهرها التشبيه أو التجسيم من قبيل قوله تعالى : كل شيء هالك إلا وجهه (القصص: 88)، يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي (ص: 75)، وجاء ربك والملك صفا صفا (الفجر: 22)، الرحمن على العرش استوى (طه: 5) ..... الخ، وقد جاء أئمة أهل البيت عليهم السلام وعلى إثرهم علماء الإمامية وفسروها وأولوها بما يرفع عنها شبهة التجسيم، ولم يجرأ أحد من الشيعة أو غيرهم أن ينفي كون هذه الآيات من القرآن الكريم بحجة أنها تتنافى مع أبسط عقائدنا التوحيدية التي تؤكد أن الله عز وجل لا يستوي على العرش ولا يضمه العرش!!!
فهل يريد هذا البعض أن يكون أول المتجرئين؟
هل حقيقة الأمر هو وجود إشكال على إثرهم علماء الإمامية وفسروها وأولوها بما يرفع عنها شبهة التجسيم، ولم يجرأ أحد من الشيعة أو غيرهم أن ينفي كون هذه الآيات من القرآن الكريم بحجة أنها تتنافى مع أبسط عقائدنا التوحيدية التي تؤكد أن الله عز وجل لا يستوي على العرش ولا يضمه العرش!!!
فهل يريد هذا البعض أن يكون أول المتجرئين؟ هل حقيقة الأمر هو وجود إشكال على مضمون الحديث (الذي يشاركه القرآن الكريم أيضا في الظاهر بهذا الإشكال) أم أن المسألة هي التعامل باستخفاف مع أحاديث أهل البيت (ع) وعدم التورع في ردها لأدنى شبهة سقيمة وبعقلية سطحية ساذجة جدا، وإلا لو كان الأمر غير ذلك فلماذا لم يتعامل بنفس الطريقة مع الآيات القرآنية بالرغم من أن الإشكال والاعتراض فيهما من باب واحد فما يجاب عنه في القرآن بالتأويل يجاب عنه في الحديث.
تعليق