بسم الله الرحمن الرحيم
الكتب الرجاليّة
وهي المصادر الّتي يرجع إليها في توثيق الرواة وتضعيفهم، وتختلف هذه الكتب من حيث الأهمّية واعتماد بعضها على بعض.
ويدخل عامل الزمن في تحديد أهمّية بعض هذه الكتب على بعض آخر منها، فما كان منها قديماً أي قريب العهد في زمن الرواة فله الصدارة من بينها، إذ هو المرجع والمستند في التوثيق والتضعيف، وما كان منها متأخراً فيختصُّ بزمانه أو ما يقرب منه، وعلى ضوء ذلك فما بين أيدينا من كتب رجاليّة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأوّل: الأصول الرجاليّة المعتمدة: وهي الكتب المصنّفة في زمان الشيخ وما قبله وينتهي بنهاية القرن الخامس الهجري، ويعبّر عنها بكتب القدماء.
القسم الثاني: الكتب المصنّفة في الفترة التالية لزمان الشيخ: وهي الّتي تبدأ مع بداية القرن السادس وتنتهي بنهاية القرن التاسع الهجري، ويمكن أن يطلق عليها الفترة المتوسطة.
القسم الثالث: الكتب المصنّفة في الفترة المتأخرة: أي مع بداية القرن العاشر إلى زماننا.
ولا يخفى أنّ هذا التحديد الزماني لكلّ فترة تقريبي بمناط القرب والبعد، كما أنّ ما نذكره من أسماء الكتب في القسمين الثاني والثالث إنّما هو لأشهر الكتب الرجالية الّتي يكثر الرجوع إليها والاعتماد عليها.
أمّا كتب القسم الأوّل فهي وإن كانت ستّة، إلاّ أنّ الأصول منها أربعة أو خمسة، وهي:
1
1-رجال الكشِّي:
لأبي عمرو محمّد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بالكشّي، المتوفَّى سنة 329 هـ ، والكشِّي نسبة إلى كش بفتح الكاف أو ضمه وتشديد الشين(1) ، بلد معروف على مراحل من سمرقند.
وقد كان من أعلام عصر الغيبة الصغرى، وتخرَّج على يدي العيّاشي.
قال عنه النجاشي: كان ثقة عيناً(2).
وقال الشيخ: ثقة بصير بالأخبار والرجال حسن الاعتقاد، له كتاب الرجال(3).
ومن خصوصيات الكتاب: أنّه يثبت التوثيق والتضعيف عن طريق الأحاديث وكلام الأئمة عليهم السلام وإذا لم توجد فمن المشايخ المشهورين، وقلّ ما يذكر عن نفسه، هذا كما أنّه تشتمل هنا الأحاديث على الأصول والمعارف والمعاجز والأحكام ولذلك يعدّ الكتاب من المصادر الأوّلية.
وكان كتابه الرجال جامعاً لرواة العامّة خالطاً بعضهم ببعض، إلاّ أنّ الشيخ هذَّبه وأسقط منه الفضلات وسمَّاه (اختيار معرفة الرجال) واشتهر باسم (رجال الكشّي).
وذكر المحقّق البحراني في اللؤلؤة: أنّ كتاب الكشّي لم يصل إلينا وإنّما الموجود المتداول كتاب (اختيار الكشّي) للشيخ أبي جعفر الطوسي(4).
ويقال: إنّ الأصل كان موجوداً عند السيّد ابن طاووس وبوَّبه وجمعه مع بقيّة الكتب الرجاليّة وأسماه (حلّ الإشكال في معرفة الرجال)، ولكنه لم يصل إلينا أيضاً.
2-فهرست النجاشي (رجال النجاشي)
لأبي العبّاس أحمد بن علي بن العبّاس النجاشي الكوفيّ الأسدي، المولود سنة 372 هـ والمتوفَّى سنة 450 هـ ، والنجاشي نسبة إلى جدّه الأكبر عبد اللّه النجاشي الوالي على الأهواز في زمان الإمام الصّادق عليه السلام ، وللإمام عليه السلام رسالة إليه معروفة رواها الكليني في الكافي(5).
وقد ألّف النجاشي كتابه الرجال بعد فهرست الشيخ لأنّه ترجم الشيخ وذكر الفهرست في عداد كتبه.
وقد تميَّز كتابه بالدقة والضبط، ولذا قيل إنّ النجاشي أكثر دقّة من الشيخ في علم الرجال، ولعلّه لاشتغال الشيخ بكثير من العلوم والتأليف فيها.
وأمّا ما ورد في كتاب النجاشي في ترجمة محمّد بن حسن بن حمزة الجعفري من أنّه توفِّي سنة 463 هـ (6)، وهو لا ينسجم مع ما تقدَّم من تأريخ وفاة النجاشي، فلا يبعد أنّ ذلك زيادة من النسّاخ في حاشية الكتاب ثمّ أدخلت في المتن سهواً.
ثمّ إنّ النجاشي من أعيان وأركان هذا الفن.
وقال العلاَّمة: ثقة معتمد عليه له كتاب الرجال نقلنا عنه في كتابنا هذا وغيره أشياء كثيرة(7).
واعتمد عليه المحقّق في المعتبر وغيره، وأثنى عليه كلّ من ذكره من المتأخرين بأجمل الثناء.
1ـ رجال النجاشي: 1 / ب.
2 ـ رجال النجاشي: 2 / 282 .
3 ـ الفهرست : 171 ـ 172.
4 ـ لؤلؤة البحرين : 403.
5 ـ أصول الكافي: 2 : 198، ب 82 إدخال السرور على المؤمنين، الحديث 9. دار الأضواء ـ بيروت. (المصحح).
6 ـ رجال النجاشي: 2 : 334 .
7 ـ رجال العلاّمة: 20.
تعليق