إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

بعد وفاة النبي (صل الله عليه واله)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • بعد وفاة النبي (صل الله عليه واله)


    بسم الله الرحمن الرحيم

    بعد وفاة النبي (صل الله عليه واله)

    كان الساحة بعد وفاة النبي (ص) بها جميع الأنماط البشرية، بها المؤمن القوي والمؤمن الضعيف، وبها الذين في قلوبهم مرض أو زيغ، وهؤلاء لا يخلو منهم مجتمع على امتداد المسيرة البشرية.

    وكان الذين في قلوبهم مرض يختزنون في ذاكرتهم ببعض ما أخبر به النبي (ص) فيما يستقبل الناس، ومنه تفسيره لقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاده) (1) وقوله: (فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون) (2) وقوله تعالى: (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا) (3)، وقول النبي القرشي " يا معشر قريش، ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان، فيضرب رقابكم على الدين " فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا، ولكنه خاصف النعل، وقد كان ألقى نعله إلى علي بن أبي طالب يخصفها " (4).

    وكان بالساحة أفرادا وقبائل ذمهم أو لعنهم الله تعالى على لسان رسوله (ص) وهو يخبر بالغيب عن ربه لما يعلم الله ما في قلوبهم، ومنه أمره (ص) بجهاد مخزوم وعبد شمس (5) وقوله " إن أشد قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم (6) وفي رواية: بنو أمية وثقيف وبنو حنيفة (7) ولعنه للحكم بن أبي العاص (8) ولعنه أبو الأعور السلمي (9) ولعنه لأحياء: لحيان ورعلا وذكوان وعصية (*) وكان بالساحة مجموعة تخريبية من اثني عشر رجلا، حاولوا قتل النبي (ص) عند عودته من تبوك.
    آخر غزواته، وأسر النبي (ص) بأسمائهم إلى حذيفة، وكان حذيفة وعمار بن ياسر معه (ص) عند محاولة هذه المجموعة اغتياله، وروي أن حذيفة قال: يا رسول الله ألا تبعث إلى كل رجل منهم فتقتله، فقال: أكره أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه "، وقال النبي (ص) لحذيفة " فإن هؤلاء فلانا وفلانا (حتى عدهم) منافقون لا تخبرن أحد " (10)، وعدم إفشاء النبي (ص) بأسمائهم يستنتج منه. أن هذه المجموعة لم تكن من رعاع القوم وإنما من أشد الناس فتكا، وقتلهم يؤدي إلى طرح ثقافة يتناقلها الناس بأن محمدا في آخر أيامه بدأ يقتل أصحابه، ويستنتج منه أيضا أن الله تعالى شاء أن تنطلق المسيرة تحت مظلة الامتحان والابتلاء، بعد أن تبينت طريق الحق وطريق الباطل، وإخفاء أسماء المجموعة التخريبية هو في حقيقته دعوة للالتفاف حول الذين بينهم وأظهرهم رسول الله للناس. وروى الإمام مسلم عن حذيفة أنه قال " أشهد الله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " (11)، وروى عن عمار بن ياسر أنه قال " قال رسول الله (ص): إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط " (12)، وكان عمار بن ياسر علامة مميزة في المسيرة لأنه كان يحمل قول النبي (ص) فيه " ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار " (13).
    فالساحة بعد وفاة النبي (ص) كان بها جميع التيارات، وكان بها مجموعة حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا، ويبدو من قراءة الأحداث أن الساحة كان بها مجموعة من أصحابه أخذت في اعتبارها أن ولاية علي بن أبي طالب قد تؤدي إلى أحداث اعتقدوا أنها يمكن أن تعصف بالدعوة، فاختاروا حلا وسطا ويبتعد به علي بن أبي طالب عن مركز الصدارة، وتظل به الدعوة قائمة، ويشهد بذلك قول أبي بكرلرافع بن أبي رافع حين عاتبه على توليه الخلافة " إن رسول الله (ص) قبض والناس حديثو عهد بكفر فخفت أن يرتدوا وأن يختلفوا فدخلت فيها وأنا كاره " (17) وفي رواية قال " تخوفت أن تكون فتنة يكون بعدها ردة " (14) ويشهد به أيضا قول عمر بن الخطاب أثناء خلافته " إن بيعة أبي بكر كانت فلتة " (15)، قال في لسان العرب: يقال كان ذلك الأمر فلتة. أي فجأة إذا لم يكن عن تدبر ولا ترو، والفلتة: الأمر يقع من غير إحكام، وفي حديث عمر. أراد فجأة وكانت كذلك لأنها لم ينتظر بها العوام، وقال ابن الأثير في حديث عمر: والفلتة كل شئ فعل من غير روية، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر (16).
    ويشهد به قول عمر لابن عباس: يا ابن عباس ما منع قومكم منكم؟ قال: لا أدري، قال: لكني أدري يكرهون ولايتكم لهم. يكرهون أن تجتمع فيكم النبوة والخلافة (18)، وزاد في رواية: فاختارت قريش لنفسها فأصابت ووفقت (19).
    وروي أن عمر بن الخطاب عندما اختلف بعض الأنصار مع بعض المهاجرين في سقيفة بني ساعدة، على من الذي يتولى الخلافة ومن يتولى الوزارة، أمر عمر بقتل مرشح الأنصار سعد بن عبادة، وذلك حينما اشتد الخلاف وتشابكوا بالأيدي، روى الطبري: قال ناس من أصحاب سعد: إتقوا سعد ألا تطؤه، فقال عمر: إقتلوه إقتلوه، ثم قام على رأسه فقال: لقد هممت أن أطأك حتى تندر عضوك (20)، وروى البخاري: قال قائل: قتلتم سعد بن عبادة، فقال عمر: قتله الله (21)، وكتبت النجاة لسعد، وروي أنه قال بعد بيعة أبي بكر " لو أن الجن اجتمعت لكم مع الإنس ما بايعتكم حتى أعرض على ربي " (22)، ولم يبايع سعد حتى خرج في خلافة عمر بن الخطاب إلى الشام، وقتل في الطريق، وروي أن الجن هم الذين قتلوه!
    ---------------------------------

    (1) سورة الحج آية 78.

    (2) سورة الزخرف آية 41.

    (3) سورة إبراهيم آية 28.

    (4) رواه الحاكم وأقره الذهبي (المستدرك 138 / 2) وابن جرير والضياء بسند صحيح (كنز 173 / 13) والترمذي وصححه (الجامع 634 / 5).

    (5) رواه أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه (كنز 480 / 2).

    (6) رواه نعيم بن حماد والحاكم (كنز 169 / 11).

    (7) رواه نعيم بن حماد وقال ابن كثير رواه البيهقي ورجاله ثقات (كنز العمال 274 / 11) (البداية 268 / 6).

    (8) أنظر: مجمع الزوائد 112 / 1، المستدرك 481 / 4، البداية والنهاية 50 / 10، الإصابة 29 / 2.

    (9) كنز العمال 82 / 8.

    (*) مسلم (الصحيح 135 / 2).

    (10) محاولة الاغتيال رواها الإمام أحمد والطبراني وابن سعد وغيرهم (أنظر الزوائد 110 / 11).

    (11) رواه مسلم (الصحيح 125 / 7).

    (12) رواه مسلم (الصحيح 124 / 7) وأحمد (الفتح الرباني 140 / 23).

    (13) رواه البخاري ك لصلاة ب التعاون في بناء المساجد، ورواه أحمد (الفتح الرباني 331 / 22).

    (14) رواه ابن خزيمة في صحيحه والبغوي وابن راهويه (كنز العمال 586 / 5).

    (15) رواه أحمد بسند صحيح (الفتح الرباني 61 / 23).

    (16) رواه الإمام أحمد (الفتح الرباني 60 / 1) والطبري (تاريخ الأمم والملوك 200 / 3).

    (17) لسان العرب مادة فلت ص 3455.

    (18) تاريخ الأمم والملوك 30 / 5.

    (19) المصدر السابق 31 / 5.

    (20) المصدر السابق 210 / 3.

    (21) البخاري (الصحيح 291 / 2).
    (22) تاريخ الأمم 210 / 3.

    التعديل الأخير تم بواسطة هدى الاسلام ; الساعة 31-05-2017, 03:13 PM. سبب آخر:
يعمل...
X